يكتب البعض ويتكلم الآخر عن مستوى المخرجات التربوية والتعليمية ومدى موازنة تلك المخرجات للمدخلات، فيمدح أناس ويذم آخرون ويكتب متخصص وغيره، وبين هؤلاء وهؤلاء عدول منصفون متخصصون أجادوا وأفادوا وبينهم غير ذلك، منهم من حمّل مسؤولية مخرجاتنا التربوية والتعليمية شخصاً أو أشخاصاً ومنهم من حمّلها جهة أو جهات، ومشاركة في الرأي التربوي أناقش باختصار: المخرجات التربوية والتعليمية... من المسؤول؟ وللإجابة عن هذا السؤال لا بد من النظر إلى التربية والتعليم كأسلوب نظم يتكون من عناصر هي: المدخلات، والعمليات، والمخرجات، والتغذية الراجعة، وبيئة التعلم، وهذه العناصر تتفاعل بعضها مع بعض وبشكل مستمر ومتداخل، وتتضح لنا الرؤية في تحديد المسؤولية عن مستوى المخرجات التربوية والتعليمية بتعريف وتوضيح هذه العناصر وضرب الأمثلة لها: أولاً: المدخلات: هي العناصر التي تدخل في النظام التربوي والتعليمي من أجل تحقيق هدف أو أهداف معينة وتصنف إلى: (1) مدخلات بشرية، مثل: المقررات الدراسية والطلاب... إلخ، (2) مدخلات مادية، مثل: الموارد المالية، والتجهيزات، والمرافق... إلخ، (3) مدخلات معنوية: وهي ما يسود النظام التربوي والتعليمي ويحيط به من قيم ومعتقدات وأفكار... إلخ. ثانياً: العمليات: هي عبارة عن الأنشطة والممارسات التي تهدف إلى تحويل المدخلات وتغييرها من طبيعتها الأولى إلى شكل آخر يتناسب ورغبات النظام وأهدافه (أي تحويل المدخلات إلى مخرجات)، ومن أمثلتها: طرق تعليم وتعلم الطلاب، أساليب الاختبارات التحصيلية، التعليمات الإدارية... إلخ. ثالثاً: المخرجات: هي الأهداف التي يعمل النظام التربوي والتعليمي على تحقيقها، ومن أمثلتها: نتائج الطلاب النهائية في العام الدراسي، والسلوكيات التي اكتسبها الطلاب... إلخ. وتتوقف جودة المخرجات على عاملين هما: نوعية المدخلات ومستوى العمليات، فكلما كانت المدخلات أفضل في النوعية وأوفر في الكمية كلما كانت المخرجات ذات نتائج إيجابية أفضل، وكذلك كلما كان مستوى العمليات أكثر جدية ودقة فإن المخرجات تكون أفضل وأعلى مستوى. رابعاً: التغذية الراجعة: هي عملية إعطاء المعلومات والتقارير والتفسيرات للحكم على مدى تحقيق الأهداف وإنجازها وتوضيح مواطن القوة والضعف في كل من المدخلات والمخرجات والعمليات وبيئة التعلم، وفي ضوئها يمكن إجراء التطوير اللازم. خامساً: بيئة التعلم: وتتمثل بيئة التعلم في الوسط المحيط بالنظام التربوي والتعليمي، وما يسوده من ظروف طبيعية وإنسانية، وظروف مادية واجتماعية للمعلمين والمتعلمين، فيشمل مثلاً: بيئة المدرسة، وبيئة إدارة التربية والتعليم... إلخ. من هذا يتضح لنا أن النظام التربوي والتعليمي كل لا يتجزأ، فالمسؤولية فيه مشتركة بدرجة متفاوتة ومنتظمة في تسلسل تفاعلي ومترابط عن مستوى المخرجات التربوية والتعليمية، ولنأخذ على ذلك بعض الأمثلة: من مدخلات النظم التربوية والتعليمية (المعلم): فإذا قام المعلم بكامل الأدوار المطلوبة منه فإن المخرجات غالباً تكون على مستوى أفضل مما لو كان خلاف