أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - مشاريع تنموية متعددة في أنحاء المملكة كافة، منها ما أوكل تنفيذه إلى القطاع العام، ومنها ما أوكل إلى القطاع الخاص؛ ليتكاملا في تحقيق التنمية المنشودة باستثمار السيولة الكبيرة التي وفرتها عائدات النفط بما يعود على الوطن والمواطن بالخير والمنفعة. وقد رحب الجميع بهذه الخطوات الكريمة راجين الله العليّ القدير أن يتم تنفيذها على أكمل وجه، وكما خطط لها. ورغم ذلك فإن المواطنين في وجل وخوف من أن تضيع الأموال دون تنفيذ هذه المشاريع المطلوبة في الوقت المناسب؛ وبالتالي تبديد المال العام دون تحقيق النتائج المستهدفة بسبب ضعف كفاءة رأس المال الموظف في التنمية. هذا الضعف ينتج عن سببين رئيسين ما زال الكثيرون يعتقدون بحضورهما الظاهر في إعاقة خطط التنمية، الأول يتمثل في ضعف المعرفة والخبرة والمهارات لدى بعض القائمين على هذه المشاريع العملاقة؛ مما يجعلهم يشكلون أكبر خطر يهدّد تنفيذ هذه المشاريع بالجودة المطلوبة والوقت المحدد.. وهذا واقع ملموس يستشعره كل من يعرف عدد الشركات المساهمة التي تخسر منذ تأسيسها. والثاني يتمثل في الفساد المالي أو سوء الإدارة الذي يتزايد في القطاعين العام والخاص بشكل كبير. ما المطلوب إذن؟ وأين الحل؟ الحل في نظري يمكن استلهامه من ردّ الملك عبد الله بن عبد العزيز على مراسلة التلفزيون الأمريكي عندما سألته: لماذا لا يصدر مرسوم ملكي يعطي المرأة السعودية الحق في قيادة السيارة؟ فردّ عليها الملك قائلاً: (شعبي هم عيوني التي أشاهد بها، ولن أتخذ قراراً لا يرضي هذا الشعب مهما حمَّلتنا تبعات القرار من عواقب). نعم يمكننا أن نحول هذه العبارة إلى برامج عمل ليكون الشعب عيوناً حقيقية وفاعلة لخادم الحرمين الشريفين تمكنه من اتخاذ القرارات التي ترضي الشعب بحق كل متساهل أو متقاعس أو مفسد أو مَن وضع في المكان الذي لا يناسبه دون وجه حق. والسؤال الذي يرد في ذهني وذهن كل مواطن هو: كيف يكون الشعب عيوناً حقيقية وفاعلة؟ والإجابة لا بدّ أن تكون في التحرك في عدة مسارات لتتكامل في تحقيق ذلك. هذه المسارات تبدأ بتفعيل دور المؤسسات الحكومية التنظيمية والرقابية مثل ديوان المتابعة، ومؤسسة النقد السعودي، وهيئة السوق المالية، ووحدة التحريات المالية، ووزارة الاقتصاد والتخطيط، وذلك من خلال دعمها مادياً ومعنوياً، ثم تفعيل مؤسسات المجتمع المدني مثل مجلس الغرف التجارية والهيئات المهنية والتعليمية والاجتماعية من مؤسسات المجتمع المدني ذات القدرة على لعب هذا الدور المهم بشكل مهني واحترافي، وأخيراً تفعيل دور مجلس الشورى من خلال ربطه بالمجتمع بطريقة تمكن أعضاء مجلس الشورى من إيصال أصوات المواطنين إلى المجلس لعرضها ومناقشتها واتخاذ التوصيات بشأنها. ختاماً.. أعلم أني لم آتِ بجديد، لكن الجديد أننا في مطلع مرحلة لا بدّ أن تكون مختلفة؛ فما يجري بيننا وحولنا مختلف، وأكبر وأهم من كل ذلك أننا تحت قيادة مختلفة.. فاللهم احفظ خادم الحرمين الشريفين وسدّد خطاه.