موسم جدة 2025.. فعاليات مستمرة وتجارب مبتكرة تعزز مكانة المدينة العالمية    عندما تُذكر "الإبادة" كنتيجة "منطقية" للحرب    تسلسل أحداث فتنة احتلال الكويت 9    البيت الأبيض: رسوم ترامب "ستُطبق" إذا لم يحصل على اتفاقات جيدة    قصر علياء.. شاهدٌ تاريخيٌّ على طرق الحج    سُلَّم الكعبة.. مشاهد العناية الفائقة بأقدس البقاع    خير المملكة يعم لبنان والسودان وأفغانستان وسوريا    القدرات البشرية 2024.. الركيزة الاستراتيجية لبناء الإنسان السعودي    «جدارية الباحة».. بصمة فنية تعكس هويتها التراثية    ثلاث ألعاب جديدة في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    يدور الوقت وابن ادم يعيش بوقته المحسوب    73 ألف وثيقة صلح في 6 أشهر    سورية تسيطر على معظم حرائق الغابات    إيران: «شكل جديد» للتعاون مع الوكالة الدولية    "الشؤون الإسلامية" تطلق الدورة العلمية لتأهيل الدعاة في بنجلاديش    فرنسا تعتمد برامج جامعة نايف    مستشفى الأفلاج العام يقدّم أكثر من 100 ألف خدمة صحية في 6 أشهر    رئيس بلدية الخفجي يُدشن مركز اختبار وتقييم العاملين في منشآت الغذاء والصحة العامة    أمير منطقة جازان يقلد عددًا من القيادات الأمنية رتبهم الجديدة    أمير منطقة جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    أمير منطقة جازان يستقبل محافظ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة    القبض على (13) مخالفًا لنظام الحدود لتهريبهم (169) كيلوجرامًا من "القات"    أمير القصيم يستقبل محافظ ضرية ويتسلّم تقريري مزادات الإبل وفعاليات يوم التأسيس    أمير الشرقية يستقبل سفير جمهورية جورجيا لدى المملكة    اطلاق المرحلة الثانية من "تحدي الابتكار للاستدامة" من بوسطن    استشهاد 10 فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي لنقطة توزيع مياه    ورشة عمل وصالون ثقافي في مكتبة الملك عبدالعزيز احتفاء ب"عام الحرف 2025"    موعد مباراة سان جيرمان وتشيلسي في نهائي كأس العالم للأندية    القيادة تهنئ رئيس الجبل الأسود بذكرى اليوم الوطني لبلاده    كوكب زحل يصل اليوم إلى نقطة الثبات    صندوق الاستثمارات يطلق شركة تسامى لتعزيز منظومة خدمات الأعمال بالسعودية    الضمان الصحي يوضح معايير صرف الأجهزة الطبية    الأرصاد: رياح على 5 مناطق و طقس حار في الشرقية    الاتحاد يكشف عن قائمة الفريق المغادرة للمعسكر الخارجي    ضبط 21058 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود في مناطق المملكة    الزعيم يسابق الزمن لحسم صفقة" كين"    النصر يخطط لمبادلة لابورت بالأمريكي بوليسيتش    دمج «قسد» ضمن الدولة قيد البحث.. لا" تخطيط أمريكي" لبقاء القوات في سوريا    مبعوث ترمب في طريقه إلى كييف.. أوكرانيا تؤكد استئناف الإمدادات العسكرية من واشنطن وأوروبا    صورة مميزة لمونرو تباع بمزاد    568 مبتعثا ثقافيا للخارج والأولوية للبكالوريوس    فيلمي القادم سيصور بالرياض.. الفنان أحمد السقا ل"البلاد": الهلال شرف العرب في كأس العالم    وسط تصاعد التحذيرات الدولية.. إدانة أممية لعرقلة الحوثي جهود إنقاذ البحارة المفقودين    السعودية تؤكد التزامها الكامل باتفاق «أوبك+»    