انعقاد القمة الخليجية الأمريكية في الرياض    ولي العهد والرئيس الأمريكي والرئيس السوري يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سوريا    أمير منطقة الجوف يتسلّم التقرير السنوي لجهود فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة    ولي العهد: شراكة خليجية-أمريكية من أجل السلام والازدهار.. وفلسطين في صدارة الأولويات    رئيس البرلمان العربي يرحب بقرار الرئيس الأمريكي رفع العقوبات على سوريا ويثمن دور المملكة    زلزال بقوة 6 درجات يضرب ولاية موغلا غربي تركيا    شراكة استراتيجية بين مجموعة stc وأوراكل تدعم التحول الرقمي في المملكة باتفاقية سحابية بقيمة 2 مليار ريال سعودي    "البريك" تهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    ويندام ولو بارك كونكورد تطلقان مشروع فندق100 "سوبر 8" في المملكة ضمن شراكة تمتد لعقد كامل    السعودية للكهرباء تسجل نمواً قوياً في الإيرادات بنسبة 23% لتصل 19.5 مليار ريال في الربع الأول من عام 2025    بلدية صبيا والجمعيات الأهلية تثري فعاليات مهرجان المانجو بمشاركة مجتمعية مميزة    ترامب وعد وأوفى وستبقى السعودية الوجهة الأولى    سيادة الرئيس ترامب.. أهلاً بك رئيساً لأمريكا العظيمة في السعودية العظيمة    ترامب يحل ضيفًا على رؤيتنا.. والرياض تحتفي به    السعودية للشحن الناقل اللوجستي الرسمي لمنتدى الأعمال السعودي الصيني 2025    الأمير عبدالعزيز بن سعد يرعى تخريج أكثر من (8400) طالب وطالبة بجامعة حائل    انخفاض أسعار الذهب    وسام المواطن الأول.. بمرتبة الشَّرف الأولى    أكد أنه رفع العقوبات عن سوريا بناء على طلبه.. ترمب: محمد بن سلمان رجل عظيم والأقوى من بين حلفائنا    السعودية موطن موثوق وقبلة للسلام العالمي    بداية إعادة رسم الخريطة الأمنية.. طرابلس تحت النار.. تفكيك مراكز النفوذ    مجلس الأعمال السعودي الأمريكي: زيارة الرئيس ترمب محطة مهمة في الشراكة الإستراتيجية    الاتحاد يسعى لحسم لقب"روشن" في بريدة    فناربخشة يعرض مبادلة النصيري ب» ميتروفيتش»    رائد التحدي سيعود من جديد    المعلّم والتربية الشعبية    "إهمال المظهر" يثير التنمر في مدارس بريطانيا    ضبط 3 وافدين لارتكابهم عمليات نصب لحملات الحج    سمو ولي العهد يصطحب الرئيس الأمريكي في جولة بحي الطريف التاريخي في الدرعية    "واحة الإعلام" تختتم يومها الأول بتفاعل واسع وحضور دولي لافت    حسين نجار.. صوت إذاعي من الزمن الجميل    الكوادر النسائية السعودية.. كفاءات في خدمة ضيوف الرحمن    أمير الشرقية يطلع على إنجازات وزارة الموارد في المنطقة    بمشاركة دولية واسعة من خبراء ومتخصصين في القطاع الصحي.. السعودية رائد عالمي في الطب الاتصالي والرعاية الافتراضية    "مؤتمر علمي" لترسيخ الابتكار في السعودية الاثنين المقبل    رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادًا لموسم حج (1446ه)    «مبادرة طريق مكة».. تأصيل لخدمة ضيوف الرحمن    الجوازات تكثف جهودها لاستقبال الحجاج    أمير الرياض يستقبل سفير موريتانيا ومدير السجون    الصندوق الكشفي العالمي يثمّن دعم المملكة    حرس الحدود بمنطقة مكة المكرمة ينقذ (4) أشخاص بعد جنوح واسطتهم البحرية    المرأة السعودية.. جهود حثيثة لخدمة ضيوف الرحمن    أمير نجران يستعرض تقرير نتائج دراسة الميز التنافسية    تخريج 3128 خريجاً من الجامعة الإسلامية برعاية أمير المدينة    