وضع الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) حدا للجدل الدائر حول شرعية الهدف الذي سجله المنتخب البحريني في شباك منتخب ترينيداد وتوباغو في الرمق الأخير من مباراة الإياب في الملحق المونديالي الحاسم المؤهل إلى نهائيات كأس العالم 2006 في ألمانيا، برفضه احتجاج الاتحاد البحريني لكرة القدم على قرار الحكم الكولمبي إلغاء الهدف الذي رفعه للفيفا عقب المباراة. لكن اللافت في الأمر أن رد الفيفا جاء فيه بأنه يعتمد في القرارات التقديرية على قرار حكم المباراة. في حين نقلت وكالة أنباء (رويترز) عن الحكم الكولمبي أوسكار خوليان رويز اكوستا الذي أدار المباراة وألغى الهدف البحريني قوله: (إنه جاء نتيجة لعبة خطيرة). فيما قال متحدث باسم الفيفا إن الاتحاد الدولي أبلغ الاتحاد البحريني لكرة القدم أنه لا يكمن قبول الاستئناف لأنه لم يقدم خلال المدة التي حددتها لوائح الفيفا، وأضاف المتحدث (ولهذا فإنه لا يمكن النظر في الاستئناف). تناقض بناءً على أقوال الحكم التي استندت على أن اللعبة التي جاء منها هدف البحرين تعد لعبة خطيرة، كما في تبريره لإلغاء الهدف، ومن خلال رد الفيفا فيما يتعلق بالاستئناف وتأخر وصول الاحتجاج البحريني وتأكيده بأن المسألة تقديرية. فإننا نلحظ تناقضا واضحا في الأقوال والرد من الحكم والفيفا مع الموقف السائد في تفسيرات المحللين التحكيميين في تفصيل أسباب إلغاء الهدف وتأييد صحة قرار الحكم والذين استندوا على السؤال رقم (19) وإجابته كما ورد في أسئلة وإجابات لعام 2005م في كتاب مواد وأسئلة قانون كرة القدم المتعلقة في المادة (12) من الأخطاء وسوء السلوك والتي جاء فيها مايلي: 19 - بينما الحارس يقوم بإطلاق الكرة ليركلها في اللعب اعترض خصم الكرة قبل أن تلامس الأرض فهل هذا جائز؟ - لا، إذ إن منع حارس المرمى من إطلاق الكرة من يديه يعد مخالفة كما أن إطلاق الكرة من يديه وركلها يعد عملية واحدة. بمعنى أن تبرير الحكم الكولمبي والفيفا لم يستند على السؤال رقم (19) وإجابته، في الوقت الذي تسابق المحللون في الفضائيات والصحافة الرياضية بتأييد صحة قرار الحكم انطلاقاً واستناداً على السؤال المذكور وإجابته. انقسام انقسم المحللون من الحكام الدوليين السابقين بين مؤيد ومخالف لقرار الحكم الكولمبي. ويقف في مقدمة المؤيدين لصحة الهدف ومشروعيته نائب رئيس لجنة الحكام السعودية والحكم الدولي ابراهيم العمر وعضو لجنة الحكام العرب ومحلل قناة سبورت في ART محمد فودة والحكم الدولي السابق غازي كيال. بينما كان الحكم الدولي السابق عبدالرحمن الزيد المحلل التحكيمي في القناة الرياضية السعودية أول من أيد الحكم الكولمبي في قراره ومعه الحكم المونديالي الإماراتي علي بوجسيم وعضو لجنة الحكام السعودية الحكم الدولي السابق عمر المهنا. في الوقت الذي تردد فيه الحكمان الدوليان السابقان جمال الشريف محلل الجزيرة الرياضية وجاسم مندي محلل أوربت الرياضية بين تأكيد مباشر لصحة الهدف بعد نهاية المباراة وبين تراجع وتأييد متأخر لقرار الحكم الكولمبي، حيث خرج الأول معتذراً عن رأيه الأولي