خريطة لنهاية الحرب: خيارات أوكرانيا الصعبة بين الأرض والسلام    غداً .. انطلاق الدوريات الممتازة للفئات السنية    تطابق لمنع ادعاء الانتساب للسعودية    إيران : اليورانيوم المخصّب «تحت أنقاض» المنشآت المستهدفة    إدانات دولية واسعة للهجوم الإسرائيلي على قطر في مجلس الأمن    أتلتيك بيلباو يعلن التعاقد مع لابورت لاعب النصر    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الخطاب الملكي يؤكِّد على المبادئ الراسخة لهذه الدولة المباركة    نائب أمير الرياض يطّلع على مشاريع «البلديات والإسكان» في المنطقة    عبدالعزيز بن سعود يستقبل سفير المملكة المتحدة    الوفد الكشفي السعودي يبرز أصالة الموروث الشعبي في فعالية تبادل الثقافات بالجامبوري العالمي    أمين القصيم يوقع عقد صيانة شوارع في نطاق بلدية البصر بأكثر من 5,5 ملايين ريال    محافظ وادي الدواسر يستقبل الرئيس التنفيذي للمجلس التخصصي لجمعيات الأشخاص ذوي الإعاقة    ضبط مقيم هندي لتلويثه البيئة بتفريغ مواد خرسانية في الشرقية    امانة القصيم تطلق مهرجان الدليمية بعدد من الفعاليات والأنشطة في الحديقة العامة    خلال تدشينه جمعية كافلين للأيتام بالمحافظة محافظ تيماء: خدمة الأيتام تتطلب فكرًا وعملًا تطوعياً    ⁨جودة التعليم واستدامته    «كشف النقاب» في لندن    250 مشروعًا رياديًا تتأهل إلى التصفيات النهائية لكأس العالم لريادة الأعمال بالرياض    المملكة تقدم للعالم جدول فعاليات استثنائي بمشاركة كريستيانو رونالدو    انطلاق ورش العمل التخصصية لمؤتمر القلب العالمي 2025 بالرياض    أسواق الأسهم العالمية قرب أعلى مستوياتها معززة بأسهم التكنولوجيا    الفتح يغادر إلى جدة لمواجهة الاتحاد .. وباتشيكو ينضم للتدريبات    اطلاق كرسي الأمير محمد بن فهد للقيادة الإنسانية بين الأجيال وبناء مجتمعات المستقبل بين جامعة الأمير محمد بن فهد ومنظمة الإيسيكو    غدا..إقامة الحفل الختامي لمهرجان ولي العهد للهجن في نسخته السابعة بميدان الطائف    " كريري" يزور المدخلي للاطمئنان على صحته بعد نجاح عمليته الجراحية    منتدى المشاريع المستقبلية 2025 يثمن دور عين الرياض الرائد في دعم قطاعات الأعمال والمؤتمرات والسياحة والاستثمار    استمرار إنطلاقة مبادرة "إشراقة عين" بمركز الرعاية الأولية بالشقيق    محافظ الطائف يلتقي القنصل الامريكي رفيق منصور    نائب أمير منطقة تبوك يدشّن مشروع السكتة الدماغية الشامل بالمنطقة    تركي العمار يواصل الرحلة... تجديد العقد حتى 2029    نائب أمير منطقة عسير يتوّج المنتخب السعودي تحت 19 عامًا بكأس الخليج في نسخته الأولى    الشرع يترأس وفد بلاده.. سوريا تؤكد مشاركتها في القمة الروسية – العربية    أكد أن الدوحة حليف موثوق لواشنطن.. ترمب: الهجوم قرار نتنياهو ولن يتكرر    هوساوي: أعتز برحلتي الجديدة مع الأهلي    «الفطرية»: برنامج لمراقبة الشعاب المرجانية    منافسة نسائية في دراما رمضان 2026    وزير الداخلية لنظيره القطري: القيادة وجهت بتسخير الإمكانات لدعمكم    أرامكو تصدر صكوكاً دولارية دولية    إسهاماً في تعزيز مسيرة القطاع في السعودية.. برنامج لتأهيل «خبراء المستقبل» في الأمن السيبراني    