قال علي بن أبي طالب "وتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر".. فقد خص الله عز وجل الإنسان وميزه بالتفاصيل فكل خلية فيه تحكي آلاف القصص منذ أن وجد أجداده حتى إن وصل إلى هذا العالم.. ومنها ما يكون شكليًا أو سلوكيًا، فالسلوكيات الجينية تختلف عن السلوكيات المكتسبة فهي تشرح لنا خبرات أجدادنا وما عاصروه حتى تنتقل إلى والدينا فيغرس بداخلنا.. قد يكون الكثير منها لا يعاصر وقتنا الحالي من الجانب الفكري وحتى السلوكي فالعالم متقلبٌ في كل ليلة وضحاها.. الوجوه والصفات أصبحت متشابهة فقد ينشأ جيل متطابق لأسلافهم بلا أدنى اختلاف فهم ليس بقدرتهم التفريق على ما أقيموا عليه أكان خيرًا أم شرًا.. مع تغير العالم السريع وعدم تأقلمهم للمتغيرات قد تنشأ الكثير من العقد النفسية والتحديات العصيبة التي تجعلهم تحت ضغط مستمر حتى يتولد بعد مدة شعور الانتقام نظرًا لعدم تقبلهم المجتمعي الفكري المعاصر فهم بمثابة من يسكن بسجن ليس له نافذة للنور لا تجول في أفكارهم سوى الممارسات التي عقدت منذ قديم الأجل.. المكان، الأزمان، العالم بتفاصيله يحكي لنا في كل ثانية قصة جديدة بأفكار جديدة وسلوكيات حديثة.. قد يكون البعض مما تعلمناه من أسلافنا صحيح ولكن لا يجب أن ينشأ جيل كامل مستنسخ فلا نستطيع تطبيقه في زمننا الحالي نظرًا لاختلافه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته).. إذن يجب أن نغرس فيهم المبادئ والقيم والتقرب والمخافة من الله جل في علاه وحده ثم يترك للنفوس الطائرة أن تجول بجناحيها الحرة حول العالم، أن تسمح لهم بالتجول وتجربة الوقوع والنهوض والتعلم والتأقلم.. أن يعيشوا بلا رهبة أو خوف إلا لمن خلقنا فهو يكون رادعهم عن الخطأ.. أن يستمتعوا ويعيشوا في محطة الحياة بكل تفاصيلها، يمارسون ما يحبونه من رغباتهم الإبداعية، يتطلعون نحو الأفق والنجوم.. أن يعلموا أننا ركاب في بحر محطة الحياة ما بين الهدوء وتلاطم الأمواج العاتية وما بين الوصول إلى شاطىء الأمان، فليعلموا أننا لسنا بدمى متشابهة متقلبة يجردها الإحساس، وليعلموا الرقي في التعامل فكل روح تكمن خلفها قصص من الآلام والفرح.. فلينهض جيل مختلف فيه محاسن الأخلاق، فليبني جيلا متميزًا تشرق الحياة به بأرواحهم المختلفة، أرواح تغرس فيهم الطموح والصعود للجبال الشامخة ليخطو قصة حياتهم بماء الذهب وفليكن عنوان كتابهم الروح الطائرة المفعمة الحرة.