أمير مكة يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة عيد الأضحى    نستثمر في مستقبل المملكة والعالم    تطوير مركز عمليات مكة الذكية    المجسمات الجمالية تزين الشرقية    أميركا: توقعات بزيادة استهلاك الكهرباء مع موجة شديدة الحرارة    تين هاج: إدارة مانشستر يونايتد أبلغتني بالاستمرار مدربا للفريق    الأمير محمد بن سلمان وشارل ميشيل يستعرضان التعاون بين المملكة و«الاتحاد الأوروبي»    العيال لم تكبر !    في فمي ماء !    ولي العهد يتلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس المجلس الأوروبي    متحدث «الداخلية»: الحجاج أدوا طواف الإفاضة اليوم بكل يسر وطمأنينة    القبض على مهرب مخدرات إثيوبي    40 ألف ذبيحة في أول أيام عيد الأضحى بمسالخ الرياض    ردة الفعل تجاه مستيقظي العقل    العيد.. فرصة للتجديد!    دعم سعودي لجهود إنهاء الصراع الروسي - الأوكراني    صلاة العيد على أنقاض المنازل    عبد العزيز بن سعود يقف على سير العمل في مستشفى قوى الأمن بمكة المكرمة    الغيص: الأولوية لأمن الطاقة وتوفيرها بأسعار معقولة وتعزيز الاستدامة    عاتق البلادي يحصي آثار أم القرى    د. السعدي وسالف الذكريات    الكتابة العلاجية    وزير الداخلية يُدشن قيادة الإدارة العامة للمجاهدين في مشعر عرفات    صندوق الاستثمارات العامة و«أرديان» يعرضان شراء 37.6 % من مطار هيثرو    أمير الرياض يستقبل المهنئين بعيد الأضحى المبارك    أمراء المناطق والمحافظون يتقدمون المصلين في صلاة عيد الأضحى    معسكرات الخدمة العامة تغرس روح العمل التطوعي في الشباب    السجن والغرامة والترحيل ل18 مخالفًا لأنظمة الحج    5.61 ألف تيرابايت استهلاك البيانات يوم عرفة    سامسونج تكشف عن هواتفها الجديدة في يوليو    التجارة: تصعيد أكثر من 36 مليون سلعة تموينية للحجاج في مشعر منى أول أيام عيد الأضحى    التضخم يستقر عند 1.6% للشهر الثالث    وكيل إمارة منطقة الباحة يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك مع جموع المصلين    الملك: تقبل الله طاعة الحجاج وأدام الأمن لوطننا    "الصحة" توضح كيفية تجنب الإجهاد العضلي في الحج    الدفاع المدني يدعو ضيوف الرحمن إلى اتباع تعليمات السلامة في قطار المشاعر    وكيل محافظة بيش يتقدم المصلين لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك ويستقبل المهنئين    محاولة أخيرة من الاتحاد لضم محمد صلاح..وتحديد البديل    وزير الإعلام يرفع التهنئة لخادم الحرمين وولي العهد بعيد الأضحى المبارك    سمو محافظ الخرج يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك مع جموع المصلين    محافظ الطائف يؤدي صلاة عيد الأضحى في مصلى الخالدية    رئيس مجلس الشورى يهنئ القيادة الرشيدة بعيد الأضحى المبارك    الرئيس المصري: لمست في الحج حسن التنظيم والخدمات.. شكرا للملك سلمان وولي العهد    "روبوتات المطاعم " هل تهدد وظائف البشر ؟    أمطار رعدية المرتفعات الجنوبية    الكشافة تواصل جهودها بإرشاد الحجاج التائهين في مشعر عرفات    عروض مسرحية وفلكلور شعبي في احتفالات الشرقية بعيد الأضحى    القبض على بلوغر إماراتية بعد تصويرها مقطعا في مكان محظور    وزير الخارجية يرأس وفد المملكة في قمة (السّلام في أوكرانيا) بمدينة لوتسيرن السويسرية    اكتشاف النهر المفقود في القطب الجنوبي منذ 34 مليون سنة    «الكانفاس» نجمة الموضة النسائية    توصية متكررة بتحديث متصفح «غوغل»    أبرز أمراض العيد وكيف يمكن الوقاية منها    5 مخاطر للأشعة فوق البنفسجية    ابتكار علاج جيني يؤخر الشيخوخة    في هذه الحالة.. ممنوع شرب القهوة    وزير الإعلام يتفقد مقار منظومة الإعلام بالمشاعر المقدسة    الرئيس المصري يزور المتحف الدولي للسيرة النبوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شَهْرُ رَمَضَاَنَ.. مَحَطَةٌ لِلذِكْرَيَاَت ِ
نشر في المدينة يوم 27 - 07 - 2012

بعد تجارب ثمانٍ وسبعين سنة كاملة في هذه الحياة، رأيت فيها خيرها وشرها وذقت من حلوها ومرها.. أقول لكم: من اغتر بهذه الدنيا وأطمأن اليها فهو أحمق).
