21% نمو إنتاج الذهب بالمملكة    المملكة تنظم ورشة عمل "تسريع التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة"    صندوق الاستثمارات يطلق شركة نيو للفضاء    الهلال ينهي الموسم بدون هزيمة..والنصر يقسو على الاتحاد    السعودية قبلة الرياضة العالمية    ثماني مواجهات في ختام دوري الأولى    الذئاب إلى دوري أبطال آسيا 2    رصد 650 مخالفة بالمنشآت الغذائية بالشرقية    بموافقة ملكية كريمة.. المعيقلي خطيباً ليوم عرفة    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقاء الأسبوعي    الخارجية السعودية: «الوزاري المشترك» شدد على ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في رفح    نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية    «سلمان للإغاثة» يسيّر باخرتين إغاثيتين للشعبين الفلسطيني والسوداني    الشورى يدعو لضبط أسعار العقارات السكنية وتنظيم الإيجار    مجمع إرادة بالرياض يحتفل بيوم التمريض العالمي.. غداً    «جامعة نايف» تفتتح فعاليات الندوة العلمية «إدارة وتأمين الأحداث الرياضية الكبرى»    10 آلاف زائر للمعرض الوطني بالقصيم    قافلة التجمع الأول الطبية تحط رحالها في الدلم.. السبت    فيصل بن بندر يؤدي صلاة الميت على سعود بن عبدالعزيز    هيئة الطرق تُطلق الكود السعودي مرجعًا لكافة الجهات المنفذة    السبت بداية الصيف أرصادياً    اعتماد ضوابط لأعمال الحفر بمشاريع البِنْية التحتية    "SRC" تشتري محفظة ب 500 مليون    مبانٍ إدارية ومكتبية بالطراز النجدي بالدرعية    سلمان الدوسري يهنئ جيل الرؤية على التفوق والتميز    الغامدي: نسعى لنكون مرجعاً دولياً في كفاءة الطاقة    نائب أمير الشرقية يثمن جهود أمن المنشآت    إنطلاق أعمال ملتقى تجربة المريض "بين التحديات والفرص في المنشآت الصحية    شرطة مكة تقبض على وافدَين بتأشيرة زيارة لنشرهما حملات حج وهمية    مباحثات اقتصادية مع النمسا    تكريم 180 عضوا من الهيئة التعليمية والإدارية بجامعة الأميرة نورة    سلسلة Pura 70 في الأسواق بمواصفات نوعية    أسرة الجفري تتلقى التعازي في وفاة فقيدها    انطلاق الاجتماعات التحضيرية لأعمال الدورة ال 54 لمجلس وزراء الإعلام العرب في البحرين    الجلاجل يشارك في اجتماع مجلس وزراء الصحة العرب بجنيف    الخريف يلتقي رئيس جمعية تاروت    الأندية السعودية تتصدر التصنيف القاري    نائب أمير مكة يطّلع على استعدادات وخطط وزارة الحج والعمرة    "سعود بن مشعل" مع السفير الهندي    تعليم الطائف يدعو للتسجيل في خدمة النقل المدرسي للعام    جوازات ميناء جدة الإسلامي تستقبل أولى رحلات ضيوف الرحمن القادمين من السودان    السند: الرئاسة العامة وظفت التوعية الرقمية والوسائل التوعوية الذكية بمختلف اللغات    المملكة تدين وتستنكر استهداف خيام النازحين الفلسطينيين في رفح    وصول طلائع الحجاج السودانيين إلى ميناء جدة    السعوديات إخلاص وتميُّز بخدمة الحجاج    آل الشيخ يعزز التعاون مع البرلمانات العربية    المجفل سفيراً لخادم الحرمين لدى سورية    وزارة الإعلام تحتفي بطلاب وطالبات أكاديمية طويق ومدارس مسك الفائزين في «آيتكس 2024»    الاحتلال يواصل قصف أحياء رفح    الزهراني يحتفل بزواج إبنيه محمد و معاذ    حلقات تحفيظ جامع الشعلان تكرم 73حافظا    رابطة اللاعبين تزور نادي العروبة    ريال مدريد يودع الساحر الألماني    12 ألف حاج تلقوا خدمات صحية في المدينة المنورة    عليهم مراجعة الطبيب المشرف على حالتهم.. «روشتة» لحماية المسنين من المشاكل الصحية في الحج    اكتشاف دبابير تحول الفيروسات إلى أسلحة بيولوجية    بيت الاتحاد يحتاج «ناظر»    تعيين أول سفير سعودي لدى سوريا منذ 2012    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما يحدث على الخشبة يجب ألاَّ ينتهي على الخشبة
نشر في الجزيرة يوم 23 - 10 - 2020

ينبعث الأدب من مسرَّات الحياة ومآسيها، وهو -وإن كان تدوينًا شخصيًّا، وإدراكًا فرديًّا، وانفعالًا خاصًّا- فإنه يقارب الحالة الإنسانيَّة في صورتها العامَّة بوصفه إرثًا إنسانيًّا يُبنى – في أساسه – على التوثيقات الفرديَّة لتجارب الحياة، وعلى صوت واحد يختزل تجربة جمعيَّة متكرِّرة.
