تُعتبر قمة التضامن الإسلامية الاستثنائية بمكةالمكرمة ناجحةً بكل المقاييس؛ بحكم نتائجها، وما أسفرت عنه من قرارات وتوصيات لبّت طموحات خادم الحرمين الشريفين وآماله في الخروج بالعالم الإسلامي من ضيق التشرذم والتشظّي، إلى فضاء التلاقي الواسع الرحب، بكل ما يحمله من قيم إسلامية رفيعة، وأهداف سامية تنقل التضامن من واقع الأمل إلى أرض الواقع والتحقق. لقد قيّض الله للزعماء والقادة، وهم يجتمعون قرب الكعبة المشرفة، في شهر رمضان الكريم، وفي العشر الأواخر منه المباركة، التي تتنزل فيها فيوض الرحمة والغفران أن يتوصلوا إلى ميثاق مكةالمكرمة، وقرارات تناصر قضية فلسطين، والمكلومين في سوريا، والمعذبين من جماعة الروهينجيا، وتطورات الأوضاع في مالي والساحل الإفريقي. وجاء الإجماع من قِبل القادة مستلهمًا من مبادئ رسالة الإسلام الخالدة التي تدعو للتآزر والتوحّد، ودرء الفتن، والتصدّي لها، والتحوّل من الفرقة والتناحر إلى الوحدة والتعاضد والتضامن. لقد لقيت دعوة خادم الحرمين إلى إنشاء مركز الحوار بين المذاهب في الرياض موافقة جماعية من القادة، وتحوّلت من حيّز المقترح إلى التنفيذ الفوري، وهي تؤكد حكمة وبُعد نظر المليك المفدى، ودراسته العميقة للحال الذي وصل إليه الحوار بين المذاهب، وتصديه لإيجاد الحل الناجع عبر هذا المركز الذي سوف يسهم في تأصيل الحوار والبناء على المشتركات بلين المذاهب، وتقريب الشقة في المختلف عليه طالما أن البناء سيتم على أساس الأخوة الإسلامية المتينة. وجاءت استجابة قمة مكة إلى قضية سوريا، وما يلاقيه شعبها من قتل وتشريد وتعذيب؛ لأنه طالب بالعدالة والكرامة. وأكدت القمة الرفض التام لسلوكيات نظام بشار، واستخدامه للصواريخ والأسلحة الثقيلة في مواجهة المدنيين العزل، وأصدرت قرارات تستنكر وتدين هذا التصرف الوحشي، وأقرت في ذات الوقت تجميد عضوية سوريا في منظمة التعاون الإسلامي، ويؤكد هذا على العزلة التي يعانيها نظام بشار على مستوى العالمين الإسلامي والعربي، وعلى المستوى الدولي، وأن زواله بات قريبًا، حيث سينعم السوريون بحريتهم في ظل نظام جديد يحترم إنسانيتهم، ويحفظ دماءهم. وأكدت القمة على أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة الإسلامية، وشددت على أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية منذ عام 1967 يُعتبر مطلبًا، والتطوير الذي هو أمر متجدد، ويقع على أبناء الأمة دون غيرهم، ونادت بوضع الخطط والبرامج العلمية والعملية التي من شأنها تحقيق النهضة ورفعة الشأن. بحكمته ورؤيته الثاقبة، واهتمامه بحال ومال الأمة الإسلامية دعا خادم الحرمين لقمة مكةالمكرمة، وخرجت بقرارات وتوصيات نحسبها كافية لمعالجة كل المشكلات والقضايا التي تشكّل عوائق تعترض حاضره، وينطلق إلى المستقبل برؤية وأهداف واحدة، تعيد إليه قوته في عالم لا يحترم، ولا يعترف إلاّ بالأقوياء.