ردت وسائل الإعلام القطرية بعنف على كل الصحف والقنوات الفضائية والوسائل الإعلامية الأخرى التي انتقدت التصريحات التي نُسبت إلى سمو الأمير تميم بن حمد، والتي آثرت ألا تصدق حكاية أن موقع وكالة الأنباء القطرية قد تم اختطافه من قبل مجهولين، أو رفضت أن تقبل النفي الرسمي، أو قالت إنها تعبير عن محاولة فاشلة للالتفاف على الفضيحة. ثمة ما يمكن البدء به. هو أن يأخذ الساعون إلى الخير بالخير وحده. وأن يقبلوا النفي، على أنه نفي رسمي صحيح، وأن ما نُسب إلى سمو الأمير تميم لم يسمع به أحد قبل أن تنقله الوكالة القطرية، وأنه فقط من اختراع أولئك الذين اخترقوا الموقع، لكي «يشوهوا» الحقيقة. ولكن ما هي الحقيقة؟ طبعا يمكن القول إن الهجوم العنيف المضاد، قد يعني بحد ذاته ما يعني. ولكن دعونا نصدق، أن النفي نفيٌ، وأن الحقيقة يمكن أن تظهر. ولكي تنجلي الحقيقة فهناك بعض الأسئلة التي يحسن بالوكالة الرسمية القطرية أن تقدم للأمة العربية فيها رأيا رسميا، طالما أنها عادت بسلام من أيدي الخاطفين. والأسئلة هي: هل حركة حماس هي «الممثل الشرعي للفلسطينيين»؟ هل حزب الله في لبنان تنظيم مقاومة أم أنه تنظيم إرهابي؟ هل تمثل «العلاقات القوية» مع إسرائيل اعترافا ضمنيا أو غير مباشر بإسرائيل يستبق الحلول الواجب التوصل إليها لتسوية الأزمة؟ كيف تصف الوكالة الرسمية القطرية أي علاقة قوية بإسرائيل؟ هل تنظيم الإخوان المسلمين هو تنظيم «معتدل»، أم أنه تنظيم إرهابي؟ هل تلعب إيران دورا إيجابيا في المنطقة؟ وهل تعمل على حفظ الاستقرار فيها؟ وأين؟ هل العلاقة القطرية بالولايات المتحدة رهن بالصعوبات والتحقيقات الجنائية التي يمكن أن يواجهها الرئيس دونالد ترامب؟ هل صفقات الأسلحة التي عقدتها دول الخليج تعزز أمن المنطقة حيال التهديدات التي تتعرض لها أم لا؟ وبالمعنى الحسابي.. هل استثمرت قطر في التنمية ومكافحة الفقر أكثر مما استثمر غيرها من دول الخليج أم أقل؟ وهل علاقات التعاون الخليجية الأمريكية وصفقات الاستثمار التي تجاوزت بكثير حجم صفقات الأسلحة تشكل مسعى لترسيخ التحالف التاريخي والاستراتيجي الخليجي الأمريكي أم لا؟ هذا بعض ما يمكن طرحه من الأسئلة التي تتطلب أجوبة أخوية، وذلك طالما أن الاختراق اختراق، وأن النفي صحيح. ثمة شيء مهم يتعين أخذه بعين الاعتبار. هو أن تلك الأسئلة لا تتطلب جوابا فحسب، لا يلف ولا يدور حول وجهة النظر الحقيقية، ولا يلقي عليها المزيد من الغبار. فلكي يكون صادقا فانه يتعين أن يقترن بالأفعال. فلو عدنا، على سبيل المثال، إلى القول إن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأن السلطة الفلسطينية هي صاحبة هذا التمثيل، وأن حركة حماس ليست سوى فصيل من الفصائل الفلسطينية، فإن الأدلة على هذا الموقف يتعين أن تظهر جلية للجميع. ولو قلنا إن تنظيم «الإخوان المسلمين» هو بالفعل، كما توافق القادة الخليجيون، تنظيم إرهابي، وإنه لا يمثل الاعتدال في شيء، فإن السلوك العملي حيال هذا التنظيم، وكل تنظيم إرهابي آخر، يتعين أن يظهر جليا للجميع أيضا. لقد بلغ عنف الردود على مشاعر الصدمة أنها قالت ما لا يمكن تكراره. ولكي لا يكون ذلك، بحد ذاته، محاولة أخرى لاختطاف الحقيقة، فإن وضع الأجوبة أمام المصدومين ربما كان السبيل الوحيد لتجاوز مشاعر الصدمة.