انعقاد المؤتمر الصحفي الحكومي.. اليوم    مدرب نابولي: بلغنا النهائي بجدارة واستحقاق    خطط «الصحة» على طاولة أمير القصيم    الأسهم الأوروبية تحقق مكاسب أسبوعية وسط آمال خفض «الفائدة» ودعم البنوك    وزير الموارد البشرية يدشن «الغرف الإبداعية» في الجهات الحكومية    تنوع بيولوجي في محمية الملك سلمان    الأخضر خرج خالي الوفاض    شراكة نوعية لتعزيز الخدمات الصحية والمجتمعية في الباحة    سحب 5.5 ملايين متر مكعب من مياه الأمطار في الشرقية    روضة مهنا بالقصيم.. لوحة ربيعية    «الشؤون الإسلامية» في عسير تنفذ 30 ألف جولة رقابية    انطلاق تصفيات مسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن في جازان    الربيعة وسفير المملكة بالبوسنة يناقشان الموضوعات الإنسانية    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. سمو وزير الدفاع يُقلِّد قائد الجيش الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. وزير الدفاع يقلد قائد الجيش الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    في أولى جولات كأس أمم أفريقيا 2025.. مصر تواجه زيمبابوي.. ومالي تصطدم بزامبيا    «الآسيوي» يعتزم إطلاق «دوري الأمم»    في ظل دعم ولي العهد المتواصل ل«سدايا».. السعودية الأولى إقليمياً بمؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي    بناء القدرات وتبني الابتكار وتعزيز الشفافية.. السعودية تتقدم في مؤشر أداء الأجهزة الإحصائية    أمير نجران يستعرض فرص الاستثمار    هيئة «الشورى» تحيل تقارير جامعات لجلسة المجلس    جهود أمين جدة وسرعة الإنجاز لشبكة تصريف الأمطار    أين يبدأ التنمر الوظيفي وأين ينتهي؟    معرض جدة للكتاب 2025 يختتم فعالياته    القراءة.. الصديق الذي لا يخذل    من هن النسويات؟    تصريحات متطرفة بشأن لبنان.. توغل إسرائيلي جديد في الجنوب السوري    وسط تحذيرات أممية من التوسع القياسي.. 19 مستوطنة إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية    انطلاق تصفيات مسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن بجازان    1% انخفاض ودائع البنوك السعودية    9 طلبات توصيل كل ثانية عبر التطبيقات    دوري يلو 12.. العلا والدرعية يهددان صدارة أبها    المحسن يكتب.. وَهَبهم البطولة والإنتصار .. بأهدافه وتخطيطه المكّار    الانفصال.. خيار مستحيل جيوسياسيًا في اليمن    اليمن.. صراع النُخب مزّق الوطن    طربيات «موسم الخبر» تبرز فن تركي عبدالعزيز    أنغام تودع عاماً وتستقبل عاماً في «ليلة الحب»    الفن وأصوات النجوم يعيدان وادي صفار للواجهة    ألمانيا: إصدار أكثر من 100 ألف تأشيرة في إطار لم شمل عائلات اللاجئين في 2025    المغرب يهزم جزر القمر بثنائية في افتتاح كأس الأمم الأفريقية    معالي نائب وزير الرياضة يتوّج الأمريكي "تيين" بلقب بطولة الجيل القادم للتنس 2025    لغة نصفق لها ولغة نستخدمها    منهج الاحتلال.. استيطان وعنف    الصراع الإسرائيلي الإيراني بين الضربات العسكرية وحسابات الردع    قرارات تطويرية لتكامل المنظومة الدينية بالحرمين    أمير الرياض يستقبل سفيرة الجمهورية الهيلينية المعيَّنة حديثًا لدى المملكة    في كل شاب سعودي شيء من محمد بن سلمان    بر الشرقية تستعرض برامجها التنموية بمحافظة العديد    من «بيوت الموت» إلى منصات التوقيع… سعاد عسيري تدشّن روايتها الأولى في معرض جدة للكتاب 2025    مدرسة ابتدائية مصعب بن عمير تحتفي باليوم العالمي للغة العربية    وفد أعضاء مجلس الشورى يطلع على أعمال هيئة تطوير محافظة جدة    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل سفير خادم الحرمين في ماليزيا ومفتي رواندا    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يُنقذ مراجعاً مصاباً بانسداد حاد نسبته "99 %" بالشريان التاجي الأيسر    تشغيل نظام الأرشفة الإلكترونية بمستشفى الأسياح    بيان مديراً لمستشفى الأمير عبدالمحسن    مشلول يتحكم في روبوتات بإشارات الدماغ    أداة بالذكاء الاصطناعي للكشف عن سرطان الكلى    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تعيد توطين طائر الجمل بعد غياب 100 عام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدد من أصحاب المعالي يتحدثون عن إختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية
اكتمال الاستعداد لاحتفالية المدينة المنورة عاصمة الثقافة الإسلامية..والأمير سلمان بن عبدالعزيز يدشن فعالياتها الثلاثاء القادم
نشر في الجزيرة يوم 10 - 03 - 2013

يدشن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد وزير الدفاع يوم الثلاثاء القادم فعاليات المدينة المنورة عاصمة الثقافة الإسلامية 2013م في احتفالية كبرى بحضور عدد من اصحاب الفضيلة العلماء والمشائخ والوزراء والأعيان وقد اكتملت مراحل الإعداد لهذه الاحتفالية لإخراجها بتميز يليق بالمناسبة وراعيها.