الأمير فهد بن سعد يرعى اليوم حفل جائزة «سعد العثمان» السنوية للتفوق العلمي في الدرعية    مجموعة الدكتور سليمان الحبيب الطبية تُدشّن أول نظام روبوتي مختبري من نوعه «AuxQ»    برشلونة أمام فرصتين لحسم لقب ال «لاليغا»    بندر بن مقرن يشكر القيادة بمناسبة تعيينه مستشارًا بالديوان الملكي بالمرتبة الممتازة    النصر يعادل الرقم القياسي في لقاء الأخدود    الأمير حسام بن سعود يرعى حفل تخريج 4700 طالب وطالبة من جامعة الباحة    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران في زيارة لمدير عام التعليم بمنطقة نجران    إنفانتينو: السعودية ستنظم نسخة تاريخية من كأس العالم 2034    ملك البحرين يصل إلى الرياض وفي مقدمة مستقبليه نائب أمير المنطقة    رئيس جمعية الكشافة يكرِّم شركة دواجن الوطنية لدعمها معسكرات الخدمة العامة    قطاع ومستشفى المجاردة الصحي يُنظّم فعالية "اليوم العالمي لنظافة الأيدي" و "الصحة المهنية"    انطلاق منافسات "آيسف 2025" في أمريكا بمشاركة 40 طالبًا من السعودية    أطفالنا.. لسان الحال وحال اللسان    100 مبادرة إثرائية توعوية بالمسجد النبوي.. 5 مسارات ذكية لتعزيز التجربة الرقمية لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم العالمي للحياة الفطرية 2018م الخدمات البيئية المجانية للقطط الكبيرة
النمر العربي داخل برنامج التكاثر بمركز الأمير سعود الفيصل للحياة الفطرية بالطائف
نشر في الجزيرة يوم 20 - 03 - 2018

إعداد وتصوير د. محمد بن يسلم شبراق / تصوير - مركز الأمير سعود الفيصل للحياة الفطرية
يحتفل العالم في الثالث من شهر مارس من كل عام باليوم العالمي للحياة الفطرية، وقد اختير هذا التاريخ في ديسمبر 2013م من قبل الجمعية العمومية لمنظمة الأمم المتحدة خلال اجتماعها رقم 68، ليكون اليوم العالمي للحياة الفطرية، ويرجع اختيار هذا اليوم لأنه تم فيه توقيع اتفاقية التجارة الدولية بالأنواع المهددة بالانقراض من الحيوانات والنباتات البرية والمعروفة باتفاقية «سايتيس 1CITES»، واختيرت سكرتارية الاتفاقية لسايتس لإدارة هذه الفعالية مع الدول الأعضاء بالاتفاقية.
ويهدف هذا الاحتفال بهذا اليوم، لنشر الوعي للحفاظ على الحياة الفطرية وموائلها (بيئاتها)، وفي كل عام يتم اختيار شعار لهذا العام (2018م) «القطط الكبيرة تحت التهديد»، وذلك لما تواجهه القطط الكبيرة من تدهور في أعدادها وموائلها فالببر (Tiger) تناقصت أعدادها بنسبة تصل إلى 96 % خلال القرن الماضي، كما انقرضت ثلاث من تسع سلالات (تحت نوع) عرفها علماء التصنيف، كما أن الأسود (Lion) تناقصت بشكل ملفت قدرها العلماء بحوالي 40 % خلال الثلاثة الأجيال الماضية، وليست الفهود (Cheetah) بأوفر حظاً من الأسود فقد تناقصت أعدادها واختفت من مناطق بإفريقيا وانحسر تواجدها في 10 % من مناطق انتشارها في إفريقيا وآسيا، وفي الجزيرة العربية انقرض الفهد في بدايات النصف الأول من القرن الماضي ولم يتبق منه إلا صورة نادرة لأنثى وصغيرها صيدت شمال المملكة. وأخيراً النمور (Leopard) التي اختفت من 40 % من مناطق انتشاره بإفريقيا، و50 % من مناطقه بآسيا وذلك خلال العشرين سنة الماضية، والنمر العربي بالجزيرة العربية يعتبر من أكثر مجموعات النمور تناقصاً، ويقدر العلماء بأن أعداد النمور العربية بالجزيرة العربية تصل إلى 200 نمر فقط، مما يجعلها من أكثر أنواع الحيوانات المهددة بالانقراض بالمملكة العربية السعودية.
