اختتام بطولة آسيا للياقة البدنية الوظيفية 2025 في الرياض    وزير التعليم للمعلمين: أنتم من يزرع الأمل ويضيء دروب المستقبل    مكاتب مدينتي تبدأ تقديم خدماتها إلى سكان العاصمة    خطب الجمعة المقبلة تتناول الجشع والمبالغة في رفع الإيجارات والمكاسب العقارية    مكاتب "مدينتي" التابعة لأمانة الرياض تبدأ استقبال سكان العاصمة وزوارها    مركز الملك فيصل يحتضن يوم المخطوط العربي في دورته الثالثة عشرة    تركي آل الشيخ يكشف تفاصيل موسم الرياض 2025: نسخة عالمية تنطلق 10 أكتوبر    التخصصي" بجدة ينجح في تطبيق تقنية حديثة لعلاج سرطان الكبد    الأسلحة والمتفجرات تستعرض أنظمة الترخيص في معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025    أمير القصيم يرعى اتفاقية إنشاء مركز صحي بالبكيرية ب 6 ملايين ريال    نائب أمير تبوك يبحث مع رئيس المحكمة الإدارية تعزيز بيئة العمل العدلي في المنطقة    أمير الشرقية يدشّن حملة التطعيم ضدّ الأنفلونزا الموسمية    القيادة تهنئ سلطان بروناي دار السلام بذكرى توليه مقاليد الحكم في بلاده    ثنائي دوري روشن يستهدف ماجواير    النيابة العامة: النظام يكفل الحماية لكل من يسهم في الكشف عن الجرائم    أبرز 3 مسببات للحوادث المرورية في المنطقة الشرقية    دول عربية وإسلامية ترحب بإعلان "حماس" تسليم غزة للجنة إدارية فلسطينية    بدء أعمال التسجيل العقاري ل 115 حيا بالرياض والقصيم والمنطقة الشرقية    بر العالية " تفعل مبادرة وطنية    الأرصاد تتوقع أمطارًا غزيرة على جازان وعسير وجريان السيول في عدد من المناطق    كاتب نرويجي يشيد بتجربة المشي في الرياض    الإدارة تسرق كوادرنا الصحية    الذهب يسجل أعلى مستوى قياسي محققاً مكاسب أسبوعية سابعة قوية    ربع مليون ريال.. بيع صقرين من منغوليا لأول مرة في معرض الصقور    توازن السوق العقاري    معرض الصقور.. يجذب الأنظار    كارينيو: الهلال يستطيع اللعب في أي دوري عالمي    «أخضر الناشئات» يستعد في الدمام    بدء انتخابات مجلس النواب المصري 7 نوفمبر المقبل    رئيس إنستغرام ينفي التجسس على«الهواتف»    يدخل «غينيس» بلحية متر    1568 مرشحاً يتنافسون على 140 مقعداً.. انطلاق الانتخابات البرلمانية في المحافظات السورية    بحضور سفراء ورجال أعمال .. بالخيور وكويتي يحتفلان بعقد قران مؤيد ولمار    مجاهد يستقبل نهى    والدة الشنقيطي في ذمة الله    تحديثات جوهرية بخصوص شروط التقديم.. تعديل اللائحة التنفيذية لتنظيم الدعم السكني    تعزيز ريادة الأعمال محلياً وعالمياً.. 900 شركة ناشئة في بيبان 2025    «سكوتر» الدوريات يلفت الأنظار بمعرض الصقور    أمين الرياض يطلق برنامج "تحوّل الرياض البلدي" لتطوير العمل البلدي في العاصمة    الجاسر يشارك في الغردقة السينمائي    وسم الثقافي يكرم البازعي وآل سليمان    ركن لمنتقيات الصحف الورقية ب«كتاب الرياض»    قمة الدوري الفرنسي تجمع باريس وليل    وزير الأوقاف السوري يزور مجمع طباعة المصحف    الأخضر يكثف تحضيراته لمواجهة نظيره الإندونيسي    إنزاغي والهلال.. حين يتحول النقد إلى سطحية    نماء الأهلية تحتفي باليوم الوطني    أكد أن مشروعه يركز على إعادة البناء.. رئيس الوزراء اللبناني: درء الفتنة يبدأ بتطبيق القانون والمساواة أمام الدولة    تحديث أنظمة Windows 11    إعادة تصميم وخياطة البخنق الحساوي يدويا    منع سلاف فواخرجي يجدد الجدل    افتتاح مقبرة فرعونية بعد 226 عاما    توابل شهيرة تقلل فعالية الأدوية    أنت الأفضل    وزير الأوقاف السوري ينوه بجهود المملكة في خدمة القرآن الكريم    بلدية ضرية تحتفي باليوم الوطني 95 بفعاليات وطنية منوعة    ابدأ يومك بهذه الكلمات    العمل رسالة وأمانة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. علي بن شويل القرني
