* قلت لنفسي وأنا اقرأ خبر وفاة أكاديمية في صحيفة «عكاظ» نشرته الخميس الماضي «مافيش حد أحسن من حد» على قول أشقائنا المصريين، فحمى الضنك التي كانت جدة مرتعاً لها، حسب البعض انها تختص بأحياء ومساكن وأهالي المناطق الفقيرة والعشوائية أو أنها تنتقم فقط من غير المتعلمين لعدم معرفتهم واتخاذهم الاحتياطات اللازمة لمواجهة الوباء القاتل. * ولكن ومع خبر عكاظ فقد أصابت الضنك حتى الساحة الأكاديمية حينما اختطفت منها زميلة من كلية البنات التابعة لجامعة الملك عبدالعزيز فتساوت بذلك الرؤوس المتعلمة والجاهلة وقلت ربما هكذا خبر يبعثر الريشة التي على رأس الأكاديميين التي لا يرونها هم أنفسهم بل كثيرون ممن سخروا أقلامهم وألسنتهم ومنتدياتهم للنيل منهم لأنهم مدللون ومرفهون وكل الواوات التي لا أعرف لها سبباً. * رحم الله الزميلة الأكاديمية وجبر خواطر أهلها والسؤال الذي لازال يتردد وقد كتبنا عن ذلك كثيراً، هو أين ذهبت الأموال التي خصصها خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز شخصياً والتي بلغت ملياراً وثلاثمائة مليون ريال؟ فقد سبق للزميل الدكتور حمود أبو طالب ان كتب هنا في «المدينة» عندما كان أحد كُتَّابها عن هكذا تساؤل وعلقت في مقالي مصححاً للدكتور حمود أن الذي طار لم يكن ملياراً بل ومعه (فكّة) قدرها ثلاثمائة مليون أخرى لم يبخل بها الملك الإنسان يحفظه الله على مواطنيه وساكني جدة. * التصريحات المتناثرة والهوائية من مسؤولي أمانة وصحة جدة طوال الفترات الماضية أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن حمى الضنك في محافظة جدة بأكملها أصبحت في خبر كان وشيئاً ماضوياً حتى إن التجربة والخبرات التي اكتسبتها أجهزة المحافظة دفعت دولاً ومدناً أخرى إلى اقتباسها وتطبيقها لنجاحها وفاعليتها.. ولكن المؤسف وأقولها بحسرة أن موت الزميلة الأكاديمية مسح كل ذلك بمزيل الطباشير فعرّى في واضحة النهار عدم صدق تلك التصريحات وأوضح وفي عز الظهيرة أن حمى الضنك لا تزال ترتع في بحبوحة من العيش في أوساط جدة المجتمعية وبكل حرية تقصف بحياة هذه وتلك وهذا وذاك. * وحتى لا (يتفذلك) أكثر وأكثر مسؤولو الأمانة والصحة في محافظة جدة ويُذكرونا نحن الذين «نخطف الكبيبة من فم القدر» أن موت الزميلة الأكاديمية مجرد حادثة فردية بعد سنوات من القضاء على الضنك نذكّرهم نحن وقلوبهم مرتعبة وعقولنا مهتزة وغير متوازنة ان خبر «عكاظ» يقول أيضاً «أن ثلاث موظفات من الكلية ذاتها التي كانت تعمل فيها الأكاديمية تعرضن للإصابة بحمى الضنك وراجعن المستشفى ولم يعدن لعملهن بعد». * في يقيني ستبقى حمى الضنك تعيش في كل أحياء جدة طالما بقي التعامل معها بالعقليات ذاتها التي تدير الأجهزة المسؤولة عن هكذا وباء وسيبقى خبر وحقيقة المليار وثلاثمائة مليون ريال في أدراج مخفية عدا ما أظهرته صحيفة «المدينة» في عدد سابق لها عن «سرقة مائة مليون ريال من قبل أربعة أشخاص ممن كانوا على صلة بمعالجة الوباء وتم تصديق اعترافاتهم في محكمة جدة». * لم يقصر ولاة الأمر حفظهم الله وفي مقدمتهم الملك المصلح خادم الحرمين الشريفين رعاه الله لا بالمال ولا باعتماد الميزانيات الضخمة للمشاريع التي تجعل ليس مدينة جدة وحدها بل كل المحافظة مكاناً حالماً وآمناً وخيالياً للعيش والسكن لا مدينة أشباح وخوف ورعب من هواء وماء وحشرات؟!