الانتساب إلى ذوي الاحتياجات يجلب المكرمات

الحبر الأصفر

قَبل أيَّام كُنتُ في مِصر الحَبيبة، وحَصَلَت لِي قصّة ظَريفة لا مَانع، بَل يُستحسن ذِكرها، لِمَا فِيها مِن البَرَاءة، وتَحسين الصّورة والسُّمعَة..!
تَقول القصّة: عِندَما دَخلتُ مِصر، اتّجهنا أنَا والصَّديق "علي العلياني" إلَى فُندق "سميراميس"؛ وأخَذْنَا غُرفتين مُتجاورتين، حَمدنا الله عَلى هَذا الاستقرَار والاطمئنَان، وحِين دَخلتُ الغُرفة وَجدتُ عَلى الجُدران حَدائِد مُتعدِّدة، وأشيَاء غَريبة، وَقتها لَم أتوقَّف كَثيراً ولَم أشغل نَفسي بهَا، لأنَّني مَشغولٌ بقَضَايا أُخرى أَهم، كقضيّة فلسطين، وسوريا، والإخوَان في مِصر.. أمزَح طَبْعَا..!
بَعد يَوم أو يَومين، زَارني في الغُرفَة الصَّديق الكَاتِب -الذي أتمنَّى أن يَعود للكِتَابة- "محمود صبّاغ"، وبحُكم نَباهته ودقّة نَظرته ومُلاحظته؛ تَوقَّف عِند بَعض الأشيَاء في الغُرفَة، فقَد لَفَتَ نَظَره زِرٌّ فَوق السّرير، فقَال مَا هَذا؟ قُلتُ لَه: لا أعلَم، قَال: دَعْنَا نَكتشف، فضَرَب بيَدهِ الكَريمة الزِّر، وخِلال ثَوان مَعدودة رَن جَرَس الهَاتف، فرَفع "محمود" السمَّاعة، فإذَا ب"مُوظّف الاستقبَال" يَسأل بحَماسٍ شَديد قَائلاً: سَلامات هَل كُلّ الأُمور تَمَام، فأجَاب "محمود": نَعم ثُمَّ قَال: لمَاذا تَسأل؟ فرَدَّ مُوظّف الاستقبَال بكُلِّ هدُوء قَائلاً: أنَا هُنا جَاءتني إشَارة بأن مُعاقاً يَطلب النَّجدة، فردَّ عَليه "محمود" قَائلاً: الحَمد لله، لا تَقلق كُلّ شيء تَمام، وبَعد أن قَفَل الخَط، دَخل "محمود" في "نوبة ضحك" مجَلْجِلَة، مِن قوّتها أربَكت هدُوء "علي العلياني"؛ الذي كَان في الغُرْفَة المُجاورة ثُمَّ جَاء مُسرعاً يَسأل مَا الأمر، وانتظرنَا إلَى أن انتَهى "محمود" مِن نوبة الضّحك التي انتَابته، ثُمَّ التَفَتَ إلينَا وقَال: يَبدو يَا "ابن العرفج" أنَّ "أهل سميراميس" يُحبّونك ويَعرفون أنَّك يَتيم، فأكرَمُوكَ وكَثَّفوا العنَاية بِك، لذلك أعطُوكَ غُرفة مِن غُرف ذوي الاحتيَاجَات الخَاصَّة..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: للأمَانَة كَانت الغُرفَة كَبيرة ووَاسعة، وخَاصَّة دَورة الميَاه، والطَّلبَات التي أطلبُهَا تُجَاب بسرعَة مُتناهية، لذَلك أُعلنها مِن هَذا المَكان، بأنَّني فَخورٌ أنْ أنتَمي إلَى ذوي الاحتيَاجَات الخَاصَّة، تِلك الفِئة التي تَستحق التَّقدير والإعجَاب والاحترَام، لأنَّها فَرَضَت نَفسها مِن خِلال الطّموح ومُكافحة اليَأس، مِن هُنا اعتبروني مِن هَذا اليَوم مِن ذوي الاحتيَاجَات الخَاصَّة..!
إنَّ مَا شَاهدته مِن عِنَاية ورِعَاية -في هَذا الفُندق- لذوي الاحتيَاجَات، أتمنَّى أن أرَاه في كُلِّ مَناحِي الحيَاة..!!!
تويتر: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com