الخرطوم تنتقد العقوبات الأميركية على مواطنين وكيانات سودانية    دبلوماسي أميركي سابق: عدم قيام دولة فلسطينية يعني عيش (إسرائيل) حالة حرب للأبد    «قمة الدوحة» رسالة استراتيجية حاسمة إلى المجتمع الدولي    الأهلي يقلب الطاولة على ناساف برباعية.. الاتحاد يخسر أمام الوحدة    الفيصل رئيساً للاتحاد العربي    إنزاغي: سنواجه خصماً قوياً ومنظماً    لبنان يوقف عملاء لإسرائيل ويفكك شبكة تهريب مخدرات    التوازن العقاري.. طموح متجدد    التحالف الإسلامي يطلق في العاصمة القُمريّة دورة تدريبية في محاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب    جامعة الملك سعود تُنظّم الندوة العالمية لدراسات تاريخ الجزيرة العربية    معنى الفقد.. حين يرحل الطيبون    دراسة أسترالية: النظام الغذائي يحد من اضطرابات النوم والأمراض المزمنة    الأسهم الأميركية عند مستويات قياسية وسط ترقب قرارات الفيدرالي    الجدعان : سوق المال السعودي يتصدر عالميًا بنمو تجاوز 2.4 تريليون دولار    تكريس الجذور واستشراف للمستقبل    دوري أبطال آسيا للنخبة : الأهلي يتغلب على ناساف الأوزبكي برباعية    ريمونتادا قوية تقود القلعة للقمة القارية    التضخم يستقر عند 2.3%    الكشافة السعوديون يزورون الحديقة النباتية في بوجور    أخطاء وأعطال حضوري بلا حلول    جازان تستيقظ على فاجعة.. وفاة 4 معلمات وسائقهن بالداير    التضخم الأمريكي أعلى من مستهدفات الفيدرالي    تقنيات روبوتية لتعزيز كفاءة التصنيع البحري برأس الخير    مجمع الملك سلمان ينظم «شهر اللغة العربية» في إيطاليا    تضامن عربي إسلامي مع قطر.. دول الخليج تعزز آليات الدفاع والردع    أمير الرياض يطلع على أعمال "الأمانة" ومؤشرات أداء التعليم    عزنا بطبعنا    تعرف على غيابات الهلال أمام الدحيل    الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل رئيسًا للاتحاد العربي للدورة (2025 – 2029)    أمير القصيم يطّلع على التقرير السنوي لأعمال فرع هيئة الأمر بالمعروف    ولي العهد: جميع الدول أكدت دعمها لقطر في مواجهة الاعتداء الغاشم    «الشؤون الإسلامية» توقّع عقودًا لصيانة وتشغيل 1,392 مسجدًا وجامعًا خلال الربع الثالث لعام 2025م    رئيس الوزراء السوداني يغادر المدينة المنورة    مانجا للإنتاج تفوز بجائزة المؤسسات الثقافية الربحية ضمن الجوائز الثقافية الوطنية لعام 2025    نائب أمير تبوك يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    وزير الطاقة: السعودية تبني أول محطة للطاقة النووية للأغراض السلمية    معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025 الأكبر من نوعه في العالم    جدة تستضيف مؤتمر ومعرض المكتبات المتخصصة 2025 غدًا    سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة تزور الملحقية العسكرية السعودية في واشنطن    مؤتمر حائل لأمراض القلب : منصة علمية لتعزيز التقدم الطبي في أمراض القلب .    من جاكرتا.. أضواء الخير وتكامل الصحية يختتمان رحلة عطاء ملهمة    الزميل سعود العتيبي في ذمة الله    افتتح مؤتمر التدريب القضائي.. نائب وزير العدل: المملكة تعيش نهضة تشريعية رائدة    هروب عريس قبل ساعات من زواجه    «حين يكتب الحب».. فيلم في الطريق    الناتو على خط المواجهة.. روسيا تكثف هجماتها المسيرة على أوكرانيا    إسرائيل تصعد عملياتها في القطاع.. قصف مكثف ونزوح جماعي من غزة    المفتي يستعرض جهود وأعمال الدفاع المدني    مفتي عام المملكة يستقبل مدير عام الدفاع المدني    بعد تقييم 1000 ترشيح مقدم للجائزة.. 66 مدينة تتنافس على جائزة «توريز» السعودية    2.7 مليار تداولات السوق    جهود متواصلة لتعزيز الرعاية العاجلة.. تدريب 434 ألفاً على الإسعافات الأولية    «الغذاء»: 24 ألف بلاغ عن أعراض«الأدوية»    بدء تقديم لقاح الإنفلونزا الموسمية    من المسارح البريئة يدق ناقوس الخطر    كلمات ولي العهد تسطر بمداد من مسك    نائب أمير الشرقية يعزي أسرة الزامل    مثقفون وإعلاميون يحتفون بالسريحي وبروايته الجداوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عابد خزندار والمجتمع المعاق !