ذلك، فعلى المعلم جزء من المسؤولية عن مستوى المخرجات التربوية والتعليمية، والجهة الأكاديمية التي قامت بإعداده، والجهة المسؤولة عن تدريبه أثناء الخدمة، والإشراف التربوي الذي يشرف على أدائه، والمدير الذي عليه توفير المناخ التربوي له في المدرسة، ووزارة ديوان الخدمة التي تعينه على المستوى الوظيفي الذي يستحقه أو لا يستحقه، والمجتمع الذي نشأ فيه فكان معلماً جاداً أو كسولاً، والدوائر الحكومية التي تفرض عليه الخروج من مدرسته لمتابعة بعض أوراقه الرسمية، والإعلام بشتى صوره وأشكاله، وغيرهم الكثير والكثير من الأشخاص والهيئات عليهم مسؤوليات تجاه المعلم الذي هو جزء من مدخلات النظم التربوية والتعليمية، وقيام الجميع بهذه المسؤوليات أو عدمه يؤثر في أداء المعلم الذي يؤثر في مستوى مخرجاتنا التربوية والتعليمية. من العمليات في النظم التربوية والتعليمية (الاختبارات التحصيلية): والتي تقيس في الغالب مستوى المخرجات التعليمية، فقد يغلب عليها جانب التذكر أو جانب السهولة أو الصعوبة، وقد تركز على جزء من المقرر الدراسي وتهمل الباقي، وقد يكون توزيع درجاته وتصحيحه بطريقة غير علمية، وقد يكون الاختبار غير موضوعي، وقد يعطي الاختبار الجانب الأهم من الدرجات، وقد تأتي الاختبارات في وقت لا يتناسب مع ظروف الطالب أو المجتمع، وقد تتدخل عوامل أخرى في درجة الاختبار كالغش مثلاً، وقد تمارس بعض الجهات أو الأشخاص أدواراً غير مقصودة يكون لها الدور الإيجابي أو السلبي على نتائج تلك الاختبارات التحصيلية وغيرها الكثير من العوامل المرتبطة بالاختبارات التحصيلية والتي تؤثر عليها سلباً أو إيجاباً تتحمل جزءا من المسؤولية عن مستوى مخرجات نظامنا التربوي والتعليمي. من البيئات في النظم التربوية والتعليمية (إدارة التربية والتعليم) التي يعمل فيها المشرفون التربويون: والمشرف التربوي هو المسؤول عن كثير من الأمور المرتبطة بمستوى المخرجات التعليمية، فيشرف على المعلمين، ويشارك في تقويم الكتب المدرسية، ويشارك في اللجان التطويرية، ويتابع المشكلات التربوية، ويدرب المعلمين... إلخ، فالبيئة التي يعمل فيه إذا كانت بيئة متكاملة من جميع النواحي المادية والمعنوية، وتتوافر بها جميع متطلبات العمل التربوي الإنساني، ويجد فيها بغيته وحاجاته فإن عطاءه سيكون أفضل ومن ثم فسيكون مستوى مخرجاتنا التعليمية أعلى والعكس كذلك، فبيئة إدارة التربية والتعليم مثلاً هي جزء مشارك في المسؤولية عن مستوى المخرجات التعليمية. وبعد هذا هل يمكن أن نحمل مسؤولية مستوى مخرجات نظامنا التربوي والتعليمي جهة أو شخصاً بعينه، وإذا حملنا بعض الجهات أو الأشخاص فهل يتحملون تلك المسؤولية الكبيرة بدرجة متساوية؟ أخيراً: ألا تشعر أنك أيضاً أصبحت تتحمل جزءاً من المسؤولية عن مستوى مخرجات نظامنا التربوي والتعليمي؟ إننا جميعاً في المجتمع مسؤولون وبدرجات متفاوتة - كل حسب موقعه - عن مستوى مخرجاتنا التربوية والتعليمية، مسؤولون عن ضعفها ومسؤولون عن تحسين مستواها، ومشاركون في تفوقها ونجاحها. [email protected]