وفاة الوليد بن خالد بن طلال بعد معاناة مع المرض    الديوان الملكي: وفاة الأمير الوليد بن خالد بن طلال بن عبدالعزيز    وفاة الأمير الوليد بن خالد بن طلال بعد غيبوبة استمرت 20 عاما    الذئاب يستعيد مدربه    بدء القبول في المعاهد الصناعية والدبلوم المسائي بالرياض    ترمب يقاضي مردوخ ويطالبه ب 10 مليارات دولار    رغم إعلان وقف إطلاق النار.. خروقات في السويداء وعدد القتلى يرتفع إلى 940    السعودية تُرحب بالتوقيع على إعلان مبادئ بين الكونغو وتحالف نهر الكونغو    جمعية نجوم السياحة بمنطقة جازان تشارك في فعالية "ثقف" بنسختها الثالثة    برشلونة يتعاقد مع ماركوس راشفورد بنظام الإعارة    تين هاغ غير منزعج رغم خسارة ليفركوزن بخماسية وديا    تير شتيغن سيخضع لجراحة في الظهر مما يهدد مصيره مع برشلونة    روسيا: أوكرانيا خسرت أكثر من 1195 جنديا خلال يوم واحد    القبض على 12 إثيوبيا في جازان لتهريبهم 320 كجم «قات»    أمير منطقة جازان يفتتح مبنى فرع وزارة "الموارد البشرية"    حسام حبيب: السعودية أصبحت مركزا فنيا عالميا    514 مليار ريال الصادرات غير النفطية السعودية في 2024    مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع مساعدات غذائية وإيوائية للنازحين من محافظة السويداء إلى محافظة درعا    مجلس الجمعيات الأهلية بجازان ينفذ لقاء التواصل الثالث مع ممثلي الجمعيات بالمنطقة    الأونروا: لدينا غذاء يكفي غزة لثلاثة أشهر لكنه عالق بسبب إغلاق إسرائيل المعابر    المملكة تحصد 7 جوائز دولية في الرياضيات والمعلوماتية    صدور قرار تقاعد مدير مكتب التعليم بطريب والعرين الأستاذ حسين آل عادي    الداخلية : ضبط (23167) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    حرائق الغابات تلتهم 6 ملايين هكتار في كندا حتى الآن    رياح نشطة وأتربة مثارة في عدة مناطق    الاتحاد يضم الغامدي حتى 2023    بوصلة إيزاك تتحول من ليفربول إلى الهلال    الفريق الفتحاوي يواصل تدريباته بحضور رئيس النادي    الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    تراجع أسعار النفط    إدارة "النصر"تعيّن البرتغالي"خوسيه سيميدو"رئسياً تنفيذياً    أمير الشرقية يدشّن المخطط العام لمطار الملك فهد الدولي... الأحد    "وِرث" و"السودة للتطوير" تطلقان برنامجًا تدريبيًّا لفن القط العسيري    1.9 مليون مصلٍ بالروضة الشريفة وأكثر من 3.4 مليون زائر للنبي صلى الله عليه وسلم    المعيقلي: «لا حول ولا قوة إلا بالله» كنز من كنوز الجنة    حسين آل الشيخ: النميمة تفسد الإخاء وتورث العداوة    أبعاد الاستشراق المختص بالإسلاميات هامشية مزدوجة    إنقاذ مريضة تسعينية بتقنية متقدمة في مركز صحة القلب بمدينة الملك سعود الطبية    جراحة تنهي معاناة مريضة من آلام مزمنة في الوجه والبلع استمرت لسنوات ب"سعود الطبية"    تجمع مكة الصحي يفعّل خدمة فحص ما قبل الزواج بمركز صحي العوالي    معادلة عكسية في زيارة الفعاليات بين الإناث والذكور    اختتام أعمال الإجتماع الأول للجان الفرعية ببرنامج الجبيل مدينة صحية    خارطة لزيادة الاهتمام بالكاريكاتير    جامعة الإمام عبد الرحمن تختتم فعاليات برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي    (إثراء) يعلن عن فوز 4 فرق في المنافسة الوطنية لسباق STEM السعودية    برنامج تطوير الثروة الحيوانية والسمكية يعلن توطين تقنية «فيچ قارد»    المملكة تعزي العراق قيادة وحكومة وشعبًا في ضحايا «حريق الكوت»    أمير منطقة جازان يستقبل وكيل الإمارة والوكلاء المساعدين الجدد    الأولى عالميا.. التخصصي يزرع جهاز دعم بطيني مزدوج بمساعدة الروبوت    ضبط 275 كجم مخدرات والإطاحة ب11 مروجاً    20 قتيلاً.. وتصعيد إنساني خطير في غزة.. مجزرة إسرائيلية في خان يونس    إسرائيل تكثّف ضرباتها على سوريا رغم تعهدات التهدئة.. اشتباكات دامية في السويداء والجيش يفرض السيطرة    وزارة الحج والعمرة تكرم عمر بالبيد    المفتي يستعرض أعمال "الإفتاء" ومشاريع "ترابط"    نيابة عن أمير عسير محافظ طريب يكرم (38) متفوقًا ومتفوقة بالدورة (14) في محافظة طريب    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عون أبو طقيقه    عزت رئيس نيجيريا في وفاة الرئيس السابق محمد بخاري.. القيادة تهنئ رئيس فرنسا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وليد أحمد السيد
دكتوراه نظرية العمارة - جامعة لندن
نشر في الجزيرة يوم 14 - 12 - 2002

تطرقنا في المقال السابق إلى مفهوم العلاقات الهندسية في المعمار، وتبين أيضاً أن العلاقات الهندسية هي نتاج العلاقات الرياضية حيث تم التعريف بالمستطيل الذهبي والنسبة الذهبية وبينا أن هذه النسبة قد ثبت أنها كامنة في الجمال الطبيعي.