هذا وقد عبّر العديد من مديري الجامعات والشخصيات الأدبية عن تقديرهم لرعاية سمو ولي العهد لهذه المناسبة
وقال معالي الأستاذ الدكتور أسامة بن صادق طيب مدير جامعة الملك عبدالعزيز طيبة الطيبة، مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومضجع النبي صلى الله عليه وسلم، أحب بقاع الأرض لله عزّ وجلّ المدينة المنورة على دعاء الرسول لها، ظلت منذ (طلع البدر علينا) منبعاً للإيمان، ومكاناً خصباً للعلم والمعرفة، فمنها انطلقت الفتوحات الإسلامية إلى سائر أرجاء الأرض آنذاك، ونشر الإسلام في ربوعها، مما كان مدعاة لانهمار سيل طالبي العلم الشرعي إلى ردهات المسجد النبوي للتزود بالمعارف والعلوم الشرعية، من حلقات الدروس التي كان يعقدها أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم التابعون من رجال الفكر الإسلامي النيّر.
وللحقيقة والتاريخ، فإن المدينة المنورة ليست عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2013م، بل هي عاصمة الثقافة الإسلامية منذ أن وطئت أقدام الرسول صلى الله عليه وسلم أرضها، فهي بذلك منبع العلوم والثقافة الإسلامية طوال ما يقارب خمسة عشر قرناً من الزمان.
ما حدث في مدينة باكو عاصمة أذربيجان في أكتوبر 2009م، حين وقع اختيار منظمة التعاون الإسلامي المدينة المنورة لتكون عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2013م فذلك من باب المجاز، ومن باب تشريف بعض المدن الإسلامية لتحظى بشرف التمثيل واحتضان فعاليات الاحتفالات بمناسبة اختيار إحداها لتكون عاصمة للثقافة الإسلامية حرصا على ربط تلك المدن بالثقافة الإسلامية وبعث روحها في أهلها ومواطنيها.
أما أول مدرسة نظامية في الإسلام، فكانت تحت رعاية النبي صلى الله عليه وسلم، وهي مدرسة أهل (الصفة) الذين كان أكثرهم لا هم لهم إلا العلم ثم العلم ثم العلم، بعيداً عن كل ملذات الحياة ونعيمها، وأقربهم مثالاً لذلك عبدالرحمن بن صخر الدوسي (أبو هريرة) رضي الله عنه،الذي نذر نفسه وحياته للنهل من علم الرسول صلى الله عليه وسلم، لاتهمه في الحياة إلا لقيمات يقمن صلبه ليواصل تحصيله العلمي، والأعظم في أمر هذا الصحابي الذي حفظ لنا هذا التراث الحديثي الضخم أنه كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، ومثله العديد.
فالمتأمل في تاريخ طيبة الطيبة خلال كل العصور من خلال مصادر تاريخ المدينة المنورة (ابن شبة، ابن زبالة، السمهودي، الفيروزابادي، السخاوي... وغيرهم الكثير) يتيقن تماما من أن المدينة لم تفتر في أي عهد من العهود عن حمل هذه الثقافة الإسلامية بكل مسؤولية واقتدار.
