جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز تحتفل بتخريج الدفعة السادسة    الاتفاق والنصر إلى المباراة النهائية لممتاز قدم الصالات    الاتحاد يتغلّب على الهلال وينتزع ذهب نخبة الطائرة    من الدكاكين إلى التسوق الإلكتروني    الحياة في السودان مؤلمة وصادمة    رئيس المجلس العسكري في تشاد محمد إدريس ديبي إتنو يفوز بالانتخابات الرئاسية    القنابل الأميركية تقتل الفلسطينيين    وطن أخضر    ستة مليارات ريال حجم الاستثمار في قطاع الرقابة البيئية عام 2030    أولمبياكوس يهزم أستون فيلا ويبلغ نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    أتلانتا يضرب مرسيليا بثلاثية قاسية ويتأهل لنهائي الدوري الأوروبي    ليفركوزن يسقط روما ويتأهل لنهائي الدوري الأوروبي    أمانة الطائف تسجل لملّاك المباني بالطرق المستهدفة لإصدار شهادة "امتثال"    أمير منطقة جازان يلتقي عدداً من ملاك الإبل من مختلف مناطق المملكة ويطّلع على الجهود المبذولة للتعريف بالإبل    شوارع الرياض.. روافد تنموية لنقلات حضارية    عثمان التركي.. الكريم الجواد    رئيس جامعة جازان المكلف ⁧يستقبل مدير عام الإفتاء بالمنطقة    أسماء القصيّر.. رحلة من التميز في العلاج النفسي    كيف نتصرف بإيجابية وقت الأزمة؟    النصر يتغلب على الأخدود بثلاثية ويحكم القبضة على الوصافة    رونالدو يحفز النصراوية بعد الفوز على الأخدود    حقوق الإنسان في القاموس الأمريكي    بلدية صبيا تنفذ مبادرة لرصد التشوهات البصرية    تجنب قضايا المقاولات    شركة ملاهي توقّع اتفاقية تعاون مع روشن العقارية ضمن المعرض السعودي للترفيه والتسلية    وزير النقل: 500 ريال قيمة التذكرة بين الرياض وجدة.. ولا نتدخل في أسعار «الدولية»    بدر الشعر العربي لن ينطفئ    رسالة من أستاذي الشريف فؤاد عنقاوي    مكان يسمح فيه باقتراف كل الجرائم    دلعيه عشان يدلعك !    قُمري شلّ ولدنا    للرأي مكانة    تدشين مشروعات تنموية بالمجمعة    ضبط درجات الحرارة في المسجد الحرام وفق آليات عمل متطورة صيفاً وشتاءً    "تاسي" ينهي تداولات الأسبوع على تراجع 1.4%    "الأرصاد" يتوقع صيفاً شديد الحرارة وأمطاراً غزيرة    الملك وولي العهد يعزيان رئيس الإمارات في وفاة هزاع بن سلطان بن زايد آل نهيان    مستشار أمير منطقة مكة يرأس الأجتماع الدوري لمحافظي المنطقة    الأمير محمد بن ناصر يكرم 20 متميزًا ومتميزة من تعليم جازان في مبادرة "منافس"2023م    دله البركة توقع عقد إنشاء شركة مع يوروبا بارك لتنمية قطاع الترفيه في المملكة    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من تركيا متجهة إلى المملكة    جوازات مطار المدينة المنورة تستقبل أولى رحلات ضيوف الرحمن القادمين من تركيا لأداء مناسك حج 1445ه    أمير الرياض يرعى حفل تخريج الدفعة ال 15 من طلاب جامعة المجمعة    الجمعية السعودية لطب الأسرة تطلق ندوة "نحو حج صحي وآمن"    نائب أمير عسير يتوّج فريق الدفاع المدني بكأس بطولة أجاوييد 2    مفتي عام المملكة يستقبل نائب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تطلق بوابة القبول الإلكترونية للعام الجامعي القادم    المملكة تدين الاعتداء السافر من قبل مستوطنين إسرائيليين على مقر وكالة (الأونروا) في القدس المحتلة    توقع بهطول أمطار رعدية    منها الطبيب والإعلامي والمعلم .. وظائف تحميك من الخرف !    