(1) تقول الأخبار: إنه بجهود ضخمة ومشاركة حكومية وإعلامية واقتصادية رفيعة، طالب منتدى ذو شأن هو (منتدى السيدة خديجة بنت خويلد) الذي نظمه المركز المطرز باسم هذه المرأة الجليلة، والتابع لغرفة جدة التجارية الأسبوع المنصرم تحت شعار “واقعية مشاركة المرأة في التنمية الوطنية” بعدة استحقاقات تبرز من ثنايا التوصيات الختامية للمؤتمر في دعوتها للعمل على (وضع خطط وطنية لتحسين صورة المرأة في المجتمع تعليمًا واقتصادًا- إقامة هيئة خاصة بشؤون المرأة- تواجد المرأة كعضو فاعل في لجان الصلح وقضايا الأسرة- إشراك المرأة كمستشارة في هيئة كبار العلماء وفي اللجنة المساندة للمفتي العام للاستئناس برأيها في الأحكام التي تتعلق بشؤونها الخاصة). وأقول: بالطبع، فالتقدير كله لكل من ساهم في إقامة هذا المنتدى المنبثق من غايات الدين الخالص وحاجات الانسان المكرم، فليس أمامهم غير هذه السبل التي تبرئ ذممهم أمام خالقهم وأنفسهم ووطنهم.. ولكن، ألا ترون معي الجانب الفجائعي (الآخر) لذلك المنتدى؟.. (ياساتر)!! أنحن حقًا في عصر تطور المعرفة، وفي البلاد المباركة التي بزغت من رحابها أنوار الحضارة الاسلامية الأولى متجاوزة مثل تلك (التوصيات) لتسمو بتوصية ذات تجليات عظيمة وهي “تحقيق الخلافة الحقة للانسان، التي كلف الله بها عباده على الأرض.. رجالًا ونساء على السواء”؟ أنحن في زمن (ما بعد الحداثة)، وما بعد مرحلة الوعي البسيط بغايات الدين الكبرى ومقاصد الشريعة الخالصة؟ أنحن في زمن حوار الحضارات؟ أنحن في لجة كل ذلك؟ ثم نرى إلى الآن صورة سيئة للمرأة في مجتمعنا تحتاج إلى (تحسين)؟ هذه الصورة التي خلقها المولى في أحسن تقويم.. من شوهها؟ ليطالب هؤلاء المخلصون بتحسينها، ثم هل يتصور (عاقل) أنه إلى الزمن الآني الذي حققت فيه الفتاة السعودية مراتب متقدمة جدًا بين علماء العالم، وتبوأت مناصب وزارية قيادية مهمة، لا يوجد للمرأة لدينا حضور فاعل، حتى في المؤسسات ذات الصلة بقضاياها وهمومها؟ وهل لم (يفكر) علماؤنا الأجلاء بشرعية استشارة المرأة في أعمال المؤسسة الدينية متى ما توفر لها -وقد توفر- العلم الشرعي والفكر المتزن؟.. هل لأننا لا نزال نرتهن إلى ذلك النمط السلبي في التعاطي مع غايات الدين وحاجات الانسان أصبحت نسبة حضور المرأة لا تتجاوز 16% من إجمالي قوة العمل المحلي؟ (2) وتقول الأخبار كذلك: إن في السياق ذاته أختير موضوع “القبلية والمناطقية والتعصبات الفكرية في مجتمعنا” محورًا لنقاش المشاركين في المؤتمر الثالث الذي سيقيمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الشهر القادم. وأقول: بالطبع، إن التقدير كله -كذلك- للقائمين على هذا المركز، فهذا كل ما بوسعهم، علمًا بأن توصيات المؤتمر الثاني عن موضوع مقارب وهو الغلو والتطرف لم تر مخرجاتها النور إلى الآن!.. ولكن ألا ترون معي الجانب الفجائعي (الآخر) لشواهد الموضوع الوطني الجديد؟ فهل لا نزال - ونحن كذلك- في الزمن المعلوماتي وزمن القرية الكونية الواحدة، التي تلتقي فيها كل الثقافات والحضارات بلحظة ضغطة زر واحدة، نرتهن إلى قيم قبلية ومناطقية (ثم نغضب على الآخرين عندما وسمونا بلحظة عابثة بأنا بقايا حجاج.. أليست هي -بحسب أحد أقلامنا المهمة- بضاعتنا ردت إلينا؟”.. ثم ماذا عن (التعصب الفكري)؟ هل لم يستطع خطابنا الديني وهو الأكثر حظوة وتأثيرًا ومساحة -وهو لا شك قادر- على القضاء على تجليات التبديع والتفسيق والتكفير بعد؟ بل ان بعض المشاركين في صياغة هذا الخطاب هم الذي تبرعوا لمجتمعهم بالملصقات المصنفةالجاهزة (ليبرالي- علماني- تغريبي- مسلم- مسلم إلا ربع..) ليلصقوها فورا على ظهور (إخوانهم)! يا لحظنا التعيس! إلى متى ونحن نظل نطالب بتحسين صورة نسائنا في مجتمعهم؟ ونطالب بخلاصنا من أشكال التحقير لبعضنا بدعاوى عنصرية بغيضة. هل ستستمر التصنيفات الظالمة في الاقصاء والتطرف لثلاثين سنة قادمة أخرى، كم سيكون عدد اللاتي سيذهبن من بناتنا في هذه السنوات للمشاركة في المؤتمرات العلمية العالمية؟ وكم سيكتب فيها رواية لا تحدث ضجيجًا (أيديولوجيًا واجتماعيًا)؟ وكم عاطلة ستمارس حقها الديني والانساني في العمل الشريف بعيدًا عن اتهامات التجريم المعلقة على أجهزة (كاشير) المحلات التجارية؟ (3) وتزف لنا الأخباركل يوم عن مشروعات مجمدة، وماء منقطع، وهواء ملوث، ومدارس لا تعلم أو لا تصلح للتعليم، ومواطن يئس من الاستجابة لطلبه في سيارة اسعاف ينقل بها زوجته المتوفاة إلى مدينته، فنقلها مع أبنائه بسيارتهم الخاصة مع الاستعانة بقوالب ثلجية ذابت مباشرة من حميا الأجساد المفجوعة؟ (4) (ياااه).. يا خلف الحربي ومحمد الرطيان وعبدالعزيز السويد وعبدالمحسن هلال وصالح الطريقي، والأحبة الآخرين.. إلى متى ونحن نكتب عن ذلك الملل المعتاد (اليومي أوالأسبوعي)؟.. يارفاق الحرف والوجع.. هل يكتب لنا الله -عز جلاله- قبل أن توارى أجسادنا الثرى أن نكون - مثلًا- أعضاء في الوفد الإعلامي للملف التنفيذي الخاص بمشاركة بلادنا في استضافة كأس العالم2026أو2030م؟.. تخيلوا معي لو أن وفد (فيفا) المكلف بمتابعة ملف قطر (لاستضافة كأس العالم) قد ضل طريقه فبدلًا من أن يتجه إلى (دوحة) الإنجاز حط رحاله في مدينتنا جدة.. جدة.. بوابة الحرمين.. عروس البحار.. (يا ناس!).. فعندها لن يكون لأحلامنا مبرر على الإطلاق.. (ما فيها طب..) وسنكتفي جميعًا بشرف استضافة الهم الوطني المستحق إلى آخر مدى.. عوضًا عن استضافة الإنجاز الوطني الجميل والمشرف، والذي نستحقه كذلك! ولكن ليت جيراننا الأشقاء في قطر يحجزون لنا ملعبًا من ملاعبهم المونديالية العائمة التي سيهدونها بعد المسابقة إلى الدول النامية، لعلنا نجعلها أجمل هدية لمدينة عروس الشطآن المغيبة، التي لا يتوفر بها منذ ما يقارب النصف قرن سوى ملعب تقليدي قديم وعتيد، لا يتسع لأكثر من عشرين ألف متفرج، معرضين للسقوط الكارثي في أي لحظة... يا للهوان عندما يطال وجوه الرجال!!