المشكلة المزمنة في السياسة الخارجية الأمريكية دخول الأزمات ليس كالخروج منها
نشر في الجزيرة يوم 28 - 08 - 2004

يبدو أن الولايات المتحدة تجيد كثيراً توليد الأزمات، والحديث عنها، وتوضيح مدى خطورتها، ولكنها بكلّ تأكيد لا تجيد إدارة هذه الأزمات.. فما يحدث في العراق حالياً هو نتيجة طبيعية لعدم قدرة الولايات المتحدة بآلاتها العسكرية والسياسية والإعلامية على إدارة هذا النزاع، الذي أسهمت فيه بشكل مباشر.. وكانت هي التي ولدت هذا الصراع أساساً وفق أجندة يمينية متطرفة ذات أهداف مباشرة لوضع خريطة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط.
وكلنا يعرف أن الولايات المتحدة تمتلك مقدرات عالية من مراكز الدراسات الاستراتيجية والمؤسسات العلمية، وكمّاً هائلاً من المعارف المتخصّصة في مختلف جوانب الأزمات، نشأتها، إدارتها، حلولها، والعوامل المساعدة على حلّ مثل هذه الأزمات.. وعلى الرغم من تراكم الخبرات الواسعة للولايات المتحدة في الأزمات الدولية التي خاضتها، إلا أنها لم تستفد كثيراً من مثل هذا التاريخ العريق في التعامل مع الأزمات.
ومن متابعة عدد من الأزمات التي اشتركت فيها الولايات المتحدة خلال العقود الماضية، منذ الحرب الكورية، ونزاع خليج الخنازير مع الاتحاد السوفيتي (سابقاً) وحرب فيتنام.. ووصولاً إلى النزاعات الحديثة في أفغانستان والعراق.. نلاحظ أن الولايات المتحدة دخلت هذه النزاعات بقوة وبرغبة شديدة في إنهائها على الطريقة والتفكير الأمريكي (أفلام الكاوبوي الأمريكي)، ولكنها انتهت بطريقة غير متوقعة، أو بطريقة اضطرت فيها الولايات المتحدة إلى تغيير خططها وبرامجها لإدارة هذه النزاعات.
ويمكن أن نبين بعض الأسباب التي تؤدي عادة إلى إخفاق الولايات المتحدة الأمريكية في إدارتها النزاعات والصراعات العالمية، التي عادة ما تكون قد تدخلت فيها تدخلاً مباشراً.
1 - تعددية الأطراف التي تدير الصراع الدولي داخل المؤسسة الأمريكية.. وربما يأتي هذا نتيجة طبيعة المجتمع الأمريكي في وجود مؤسسات تشترك في بلورة واتخاذ القرار العام. إلا أن هذه الطبيعة - رغم إيجابياتها في كثير من الأحيان - تتيح الفرصة لتضارب الآراء واختلاف وجهات النظر وتعددية الحلول.؛ ولهذا فإن لدى الولايات المتحدة أو مؤسساتها أكثر من حلّ، وأكثر من وجهة نظر، وأكثر من خطة لحلّ مشكلة أو الدخول في نزاع أو الاشتراك في صراع.. وبالذات أمام القضايا والصراعات والمشاكل التي تواجهها الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، والقضايا التي ترتبط بالمنطقة الإسلامية عامة.
ولهذا فإن قضية كبرى مثل الإرهاب وضعت أكثر من جهة داخل مؤسسات اتخاذ القرار الأمريكي أكثر من سيناريو لها، وأكثر من طريقة للمعالجة والحل.. ولهذا فإن ما يمكن أن نصفه بالتناول الأمريكي لمشكلة الإرهاب اتسم بالفوضى أكثر من كونه صادراً عن رؤية موضوعية أو اتجاه منهجي علمي لتحليل الظاهرة والتعامل معها ومعالجتها؛ فعلى سبيل المثال، (البنتاجون) كان له دور مختلف عن دور وزارة الخارجية، والبيت الأبيض مختلف عن وزارة العدل.. وداخل البيت الأبيض نائب الرئيس له رؤية مختلفة عن مستشارة الرئيس، ومستشارو البيت الأبيض عرضوا حلولاً متباينة للتعامل مع مشكلة الإرهاب.. إلخ.