وتكرارات التجارب لا تعني نفاد ممكنها من الإبداع؛ لأنَّ الأدب يرسِّخ الفردي المتميِّز في التجربة الجمعيَّة العامَّة عبر مصدرين لا ينفدان هما: التأمُّل، واللغة الخاصَّة.
ولذلك فإنَّنا سنلحظ القيم العامَّة للوجود الإنساني، والأفكار المشتركة حاضرة في كلِّ أدب؛ ولكنها ستكون صوتًا خاصًّا يُبنى وفق ظروف الإبداع وحالات المبدع، بل وإمكانات القراءة عند المتلقي.
في كتابه عن سيرة الكاتب المسرحي الأمريكي (يوجين أونيل) ينقل (باريت كلارك) عن (أونيل) قوله: «وربما استطعت أن أشرح لك طبيعة مشاعري حول القوى المبهمة الملزمة التي تتحرك من خلف الحياة والتي أطمح في أن أعكس لها ظلًّا على مسرحيَّاتي».
في قول (أونيل) سنجد المستند الأساس للأدب: (الاكتشاف)، أو الرؤية المزدوجة التي لا تقف عند ظاهر الحياة، بل تنفذ إلى عمقها: إلى (القوى المبهمة)، ويمكن أن تكون هذه القوى هي أقرب ما يمكن منَّا غير أنَّنا نحتاج إلى من يساعدنا كي نراها؛ فلا عجب إذن إن كانت كلمة (المسرح) في أصلها تتعلَّق بمعنى (الرؤية): خلق ما يستحق أن يُرى، أو ما يكون قيِّمًا إلى حدِّ أن (تسرح) فيه العين/عين التأمُّل المفتوحة حتى آخرها.
الكتابة حالة تُعلِّم الانتباه، وتمنح طاقة لاستبقاء مخزون الدهشة في الأشياء على الرغم من تكرار حضورها، في كلِّ لوحة أدبيَّة سنجد تشكيلات حياتيَّة مُعادًا إنتاجها لتبقى. وجزءٌ من قيمة بقائها تحقيق ما فيها من أمثولات قيميَّة، وسِدَادات روحيَّة للثغور التي يخلِّفها واقعٍ قاس، وصعوباتٌ مهشِّمة مؤذية.
في المنتَج المسرحيِّ: في حالتيه النصِّية أو الممثَّلة على الخشبة ثمة جهدٌ مبذول للتخلُّص من إسار فكرة الخَصوصيَّة والنخبويَّة نحو فضاء التلقي الجماهيري الواسع؛ كي تتحقَّق قيمته فنًّا مستحقًّا ل(الأبوة الفنيَّة) على مستوى عامٍ مدركٍ لفضيلة الحياة الممشهدة بعد تقصٍّ، ونزع للغلالات الحاجبة عن الرؤية: الرؤية المتشاركة في حالة الجماعة التي تطالع الشيء عينه بتقصُّد الاكتشاف، هناك حيث يكون هؤلاء الجالسون أيضًا أمثولة أخرى، بكلِّ الهسهسات والهمهمات والتساؤلات والضحكات: عالم حقيقي يرى عالمًا متخيَّلا (مكذوبًا) يُفيض على مخزون الإنسانيَّة من القيم والحقائق.
في الأدب تتحقَّق رؤية الحياة في شكلها الفنِّي المعاد تشكيلُه على نحو يجعلنا مبتهجين بالصورة التي لا يَسمح لنا الواقع برؤيتها، وفي الحالة الأعمق سنكون مؤمنين ومتبنِّين للقيمة المرويَّة في حالة جماليَّة. في المسرح فضيلة إضافية؛ إذ سيظهر الأدب في حالته الحيَّة المجسَّدة: اللقاء بالروح في حالة عملها بقوَّتي: (الجسد واللغة)، وهذه الحالة وهجٌ حيٌّ ومتخلِّق بشكلٍ مستمرٍّ يمكن أن يكون صانعًا لسلسلة من التغيُّرات الصالحة.
في المخيال الأدبي يُسمح لنا ألاَّ نكون نحن (على نحو فنِّي)، سنغادر أسوارَ الذات وحدودَها لاكتشاف (آخر) لم تَسمح باكتشافه معوِّقات واقعيَّة، وهكذا يغدو (التشخيص) مطلًّا فنيًّا وجسرَ التقاء وأداةَ كشف. وهكذا يبدو الأداء الفنِّي – بحريِّته وتنوُّعه – مصلًا مضادًّا للكراهيَّة، ومخفِّفًا من قلق الاختلاف، يحدث هذا النجاح فقط حين تغادر الفكرة خشبتها، و(تسرح) في فضاء متَّسع هو الحياة التي جاءت منه، وتتوغَّل في أفراده المستهدَفين.
اخترع الإنسان الفنون ليحارب عجزه أمام قوَّتي الزمان والمكان. يمكن لنصٍّ حقيقي أن يحقِّق الأبديَّة وأن يكتنز اللحظات الفانية مكرَّسة في شكل قيم وتأمُّلات قائمة على الرؤية والاستبصار: لكشف العمق البعيد الذي يُدرَك في حالة الانتباه القصوى للشعور والحدس، أمَّا أن تنتقل عدوى هذا الاستبصار إلينا نحن – القرَّاء/المشاهدين – فهذا هو أجلُّ فضائل الفنِّ: ألَّا يبقى أسير الصفحة أو الخشبة أو الإطار!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.