مهنة التعليم من أشرف المهن وأهمها ، فللمعلم مكانة مرموقة ،فالعلماء ورثة الأنبياء، وقد كانت الأمم تعنى بالمعلمين لأنهم المسؤولون عن تنشئة الأجيال فكان الخلفاء والسلاطين يتخذونهم مربين ومعلمين لأبنائهم ويتخذونهم مستشارين في أمورهم ، وهاهو أمير الشعراء يؤكد ذلك قائلاً ( قف للمعلم وفِّه التبجيلا ... كاد المعلم أن يكون رسولا ) . بعض الأجداد والآباء يذكر بأنه كان البعض يخشى من المعلم أكثر مما يخشى أباه فقد كان يُعرف كثير من المعلمين بشدتهم بل وغلظتهم وقسوتهم ، فبعضهم لايعرف معنى الابتسامة مع طلابه ولايعرف من الوسائل الأساسية للتعليم إلا العصا والتي كانت ترافقه في كل حصة دراسية ،فلم يكن أحد يستطيع الابتسامة فضلا عن الضحك في أي درس ، ولم يكن أحد من الآباء يجرؤ أن يعترض على أي معلم قام بضرب أي طالب بل قد يسعى بعضهم لتشجيع المعلم على ضرب ابنه إن لم يكن منضبطاً في الدراسة وذلك بدعوى أن هذا في مصلحة الطالب . أما اليوم فقد اختلف الوضع ولم يعد للمعلم تلك المكانة في نفوس بعض الطلاب فضلاً عن أولياء أمورهم ، وبدلاً من أن يخشى بعض الطلاب من المعلمين فقد أصبح بعض المعلمين يخشون من بعض الطلاب وأولياء أمورهم من الاعتداء ، وفي الوقت الذي كان يتجنب بعض الطلاب مواجهة معلميهم في الطرقات خارج المدرسة فقد أصبح بعض المعلمين يتجنبون مقابلة بعض الطلاب خشية منهم واتقاء لشرهم. مؤخراً بدأت وزارة التعليم في اتخاذ إجراءات وصفتها بأنها ستكون (رادعة) للمسيئين لمنسوبي التعليم ولمن يتطاولون عليهم جسدياً أو لفظياً أو حتى إلكترونياً عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي ، وقد وجه وزير التعليم بتكليف فريق قانوني مختص بقضايا الاعتداء على مهنة التعليم ومنسوبيها واتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بحماية مهنة التعليم والهيئتين التعليمية والإدارية والطلاب والطالبات والمبنى التعليمي تجاه أي اعتداءات أيا كانت ومن أي كائن كان . لم أتخيل أن تصل مكانة المعلم إلى هذا المستوى والذي تضطر وزارة التعليم إلى اتخاذ مثل هذه الإجراءات الرادعة لحماية المعلمين والمعلمات وممتلكاتهم ، فبدلاً من التقدير والإجلال والحب والاحترام والمكانة العليا التي كان يحظى بها المعلم في الماضي ، أصبحنا اليوم نضع إجراءات رادعة لحمايته والمحافظة عليه ، وهذا أمر يجب علينا أن نتأمل فيه وأن نتوسع في دراسته وأن نعرف الأسباب الحقيقية التي أدت لذلك فهل الخلل في المعلمين ؟ أم في الطلاب ؟ أم في أولياء الأمور؟ أم في قرارات الوزارة ؟. قضية يجب أن تدرس بعناية وأن تعرف الأسباب الحقيقية وأن توضع الحلول اللازمة لها حتى لايتفاقم الوضع عما هو عليه الآن.