2 - من طبيعة اتخاذ القرار الأمريكي أنه يتيح فرصة لأصحاب المصالح الخاصة، سواء كانت جماعات ضغط أو أصحاب مصالح داخلية أو خارجية في المجتمع الأمريكي؛ ولهذا يبرز ضغط كبير من الجماعات الصهيونية - اليهودية التي تحاول التأثير على القرار الأمريكي، وخصوصاً ما يتعلق بقضايا وموضوعات الشرق الأوسط. وإذا أخذنا الحالة العراقية فسنجد أن الاتجاه اليميني المتطرف قد وضع سيناريو التدخل العسكري حلاً وحيداً للتعامل مع المسألة العراقية.. وهذه المصلحة الخاصة هي التي استطاعت أن تلعب دوراً محورياً في قرار الحرب، واستخدموا كلّ الأوراق والحجج والآراء التي تدعم هذا التوجه.
3 - كشفت الأوضاع الحالية لتعامل الولايات المتحدة مع قضايا ومشكلات وصراعات الشرق الأوسط عن عدم قدرة الولايات المتحدة على استيعاب الخصوصية المجتمعية لهذه المنطقة.. ولنطرح مثالين على هذه الأوضاع.. فعندما تعاملت الولايات المتحدة مع الشأن السعودي لم تراعِ الخصوصية السعودية، وطبيعة المجتمع الدينية، وعلاقة القيادة بالشعب، وخصوصية العادات والتقاليد، بل إنها حاولت جاهدة أن تدفع لعمليات تغيير جذري لقلب الأمور رأساً على عقب.. أما المثال التالي فهو مثال صارخ على عدم استيعاب الولايات المتحدة طبيعة وخصوصية الشعب العراقي. وما يدور حالياً من معارك، وسفك للدماء، وتدمير، وفوضى في المدن العراقية، ليس إلا نتيجة منطقية لتدخل الولايات المتحدة دون استيعاب حقيقي لطبيعة وتاريخ هذا الشعب على مدى عقود عديدة.. وظنت الولايات المتحدة أن الشعب العراقي سيستقبل جنودها ودباباتها وطائراتها بورود ورياحين ومشاعر حبّ وتأييد.. وهذا ما صوّره اليمين المتطرف داخل الإدارة الأمريكية.. وهذا ما عزز التدخل العسكري في العراق.. علماً بأنه كان بالإمكان وجود سيناريوهات أخرى قد تصل إلى النتيجة نفسها إذا كانت الولايات المتحدة ترى تغييراً لنظام كهدف استراتيجي لها، ولكن فكرة التدخل العسكري في العراق كانت مدخلاً أولياً لتدخل عسكري مباشر أو تهديد بتدخل عسكري في منطقة الشرق الأوسط.
وبناءً على ما تقدّم نلاحظ أن الولايات المتحدة، رغم ما تمتلكه من ثروة في المعلومات وتراكمات هائلة من أدبيات الصراعات والأزمات والنزاعات، وبما تمتلكه من خبرات ذاتية في التعامل مع أزمات سابقة، إلا انها لم تستطع أن تدير الأزمة الحالية في العراق بالشكل المفترض أن تدار به هذه الأزمة.. ويظل هناك فارق كبير بين آليات الدخول في أزمة، وآليات الخروج من أزمة؛ فتتميز الولايات المتحدة بقدرتها السريعة والمباشرة على الدخول في الأزمات، ولكنها تجد دائماً صعوبة كبيرة في الخروج من هذه الأزمات.. وقد أثبتت الشواهد التاريخية أن الولايات المتحدة لا تخرج من أزماتها إلا بتغيير رؤسائها؛ ولهذا فيمكن الحكم على مدة الأزمات بالفترات الزمنية المتبقية لرؤساء الولايات المتحدة الذين اتخذوا قرارات دخول هذه الأزمات.
* رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال، وأستاذ الإعلام المشارك في جامعة الملك سعود [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.