ولمشاركة العالم في هذه الاحتفالية أحببت أن أستعرض في عجالة دور القطط الكبيرة في النظام البيئي، والخدمات البيئية المجانية التي تقوم بها هذه القطط، والتي ستكلف البشرية مبالغ كبيرة جدًا يصعب تعويضها من دولة أو حتى من دول عظمى مجتمعة، وهذا واضح من طريقة تعامل العالم مع القضايا البيئية في العقدين الماضيين، فأصبح العالم ينظر للبيئة والخدمات التي تقدمها ويجعلها محورًا أساسيًا في أخذها بالحسبان لاستدامة التنمية على الكرة الأرضية. فنجد أن الدول تخطت نظرة الحفاظ على منطقة محددة ليتعداها لينظر بشمولية للنظام البيئي بالعالم والأزمات التي تواجهها الأرض، فعلى سبيل المثال المعاهدة الإطارية للتغير المناخي ودورها في الحد من انبعاث الملوثاث الغازية كثاني أكسيد الكربون، وإلزام كل دولة بحصتها، كما أن اتفاقية التنوع الأحيائي تنظر للتنوع بالعالم وليس لمنطقة محددة، خاصة الأنواع المهددة بالانقراض وبيئاتها حول العالم، وهناك معاهدات ومذكرات تفاهم وقعتها المملكة تنظر بشمولية للبيئة وما تحويه وتقدمه من خدمات للبشرية، فهذه معاهدة المحافظة على الأنواع المهاجرة التي تنظر إلى مسار الهجرة لكل نوع وليس لموقع التعشيش أو أماكن التشتية ولكن ينظر إلى المسار بالكامل وهذا يتضمن حتى مناطق الراحة والتوقف والعبور مما يزيد من شمولية المواضيع البيئية، وهناك معاهدات دولية وعالمية تؤمن الدول التي وقعتها بقضية البيئة وأهمية ما تقدمه من خدمات مجانية للبشرية.
الخدمات المجانية للنظام البيئي
دخل مصطلح خدمات النظام البيئي (Ecosystem Services) دهاليز المعاهدات والمنظمات الدولية البيئية لإبراز القيمة الاقتصادية للنظام البيئي والتنوع الأحيائي وأهمية ذلك للحفاظ على استدامة المصادر الطبيعية من الاستنزاف نتيجة دوران عجلة التنمية السريع، وقبل أن أستعرض بعض الخدمات التي يقدمها النظام البيئي أود الإشارة إلى هذا الموضوع من المواضيع الجديدة الذي ما زال يحبو بين صفحات المجلات العلمية ويحتاج لعمل الكثير خاصة في الوطن العربي والدول النامية حول العالم، كما أن تفسير أهمية نوع وأسباب تواجده ودوره في البيئة ربما يصعب على الباحثين الوصول إلى جزم بهذه وبتلك الأهمية، ونحن كمسلمين نعلم أن الله خلق الأرض وما عليها من مخلوقات حية وغير حية في ميزان ودقة عجيبة، ليسهل على بني آدم والمخلوقات الأخرى العيش عليها، وأمن الله له ولكل مخلوق عليها احتياجه يقول الله تعالى (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ) ومع اكتشاف العلم العديد من أسرار الحياة عليها إلا أن ذلك لا يمثل إلا قطرة في محيط يقول الله سبحانة وتعالى (وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا)، فقد يعطي العلماء تفسيراً أو قيمة لنوع معين أو لنظام بيئي قد يكون فيه الصواب لكنها ليس كل الحقيقة، ويمكن شرح ذلك بالنظر إلى البترول، فالعلم أثبت أنها كائنات دقيقة انضمرت لملايين السنين تحت الأرض ولم ينظر على أهميتها اقتصادياً وسياسياً إلا في الوقت الحديث، فهل حِكمة خلق هذه المخلوقات من ملايين السنين حتى يتصارع عليها العالم في وقتنا الحاضر؟
إن معرفة خدمات البيئة للنظام البيئي والتنوع الأحيائي ربما يكون محور النقاش والتوجه للعاملين في مجال المحافظة على التنوع الأحيائي لإقناع صناع القرار للحفاظ على البيئة.