فضلاً عن ذلك الاهتمام فقد كانت هناك الأوعية التي كانت تحتضن العلم والعلماء، متمثلة في الربط والزوايا والخانقاهات، والمدارس والمكتبات وما إلى ذلك من الأمور التي ساعدت على بقاء واستمرار هذا الزخم الثقافي الإسلامي عبر القرون الخمسة عشر، بدءاً من العهد النبوي الزاهر الذي وصل فيه الاهتمام بالمدينة المنورة ذروته في كل المجالات، وبخاصة في المجالات الثقافية، وما موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على اقتراح معالي وزير الثقافة والإعلام لترشيح المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية إلا مظهرا من مظاهر الدعم الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين لمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن خلال الاهتمام بكل أوعية الثقافة الإسلامية وعلى رأسها : مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف (بعدة لغات)، ومركز بحوث ودراسات المدينة المنورة، ومدينة المعرفة الاقتصادية وجائزة المدينة المنورة، وجائزة الأمير نايف لخدمة السنّة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة... وغيرها الكثير الكثير.
وكلها روافد تصب في إثراء الثقافة الإسلامية التي منبعها المكاني طيبة الطيبة، أما الزماني فخمسة عشر قرناً.
وأعرب معالي رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية الدكتور محمد بن إبراهيم السويل عن سعادته بمناسبة اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية حيث وصف هذا الاختيار بالصائب والموفق، لما شرفها الله بها منذ أن هاجر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت عاصمة الإسلام الأولى ومنها انطلقت الرسالة المحمدية إلى جميع أنحاء المعمورة.
وبيّن الدكتور السويل ما تتمتع به المدينة المنورة من مكانة عليا في أفئدة المسلمين، فقد كانت قبة الإسلام وأضحت منذ ذلك الوقت إلى وقتنا الحاضر مهوى للأفئدة من شتّى أقطار العالم لينهلوا من علومها ومعارفها، والوقوف عن قرب على أبرز الأماكن التاريخية التي تحكي وقائع خالدة من إرث النبوة ومجد الحضارة الإسلامية التي لا زال نورها يسطع في مشارق الأرض ومغاربها فاستحقت بجدارة أن تتبوأ هذه المكانة العظيمة وأن تكون عاصمة للثقافة الإسلامية.
وقال: عندما نذكر المدينة المنورة نتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير ما ركبت إليه الرواحل مسجدي هذا والبيت العتيق)، وهذا يدل على المكانة التي خصها بها الرسول صلى الله عليه وسلم فهي دار النبوة والرسالة والروحانية والمحبة والتعبد، لذلك جاء اختيار المدينة من الذاكرة الإسلامية وكان الاختيار من المكان ومن الشخصيات الاعتبارية للتاريخ ومن أولهم سيّدنا ونبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم وعلى صحبه الكرام.
وأوضح معاليه أن المدينة المنورة شهدت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أزهى عصورها من حيث أعمال التوسعة والعمران، حيث يشهد المسجد النبوي الشريف أكبر توسعة في تاريخه يتوقع أن يستوعب من خلالها 1.8 مليون مصل، وأن يتزامن هذا الاهتمام مع هذا الحدث ليؤكد مكانة المدينة معرباً عن أمله في أن يكون لهذه الفترة التي تم اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية فيها أكبر الأثر لما فيه فائدة الإسلام والمسلمين.
من جانبه قال معالي مدير جامعة أم القرى الدكتور بكري بن معتوق عساس عندما نتحدث عن المدينة المنورة فإننا نتحدث عن حاضرة العالم الإسلامي فهي سيّدة البلدان ودار الهجرة والسنة وقلب الإيمان تهفو إليها قلوب المسلمين في أنحاء المعمورة ويتطلعون إلى زيارتها للصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلب العلم فيه لما له من تاريخ حافل في نشر العلم والمعرفة حيث يلتقي فيه طلاب العلم بالعلماء عبر التاريخ من كل حدب وصوب فهو المدرسة الإسلامية الأولى التي شع منها نور الإسلام في أرجاء المعمورة حيث كان سيد الخلق صلوات الله وسلامه عليه وصحبه رضي الله عنهم يتدارسون كتاب الله يأخذون منه تعاليم الإسلام وينشرونها على الملأ حتى عم الإسلام الأرجاء منطلقاً بالدعوة الحق إلى أقاصي الدنيا إلى جانب الاطلاع على معالمها الدينية العظيمة التي من أجلّها المساجد التي صلى بها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام رضوان الله عليهم أجمعين وبقيت شامخة بتاريخها الإسلامي العريق حتى يومنا هذا وستظل بمشيئة الله تعالى كما هي حتى يرث الأرض ومن عليها.
