يعد الراديو أو المذياع من أهم وسائل الاتصال التي عرفها الانسان منذ قديم الزمان وقد حددت المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) يوم 13 فبراير/شباط من كل عام يوماً عالمياً للاحتفال بالراديو، ويرجع ذلك الاختيار إلى اليوم الذي بدأ فيه بث أول إذاعة للأمم المتحدة في عام 1946. وتحيي منظمة اليونسكو اليوم العالمي للإذاعة ، حيث يأتي الاحتفال هذا العام 2020 تحت شعار " نحن التنوع ، نحن الإذاعة " ، حيث تدعو اليونسكو المحطات الإذاعية إلى دعم التنوع ، كلاهما غرفة الأخبار وعلى موجات الأثير. وتقول اليونسكو "أن البث الإذاعي يمكن أن يوفر منبرا للحوار والنقاش الديمقراطي حول قضايا مثل الهجرة أو العنف ضد المرأة أن يساعد على رفع مستوى الوعي بين المستمعين ويلهم الفهم لوجهات نظر جديدة ويمهد الطريق لعمل إيجابي. ويمكن للبرامج الإذاعية أيضا أن تبني التسامح وتتجاوز الاختلافات التي تفصل بين المجموعات عن طريق توحيدها في إطار أهداف مشتركة، مثل كفالة التعليم للأطفال أو معالجة الشواغل الصحية المحلية". وتهدف اليونسكو من وراء تحديد يوم عالمي للإذاعة إلى زيادة الوعي بين عامة الناس، وبين العاملين في وسائل الإعلام بأهمية الراديو. ومع احتفال العالم باليوم العالمي للإذاعة من كل عام، يطرح سؤال بعينه كل مرة، ألا وهو: هل ستبقى الإذاعة وسيطا إعلاميا، وهل سيظل لها دور في عصر الوسائط المتعددة والرقمية والتواصل الاجتماعي التي أخذت تشغل اهتمام معظم الناس هذه الأيام؟ أهمية الراديو تمكن الراديو - باعتباره وسيطا إعلاميا ذا تاريخ طويل - من الاستمرار على قيد الحياة والتأثير منذ بدء أول بث إذاعي في أوائل العشرينيات من القرن الماضي، وحتى حلول عصر المعلوماتية والتكنولوجيا الرقمية، وهو يعد الآن أكثر الوسائط الإعلامية جذبا للمستمعين في أرجاء العالم كافة من حيث وصوله إلى أكبر عدد منهم. وتشير مؤشرات المتابعة والاستماع إلى أن الراديو بكل محطاته، ما يزال وسيلة لها بريقها تبدو وكأنها تتحدى الزمن بتطوره، فما زال الملايين يستمعون للموسيقى والأخبار عبر الراديو، في مناطق مختلفة من العالم، خاصة في المناطق القروية والبدائية، والتي تحتاج إلى وسيلة بسيطة، كما أن الراديو ما يزال يمثل وسيلة إعلامية للملايين، ممن يقودون سياراتهم على الطرق، إذ أنه ما يزال الوسيلة المثالية في السيارات. وسيط فرض نفسه فقد بسط الراديو سلطانه، ليس فقط عبر الأثير، بل على الفضاء الافتراضي أيضا، فأصبح بإمكان جماهير المستمعين الاستماع إلى مئات المحطات الإذاعية دون حاجة إلى مذياع، عبر الإنترنت، ومن خلال تطبيقات على أجهزة الهواتف الذكية، والأجهزة الإلكترونية المحمولة. وقد تكون طبيعة الراديو ذاتها أحد العوامل التي هيأت له البقاء حتى الآن. فهو وسيط يمنحك حرية الرسم والتصوير لما تسمعه. إذ يمكنك رسم تصور للمذيع أو المذيعة في ذهنك في الصورة التي تحلو لك، ورسم صورة للأحداث التي تنقل إليك في رأسك بحرية يفتقدها مشاهد التليفزيون. وإن كان الراديو يكلم الملايين، في القرى والمدن والبلدات، والأقطار، فإنه في الوقت ذاته يتكلم إليك أنت وحدك، فأصواته موجهة إليك، تتسلل إلى رأسك عبر أذنيك لتظل بداخلك فيكون تأثيرها أكبر، فهو أداة شخصية.. وتشير احصاءات اليونيسكو الى انه في عام 2016 تجاوز عدد مستمعي الإذاعة عدد مشاهدي التلفزيون ومستخدمي الهواتف الذكية وأنه توجد أكثر من 800 محطة إذاعية في البلدان النامية بينما نصف سكان العالم تقريبا (3.9 مليارات شخص) لا يزالون غير قادرين على الاتصال بشبكة الإنترنت. فهل لا يزال للراديو مكان في عصر هيمنت فيه الإنترنت، وتوابعها من مواقع التواصل الاجتماعي والثورة الرقمية، على مجريات حياتنا؟ الدفء والأمان في "بلد الأصوات" وأشارت "أودري أزولاي" المديرة العامة لليونسكو في رسالتها بهذه المناسبة ، إلي أننا نحتفل في هذا اليوم العالمي بقدرة الإذاعة على تجسيد وتعزيز التنوع بجميع أشكاله. ويمكن للمرء أن يشعر بالدفء والأمان في "بلد الأصوات"، وهو الاسم الذي أطلقه "والتر بنيامين" على الإذاعة في كتاباته الإذاعية .إن تنوع قنوات البث مثل موجتي إي.إم ، وإف.إم ، والموجات الطويلة، فضلاً عن الكم المتزايد من الإذاعات الرقمية والمحطات عبر الإنترنت والمدونات الصوتية ، يقابله تنوع المحتوي والبرامج الإذاعية المنتجة ، وتعدد الآراء، وأشكال التعبير الثقافي ، والحساسيات المعبر عنها. وأصبحت الإذاعة بالتالي من خلال الحرية التي توفرها، وسيلة فريدة لتعزيز التنوع الثقافي. وينطبق ذلك بوجه خاص على الشعوب الأصلية ، التي يمكنها أن تجد في الإذاعة وسيلة يسهل الوصول إليها لتبادل خبراتها ، وتعزيز ثقافاتها ، والتعبير عن أفكارها بلغاتها الخاصة. وهذا هو الحال أيضاً بالنسبة لمحطات الإذاعة المجتمعية التي تنقل شواغل العديد من الفئات الاجتماعية التي لولا الإذاعة لما استطاعت إسماع صوتها والتأثير بهذا القدر على الرأي العام. ولهذا السبب تدعم اليونسكو بنشاط هذه المحطات الإذاعية وتسعى إلى تطويرها بكل الوسائل التي تمنحها إياها ولايتها. من دمشق هنا القاهرة من اللحظات التاريخية في حياة الإذاعة العربية.. عام 1956 شنت بريطانيا وفرنسا و إسرائيل عدواناً ثلاثياً على مصر أدت غاراته إلى قطع خطوط بث الإذاعة المصرية فأتى ميكرفون إذاعة دمشق ليعلن «من دمشق، هنا القاهرة» كانت هذه اللحظة من اللحظات الحاسمة في التاريخ العربي الحديت، أستطاعت الإذاعة أن تحول كل مكان في الوطن العربي للقاهرة.