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير مكة يتشرف بغسل الكعبة المشرفة    «الشؤون الإسلامية» تعزز نشر المنهج الوسطي بالمالديف    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    تعديل جيني بديلا لأبر التنحيف    قطة تكتشف سلالة فيروسية نادرة    الدماغ لا يتوقف عن النمو    الإفراط في تناول دواء شائع يسرع شيخوخة كبار السن    إطلاق مشروع "صيف زهر" للفتيات في مدينة أبها بنسخته الرابعة    الفارس"المبطي"يحقق المركز الثاني في بطولة ڤالكينزڤارد بهولندا    الكتاب العظيم يستحق مشروعا عظيما    جدة تستضيف الجولة الرابعة من بطولة العالم لسباقات الزوارق السريعة F1H2O    هنا السعودية حيث تصاغ الأحلام وتروى الإنجازات    رئيس هيئة الأركان العامة يتفقد منظومة الدفاع الجوي «ثاد»    أمر ملكي: تعيين الفياض مستشاراً بالديوان الملكي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطبيعية: سقوط الحائط الرابع وقصة الفشل الذريع
د. محمد أبو بكر حميد
نشر في الجزيرة يوم 08 - 08 - 2002

في الوقت الذي كان فيه ابسن ibsen يضع حجر الاساس للواقعية في المسرح العالمي بمسرحياته الرائدة، ظهر في فرنسا تيار آخر يدعو إلى إعادة النظر في مفهوم الفن والواقع، ويدعو إلى ربط الإبداع الفني بالحقائق العلمية والتزامها كما هي في الطبيعة دون تعديل أو اضافة، عرف هذا الاتجاه «بالمذهب الطبيعي» وكان رائده والداعي إليه فكرياً وفنياً الاديب ا لفرنسي إميل زولا Emile Zola (1840- 1902). الذي تأثر بالنظريات العلمية الرائجة في ذلك الوقت وخاصة نظرية اوجست كوفن August Comte مؤلف كتاب «الفلسفة الايجابية» «Positive Philosophy» (1842) ، وكتاب «مقدمة إلى الطب التجريبي» «Introductian to Expermintd Medicine» (1865) لمؤلفه كلود برنارد Claud Bernard.
مفهوم الفن
ولأن حقل ابداعه الاساسي كان في الراوية فإن اميل زولا لم يكتب مسرحيات الا ما اقتبس من رواياته واشهرها Therese Rauquin، ولم تكن مسرحياته نفسها بذات اهمية درامية بقدر ما كانت مقدماتها هي الاهم، فقد كانت تشرح نظرية هذا المذهب الجديد، وقد جمعت مقالاته في كتاب مستقل بعنوان «الطبيعة في المسرح» (1881م) وفيها وضع زولا خلاصة افكاره في المسرح، واعلن ان المسرح التقليدي ليس الا مثالاً لتزييف الحقيقة والكذب على الواقع، وان ليس هناك من خيار، فاما ان يموت المسرح او ان يكون حديثاً وطبيعيا، فمن ناحية الشكل دعا زولا الى تحطيم الحيل الفنية الدرامية الموروثة عن المسرحية المتقنة الصنع Well- made Play المتمثلة في مسرحيات مشاهيرها امثال سكريب Scribe وساردو Sardou، واوجيه Augiev ودوماس الابن Dumas fils وقال: ان هذه الوسائل مثل الحبكة والتعقيد والحل انما تخالف الطبيعة عندما تجعل الاحداث في النهاية تؤدي إلى تعاطفنا مع البطل، واعتبر المسرحية المتقنة الصنع اكثر خطراً على المسرح من الرومانسية.
وظيفة الكاتب المسرحي
ويدعو زولا الى التزام الموضوعية والمنهجية العلمية في الادب، ففي كتابه «الرواية التجريبية» The Experimental novel» يعمل على تطبيق المنهج العلمي الذي ورد في كتاب كلود برنارد السالف الذكر، ويقارن الاديب بالطبيب الذي يعمل لمعرفة اسباب المرض ليعالجه.