ويسأل توني جونبير في كتابه «ماذا قدمت البيئة لنا» حيث سأل الكاتب هل الاقتصاد يملك البيئة؟ فالإنسان يتوسع في التطوير ويقضي على البيئات الساحلية والغابات ليرفع من الاقتصاد والدخل وكأن الاقتصاد يملك البيئة، ولكن بعد استعراضه لعدد من الدراسات من أهمها دراسة تشير إلى ما تقدمه البيئة السليمة وما بها من أنظمة بيئية ومكوناتها الحية من نباتات وحيوانات من خدمات للبشرية، حيث أشار إلى أنه من خلال تحليل حسابي لحوالي 17 نظاماً بيئياً منتشرًا في 16 من الأقاليم الأحيائية بالعالم بحوالي 33 تريليون دولار (Costanza et al. 1997).
وهناك دراسة حديثة نشرت في مجلة ساينس Science بأن قيمة الخدمات التي يقدمها النظام البيئي تتراوح بين 40-60 تريليون دولار سنوياً، فمكونات النظام البيئي تقوم بتنظيم المناخ وتخصيب التربة، وتلقيح المحاصيل وتنقية المياه ناهيك عما تقدمه الحيوانات والطيور من خدمات يمكن أن تكلف مبالغ كبيرة لتعويضها. فمثلاً تقوم الحشرات والطيور والثدييات تقوم بتلقيح الزهور، وأن 80 % من النباتات تحتاج لنوع مختلف لتلقيح زهورها، ويقدر العلماء أن قيمة تلقيح الزهور تصل إلى 216 بليون دولار في السنة (وهذا لا يشمل مناطق المراعي للماشية والنباتات البرية). كذلك هناك أنواع من الكائنات تقوم بنقل البذور للنباتات، كما أن معظم الأدوية لعلاج الأمراض مصدرها أحد عناصر التنوع الأحيائي (وللعلم فإن 1 % من الأنواع النباتية تم التعرف على أهميتها العلاجية). ولا أود أن أمر على هذا الموضوع ولا نتحدث عن البيئات البحرية فمثلاً الشعاب المرجانية وأهميتها في النظام البحري، فقد قدرت دراسة علمية أن قيمة الشعاب المرجانية في جزر هاواي حوالي 33 بليون دولار. إن الحقيقة التي أظهرها العلماء من خلال الدراسات والأبحاث تشير بأن الاقتصاد هو منتج ومِلْك للبيئة، فمتى حافظنا على البيئة حافظنا على استدامة الاقتصاد لسنين عديدة، وحديثاً بدأت الحكومات والمنظمات البيئية تهتم بالتعرف على القيمة الاقتصادية للنظام البيئي بشكل عام والتنوع الأحيائي بشكل الخاص، وذلك في تحديد قيمة التعويضات التي تحصلها من الشركات التي تقوم بعمليات تؤدي إلى تخريب البيئة، ولا يخفى عنا حجم التعويضات التي حصلت عليها دول الخليج نتيجة التخريب البيئي خلال حرب خليج.