القيادة تعزي رئيس البرازيل    يسرق من حساب خطيبته لشراء خاتم الزفاف    روح المدينة    خلال المعرض الدولي للاختراعات في جنيف.. الطالب عبدالعزيزالحربي يحصد ذهبية تبريد بطاريات الليثيوم    فهيم يحتفل بزواج عبدالله    " الحمض" يكشف جريمة قتل بعد 6 عقود    دجاجة «مدللة» تعيش حياة المرفهين    لقاح لفيروسات" كورونا" غير المكتشفة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مديرو الجامعات في المملكة يتحدثون عن المدينة المنورة عاصمة الثقافة الإسلامية
نشر في البلاد يوم 09 - 03 - 2013

تحدث عدد من مديري الجامعات السعودية وكبار المسؤولين عن المدينة المنورة عاصمة الثقافة الإسلامية.. في البداية قال معالي الدكتور أحمد محمد علي رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية:
اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2013م، يمثل مبادرة موفقة من حيث زمانها ومكانها، فهي مبادرة أحوج ما يكون العالم إليها في هذا الوقت من أجل التعرف على الميراث الإنساني والحضاري العظيم الذي خلده الإسلام انطلاقا من مدينة الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
وأود بداية أن أتوجه بهذه المناسبة بالتهنئة والشكر لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، رئيس اللجنة العليا لفعاليات المدينة المنورة عاصمة الثقافة الإسلامية 2013م، وأعضاء اللجنة العليا، واللجنة الاستشارية، واللجنة العلمية، واللجنة المالية، والأمانة العامة والوحدات التابعة لها على الجهد الكبير الذي بذلوه استعدادا لهذه المناسبة على مدى العامين الماضيين، والبرنامج الحافل الذي تم إعداده.
وهذه المناسبة تمثل فرصة لنا جميعاً للوقوف على تاريخ المدينة المنورة، وكيف ظلت مصدر إشعاع للعالم بأسره بعد الهجرة النبوية الشريفة إليها، كما هي فرصة لتوجيه الاهتمام نحو الإسهامات الكبرى التي قدمتها المدينة المنورة في بناء الحضارة الإسلامية والعالمية، والقيم التي آمنت بها وحافظت عليها من أجل عالم يرعى الحقوق، ويتعامل بمنهج التسامح، ويعلي من شأن العلم والعلماء.
إن أحد الأهداف التي رمت إليها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة عندما تبنت منهج اختيار عواصم إسلامية للثقافة تقديم الصورة الحقيقية للحضارة الإسلامية برسالتها الإنسانية إلى العالم أجمع، وذلك من خلال إبراز المضامين الثقافية والقيم الإنسانية لهذه الحضارة، وهذا الهدف أوجب ما يكون الاهتمام به في احتفالية المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية، الأمر الذي يقتضي تضافر الجهود من كل المعنيين لإبراز هذه المناسبة الجليلة بالمستوى الذي يليق بها.
وقد حظيت المدينة المنورة، ولله الحمد، بعناية واهتمام ولاة الأمر، خاصة مشروعات التوسعة، وآخرها التوسعة للمسجد النبوي الشريف العام الماضي، والتي وضع أساسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أجزل الله مثوبته، فذلك من أبرز المحاور التي يجب التعريف بها خلال هذه المناسبة العظيمة.