بالإضافة إلى بعض العمائر الفرعونية كالأهرامات والبارثنون وأن اليونان قد استعملوها في مبانيهم المهمة، في المساقط الأفقية والواجهات على حد سواء.
وفي نهاية المقال تم طرح التساؤل حول امكانية وجود مثل هذه العلاقات بشكلها الحسي (الهندسي والرياضي) أو غير الحسي (بدلالاتها الرمزية لمفاهيم فلكية أو اجتماعية أو غيرها) في العمارة العربية الإسلامية.
وبدأنا الإجابة من خلال أعمال
Keith Critchlow في تحليل
الأنماط الزخرفية في ما يسمى الفن الإسلامي من خلال دراسته التي أسماها Islamic Patterns فما هي هذه الدراسة؟ وكيف تجيب على تساؤلنا؟
بداية من المهم أن نشير للقارئ الكريم أن كتابات ودراسة Keith
Critchlow هي من الأوائل والقلائل
التي بحثت في موضوع الأنماط الزخرفية في الفن الإسلامي الذي يعتمد التجريد.
وقد بحثت هذه الدراسات في تحليلها من منظور ما وراء المحسوسات والنواميس الكونية الكامنة في هذه الزخارف التي تعتمد الأشكال الهندسية الأساسية كأساس لجميع التكوينات اللامتناهية التي أفرزتها عقلية المعمار المسلم على مدى القرون الطويلة التي سادت فيها العمارة الإسلامية.
ويعتمد Critchlow رسائل اخوان الصفا وكتابات ابن عربي في تحرياته لفلسفة الشكل في المنظور الإسلامي.
فمن مقولات اخوان الصفا المشهورة التي يرجع إليها: (اعلم اخي، أن دراسة المنطق من وراء الهندسة يقود للدراية والخبرة بجميع الفنون التطبيقية، فيما تقود الدراسة في إطار الهندسة المدركة وارتباطاتها الفلكية إلى الدراية والمعرفة بالفنون السامية، لأن هذا العلم هو المدخل الذي نتحرك من خلاله باتجاه المعرفة بماهية وحقيقة النفس و هي أساس جميع العلوم والمعارف) عن رسائل اخوان الصفا ترجمة سيد حسين نصر.
ومن النقاط التي تشير إليها الدراسة هي الرجوع إلى أصل الأشياء والانطلاق من المقدمات البدهية للاستنباط والاشتقاق، وهو لذلك ينطلق في تحليل التكوينات الزخرفية المعقدة التي ورثناها عن الأسلاف، بالانطلاق من النقطة كماهية مجردة في الفراغ وما يتولد عن حركتها من تشكيل الدائرة والتي هي أصل الأشكال الهندسية الأساسية، فالمربع يتشكل من مراكز أربع دوائر فيما يتشكل المثلث من مراكز دوائر ثلاث وهكذا.
ولكن الدراسة تنطلق من التساؤل حول ماهية النقطة ذاتها والتي هي أصل التشكيلات الهندسية جميعها، وهل من الممكن أن تكون النقطة نفسها (بدون أبعاد)؟ بل هل من الممكن أن تكون النقطة ذاتها هي افتراض لماهية غير فيزيائية أصلاً؟ وكيف يمكن أن تحتوي النقطة حيزاً مكانياً في حين أن الفراغ نفسه لم يعرف بعد تبعاً لمفاهيم التشكيلات النهدسية الناتجة؟ هذه التساؤلات وغيرها التي يعتمدها Keith Critchlow في دراسته تعكس تأثيرات الفكر التصوفي من ناحية.
وكذلك تأثيرات الفكر الشرق آسيوي من ناحية أخرى حيث الفلسفة الصينية والتي تعتمد العودة للمبادئ الأصلية الهندسية والطبيعية في تعليل النواتج الفيزيائية وحيث أن أصل الأشياء أربعة الماء، والهواء والنار والتراب وهي فلسفة متطابقة مع فلسفة اخوان الصفا الذين اعتبروا الرقم أربعة كمرجع مهم في فلسفتهم.