دور القطط الكبيرة في النظام البيئي بالبيئة
بالرغم قلة الدراسات العلمية التي تشير لأهمية القطط الكبيرة بالنظام البيئي، إلا أن ما نشر عنها يشير إلى أهمية القطط الكبيرة بالنظام البيئي، فهناك دراسة على حيوان الجوكر (الأسد الجبلي الأمريكي) أن له دوراً في انتشار النباتات وتوزيعها، كذلك له تأثير على أعداد مجموعات الحيوانات العشبية فيما يعرفه العلماء بنظرية التعاقب الغذائي (Trophic Cascade)، ولشرح ذلك فالجوكر يتغذى بشكل كبير على نوع من الحمام يعرف الحمام الأذيني (Eared Dove)، وهذا الحمام يتركز غذاؤه على البذور، التي تتجمع بكمية كبيرة داخل القانصة، لكن بعد عملية الهضم فإن معظم البذور تهضم ولا يخرج مع البراز أية بذور وعليه فإنه لا يمكن لهذه الطيور نقل بذور النباتات، لكن عندما يتغذى الجوكر على هذا النوع من الحمام فإنه يخرج البذور مع برازه جاهزة للإنبات، كما أشارت نفس الدراسة بأن هذا الحمام يتحرك 117كم والجوكر يتحرك 10كم، وهذا يعني قيام الحمام يجلب البذور من مواقع بعيدة وعندما يتغذى عليها الجوكر يقوم بنشرها في مناطق مختلفة، وحسب دراسة حديثة قامت بجمع حوالي 123 عينة من براز للجوكر، وبعد تحليل هذه العينات وجد أنها جميعها تحوي بقايات للحمام الأذيني، كما وجود أكثر من 19.500 بذرة لثلاثة أنواع من النباتات.
أما فيما يخص تحكم حيوان الجوكر الأمريكي بأعداد الحيوانات العشبية، فقد بينت دراسة أنه بسبب ارتفاع عدد الزوار بمنتزه زايون الوطني أدى إلى نقص في أعداد الجوكر وهذا بدوره أدى إلى زيادة في عدد غزال الميول الذي بدوره أيضًا أدى إلى تأثر مجموعة من النباتات نتيجة الرعي الجائر الناتج من زيادة أعداد غزال الميول.
ومن الدراسات الأخرى التي تنظر لأهمية القطط الكبيرة، دراسة عملت على الببر (Tiger) بالهند، فقد تم اختيار ست محميات من خمسين محمية للببر تختلف في طبيعة طبوغرافيتها، وحددت لكل منها الخدمات للنظم البيئية بها ذات الصلة بالمحمية، وقد بلغت عدد خدمات النظم البيئة 25 التي تمثل جميع الفئات الأربع لتقييم الألفية للنظم البيئية مثل: الزراعة، وخشب الوقود، والعلف، والمياه، وتخزين الكربون، ودورة المغذيات، والتلقيح، والترفيه وما إلى ذلك.
وعليه فقد أشارت النتائج التي توصلوا إليها إلى أن فوائد محميات الببر من خلال السياحة البيئية تتراوح بين 128 مليون دولار أمريكي و271 مليون دولار أمريكي، وتزيد قيمتها بعد إضافة قيمة الموجودات والخدمات التي تقدمها من أشجار وتنوع أحيائي, رفعت قيمة هذه المحميات لتتراوح قيمة الخدمات التي تقدمها تتراوح حسب مساحتها بين 344 مليون دولار و 10.08 مليار دولار، كما أشاروا بأنه بالرغم هذه القيمة للمحميات فإنه للأسف كثيرًا من هذه الفوائد لا تلقى الاهتمام وعدم استيعاب هذه الأهمية على المستوى المحلي مقارنة بالمستوى العالمي، وعليه فإن نسبة كبيرة من هذه الفوائد غير ملموسة وليس لها قيمة اقتصادية ملموسة، وهذا هو السبب في تجاهل الكثيرين من الاقتصاديين للبيئة عند حساب الجدوى الاقتصادية للمشاريع التنموية.
النمر العربي ودوامة الانقراض
يعتبر النمر العربي النوع الوحيد بالجزيرة العربية المندرج تحت مجموعة القطط الكبيرة بعد انقراض الفهد والأسد منها، فبينما انقرض الأول (الفهد) في النصف الأول من القرن الماضي انقرض الأسد قبل أكثر من خمسمائة سنة في منطقة بين دجلة والفرات، ولم يبق من هذه القطط الكبيرة سوى النمر العربي، الذي يقطن المناطق الجبلية من فلسطين شمالاً والمملكة العربية السعودية (جبال السروات والحجاز وعسير)، وجبال اليمن وعمان والجبال بين عمان والإمارات العربية المتحدة.
