وفي لقاء مع القائد ابن دغيثر أجراه يوسف الحمدني وقد استهل حديثه بقوله: «... ويحضرنا في هذه المناسبة قصة بطل نجدي هب وهو لا يملك شروى نقير في هذا العهد ليجاهد في سبيل الله والعروبة والإسلام ذلك هو الشيخ ناصر بن علي بن دغيثر مضحيا بحياته وبمن هو مسؤول عنهم في سبيل وحدة العرب وكرامة العرب وحرية العرب»، وقال أيضاً: «... تم لقائي مع شخص معمر تجاوز عمره المائة عام يحمل في ذاكرته أحداث تلك الفترة التي نسمع عنها ولم نعشها. هذا الشخص جاء إلى الأردن من الحجاز واتجه إلى سوريا، قاتل الفرنسيين في معركة ميسلون الشهيرة وقبل ذلك عاصر فترة حكم العثمانيين». وتحدث الأستاذ فهد العريفي، في كلمة رثاء وتعزية عن القائد ابن دغيثر وأشاد ببطولته وشجاعته بدأها بمقدمة عن بطولة أبناء مدينة الرس الذين صدوا جحافل المصريين بقيادة إبراهيم باشا وابنه طوسون، وقال عن ابن دغيثر بأنه يقود جيش الهجانة في حوالي عام 1920م مع مجموعة من الأبطال من نجد يصل عددهم إلى «800»، رجل انطلقوا يدافعون عن دمشق ضد القوات الفرنسية الغازية بقيادة الجنرال غورو، ثم إن هؤلاء الأبطال من العقيلات يصلون إلى الشام من مختلف مناطق نجد يبيعون ما معهم من الماشية والسمن ولكنهم وجدوا أبناء سوريا في محنة أمام الغزاة الطاغين فقاموا لنصرتهم ومساعدتهم في الدفاع عن أرضهم وقهر المستعمرين. وقال أيضاً: لم يقل ابن دغيثر مالنا وللحرب نجلس حتى تنجلي ولكنهم تركوا ما جاءوا من أجله واختاروا بيع أعمارهم كما اختاروا النصر أو الشهادة واندفعوا يدافعون عن الأرض السورية الغالية وينصرون إخوانهم فقد حملوا السلاح وقاتلوا ببسالة وشرف شهد لهم الجنرال غورو، والصحيح، «والحق ما شهدت به الأعداء»، إنه موقف عظيم للبطل ابن دغيثر ورفاقه الذين استشهد منهم مجموعة في معركة ميسلون ودفنوا بجوار القائد يوسف العظمة. وأردف العريفي يقول: ناصر الدغيثر ورفاقه تركوا «الجمل بما حمل»، وأنستهم الشجاعة وقوة الإيمان والنخوة العربية زغب الحواصل في العارض والقصيم وحائل وسدير والوشم وغيرها، نسوا في نجد من ينتظر عودتهم ليخفف عنهم غائلة الجوع ومضار الحر والبرد.. بما يحملون من زاد وكسوة بل وضعوا نصب أعينهم وقلوبهم ونفوسهم شعارا واحدا صادقا لا خداع فيه ولا زيف يقول الشعار: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً». أقول: ولكن الأستاذ العريفي بدأ كلمته بقوله: «بطل ميسلون هو يوسف العظمة رحمه الله»، حيث نسب البطولة والنصر الذي حصل في ميسلون إلى يوسف العظمة وجعل دور ابن دغيثر دورا ثانويا، أما أنا وحسب ما اطلعت عليه من معلومات فإنني أؤكد بأن هذا القول غير صحيح لأن ابن دغيثر هو المقيم في وقتها عند الشريف فيصل بن الحسين والشريف أمره بتجهيز الجيش الذي كان ينوي أن يجابه به الفرنسيين في ميسلون ولو كان الشريف يرى أقدر من ابن دغيثر على القيادة وتحضير الجيش لأمره بذلك خاصة وأن السوريين يعرفون ديارهم أكثر من غيرهم ومرت عليهم سنوات من الحروب مع جيرانهم وعاصروا تقلبات أحوال الحكم فيها، كما أن ابن دغيثر جهز جيشا من الهجانة من العقيلات وهم جماعته ويعرفهم أكثر من سواه ويعرف ما هم عليه من الشجاعة والبسالة، أما يوسف العظمة فكان يلم شمل أفراد الجيش النظامي من السوريين المسرحين. كما أن ابن دغيثر كان هو الذي يكتب أسماء الجنود المشاركين بالحرب التي يقودها الشريف بنفسه، وهو الذي تقدم للاستيلاء على المدن في الطريق إلى ميسلون مثل معّان والقويرة والعقبة والأزرق في الأردن وحمص وحماة وحلب ودير الزور في سوريا. كما كان الشريف يأمر ابن دغيثر بقيادة الجيش مع وجود قادة آخرين سواه مثل: عودة أبو تاية والشريف ناصر والشريف علي وغيرهم.