ترمب يتعهد بخفض الرسوم عن الدول التي تفتح أسواقها أمام منتجات بلاده    الذكاء الاصطناعي في صيف 2025    بكين تحتج على عقوبات أوروبية تستهدف موسكو    (إسرائيل) تلوح بتجديد الحملة على إيران    الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية يختتم النسخة الثانية من الدوري الخليجي    في الشباك    فريق لجنة التنسيق الآسيوي يصل الرياض    أخضر الطائرة إلى الدور نصف النهائي بعد تغلّبه على الأردن    السينما السعودية.. بين الهوية وعالمية الإنتاج    عسير.. حين يتحوّل الفن إلى تراث حي    "أدير إنترناشونال" تتحالف مع "باراجون" لإطلاق مشروع عمراني متكامل في "مستقبل سيتي" باستثمارات تتجاوز 70 مليار جنيه    أمير جازان ونائبه يتفقدان مشروعات فيفاء    هيئة مدينة مكة تُطلق أعمال المسح الاجتماعي الاقتصادي    سعود بن نايف: رياضة الفروسية قيمة تاريخية وتراثية في المجتمع السعودي    القبض على إثيوبي في عسير لتهريبه (66) كجم "حشيش"    جمعية "واثق" بتبوك تحتفي بتخريج الدفعة العاشرة من برنامج "منزل منتصف الطريق"    53 مستفيدا من الأحوال المتنقلة بجمعية العوامية    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: إسرائيل دمرت قطاع غزة بالكامل    الجبل الأسود بجازان.. معانقة السماء    420 موهوبًا وموهوبة يختتمون الرحلة الإثرائية بجازان    تتحدث عن شرح حديث " إنما الأعمال بالنيات " محاضرة تنفذها إسلامية جازان غداً بالمسارحة والحُرّث    قصور طينية وهوية بيئية    155 ألف مستفيد من خدمات مستشفى ينبع    وفد سعودي رفيع المستوى يزور سوريا لتعزيز العلاقات الاقتصادية    جراحة للجميعة بمعسكر الذئاب    ثلاثي الاتفاق ينضم إلى المعسكر التدريبي في البرتغال    وجاؤوا يركضون مهلا يا دعاة الضلالة    العدل: 524 ألف حكم خلال النصف الأول 2025    "بر الشرقية" تفتتح مكتبًا خدميًا جديدًا في بقيق لتعزيز الوصول المجتمعي ورفع كفاءة الخدمات    أمير جازان يتسلّم التقرير السنوي لفرع هيئة الهلال الأحمر    الطيران المدني تصدر تقرير التزام المطارات والناقلات الوطنية بأوقات الرحلات لشهر يونيو 2025م    مجسات ذكية لراحة مرضى السكري دون ألم    أسباب وعواقب إدمان الحلويات    لماذا غسل الدجاج غير مستحب    إطلاق كود"البنية التحتية" بمنطقة الرياض بعد 15 يوماً    ربط التعليم التقني باحتياجات السوق.. أمير المدينة: معامل ابتكارات الحرف نموذج للاستثمار في رأس المال البشري    أكد وجود انتهاكات جسيمة.. لجنة تقصي الحقائق تسلم تقريرها للرئيس السوري    رئيس الوزراء يدعو لتعزيز التواجد في عدن.. تحذير يمني من وجود المقرات الأممية بمناطق الحوثي    وزير الداخلية يلتقي منسوبي الوزارة المبتعثين في بريطانيا    منسوبات واعي يطلعن على مركز التراث وبيت الحرفيين بجازان    تصاعد الضغوط لإنجاز اتفاق وقف النار بغزة    سبعة آلاف طفلٍ في مركز ضيافة المسجد النبوي    حكمي.. قصة تحدٍ ملهمة في عالم التوحد وحفظ القرآن    دينية الحرمين توقع اتفاقية تعاون لبرامج نوعية    مفوض إفتاء جازان يستقبل منسوبي إدارة جمعية سقيا الماء    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة عبدالرحمن بن فرحان    أكد دعم سوريا لضمان أمنها واستقرارها.. مجلس الوزراء: السعودية تدعو لاتخاذ قرارات عملية أمام التعنت الإسرائيلي    "البيئة": تمديد مهلة رخص مياه الآبار لمدة عام    رغم إعلان تعاقده مع الروماني كونترا.. الخلود يتفق مع المدرب باكينغهام    "هلال مكة" يفعل مساراته الطبية الإسعافية القلبية والدماغية    نبض العُلا    أمير جازان ونائبه يتفقدان عددًا من المشروعات التنموية والسياحية بمحافظة فيفاء    الجامعة العربية تدعو المجتمع الدولي لكسر حصار غزة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل رئيس ووكلاء جامعة جازان    السعودية ترحب بمطالبة دولية لإنهاء حرب غزة    تقنية تحسن عمى الألوان    رئيس باكستان يمنح رئيس أركان القوات البحرية وسام "نيشان الامتياز" العسكري    أمير جازان يستقبل مدير فرع إدارة المجاهدين بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورحل أبي!
بسمة بنت عبدالرحمن الشدي
نشر في الجزيرة يوم 08 - 04 - 2013

مذ رحلتَ وأنا أحاول جمع قوى أبجديتي؛ علّني أكتب عنك.. وأفشل.. فحين يكون من نكتب عنه أعظم مما نملك من لغة.. لا نملك إلا أن نعتنق الصمت خشية أن ننبش ألماً لا يلتئم..
