{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ *الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، والحمد لله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم الواحد الدائم الأحد، بيده مفاتيح الغيب، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. والصلاة والسلام على مَن قال الله في حقه: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ}. بقلوب ملؤها الأسى والحزن ودَّعنا هذه الأيام وترك دنيانا الفانية إلى دار البقاء فضيلة الشيخ صالح بن محمد الخليفة فقيد الوطن الغالي وفقيد العلم والإنسانية ورجل الشهامة والمروءة. لقد بكته القلوب والجوارح، وسال الدمع بفقده مدراراً؛ لما عرف عن الفقيد من صفات جليلة ومزايا حميدة، منها: حبه للخير وأعمال البر وإصلاح ذات البين، وحرصه على التواصل مع جيرانه وزملائه ومعارفه. ولا نقول أمام هذا المصاب الجلل إلا كما يقول كل محتسب صابر مؤمن بالقضاء والقدر: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، والحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه، له ما أعطى وله ما أخذ، وما على المؤمنين المحتسبين إلا الرضى والتسليم بما قدره.. واليوم وقد فارقنا إلى الأبد ولقي وجه ربه راضياً مرضياً إن شاء الله نجد أنه لزاماً علينا ووفاءً منا أن ندعو له بالرحمة والرضوان، وأن يجعل الجنة مأواه ويسكنه مع عباده الصالحين. لقد كان الفقيد يرحمه الله مخلصاً لدينه ومليكه ووطنه، طموحاً في حياته، متفانياً في عمله، متواضعاً في سلوكه، أثيراً إلى قلوب ونفوس عارفيه، وما أكثرهم!! ولا غرو في ذلك ولا غرابة فقد تربَّى وترعرع في بيت علم وفضل ومعرفة وتلقى منذ بواكير شبابه شتى العلوم الدينية والثقافية، ونهل من العلوم أنقاها وأزكاها؛ مما أهله للعمل في جميع الميادين التربوية والإدارية طيلة نصف قرن مضى، آخرها مدير عام لإدارة الأشغال العامة بأمانة مدينة الرياض حتى تقاعده يرحمه الله. لقد اجتمع في جنازته والصلاة عليه والمشاركة في دفنه الكثير من طلبة العلم الفضلاء ووجوه المجتمع ومن عامة الناس وأهالي الحي الذي يسكن فيه، وما كل هؤلاء أسدى إليهم الفقيد معروفاً، ولكنها المحبة يغرسها الله في قلوب عباده لمن يشاء، والمؤمنون شهود الله في أرضه. كان فقيدنا الغالي من الذين وهبهم الله قدرة على المجاملة ورغبة في مساعدة كل من يحتاج إليه لا عن تصنُّع ولكن عن سجية أصيلة متأصلة، وهي صفة مأثورة عن أسرة الفقيد الخليفة من تميم.. مرتكز عائلته وأسرته الأصلي بلدة الشنانة بمحافظة الرس. ولا نملك في الختام إلا أن نرفع أيدينا إلى السماء ونقول: اللهم اغفر له، وارحمه، وأكرم نزله، ووسَّع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقِّه من الخطايا كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدنس، وألهم أهله وذويه ومحبيه وعارفي فضله الصبر والاحتساب.. ونخصُّ بالعزاء شقيقه الشيخ عبد الله وأبناء وبنات الفقيد وإخوانه وجميع أسرة الخليفة.. والله المستعان.