ما أجمل الذكريات التي تجول في الخاطر عند قدوم شهر رمضان المبارك والذي يطل علينا ضيفا كل عام، وسرعان ما يرحل؛ مخلدًا وراءه من الأحداث ما تكتنفه النفس ويبقى في الذهن ليصبح محطة يقف عندها كل مسلم ومسلمة؛ ومن هذه الذكريات والأحداث العالقة في الذهن عن هذا الشهر الكريم ما يلي:
أولاً: نزول القرآن الكريم: قال تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) فما أجملها من ذكرى حينما نتذكر نزول الوحي بكلام الله عز وجل القائل: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) فهو محفوظ بأمر الله تعالى وهنا تقرير لاعتقاد أهل السنة والجماعة وهو: «أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود» فبهذا الوحي هدى الله البشرية للإسلام، وبه تستقيم حياتنا، قال صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي) فالقرآن الكريم هو حبل الله المتين:
فألزم يديك بحبل الله معتصماً
فإنه الركن إن خانتك أركانُ
ثانياً: الانتصارات الخالدة: فنتذكر في هذا الشهر الكريم غزوة «بدر الكبرى» وهي أول معركة من معارك الإسلام الفاصلة والتي انتصر فيها المسلمون على جحافل المشركين وذلك في السابع عشر من شهر رمضان المبارك يقول حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه شاعر الإسلام:
وبيوم بدر إذ يصد وجوههم
جبريل تحت لوائنا ومحمدُ
ونتذكر كذلك غزوة «فتح مكة» والتي كانت لعشر خلون من الشهر الفضيل، قال الإمام ابن قيم الجوزية -رحمه الله- في كتابه «زاد المعاد» (2 / 160): (هو الفتح الأعظم الذي عز الله به دينه ورسوله وجنده وحزبه الأمين، واستنقذ به بلده وبيته الذي جعله هدى للعالمين، من أيدي الكفار والمشركين، وهو الفتح الذي استبشر به أهل السماء، وضربت أطناب عِزه على مناكب الجوزاء، ودخل الناس به في دين الله أفواجاً، وأشرق به وجه الأرض ضياء وابتهاجاً).
ثالثاً: فقيد البيت والمقام: إنه صاحب الصوت الخاشع، والدمعة العابرة، وصديق الوالد، فضيلة الشيخ عبدالله بن محمد الخليفي -رحمه الله- إمام وخطيب المسجد الحرام، والمتوفى عام 1414ه، فطالما صلى بنا المغرب، ودعا بالمسلمين في صلاة التراويح فبكى وأبكى، وإن من وصاياه -رحمه الله- نصيحة للشباب يقول فيها: (نصيحتي للشباب الأعزاء أن يتقوا الله سراً وعلانية، وأن يتمسكوا بدينهم، وأن يفارقوا صحبة الأشرار، ويلزموا صحبة الأخيار، لأن مودة الأخيار سريع اتصالها، بطيء انقطاعها، ومودة الأشرار سريع انقطاعها وبطيء اتصالها، ومن صادق الأشرار لم يسلم من الدخول في جملتهم، فالواجب على العاقل أن يجتنب أهل الريب لئلا يكون مريباً، وأركز في دعائي وخطبي على الشباب المسلم لأني أرى أن الشباب هم الأمل للمجتمع الإسلامي، فإذا صلح الشباب صلح المجتمع، ومن هذا المنطلق فإني أدعو لهم دائماً في الحرم وغيره بالتوفيق والهداية وأن يكونوا ملتزمين بآداب الإسلام).
