جاءت فعاليات معرض الكتاب المقام حاليًّا بالعاصمة الرياض وسط قلق وخوف الكثير من دور النشر المسبق، وتنبئهم بعدم نجاحه، ليس فقط لتزامنه مع التغيرات والأحداث التي تشهدها المنطقة العربية هذه الأيام، والتي شغلت الكثيرين في متابعتها، ولكن لأن المهتمين بالمقابل يجدون أن معارض الكتاب في جميع أنحاء العالم دخلت مرحلة التراجع وربما التوقف وأصبحت من التقليد الثقافي القديم. يعود ذلك لعدة أسباب أهمها الإقبال الشديد على البديل من الكتب والمكتبات الالكترونية التي تقدم الملايين من الكتب الحديثة دون أي قيود أو ضوابط. وسط تلك التساؤلات وفي اليوم الأول من افتتاح المعرض جاء تصرف المحتسبين الذين زاروا المعرض بشكل هجومي، تصرفًا عبثيًّا وفوضويًّا وغير حضاري لا يتناسب مع الحدث ومناسبته. زيارتهم المباغتة وانتشارهم بين أجنحة المعرض وبين دور النشر المشاركة، وتفتيش الكتب الموجودة، ومن ثم الحديث لوزير الإعلام عبدالعزيز خوجة، واعتراضهم بطريقة علنية وثّقتها صور ومقاطع فيديو الحضور، خلق انطباعًا سيئًا لدى المشاركين في المعرض وعند كل من أراد لاحقًا الحضور والمشاركة في الفعاليات. الاعتداء على حدث عام ترعاه الدولة من خلال وزارة الإعلام هو اعتداء على جميع أفراد المجتمع، وعدم احترام لهم. فمهما كانت الدواعي ومهما كانت الأسباب لن يكون النقد والحوار والرغبة في الإصلاح بهذه الطريقة غير الحضارية. معرض الكتاب سواء كان على قدر التطلعات أم لا، يظل حدثًا ثقافيًّا اجتماعيًّا مهمًّا، وصرحًا للمعرفة، ودعوة لإعادة الحياة إلى الكتاب وإلى محبيه من القرّاء. هكذا مناسبة لا تستحق أن تشوّه بهذه النوعية من التصرفات التي لا تمثل إلاّ أصحابها فقط. للمحتسبين أقول كما قال الوزير عبدالعزيز خوجة في تصريحه حول ما حدث «كلنا لنا آراء أحيانًا نتفق فيها وأحيانًا نختلف، وليس عيبًا أن نختلف، وإنما المهم أن نوصل آراءنا بطريقة صحيحة ومناسبة وحسنة وحضارية». تذكروا أن زائر معرض الكتاب ما هو إلاّ باحثٌ عن علم وفكر وثقافة فقط، وبالعقل والحوار تحل المشكلات. فإذا كان المجتمع يبادلكم الاحترام، فمن المفترض بدوركم أن تقدموا له الاحترام، وتتعاملوا معه بتسامح ورقي متذكرين قوله تعالى في الآية الكريمة: (ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضوا من حولك) آل عمران. ملوك الشيخ - جدة