وقال: إن اختيار المدينة النبوية عاصمة للثقافة العربية له أهميته المتفردة عن أي مدينة أخرى فهي المدينة التي تعد النواة لتأسيس وبناء الدولة الإسلامية الفتية التي غمرت بأنوارها المشرق والمغرب وكانت هي مركز الخلافة الإسلامية ومنطلق الرؤى لرسم السياسات وتشكيل وجدان وذاكرة أصقاع الدولة الإسلامية وجميع البلدان التي تقع تحت سيادتها ومنها بلادا فارس والروم. ولهذا فالعودة إلى المدينة يعني العودة إلى الجذور والمنبع وهذا الحضور التّاريخي انغمس في جذورها وأعماقها وتجلياتها في العصر الإسلامي وذلك بوصفها حاضنة للدّعوة الإسلامية، فقد شرّفها الله تعالى بهجرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وصحابته الأبرار فكانت محضن الدّعوة وفيها تكوّنت الدولة الإسلامية فكانت هي عاصمة الإسلام الأولى.
كما أن اختيارها يأتي تجسيداً لدورها الثقافي والأدبي خلال العصر الإسلامي، فقد تشرفت باحتضان دعوة المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى أرضها مسجده الشريف الذي ضم العديد من العلوم الثقافية والإسلامية والاجتماعية والإنسانية وكانت منهلاً عذباً لطالبي العلم من كافة أصقاع الأرض وعلى أرضها وقعت أعظم الغزوات وعلى جبالها توجد المعالم التي تعكس مرحلة مهمة من مراحل تاريخ المدينة النبوية، فكل شبر فيها ينطق بإرث تاريخي عظيم مستوعبةً كل الثقافات من خلال توافد المعتمرين والحجاج والزائرين وهي مناسبة تاريخية تستلهم عظمة التاريخ الإسلامي الذي انبثق من المدينة المنورة، إلى جانب كونها دليلاً ناصعاً وبرهاناً ساطعاً على ما يوليه قادة هذه البلاد المباركة منذ تأسيسها على يد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - طيب الله ثراه - حتى عهدنا الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - من عناية واهتمام بمدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم وتقديم الدعم الكامل بما يليق بمكانتها وقدسيتها في قلوب المسلمين وقد تجلّت صورة الاهتمام بها في التوسعة العملاقة التي تعد الأكبر في التاريخ للمسجد النبوي الشريف والتي وضع حجر الأساس لها قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - مؤخراً والتي أسعدت قلوب المسلمين قاطبة في مشارق الأرض ومغاربها، كما نبأ عن صدق وإخلاص مليكنا المفدى في أقواله وأعماله المشهودة لكل متابع وهذا من نعم الله على أرض حباها الله ببيته الشريف ومسجد رسوله الكريم فخدمة الحرمين الشريفين تاج المؤمنين الآمنين.
وقال معالي رئيس البنك الإسلامي والتنمية- الدكتور أحمد محمد علي: إن اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2013م، يمثل مبادرة موفقة من حيث زمانها ومكانها، فهي مبادرة أحوج ما يكون العالم إليها في هذا الوقت من أجل التعرف على الميراث الإنساني والحضاري العظيم الذي خلده الإسلام انطلاقاً من مدينة الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
وأود بداية أن أتوجه بهذه المناسبة بالتهنئة والشكر لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، رئيس اللجنة العليا لفعاليات المدينة المنورة عاصمة الثقافة الإسلامية 2013م، وأعضاء اللجنة العليا، واللجنة الاستشارية، واللجنة العلمية، واللجنة المالية، والأمانة العامة والوحدات التابعة لها على الجهد الكبير الذي بذلوه استعداداً لهذه المناسبة على مدى العامين الماضيين، والبرنامج الحافل الذي تم إعداده.
وهذه المناسبة تمثّل فرصة لنا جميعاً للوقوف على تاريخ المدينة المنورة، وكيف ظلت مصدر إشعاع للعالم بأسره بعد الهجرة النبوية الشريفة إليها، كما هي فرصة لتوجيه الاهتمام نحو الإسهامات الكبرى التي قدمتها المدينة المنورة في بناء الحضارة الإسلامية والعالمية، والقيم التي آمنت بها وحافظت عليها من أجل عالم يرعى الحقوق، ويتعامل بمنهج التسامح، ويعلي من شأن العلم والعلماء.
إن أحد الأهداف التي رمت إليها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة عندما تبنت منهج اختيار عواصم إسلامية للثقافة تقديم الصورة الحقيقية للحضارة الإسلامية برسالتها الإنسانية إلى العالم أجمع، وذلك من خلال إبراز المضامين الثقافية والقيم الإنسانية لهذه الحضارة، وهذا الهدف أوجب ما يكون الاهتمام به في احتفالية المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية، الأمر الذي يقتضي تضافر الجهود من كل المعنيين لإبراز هذه المناسبة الجليلة بالمستوى الذي يليق بها.