كما يتطلع الجميع أن تكون هذه المناسبة فرصة لتعزيز التعاون والتضامن الثقافي الإسلامي، لإبراز تاريخ المسلمين ودورهم الإيجابي في بناء الحضارات العالمية. كما إن هناك الكثير من الجوانب الثقافية التي تحتاج إلى إبراز ورعاية أكثر خلال المناسبة ومن ذلك على سبيل المثال أدب الرحالة العرب وغيرهم إلى المدينة، والمجاورون في المدينة وأثرهم في إثراء الثقافة الإسلامية، والكتب والتراجم حول المدينة المنورة، والمعالم التاريخية للمدينة المنورة ..إلى غير ذلك.
إن احتفالية المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2013م، تمثل سانحة لأبناء المدينة المنورة من علماء وأدباء وباحثين للمساهمة في نشر القيم الإسلامية التي انطلقت مع ميلاد الدولة الإسلامية الأولى بالمدينة المنورة وعمت أرجاء العالم بالخير والسلام.
أحب بقاع الأرض
وقال معالي الأستاذ الدكتور أسامة بن صادق طيب مدير جامعة الملك عبدالعزيز:
طيبة الطيبة، مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومضجع النبي صلى الله عليه وسلم، أحب بقاع الأرض لله عز وجل المدينة المنورة على دعاء الرسول لها، ظلت منذ (طلع البدر علينا) منبعاً للإيمان، ووكراً خصباً للعلم والمعرفة، فمنها انطلقت الفتوحات الإسلامية إلى سائر أرجاء الأرض آنذاك، ونشر الإسلام في ربوعها، مما كان مدعاة لإنهمار سيل طالبي العلم الشرعي إلى ردهات المسجد النبوي للتزود بالمعارف والعلوم الشرعية، من حلقات الدروس التي كان يعقدها أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم التابعون من رجال الفكر الإسلامي النير.
من هنا انطلقت فكرة المجاورة بالمدينة المنورة إذ كانت تنطوي على هدفين أساسيين البقاء في طيبة الطيبة بجوار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، والنهل من علوم علماء المدينة المنورة وكان نتيجة ذلك عشرات الآلاف من العلماء ورجال الفكر الإسلامي.
وللحقيقة والتاريخ، فإن المدينة المنورة ليست عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2013م، بل هي عاصمة الثقافة الإسلامية منذ أن وطئت أقدام الرسول صلى الله عليه وسلم أرضها، فهي بذلك منبع العلوم والثقافة الإسلامية طوال مايقارب خمسة عشر قرنا من الزمان.
ماحدث في مدينة باكو عاصمة أذربيجان في أكتوبر2009م، حين وقع اختيار منظمة التعاون الإسلامي المدينة المنورة لتكون عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2013م فذلك من باب المجاز، ومن باب تشريف بعض المدن الإسلامية لتحظى بشرف التمثيل واحتضان فعاليات الاحتفالات بمناسبة اختيار إحداها لتكون عاصمة للثقافة الإسلامية، حرصا على ربط تلك المدن بالثقافة الإسلامية وبعث روحها في أهلها ومواطنيها.
فالمدينة المنورة كانت مرتعاً خصباً للصحابة الأجلاء ( رضوان الله عليهم) لينهلوا من معين الرسول العلمي الذي قام عليه كل أنواع العلوم الشرعية، فمدرسة الرسول صلى الله عليه وسلم الحديثية : القولية، والفعلية، والتقريرية، كانت هي النواة الأولى لكل هذا الإرث العلمي الإسلامي الذي تنوء به مئات الألوف من الكتب والمتون والشروح عبر العصور المختلفة، فبذلك كانت مدرسة الرسول صلى الله عليه وسلم هي الوعاء الأول للثقافة الإسلامية حديثا شريفاً، وأخلاقاً، وتربية، وعادات اجتماعية، وأدباً، وخطابة، وبواعث شعر رصين، وأعرافاً وتقاليد، وفوق هذا وذاك، تعاليم القرآن الكريم إذ كان صلى الله عليه وسلم خلقه القرآن، وأنه ما أتى إلا ليتمم مكارم الأخلاق.