بمشروعية الهدف في ظهور تلفزيوني عبر أخبار قناة الجزيرة الرياضية في شجاعة أدبية تحسب له.. لكن يبقى تردد حكمين بقامة وخبرة وثقافة السوري جمال الشريف والبحريني جاسم مندي إلى جانب انقسام مجموعة محترمة من الحكام حول صحة قرار الحكم الكولمبي من عدمه يفتح مجالا لمزيد من النقاش والتحليل. كما أن تبرير الحكم نفسه بالإضافة إلى رد الفيفا فتح الباب على مصراعيه للشكوك كي تطل برأسها في مدى صحة الهدف وخطأ قرار الحكم، لاسيما وأن إجابتي الحكم والفيفا لم تتطابق مع آراء المحللين المؤيدين لقرار إلغاء الهدف المستندة على السؤال والإجابة رقم (19). لعبة غير خطرة من جانبه علق عضو لجنة الحكام ورئيس اللجنة الفرعية لحكام المنطقة الشرقية الحكم الدولي السابق عمر المهنا على تبرير الحكم الكولمبي ورد الفيفا بقوله: بلاشك يبرز هنا تناقض واضح فيما سعينا لتوضيحه خلال الأيام الماضية وبين أقوال الحكم وتوضيح الفيفا على الاحتجاج البحريني، فاللعبة لم تكن خطرة كما يبرر الحكم وعلينا رؤية قدم المهاجم البحريني وهل أثرت على قدم الحارس التريندادي أم لا، كما أن توضيح الفيفا وكلام الحكم بعيد عن السؤال رقم 19وإجابته. وفي هذا السياق أكد عضو لجنة الحكام العرب محمد فودة أن اللعبة التي سجل منها المنتخب البحريني لم تكن خطرة ولا تصنف من ضمن الألعاب الخطيرة، والزملاء المحللين اعتمدوا في تأييدهم لقرار الحكم على السؤال رقم 19 وإجابته وطالما أن الفيفا اعتمد إلغاء الهدف فليس لنا أن نقول بأن القرار غير صحيح لأننا كمحللين نفسر القانون ولا نشرع لأننا لسنا جهة مشرعة لكن بعد إجابة الفيفا وتعليق الحكم الكولمبي فإننا نستطيع القول بأن السؤال رقم 19 لم يعد مرجعا لهذه الحالة وليس ملزما للحكام للأخذ به وقد يحتسب حكم آخر مثل هذه اللعبة هدفا استنادا على رد الفيفا وتبرير الحكم. الفخ القانوني الهدف البحريني الملغي شبهه عبدالعزيز الهدلق رئيس القسم الرياضي في (الجزيرة) بالفخ القانوني الذي كشف آراء المختصين في السلك التحكيمي ومشيراً إلى رأيه بأن الهدف طالما أنه سجل بذلك الشكل يعتبر مخالفاً لقانون كرة القدم، بل واعتبره بأنه الحدث الذي فاق في أهميته نتيجة المباراة. وأعاد للأذهان أهداف كانت تسجل بطريقة مشابهة منذ أكثر من 15عاما ويتم احتسابها أهدافاً وتجد من يبررها بسبب الجهل القانوني. كما وجه نقدا لاذعا عبر زاويته ذات الطرح الجريء (كل يوم كلمة) لنائب رئيس لجنة الحكام ابراهيم العمر الذي أيد صحة الهدف قائلاً: يبدو أن هناك بقايا للجان الجهل السابقة. سيد الموقف مهما بلغت التحليلات والتفسيرات سواء من قبل المؤيدين أو المخالفين لمشروعية الهدف البحريني فإن سيد الموقف وصاحب الكلمة الفصل في مثل هذه الحالات يبقى حكم المباراة الكولمبي (المحامي) أوسكار خوليان رويز اكوستا (من مواليد 1969) فالفيفا لم ولن يستمع لغيره، وقد قال رأيه بوضوح وكان صوته الأعلى والأوثق من الجميع. لكن يبقى على الفيفا أن يسلط الضوء على مزيد من هذه الحالات لمنع اللبس والتأويل غير المناسبين من خلال طبعات أو تعديلات قادمة لمواد قانون كرة القدم.