فرحم الله الشيخ الخليفي وأسكنه فسيح جناته ولسان الحال يقول له:
سماء مكة في أرجائها قطع
من السحائب قد غطت نواحيها
هذا هو الشيخ عبدالله قد صرمت
حبال أيامه والموت طاويها
هذا الخليفي له منا الدعاء بها
لعل طوبى له زانت مبانيها
رابعاً: على مائدة الإفطار: إنه البرنامج التلفزيوني الذي يعرض في ليالي هذا الشهر الكريم لفضيلة الشيخ الأديب علي الطنطاوي -رحمه الله- والمتوفى عام 1420ه، والذي امتاز بطرحه الشيق والأسلوب الراقي لما يهم المسلم بعد افطاره، وقد استمر قرابة ربع قرن فنال القبول والاستحسان لدى الكثير من المتابعين، كما ناله برنامجه الاسبوعي الآخر «نور وهداية» والذي كان يستقطب المشاهدين بعد صلاة الجمعة لما يحتويه من أفكار وفتاوى ذات اهتمام كبير بحل الكثير من المشاكل الاجتماعية؛ ومن أقواله المأثورة: (بعد تجارب ثمانٍ وسبعين سنة كاملة في هذه الحياة، رأيت فيها خيرها وشرها وذقت من حلوها ومرها.. أقول لكم: من أغتر بهذه الدنيا وأطمأن اليها فهو أحمق) وقد حاز -رحمه الله- على جائزة الملك فيصل إزاء جهوده العلمية والدعوية.
مضى علي أديب الفقه شيعه
حب عظيم وآلام أداريها
وشيعته نفوس طلما شربت
من نبع حكمته ما كان يُرويها
مضى الأديب العصامي الذي احتفلت
به البلاغة وازدانت روابيها
خامساً: دروس العشر الأواخر: لقد اعتاد شيخنا الزاهد فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين المتوفى عام 1421ه -رحمه الله- على إقامة دروسه العلمية كل عام في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك بالمسجد الحرام، بعد صلاة الفجر إلى الإشراق، ومن بعد صلاة التراويح إلى القيام من كل يوم، يشرح فيها آيات من الذكر الحكيم ويسرد فيها جملة من الأحكام الفقهية والمسائل الأصولية والعقدية والحديثية، وقد ارتبطت شخصياً بحضور حلقته العلمية منذ عام 1408ه فاستفدت من علمه الغزير الذي استفاد منه الجميع المقيم والزائر والمعتمر، وكان شيخنا قمة في التواضع والبساطة ونموذجا للعالم الرباني الذي يربي طلابه بصغار العلم قبل كباره، وكانت له غرفة بالحرم المكي يجلس فيها عصر كل يوم من العشر الأواخر يفيد الطلاب ويجيب على أسئلة المستفتين عبر الهاتف، ومن مأثور قوله:
(ينبغي للإنسان أن يفعل الأسباب التي تكون بها ذريته طيبة، ومنها: دعاء الله وهو من أكبر الأسباب.. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى عن الرجل يبلغ أشده أنه يقوله: «وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين» ولا شك أن صلاح الذرية أمر مطلوب؛ لأن الذرية الصالحة تنفعك في الحياة وبعد الممات).
وقد كانت جنازته من أكبر الجنائز بمكة حضورًا - فرحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
وفي هذا الشهر الكريم (رمضان) نستلهم الذكريات، ونتدارس القرآن، وندعو الله عز وجل أن يتقبل منا ومن جميع المسلمين صيامنا وقيامنا، وأن يجعلنا من عتقائه من النار، وأن ينصر إخواننا في سوريا وفي كل مكان إنه سميع مجيب.
@khalidmalansary
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية
وعضو الجمعية السعودية للدراسات الدعوية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.