يخيم على العالم في هذه الأيام الخوف والحذر من فيروس كورونا المجهول الذي قد يصيب الإنسان بدون سابق إنذار ولا تحديد مكان أو زمان، وبهذه المناسبة يحق الربط بين فيروس كورونا ومفهوم العولمة الذي يعني الشمولية بالانتشار والتأثير والتأثر سلبًا وإيجابًا وتخطي الحدود والحواجز.. والعولمة قلّصت المسافات ويسّرت التواصل الحياتي (HUMAN CONECTIVITY) على كوكب الأرض لكل البشرية وتجاوزاً لكل الأنظمة والقوانين التي ابتكرها الإنسان لحماية الحيز الجغرافي وسيادة الدولة الوطنية المحددة في المواثيق الدولية بداية بميثاق الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي وكل المعاهدات الدولية التي تنظم التعامل والتبادل الحضاري والحركة التجارية والسياسية وشؤون النقل وتبادل المنافع بين الدول.. انتشار الأوبئة والأمراض لم يعد استثناءً بل أصبح دليلًا يؤكد على تمكن نموذج العولمة..! كما أن نموذج العولمة أثبت وجوده في كل وسائل حياة الإنسان على كوكب الأرض وما يشهده العالم من بداية الإعلان عن مرض كورونا يثبت أيضاً ترابط الدول والمجتمعات بشبكات التواصل والتعاون ونقل المعلومات بشكل آني حيث أصبح بالإمكان تبادل المعلومات عن انتشار الأمراض والتأثر بالتغيرات في الاقتصاد بكل وسائله وعلى رأسها إرسال المعلومات وتنقل البشر والبضائع وفوق كل ذلك بذل الجهود للحفاظ على حياة الإنسان، حيث أصبح الرعب من الأمراض سيد الموقف ولم يعد يستثني أحدًا ولا أي وسيلة أو دولة حتى أصبحت عولمة الرعب تجتاح معظم مجالات الحياة بامتياز!. فهل تستطيع عبقرية الإنسان ابتكار دواء لفيروس كورونا سريعاً وإنقاذ العالم من آثاره والأضرار التي أطبقت قبضتها على كل مفاصل الاقتصاد في العالم؟. هجمات السايبر الإلكترونية أيضاً استهدفت أجهزة الاتصالات والتدخل والتشويش على المعلومات والتصدي لتلك الظاهرة مازال مستمراً على مستوى العالم.. فهل فيروس كورونا الذي يستهدف الإنسان وصحته سيستمر؟ أم أن عبقرية الإنسان والمختبرات العلمية والبحوث الطبية ستكتشف مضاداً حيوياً يوقف الرعب ويحمي حياة الإنسان؟. فيروس كورونا إذا ما قورن بتحدي هجمات السايبر قد يستمر وكذلك انتشار العدوى والحجر على حركة الإنسان ولكن لاشك أن تجارب التفوق العلمي الذي حققه الإنسان في مجال الطب والعلوم والتراكم المعرفي والاستفادة منها رفع من إمكانية حماية الإنسان من المخاطر بالتحصين والوقاية وتدخل العلاج عندما تستدعي الضرورة ذلك. هيمنة العولمة التي تهدد بذوبان الهوية وتقليص أهمية السيادة الوطنية ستظل مدار اختلاف، وتنازع بين الدول، تتحكم فيها الصراعات على التمسك بالإثنية والحفاظ على السيادة الوطنية لما لها من إيجابيات على مستوى الإدارة تجنبًا للإنفلات الأمني وللحد من انتشار الفوضى وللحفاظ أيضاً على الانضباط والتسهيلات الأساسية بين الدول وداخل حدود الدولة الجغرافية.. أما الهوية فإن ارتباطها بالثقافة والفنون والعادات والتقاليد فهي كفيلة بأن تبقيها حية حتى وإن كانت ذات طابع قصي عن الأنظار نسبيًا.. وسيظل التنازع قائمًا بين المد والجزر في حياة الإنسان لأن العلاقات الإنسانية والدولية تتطلب ذلك.. وما يشهده العالم من عولمة الأمراض وانتشارها السريع أصبح من التحديات الكبرى التي يواجهها الإنسان من خلال العولمة.. وفي الختام حفظ الله وطننا الغالي وقيادتنا الرشيدة.