يمكن القول إن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نتنياهو عشية توجهه إلى الولاياتالمتحدة، وخطابه المرتقب أمام الكونجرس، وخطاب الرئيس الأمريكي أوباما أمس، تقدم جزءاً من مشهد التطور السياسي المهم الذي شهدته قضية السلام في الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة، في الوقت الذي قدّمت فيه الثورة المصرية والمصالحة الفلسطينية – الفلسطينية وإحياء الذكرى 63 للنكبة بأسلوب وآلية غير مسبوقة تمثّلت بشكل خاص بزحف آلاف الفلسطينيين المطالبين بحق العودة نحو الحدود، الجزء الآخر من تطورات هذا المشهد الذي سيتبلور في صورته النهائية في الخريف المقبل عندما يتوجه الفلسطينيون إلى مجلس الأمن لكسب الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 بعاصمتها القدس الشريف طبقًا لوعود الإدارة الأمريكية السابقة والإدارة الحالية، ثم إلى الجمعية العمومية في حال استخدام واشنطن للفيتو للحيلولة دون تمرير هكذا اعتراف. الخطاب المتطرف الذي ألقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام الكنيست مؤخرًا أثبت أن ما تسميه وسائل الإعلام بمبادرة إسرائيلية جديدة سيطلقها نتنياهو أمام الكونجرس تهدف بشكل أساس إلى إحباط جهود السلام، إلى جانب العمل على إثناء إدارة أوباما عن اتخاذ أي خطوة تدفع باتجاه المفاوضات والتسوية أو ممارسة أي ضغوطات على حكومته لوقف أو تجميد الاستيطان في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية، من خلال الاستعانة باللوبي الإسرائيلي في الولاياتالمتحدة. بالرغم من المعركة السياسية والإعلامية الشرسة التي تخوضها السلطة الفلسطينية الآن لتأكيد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها الحق في الدولة الذي نصت عليه الشرعية والمرجعيات الدولية بدءًًا من قرار التقسيم عام 1947 الذي نص على قيام دولتين إحداهما إسرائيلية والأخرى فلسطينية، وحق العودة للاجئين والتعويض عن ممتلكاتهم الذي أكّدته أيضًا الشرعية الدولية، فإن هنالك ما يدفع إلى التفاؤل بإنصاف المجتمع الدولي في سبتمبر المقبل لهذا الشعب المغبون، وإنهاء تلك العقود الطويلة من المعاناة والألم والحرمان التي سببها الاحتلال الإسرائيلي وساعد المجتمع الدولي على استمرارها عندما غض الطرف عن الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، وأبدى تخاذلاً واضحًا عن القيام بمسؤولياته وواجباته إزاء الحقوق الفلسطينية لأكثر من 60 عامًا.