أكد أن النجاحات تحققت بفضل التعاون والتكامل.. نائب أمير مكة يطلع على خطط طوارئ الحج    200 شخص اعتقلوا في أول يوم لحكومة لوكورنو.. احتجاجات واسعة في فرنسا    هيئة الشرقية تنظّم "سبل الوقاية من الابتزاز"    مبادرات جمعية الصم تخدم ثلاثة آلاف مستفيد    "التعليم" توقع اتفاقية "الروبوت والرياضات اللاسلكية"    «آسان» و«الدارة» يدعمان استدامة التراث السعودي    حمد الجميح رجل البر    نائب أمير المنطقة الشرقية: الخطاب الملكي الكريم خارطة طريق لمستقبلٍ مشرق    «الحج والعمرة» تُطلق تحدي «إعاشة ثون»    التأييد الحقيقي    اليوم الوطني.. نبراس للتنمية والأمان    سكان غزة.. يرفضون أوامر الإخلاء ومحاولات التهجير    خطاب يصوغ المستقبل    "الشيخوخة الصحية" يلفت أنظار زوار فعالية العلاج الطبيعي بسيهات    إنقاذ حياة مواطنَيْن من تمزّق الحاجز البطيني    الهجوم الإسرائيلي في قطر يفضح تقاعس واشنطن ويغضب الخليج    مُحافظ الطائف: الخطاب الملكي تجسيد رؤية القيادة لمستقبل المملكة    أمير المدينة يلتقي العلماء والمشاركين في حلقة نقاش "المزارع الوقفية"    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يُلقي الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال الشورى في الدور التشريغي 9 اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول (الدستور) في الدولة الإسلامية (1)
نشر في المدينة يوم 28 - 12 - 2012

ولعل من المناسب البدء بالحديث عن كلمة (الدستور)، وهل لها ذكر في ثقافتنا، وإذا كان فهل هي عربية أو معرّبة، وهل هي قديمة أو حديثة؟
في الآونة الأخيرة تجاوزت الجماهير المسلمة سؤال بعض النخب من ذوي الخلفية المشوهة عن الثقافة الإسلامية : هل في الإسلام سياسة؟
تجاوزت هذا السؤال الباهت المتآكل المنقول من ثقافة أجنبية، إلى أسئلة أخص تتجاوزه؛ لتحلق في تفاصيل الفقه الإسلامي الدستوري بثوابته ومتغيراته، باحثة في آليات مجال من مجالاته الواسعة، وعن الفكر الإسلامي بتجارِبه المتنوعة عبر القرون ..
ومن هذه الأسئلة :
-هل للدولة الإسلامية دستور؟
-وهل يصح شرعاً ونظاماً وصف القرآن والسنة بالدستور؟
-وكيف يصح وصف القرآن الكريم وصحيح السنة بالدستور، مع أنَّ القرآن والسنة أعلى من كل دساتير البشر؟
-بل كيف يصح وصف الكتاب والسنة بالدستور مع أنَّ الدساتير تقبل التغيير والتبديل، والكتاب والسنة محفوظان بحفظ الله، لا يمكن تغييرهما ولا تعديلهما، بل لا يجوز تفسيرهما بخلاف مدلولهما الصحيح وفق أصول الاستنباط ؟
- أليس المقصود عند القول أن الدستور هو القرآن والسنة أي أنهماء مصدر التشريع؟
-أليس الأولى أن يوصف الكتاب والسنة بالمبادئ فوق الدستورية، و النظام العام الذي تُستمد منه الدساتير؟
هذه الأسئلة وأمثالها، تُطرح كثيراً على المتخصصين في السياسة الشرعية، وقد أجاب عليها العلماء والباحثون المتخصصون بأجوبة مهمّة، تكشف جانباً فريداً من جوانب الفقه الإسلامي العميقة، التي يقلّ الحديث عنها..
وفي هذا المقال ومقالات تليه إن شاء الله، أحاول ذكر أهم الأجوبة على هذه الأسئلة بما يناسب المقام.. وستتضمن الإجابة بعض المصادر والمراجع التي تخدم الموضوع إن شاء الله تعالى؛ ليعود إليها من شاء ..