فالجهات أربعة والفصول أربعة وأضلاع الأشكال الهندسية المنتظمة التي تشتق منها الأخرى أربعة، وبذا فقد شكل المربع أساس في مفاهيمهم الهندسية، ولذلك فمعظم النواتج الهندسية في العمارة الإسلامية تبدأ مع دوران المربع حول نفسه لإنتاج المثمن والأشكال متعددة الأضلاع الأخرى.
وتقترح الدراسة تبعاً لذلك وانطلاقاً من مفاهيم اخوان الصفا، ان أصل التشكيلات هو الاعتماد على فكرة التوحيد التي تتضمنها عبارة (لا إله إلا الله). والتي تتضمن الإثبات والنفي، فهي تنفي الألوهية لغير الله وتقر بالوحدانية لله وحده في آن واحد.
ومن هنا ففكرة الفلسفة التي تتضمنها التشكيلات الهندسية تتضمن ذات المفهوم إذ هي تؤكد فكرة عدم وجود جزء بدون الكل وعدم وجود انعكاس دون مصدر، وعدم وجود أبعاد بدون كلية الأبعاد.
وفي عالم الخلق أو (عالم الناسوت) بحسب تعبير الفلاسفة نلاحظ قوانين عليا تخضع لها الموجودات، حيث تتبلور تبعاً لمراحل متعددة وتضمحل أيضاً ضمن مراحل تختفي من خلالها لتنضوي ضمن ماهيات أخرى.
ومن الأمثلة المشابهة هي التشكيلات الهندسية نفسها من خلال النظر إليها ضمن الفراغ المحسوس، فالنقطة تتبلور إلى الخط المستقيم الذي يؤول للصغر كجزء من الدائرة وبالتالي إلى الخط المحني القوسي والذي يتبلور ليشكل سطحاً وبدوران السطح يتشكل السطوح الصماء والتي هي نواتج الخط في عالمنا (الناسوت).
وبحسب اعتقاد Critchlow في دراسته فإن الدراسة المعاكسة بالرجوع القهقري من النواتج باتجاه الأسس فإن ذلك يقودنا إلى إدراك (وحدة التكوينات) والفكرة من أصل مرجعيتها الواحدة في الثقافة العربية الإسلامية التي تعتمد الإسلام والتوحيد كأصل تنطلق منها في معتقداتها الفكرية والتي تجسدت في هذه الحالة في التشكيلات الهندسية الفريدة والتي تختص بها الحضارة الإسلامية.
وتبين الدراسة في فصولها المتعددة مراحل تكون التشكيلات والأنماط انطلاقاً من النقطة كمرجعية هندسية وكنواة فكرية تدل على مضامين أعمق مستمدة من الثقافة، بحيث تجسد الدائرة أبعد من الحدود الفيزيائية التي ترسمها لتعكس قوانين ومفاهيم الاحتواء بوجود مرجعية هي المركز وانطلاقات تتمثل في نصف القطر التي تربط النواة بالمحيط.
وتستطرد الدراسة لتبين كيف أن المجموعة الهندسية الرخرفية التي تتشكل من المربع والدائرة والمثمن، تحتوي أبعد من حدود هذه التجميعات لترتبط بمفهوم اجتماعي لعائلة المربع والمثمن، والتي تعكسها الأضلاع الأساسية والتكوينات الناتجة من مضاعفات الأرقام 3، 6، 4 لتكوين مجموعات لا حصر لها من الأنماط الزخرفية.
ومن هنا يمكن القول إن الفنون الزخرفية في الهندسة التشكيلية الإسلامية تعتمد مزيجاً من الأشكال الهندسية النقية الأساسية وبين ما يمكن أن يسمى التشكيل المورفولوجي ذو الدلالة الرمزية والمتعلق بالثنائيات.
ومعلوم أن اخوان الصفا قد أعطوا أهمية كبيرة لمفهوم الثنائية في الطبيعة، ومن هنا فالأشكال الناتجة بحسب اعتقادهم تشكل أحد أقطاب ثنائيتين:
أولاهما ثنائية البارد والجاف، والتي تتجسد في البلورية والتبلور الناتجة من التكوينات التي تعتمد الأشكال الهندسية متعددة الأضلاع كالمثمن، وهذه تمثل القوى الطبيعية ما وراء النباتات وأشكالها.
ومن مظاهرها الشكل الماسي وبلورات الثلج والوراق النباتات المتماثلة.
والثنائية الأخرى تعتمد الحار والرطب، وهذه تمثلها الانحناءات والأشكال البحرية والصدفية، أو التشكيلات الازهارية أو الوردية ويشكل الخط العربي أحد مظاهر هذه التشكيلات الإنحنائية وهو واحد من مظاهر الفن السامي للحروفية للقرآن الكريم.
وبكلمة ختامية لهذه الإشارات السريعة تشكل هذه الدراسة بداية لربط الأشكال الزخرفية في ما يسمى الفن الإسلامي بمضامين ومعاني ترتبط بها الأشكال وترمز إليها بدهياً، ولكن لا بد من إرجاع التكوينات المعقدة لأصولها المجردة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.