أما أول مدرسة نظامية في الإسلام، فكانت تحت رعاية النبي صلى الله عليه وسلم، وهي مدرسة أهل ( الصفة) الذين كان أكثرهم لاهم لهم إلا العلم ثم العلم ثم العلم، بعيداً عن كل ملذات الحياة ونعيمها، وأقربهم مثالاً لذلك عبدالرحمن بن صخر الدوسي ( أبو هريرة ) رضي الله عنه،الذي نذر نفسه وحياته للنهل من علم الرسول صلى الله عليه وسلم، لاتهمه في الحياة إلا لقيمات يقمن صلبه ليواصل تحصيله العلمي، والأعظم في أمر هذا الصحابي الذي حفظ لنا هذا التراث الحديثي الضخم أنه كان أمياً لايقرأ ولا يكتب، ومثله عديد.
فالمتأمل في تاريخ طيبة الطيبة خلال كل العصور من خلال مصادر تاريخ المدينة المنورة ( ابن شبة، ابن زبالة، السمهودي، الفيروزابادي، السخاوي ... وغيرهم الكثير ) يتيقن تماماً من أن المدينة لم تفتر في أي عهد من العهود عن حمل هذه الثقافة الإسلامية بكل مسؤولية واقتدار.
وقد ساعد المدينة المنورة أن تتحمل تبعات هذه المسؤولية الثقافية اهتمام الخلفاء والأمراء وأصحاب الجاه والسلطة والمال بأمرها، وتهيئة المناخ المناسب لتوليدات وتعريجات هذه الثقافة مستندة في كل ذلك إلى القرآن الكريم والحديث الشريف، وعلى ماجادت به قرائح الصحابة وشعراء الرسول صلى الله عليه وسلم، والتابعين، ومن جاء بعدهم من رجال الفكر والدين إلى يومنا هذا .
فضلاً عن ذلك الاهتمام فقد كانت هناك الأوعية التي كانت تحتضن العلم والعلماء، متمثلة في الربط والزوايا والخانقاهات، والمدارس والمكتبات وما إلى ذلك من الأمور التي ساعدت على بقاء واستمرار هذا الزخم الثقافي الإسلامي عبر القرون الخمسة عشر، بدءاً من العهد النبوي الزاهرالذي وصل فيه الاهتمام بالمدينة المنورة ذروته في كل المجالات، وبخاصة في المجالات الثقافية، وما موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على اقتراح معالي وزير الثقافة والإعلام لترشيح المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية إلا مظهراً من مظاهر الدعم الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين لمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن خلال الاهتمام بكل أوعية الثقافة الإسلامية وعلى رأسها : مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف (بعدة لغات)، ومركز بحوث ودراسات المدينة المنورة، ومدينة المعرفة الاقتصادية، وجائزة المدينة المنورة، وجائزة الأمير نايف لخدمة السنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة...وغيرها الكثير الكثير.
وكلها روافد تصب في إثراء الثقافة الإسلامية التي منبعها المكاني طيبة الطيبة، أما الزماني فخمسة عشر قرنا.
الشكر والتقدير لكل من أسهم في هذا الاختيار( التوقيتي الدوري)، ولكل من أسهم في تنفيذ الأمر السامي لوضع خطة كاملة للاحتفاء بهذه المناسبة الإسلامية المتميزة، مع يقيني التام من أن المدينة المنورة بهذا الاختيار الدوري، ستظل رأس الرمح في احتضان الثقافة الإسلامية وإثرائها وبعثها.
متمنياً للجميع التوفيق والسداد ولطيبة الطيبة أن تظل متألقة خيراً وبركة على الأمة الإسلامية وتراثها الثقافي .