نشر في المدينة يوم 25 - 06 - 2010


يلجأ كثير من الكتاب وحتى المواطنين من غير المهتمين بالشؤون الثقافية والفكرية إلى مهاجمة المجتمع وكيل التهم له، ووصمه بالتخلف حيناً، والبداوة حيناً، والجهل الشديد المركب حيناً آخر . ومما قرأت بهذا الخصوص مقالة قصيرة للكاتب عابد خزندار عنوانها ( المجتمع هو المعوق الأكبر ) بتاريخ 23 يونيو، وتطرق فيها لقضية مضمونها أن المجتمع هو سبب كل تخلفنا وانغلاقنا وتزمتنا بينما دافع خزندار - دفاعاً شديداً - عن الجهاز التنفيذي والسلطوي . فكيف استدل خزندار على تخلف المجتمع ؟ كان ذلك عبر قضية المرأة، لأنه كما يقول « المجتمع هو المعوق الأكبر لعمل المرأة « كما أضاف في مقاله القصير : « المجتمع هو الذي يقف ضد منع المرأة من قيادة السيارة في المدن مع أنها تقودها في القرى» . وجاء في المقال بشواهد ماضوية أراد فيها أن يثبت حقيقة أن المجتمع قد عارض خطوات تقدمية من قبل وزارة التعليم ووزارة العمل، وأن هاتين الوزارتين أرادتا النهوض بالمرأة لكن المجتمع وقف لهما بالمرصاد ! والحقيقة أن هذا النقد غير بريء لعدة أسباب، إذ يفترض بالنقد أن يكون شاملاً لعدة جوانب، وأن لا يقتصر على جانب محدد وإلا فسيكون نقداً منحازاً وغير موضوعي . والذي كتبه عابد خزندار يصب في الإطار المنحاز وليس المحايد، أي أنه نقد للمجتمع فقط وليس نقداً للسلطات التي تشكل وتكون المجتمع نفسه، فضلاً عن كونه رأيا لا يأتي بالحلول ولكنه يشفي غليله بمجرد الاتهام والتنفيس عن الألم . كما أنه يتصور المجتمع على أنه قوة مطلقة المشيئة، وجوهر مستقل قائم بذاته لا يخضع لأية سلطات تؤثر عليه وتغير من مساره وتثنيه عن أهدافه أو غاياته . إنني دائماً ما أقرأ هجوماً على المجتمع، وحينما أبحث عن هذا المجتمع الذي أريد الانتقام منه بصحبة أعزائي الكتاب، فإنني لا أجده ولا أعثر عليه ! والحقيقة أن أي مجتمع إنساني لا بد وأن يعتريه القصور في أدائه الحضاري والمدني، وهذا أمر بديهي وطبيعي نظراً لتأصل طبيعة النقص في النفس البشرية، ومن ثم فلا غرابة في أن يخطئ المجتمع نفسه لأنه مجتمع بشر، وليس مجتمع ملائكة أو شياطين ! كما أن كل مجتمع يتكون من طبقات متنفذة، كالساسة والتجار ورجال الدين وأصحاب الوظائف وذوي الحرف . هذا يعني أن كلمة ( مجتمع ) هي كلمة معقدة ومركبة وربما تحتوي بداخلها تناقضات وتراكمات لا حل لها، ولا إجابة شافية عن تفاصيلها . هل المجتمع هو نفسه التاجر ؟ هل هو الشيخ والواعظ ؟ هل هو السياسي والحاكم ؟ هل هو المثقف والكاتب ؟ أم هو بائع الجرائد وحائك الملابس والجزار وصانع الأحذية ؟ إنه لمن البديهي حقاً أن يكون المجتمع هو هذه الطبقات مجتمعة، ومن ثم فهو يحتوي في أحشائه على تناقضات كثيرة وصراعات مستمرة، تتولد وتتشكل على هيئة أجنة كامنة في رحم هذا المجتمع، تنتظر الساعة التي تخرج فيها إلى الحياة وتفتح أعينها باتجاه ضوء الشمس . ولذا فإن المجتمع لم يعد تلك الكلمة الصلبة المتجانسة التي يمكن تصويب الاتهامات لها والتهرب بعدئذ من التفكير على من تقع المسؤولية ؟ وإنما هو، أي المجتمع، مجموعة التفاعلات والنشاطات الإنسانية المتولدة من عدة فئات وطبقات اجتماعية واقتصادية وعشائرية وفكرية . وهذا يفضي بي إلى القول بأن المجتمع ليس هو المعوق الأكبر أمام التنمية والتحرر، بل هو جزء من كل، وهو فاعل من جهة، ومنفعل من جهة أخرى، وهو قد يكون ضحية وجلاداً معاً، وإذا ما أردنا أن نكون صريحين وواضحين فعلينا أن نصف حالة مجتمعنا الكسيح : إنه مجتمع مشلول، لا خيار له، ولا مشيئة، ولا قدرة، كما أن البيئة التي نعيش بين ظهرانيها ليست ديمقراطية ولا حرة، وهذا يعفي المجتمع من تبعة أية مسؤولية، لأنه لم يختر وضعه الذي هو فيه، ولم يصنع قدره ولا حياته بالطريقة التي يراها تناسبه . فهل من المعقول أن نطلب من مجتمع قيدنا أطرافه أن يعيش بصورة طبيعية وإنسانية ؟ فلندع المجتمع يختار، ويقرر، وينمو، ويتمرحل، وحينها فلنعمل على معالجة أخطائه بالنقد والتصويب . أما أن نرى المجتمع طريح الفراش وعاجزا عن الحركة، ثم نحمله مسؤولية كل ما يصيبه، هنا تكون الغرابة مضاعفة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.