عبر عدد من أهالي حي المشعل وما يجاوره من الأحياء الآخرى الواقعة جنوب مدينة الرياض عن استيائهم مما يعانونه من منغصات يعيشونها ليلاً ونهاراً، من جراء ما يحيط بهم من ملوثات بيئية صادرة من مياه المجاري التابعة لإسكان الحرس الوطني على طريق ديراب، الذي تسبب في انتشار الحشرات والأمراض . إضافة إلى الاختناق بالروائح الكريهة، ولعل المقلق في الأمر هو تكرار النداءات من المواطنين، إلا أنها لم تجد أذناً صاغية ولا الحلول النهائية والاستجابة الكاملة رغم الكثافة السكانية في داخل تلك الأحياء..«الجزيرة» التقت المواطنين لتكشف مدى المعاناة التي يلاقونها وذلك من خلال التحقيق التالي: في البداية يقول فالح بن غزاي العتيبي عمدة حي الحزم وديراب: إن مجرد المرور بأحياء جنوب مدينة الرياض يظهر دون عناء الكثير من الملاحظات والمخالفات سواء كانت في مجال تلوث الهواء والبيئة أو الأضرار التي تؤثر على صحة الأنسان بشكل مباشر أو غير مباشر أو حتى بعض المشاهدات التي تشوه المنظر العام، وهي عادة تجتمع كالسلسة الواحدة، فمن تلوث مياه الشرب إلى سوء النظافة- العامة ويصاحبها تسرب مياه الصرف الصحي بالشوارع مع وجود بعض حظائر الأغنام وانعدام رش المبيدات كما الأحياء الأخرى، وبالتالي تكاثرت بعض أنواع الحشرات كالذباب والبعوض الناقل للأمراض مما انعكس على نظافة العديد من المطاعم وتسبب في حالات التسمم لسكان تلك الأحياء. نداء للمسؤولين وأضاف العتيبي قائلاً: ولعلى أقتصر في حديثي على حي ديراب«الفواز والمشعل» والحزم في جنوب مدينة الرياض، فالنظافة معدومة والمخلفات هنا وهناك ولاتزال إلا بعد عدة أيام وتسربات مياه المجاري تملأ الشوارع، حيث لم تمد شبكة مياه الصرف الصحي بعد، والأسوأ من ذلك كله والذي يمثل كارثة بيئية ووبائية حقيقة على سكان العاصمة الرياض عموماً وعلى سكان أحياء الجنوب«الفواز- المشعل- النزهة- الحزم» على وجه الخصوص، هو ذلك النهر الذي يبلغ طوله أكثر من«15 كم» أما عمقه وعرضه فإنه يخضع لاتساع وعمق المجرى المائي الذي يمر بتلك الأحياء بل ويخترق البعض منها، أنه ذلك النهر الراكد من مياه المجاري حيث يتم تصريفه عبر أحد الأودية والذي يمر بالأحياء، دون مراعاة لصحة من يسكن هذه الأحياء المتضررة، فأين المقاول الذي تعهد بنقل تلك المياه إلى الأماكن المخصصة لها؟ علماً أن المواطنين قد تقدموا بالعديد من المطالبات والشكاوي إلى البلدية الفرعية وإلى أمانة مدينة الرياض«ولكن لاحياة لمن تنادي». كما أن أصحاب العقار يعانون من قلة البيع والشراء في هذه المنطقة وهروب بعض السكان منها تخوفاً من أي ضرر قد يلحق بهم. كما ناشد عمدة حي ديراب والحزم المسؤولين بالتدخل لحل تلك المشكلة وذلك بإلزام مقاول نقل مياه المجاري بإسكان الحرس الوطني على طريق ديراب بالقيام بواجبه، وإزالة ما يصدر من روائح كريهة من مزارع الدواجن المجاورة للحي وأيضاً متابعة مراقب البلدية لمقاول النظافة لأنها شبه معدومة وتكثيف رش المبيدات في المياه الراكدة إلى حين إزالتها في أقرب وقت ممكن من داخل الأحياء، أضف إلى ذلك رفع بقايا الحيوانات النافقة من الكلاب والقطط التي تسبب تلوث ذلك الوادي وربط تلك الأحياء بمشروع الصرف الصحي. تكاثر الحشرات كما طالب بدر بن جوباح الذي يقطن هذا الحي منذ خمسة عشر عاماً المسؤولين بالنظر في هذه المشكلة حيث قال: نعاني نحن سكان حي المشعل والأحياء المجاورة له جنوب مدينة الرياض من قرب وادي مياه المجاري الخاص بإسكان الحرس الوطني والذي شكل وادياً من المياه الراكدة المتلوثة حتى أصبحت موطناً لتكاثر الحشرات وكذلك الأمراض، ومما زاد الأمر سوءاً وضع مقاول النظافة بالإسكان ردميات توقف تحرك المياه وجريانها وبالتالي تم احتجاز المياه في مكان واحد، ظناً منه أن هذه هي الطريقة المثلى لتصريف مياه المجاري، علماً أن استخدام الوايتات لنقل تلك المياه لن يكلفه الكثير. مجمع للنفايات والمخلفات ويؤكد المواطن معوّض المطيري أن شكاوى قاطني الحي لم تثمر ولم تقدم أي نتيجة حتى أن المشكلة ماتزال قائمة وقال: لانبعد إلا أمتار معدودة من تلك المياه الراكدة والتي هي عبارة عن مستنقع يتم فيه تصريف مياه مجاري اسكان الحرس الوطني عن طريق ديراب، متسببه في تلوث الجو وتكاثر العديد من أنواع الحشرات الناقلة للأمراض كالبعوض والذباب الذي يتكاثر بشكل مزعج ناهيك عن تجمع النفايات بالقرب من تلك المياه الراكدة. 