ولعل من المناسب البدء بالحديث عن كلمة (الدستور)، وهل لها ذكر في ثقافتنا، وإذا كان فهل هي عربية أو معرّبة، وهل هي قديمة أو حديثة؟
وما المراد بها قديما وحديثا؟
وبالرجوع للمصادر والمراجع العربية؛ نجد أنَّ لفظ (الدُّستور)، تردد ذكره في كتب التراث العربي الإسلامي، وإن كانت مُعَرَّبة عن الفارسية، وأصلها في الفارسية: الأساس أو القاعدة، تشبه المعنى اللغوي للقانون قديما؛ فقد ذكر المحبي في (قصد السبيل فيما في اللغة العربية من الدخيل): تطلق على الأصل والقانون، والوزير الكبير الذي يرجع في أحوال الناس إلى ما يرسمه .
وقال الفيروزآبادي في (القاموس المحيط): الدُّستور، بالضم: النسخة المعمولة للجماعات التي منها تحريرها، مُعَرَّبة، وجمعها دساتير.
وقال الزبيدي في (تاج العروس) : المعمولة للجماعات، كالدفاتر التي منها تحريرها، "ويجمع فيها قوانين الملك وضوابطه" ، وهذا المعنى الأخير يحتاج مزيد بحث، فهو في ظاهره قريب من المعنى الحديث .
وجاء في (المعجم الوسيط) "الدستور" : القاعدة يعمل بمقتضاها، والدفتر تكتب فيه أسماء الجند، ومرتَّباتهم، معربة .
وفي الاصطلاح المعاصر: مجموعة القواعد الأساسية التي تبين شكل الدولة، ونظام الحكم فيها، ومدى سلطتها إزاء الأفراد، جمعها : دساتير، محدثة .
وجاء في (معجم القانون) الصادر عن مجمع اللغة العربية: " دستور: الوثيقة التي تتضمن مجموعة القواعد التي تتعلق بنظام الحكم في الدولة؛ وقد يطلق هذا الاصطلاح على مجموعة القواعد التي تتعلق بنظام الحكم في الدولة، وبالمعنى الأخير: يمكن أن يكون الدستور مكتوباً، كما يمكن أن يكون عرفياً ، مثل ( الدستور الإنجليزي) " .
وتبحث موضوعاته تحت اصطلاح (القانون الدستوري)، وهذا مصطلح حديث النشأة، يُرجَعُ تاريخُه إلى سنة 1834م ، عندما أنشئ -لأوَّل مرَّة- كرسيٌّ لمادة " القانون الدستوري في كلية الحقوق بباريس، في فرنسا، ويحتمل أنها نُقِلت عن الإيطاليين؛ وكانت موضوعاته تُبحث تحت عنوان (القانون العام) أو (القانون السياسي)"؛ وانتشرت هذه التسمية في مصر سنة 1923م، وقد كان الشائع استعمال (القانون النظامي) أو (القانون الأساسي)، وقد شاع استعمالها في دساتير الدول العربية الحديثة، وإن كان يستعمل فيها الاصطلاحان معاً .
وقد أُرجع شيوع استعمالها إلى إيجازها، ودلالتها العرفية . ويمكن أن يضاف : إمكانية تضمينها محتوى يتوافق مع ثقافة كل قُطْر، وسلامة اللفظ –عند الإطلاق- من الدلالة على معنى اصطلاحي يعبّر عن ثقافة أو فكر بعينه .
فهو إذاً يعبر عن النظام السياسي من خلال مبادئه وقواعده ؛ ومن هنا كانت الدساتير معياراً مهماً للدراسة الشرعية والقانونية المقارنة بين النظام السياسي الإسلامي ، والنظام السياسي الوضعي .
والأصح لغة أن يقال : "النظام الأساسي"؛ وهو الذي أقرَّه مجمع اللغة العربية؛ والذي اعتمد في تسمية نظام المملكة العربية السعودية؛ حيث سُمِّي "النظام الأساسي للحكم".
وسيأتي مزيد بيان في المقالات التالية إن شاء الله تعالى ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.