وقد تناقصت أعدادها بشكل كبير جدًا حيث قدرت مؤخرًا بأن هناك 200 فردٍ، وهذا العدد يعتبر قليلاً جدًا على مساحة انتشاره ربما سيدخله دوامة الانقراض التي يصعب بعدها إعادته مره أخرى كما أن خسارة النمر العربي ربما لونظرنا لها من الناحية الاقتصادية لعلمنا ما نخسره يومياً في غياب وجود النمر العربي، وأكبر مثال قرود البابون التي تعتبر أحد الفرائس المهمة للنمر العربي، والتي تكلف المزارعين وأصحاب البيوت والمرافق العامة مبالغ طائلة.
كما لم يسلم منها جنودنا بالثغور وحتى في القواعد العسكرية، فمع انخفاض أعداد النمور زادت القرود حتى أصبحنا نراها في مناطق بعيدة عن مناطق انتشارها الحقيقي على جبال عسير والحجاز، قد يكون لوجود النفايات ووفرة الغذاء لها ساهم في زيادتها، لكن ما يحدت من قتل للنمور من خلال التسميم القتل لاعتقادات واهية هي السبب الرئيس وراء انخفاض أعداد النمور العربية.
لذا فقد قامت مبادرات في عدد من الدول منها الإمارات وعمان والمملكة العربية السعودية في برامج حماية بالبرية وكذلك مشاريع إكثار تحت الأسر، ولقلة أعداد النمر العربي فقد كان للتعاون بين هذه الدول لتبادل الأفراد أهمية لتجديد الجينات بين مجموعات وليوسع دائرة الاهتمام لهذا النوع من القطط ويبتعد من دوامة الانقراض ليعود ليلعب دوره في البيئة مستقبلاً.
لقد أدت النشاطات البشرية في القرنين الماضيين من صيد جائر وتلوث وتسميم وتخريب للبيئات والتجارة بالحيوانات إلى اختفاء العديد من الأنواع ودخول بعضها لدوامة الانقراض. والقطط الكبيرة جميعها تعاني فقد تناقصت عددها واختفت من مناطق كثيرة على امتداد انتشارها.
ولأهمية موضوع التجارة غير الشرعية بالأنواع الفطرية التي تمثل 25 % من تجارة الكائنات الفطرية، أود الإشارة إلى أن من مخاطر التجارة بالكائنات الفطرية هي نقل الأمراض، التي يمكن أن تؤثر على الإنسان وحيواناته المستأنسة والتي يعتمد عليها في معيشته، بالإضافة إلى تأثيرها على التجارة العالمية، وعلى الأنواع المتوطنة (المحلية) وبالتالي تأثيرها على النظام البيئي.
وتشير الدراسات بأن خسائر التجارة غير الشرعية بالحيوانات الفطرية إلى بلايين الدولارات، وفي عام 1990م قدرت الخسائر من نقل الحيوانات المستأنسة حوالي 80 بليون دولار، كما أنها أدت إلى انتشار أنواع دخيلة (غازية) لها تأثير على التنوع الأحيائي بشكل عام والإنسان بشكل خاص. وعليه فإن البشرية جميعها مسؤولة عن هذا التناقص والخسارة التي يمكن أن تتكبده الأجيال القادمة نتيجة لفقد التنوع الأحيائي بشكل عام والقطط الكبيرة بشكل خاص. كما أن المحافظة على هذا التنوع هو جزء من دور خلافة الإنسان على الأرض يقول الله سبحانه وتعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ).
* * *
معاهدة التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض الحيوانية والنباتية البرية (سايتس)
أقرت هذه المعاهدة في عام 1973م ودخلت حيز التنفيذ في 1975م، بلغ عدد الدول الموقعة على المعاهدة 183 دولة وذلك حتى نهاية عام 2016، وقد وقعت المملكة على المعاهدة عام 1996م، وتهدف المعاهدة إلى حماية الأنواع المهددة بالانقراض من التأثيرات الضارة المترتبة على التجارة الدولية، فتحظر التجارة في الأنواع الواردة بالملحق (1)، وذلك نظراً لوضعها الراهن باعتبارها مهددة بالانقراض، بينما تلك الأنواع الواردة بالملحق (2) يسمح لها بدخول التجارة الدولية فقط في أحوال محددة يخضع للسيطرة.
** **
- مستشار متفرغ بالهيئة السعودية للحياة الفطرية وأستاذ البيئة الحيوانية والحياة الفطرية بجامعة الطائف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.