300 متر فقط وتحدث مسفر بن حمدان العصيمي قائلاً: لسوء الحظ لا أبعد عن تلك المياه الراكدة المتلوثة سوى أقل من 300 متر تقريباً لذا فالضرر مضاعف حيث نعاني الأمرين من الرائحة الكريهة في داخل المنزل وخارجه على مدار الساعة وقربنا من هذا التلوث البيئي، ولعل هذا أقل ما يمكن أن نطلق عليه مع انتشار البعوض الذي له شكل مختلف ويتضايق منه الصغير والكبير. الإصابة بالحساسية ويتفق المواطن مناحي العتيبي الذي يسكن الحي منذ 30 سنة مع ما أدلى به قاطنو تلك الأحياء حول تضررهم من المستنقع أو فلنقل وادي مياه المجاري الصادرة من إسكان الحرس الوطني بطريق ديراب حيث قال لا أستطيع أن أصف حجم المعاناة التي يعيشها قاطنو حي المشعل والفواز وما يجاورها من الأحياء التي يحدها من الناحية الشمالية المياه الراكدة التي عبارة عن تلوث بيئي سيخنق برائحته الكريهة السكان ويلحق الأذى والأمراض بهم بإنتشار الحشرات الضارة كالبعوض ولعل أصابة بعض مواطني الحي بالحساسية خاصة لدى الأطفال دليل واضح على وجود الضرر الواقع على المواطنين. لم يتحسن الوضع ويضيف فالح بن عبدالله الدوسري أنه لم يلمس أي تغيير للأحسن منذ سكن في الحي منذ خمس سنوات مضت بل الأمر يزداد سوءاً يوماً بعد يوم وللأسف ويقول: كثير من الأحياء في مدينة الرياض كانت تعاني من مشاكل مشابهة وتم معالجتها ولكن حي المشعل والفواز والأحياء المجاورة لهما لاتزال تسبح في هواء ملوث نستنشقه من جراء وجود هذا المستنقع المحاط ببعض المخلفات حتى شكل بيئة غير صحية ملائمة لانتشار الأمراض والأوبئة بالحي حتى أن بعض المواطنين كان يملك أحواشاً للأغنام وأبعدها بعد تفاقم المشكلة وهذا ما يستطيعون تقديمه لأنفسهم وللسكان في الحي وأستطيع القول بإن البلدية غير مبالية بالموضوع حيث أنها لم تكلف نفسها سوى رش المياه الراكدة في هذا الوادي إلا مرات معدودة وهذا ما نشاهده نحن السكان. يطاردنا البعوض كما التقينا أحد قاطني الحي منذ أكثر من خمسة عشر عاما سعود بن بطيحان فقال: لا فكاك من مطاردة البعوض والحشرات التي تتكاثر في تلك المياه الراكدة مادام أنها لم تجد المكافحة اللازمة من الجهات ذات الاختصاص . الوباء الكبدي أما المواطن نوّار النفيعي الذي فوجئ بإصابة أطفاله الثمانية بمرض الوباء الكبدي«أ» وقال: تفاجأت عندما أكتشفت إصابة طفلي الثاني بنفس المرض وبعد فترة قصيرة أصيب الطفل الثالث وهكذا حتى أصيب أطفالي الثمانية وقد تم إحالتهم من المركز الصحي بالحي إلى مستشفى الإيمان ولايزالون يتلقون العلاج اللازم ولا غرابة في ذلك فالحي محاصر من الجهة الغربية بمياه الصرف الصحي الصادرة من اسكان الحرس الوطني ومن الجهة الجنوبية الغربية مشروع الدواجن والرائحة الكريهة تنبعث من هنا وهناك ولا تسأل عن تلوث الهواء وانتشار الحشرات الضارة والأمراض. إغلاق النوافذ والأبواب ويقول بطيحان بن سعود: أن الرائحة الكريهة لا تنقطع طوال أيام السنة وكأنه قدر مكتوب لا حل له، فهل يعقل هذا؟ لقد أصبح هذا الوضع مقلقاً نفسياً وصحياً وبيئياً ونضطر أحياناً لأن نغلق النوافذ والأبواب هرباً من دخول بعض الحشرات التي تتكاثر في هذا المستنقع الذي يعتبر البيئة المناسبة لها، وقد تقدم أهالي الحي للجهات المسؤولة ولانزال في انتظار الحل.