- حين يكون الحديث (أنت) تصبح المفردات غصة!
وكلما جاء ذكرك أتجنب - حرقة - كلمات الفقد (مات، توفي...)، وإن أجبرني السياق يتعثر بها لساني..!
ما يؤلمني أنني كلما حاولتُ تناسي حزني لغيابك أجدني أغرق «به» أكثر..
ما يؤلمني أنني في كل صورة تجمعنا أكاد أشعر بلمستك فيها..
وفي كل مكان لك أثر يفوح بك ذكراً، فكيف بي أن أسلى عن فقدك..؟!
كيف وذلك الشبه الكبير الذي أشعره بيننا، في اهتماماتنا بالشعر والكتب واللغات ووو..
يا الله، كم ترتبط بك تفاصيلي بعمق بات موجعاً..
كم أنت رجل استثنائي.. عظيم..!
تمطر كل من حولك بابتسامتك الجميلة التي لم تفارق محياك حتى في قمة مرضك..
زرعت فيّ حب الحياة والطبيعة والآخرين بغض النظر عن اختلافهم عنا..
علَّمتني كيف يمكننا بابتسامة صادقة وتواضع خلق أن نُفرح قلب مسكين عابر..
فهمت منك أن السعادة ليست غاية نصل إليها، بل حياة نعيشها ونحن نناضل من أجل قيمنا وأهدافنا..
كلما أتذكر أحاديثك التي لا تمل، والورود التي تمطرنا بها في كل حين، والقصائد التي تتجدد جمالاً كلما تغنيت بها بالرغم من حفظي لها عن ظهر حب..
كلما أتذكر كيف كنت حضناً يحتويني حباً وأمناً..
وكلما أتذكر آخر أيامك معنا، في قمة مرضك، كيف كان ذكر الله لا يفارق لسانك ساعة..
كلما أتذكر تفاصيل حياتك أتمنى لو كنت قد عشتها معك لحظة بلحظة..
أتمنى لو كنت مثلك تماماً..
أي رجل أنت.. بل أي وطن أنت يا أبي..!
لو كنت أعرف أنني حين رتبت حقيبة سفرك أنك ستعود جسداً بلا روح لخبأتني فيها!
رحيلك.. حدث كوني..!
أشعر بأن كل التفاصيل التي عشتها، وكل الأماكن التي مررت بها.. وكل نبتة صغيرة، وكل روح تتنفس.. تشاركني حزني لرحيلك..
من للمسجد الذي كنت تؤذن فيه، وتطيبه بأفخر العود..؟
من لتلك الخضرة التي كنت سقيا فرح لها قبل أن يكون الماء ريها..
من للمساكين الذين كنت تحرص على رسم الفرح في قلوبهم بهداياك..؟
من للمغتربين الذين كنت تعايدهم بحب حتى قبل أن تشاركنا عيدنا؟
من لكل أرض وطئتها قدماك؟
من لنا بعدك..! من لبنيتك بعدك..؟!!
أتعرف يا أبي..
في العين أرق يفضح حزني لغيابك.. وإن تكلفت الابتسام..
مذ رحلت والنوم يهرب مني حتى ساعات الصباح الأولى أرقاً، ولا أستكين حتى أتنفس ملامحك وصوتك ورائحتك التي لا تزال في كل هدية منك!
مذ رحلت وشيء كبير فيّ انكسر.. كم هو الفقد مؤلم!
مذ رحلت وأنا أمر من غرفتك ومن عمق حزني أكاد أسمع صوتك فيها..!
أفتقدك أكثر من قدرتي على احتمال غيابك يا أبي..!
(يعز عليّ حين أدير عيني أفتش في مكانك لا أراك)
ولكن عزائي..
إيماني بأننا ما نحن على هذه الأرض إلا ضيوف عابرون..
كثير هم الذين عبروا من هنا ورحلوا نسياً منسياً..
وقليل من عبروا وتركوا أثراً طيباً أنبت من الشجر أنفعه؛ فلا يمر به جائع إلا وشبع من ثمره، ولا مستظل إلا وتفيأ كرمه وحنوه..
كثير من مروا على الأرض ودمروها، أو وكأنهم لم يمروا،
وقليل هم الذين عمروها كرماً وطيباً..
وأنت أندرهم يا أبي..
فمشاهد الصلاة عليك وذلك الجمع الغفير من البشر الذي فاض به الجامع.. بشر لا أعرف كيف ملكت قلوبهم للحد الذي تفيض أعينهم من الدمع حزناً عليك، وتسمو قلوبهم بدعوات لك..
لم تترك فقيراً أو غنياً، صغيراً أو كبيراً، عربياً أو أعجمياً إلا وتركت في ذاكرته طيب الذكر والأثر.
والذين رافقوك ألماً ودمعاً حتى دفنك..
عرفت حينها أنني كنت أعرف جزءاً يسيراً من طيبك..
لست يتيمة يا أبي..
فاليتم ليس بفقد الوالدين.. بل بفقد رضاهما وبرهما فوق الأرض كانا أو فيها..
رحلت وقلبك عني راض، وسأعمل ما حييت على برك حتى بعد رحيلك..
- حريملاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.