وبنفس الاسلوب على ا لكاتب أن يعرض الادواء الاجتماعية على خشبة المسرح حتى يسهل علاجها وتجنب اسبابها، وقد جعل هذا المنهج أتباع المذهب الطبيعي يطالبون الفنان التعامل مع مادته الابداعية بنفس الموضوعية التي يتعامل بها العالم في المختبر مع مادته، لقد ظل زولا يردد بانه لن توجد هناك مدرسة او نظرية في الفن، ان الحياة نفسها ستبقى الحقل الكبير الذي يدرسه الاديب ويبدع منه كما يشاء، ولهذا فالاديب من المذهب الطبيعي يجب ان يستمد موضوعه من طريقين لا ثالث لهما: إما ان يكون مستمداً من التنائج العلمية الدقيقة أو من تسجيل صادق وأمين لجزء من الحياة اليومية. فمهمة الكاتب المسرحي هي استحضار الشخصيات والمشكلة ثم تترك الاحداث تتوالى نتيجة لحتمية نظرية البيئة والوراثة، فالفرد عند زولا يعود إلى حياته العضوية تسيره غرائزه وحاجاته المادية، واذا كان الكاتب المسرحي لا يريد الخضوع للتجربة المعملية، فإن زولا يقترح عليه الآتي :«بدلاً من تخيل مغامرة وتعقيدها والتخطيط للأحداث والمفاجآت التي تتدرج من مشهد إلى مشهد حتى تصل الخاتمة، فإن على الكاتب المسرحي ان يأخذ من واقع الحياة تاريخ انسان أو جماعة من الناس وينقلها إلى المسرح نقلاً اميناً». فالكاتب المسرحي عند زولا يجب أن يحصر نفسه في قطاعين اما ان ينقل القوانين التجريبية وبنتائجها إلى المسرح أو يدرس قطاعاً من الحياة نقلاً حياً مباشراً.
الموضوع والأسلوب
وتحت شعار الموضوعية حيث لا يسمح الكاتب لأفكاره بالتسرب إلى عمله الفني، والدقة وتعنى التسجيل الحرفي لواقع الحياة اسهب الواقعيون في الخوض في هموم الانسان المادية وغرائزه الحيوانية متناسين اشواقه الروحية وطموحاته المثالية. وهكذا ابتلى المسرح الطبيعي بالاقتصار على عرض الآفات والآثام الاجتماعية للطبقات المتدنية والسوقية، واذا كان اتجاه الطبيعية كما يرى بعض النقاد لتناول حياة الطبقات الفقيرة رد فعل لما حدث في القرن الثامن عشر حين قصر معظم كتاب المسرح موضوعاتهم على قضايا الطبقة الوسطى، فإن الطبيعية قد اساءت إلى الطبقة السفلى من حيث ارادت أن تحسن حين اسرفت في تناول الجوانب الدنيئة والسيئة لهذه الطبقة بينما نعمت الطبقة الوسطى بالتصوير المثالي لقضاياها من كتاب القرن الثامن عشر.
يعتبر الاختيار في الفن من وجهة نظر زولا تشويها للحقائق وكذباً على الطبيعة. يقول زولا :«إنني لا أشعر بارتياح لكلمة «فن» لانها تحتوي على معنى اعادة صياغة ما حدث في الواقع بشيء من الاضافة والتعديل» لهذا يرى الطبيعيون ان المسرح والفن عموماً يجب أن يكون قطاعاً من الحياة Slice of life.
فالمسرحية الطبيعية لا تتبع نظاماً معيناً في بنائها مثل تحديد البداية والوسط والنهاية وهو الترتيب المعروف في المسرحية الكلاسيكية.
إن الكاتب المسرحي الطبيعي يبدأ عمله الفني بدون اختيار وبدون تخطيط، فتبدأ القصة عشوائياً بأي موقف وتنتهي بنفس الطريقة دون حتمية الوصول إلى نتائج معينة لما حدث لانها يجب أن تكون نقلاً طبيعياً لما يجري في الحياة الواقعية بدون اضافات، فليست هناك حاجة للحيل الدرامية التقليدية كالعقدة والصراع والانفراج والتشويق والحل.
يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.