وقد حظيت المدينة المنورة، ولله الحمد، بعناية واهتمام ولاة الأمر، خاصة مشروعات التوسعة، وآخرها التوسعة للمسجد النبوي الشريف العام الماضي، والتي وضع أساسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أجزل الله مثوبته، فذلك من أبرز المحاور التي يجب التعريف بها خلال هذه المناسبة العظيمة.
كما يتطلع الجميع أن تكون هذه المناسبة فرصة لتعزيز التعاون والتضامن الثقافي الإسلامي، لإبراز تاريخ المسلمين ودورهم الإيجابي في بناء الحضارات العالمية. كما أن هناك الكثير من الجوانب الثقافية التي تحتاج إلى إبراز ورعاية أكثر خلال المناسبة ومن ذلك على سبيل المثال أدب الرحالة العرب وغيرهم إلى المدينة، والمجاورين في المدينة وأثرهم في إثراء الثقافة الإسلامية، والكتب والتراجم حول المدينة المنورة، والمعالم التاريخية للمدينة المنورة.. إلى غير ذلك.
وقال أ. د. عبد الله عبد الرحيم عسيلان - رئيس نادي المدينة المنورة الأدبي تاريخ المدينة المنورة ودار الهجرة تاريخ شاخص يتجسد في وعي الأمة الإسلامية بكل معاني النور والهداية المتمثلة في رسالة الإسلام ومنهجه القويم الذي حمل لواءه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأدى الأمانة، ونصح الأمة، وأنقذها من مهاوي الزيغ والضلال والكفر والغواية، فانحسر بذلك الظلام، وأشرقت الأرض بنور ربها، وحينها استقر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في المدينة أخذ في بناء كيان الدولة الإسلامية، وأصبحت المدينة هي العاصمة الأولى لهذه الدولة التي انطلقت منها الدعوة إلى الإسلام بعد الهجرة، وصارت المنطلق لأعمال الرسول في الدعوة والجهاد، ومهوى أفئدة المتطلعين إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لمعرفة سننه وتوجيهاته والاقتداء به، كما أصبحت المركز العلمي والإداري والاقتصادي والسياسي للدولة الإسلامية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وخلفائه الراشدين رضي الله عنهم أجمعين، وقد حظيت المدينة المنورة بعدد وافر من الأحاديث التي تدل فضائلها والحديث عن فضائل المدينة باب واسع، إذ جاء في هذا الباب أحاديث وآثار كثيرة مبثوثة في كتب السنة، وفي جهود بعض العلماء الذين أفردوا هذا الجانب بالتأليف وقد قام بعض الباحثين المعاصرين بجمع الأحاديث التي وردت في فضائل المدينة، وتوثيقها، والحكم عليها في ضوء الأصول المقررة عند علماء الحديث، ومن ذلك نجد الجهد العلمي الذي قام به الدكتور صالح بن حامد الرفاعي في كتابه (الأحاديث الواردة في فضائل المدينة جمعاً ودراسة) وما قام به الدكتور خليل إبراهيم ملا خاطر في كتابه (فضائل الم دينة) ومن المفيد أن أشير هنا إلى بعض ما ورد في فضلها من الأحاديث مما جاء في صحيح البخاري ومنها:
1- أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون...».
2- وهي مأرز الإيمان كما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى حجرها» (2-222).
3- دعا لها الرسول صلى الله عليه وسلم بمضاعفة البركة، روى أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم اجعل بالمدينة ضِعْفَيْ ما جعلت بمكة من البركة» (2-224).
4- فيها روضة من رياض الجنة. روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي» (2-224).
5- مضاعفة الصلاة في المسجد النبوي. روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام» (3-63، رقم: 1190).
وغير ذلك من الأحاديث والآثار التي يمكن الرجوع إليها فيما أشرت إليه من مصادر.
ولا غرو إذاً أن تكون المدينة عاصمة للثقافة الإسلامية ومناط اهتمام العلماء والمؤرخين عبر العصور، حيث حرصوا على تدوين تاريخها والتعرف على كل معلم من معالمها، ولذا كثرت المؤلفات التي تعنى بها قديماً وحديثاً، ونشرت حولها مقالات وبحوث عديدة في الصحف والمجلات والدوريات، وقد قامت في عصرنا حركة دائبة في تحقيق بعض المؤلفات المخطوطة عن المدينة ولا يزال البعض الآخر مخطوطات وقابعا في المكتبات الخاصة والعامة ينتظر من يبعثه من مرقده. والله ولي التوفيق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.