حاضرة العالم الإسلامي
وقال معالي الدكتور بكري بن معتوق بكري عساس مدير جامعة أم القرى:
عندما نتحدث عن المدينة المنورة فإننا نتحدث عن حاضرة العالم الإسلامي فهي سيّدة البلدان ودار الهجرة والسنة وقلب الإيمان تهفو إليها قلوب المسلمين في أنحاء المعمورة ويتطلعون إلى زيارتها للصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلب العلم فيه لما له من تاريخ حافل في نشر العلم والمعرفة حيث يلتقي فيه طلاب العلم بالعلماء عبر التاريخ من كل حدب وصوب فهو المدرسة الإسلامية الأولى التي شع منها نور الإسلام في أرجاء المعمورة حيث كان سيد الخلق صلوات الله وسلامه عليه وصحبه رضي الله عنهم يتدارسون كتاب الله يأخذون منه تعاليم الإسلام وينشرونها على الملأ حتى عم الإسلام الأرجاء منطلقاً بالدعوة الحق إلى أقاصي الدنيا إلى جانب الاطلاع على معالمها الدينية العظيمة التي من أجلّها المساجد التي صلى بها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام رضوان الله عليهم أجمعين وبقيت شامخة بتاريخها الإسلامي العريق حتى يومنا هذا وستظل بمشيئة الله تعالى كما هي حتى يرث الأرض ومن عليها.
وعندما تذكر المدينة تذكر دائماً النبوة والرسالة والروحانية والمحبة ويذكر التاريخ والمكان والتعبد فالأصالة والثقافة الإسلامية التأسيسية والشخصيات الإسلامية الاعتبارية موجودة في المدينة المنورة ومنها انطلقت أعظم حضارة بشرية تحمل أعظم رسالة سماوية لخير البشرية أجمع ومنها أضاء شعاع النور على الأرض ومنها انطلقت ثقافة العدل والمساواة بين أجناس البشر وأعراقهم وألوانهم ومنها انطلقت كرامة الإنسان وثقافة البناء والعطاء والعمل والبذل والحب في الله وعلى هذا التراب مشى وسكن أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الطاهرون رضوان الله عليهم وفيها كُتب وجمع أعظم وأقدس كتاب عرفته البشرية كتاب من الله محفوظ إلى قيام الساعة ومنها حدثت سير وقصص وبطولات أثرت خزائن مكتبات العالم.
إن اختيار المدينة النبوية عاصمة للثقافة العربية له أهميته المتفردة عن أي مدينة أخرى فهي المدينة التي تعد النواة لتأسيس وبناء الدولة الإسلامية الفتية التي غمرت بأنوارها المشرق والمغرب وكانت هي مركز الخلافة الإسلامية ومنطلق الرؤى لرسم السياسات وتشكيل وجدان وذاكرة أصقاع الدولة الإسلامية وجميع البلدان التي تقع تحت سيادتها ومنها بلادا فارس والروم. ولهذا فالعودة إلى المدينة يعني العودة إلى الجذور والمنبع وهذا الحضور التّاريخي انغمس في جذورها وأعماقها وتجلياتها في العصر الإسلامي وذلك بوصفها حاضنة للدّعوة الإسلامية، فقد شرّفها الله تعالى بهجرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وصحابته الأبرار فكانت محضن الدّعوة وفيها تكوّنت الدولة الإسلامية فكانت هي عاصمة الإسلام الأولى.
كما أن اختيارها يأتي تجسيداً لدورها الثقافي والأدبي خلال العصر الإسلامي فقد تشرفت باحتضان دعوة المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى أرضها مسجده الشريف الذي ضم العديد من العلوم الثقافية والإسلامية والاجتماعية والإنسانية وكانت منهلاً عذباً لطالبي العلم من كافة أصقاع الأرض وعلى أرضها وقعت أعظم الغزوات وعلى جبالها توجد المعالم التي تعكس مرحلة مهمة من مراحل تاريخ المدينة النبوية فكل شبر فيها ينطق بإرث تاريخي عظيم مستوعبةً كل الثقافات من خلال توافد المعتمرين والحجاج والزائرين وهي مناسبة تاريخية تستلهم عظمة التاريخ الإسلامي الذي انبثق من المدينة المنورة، إلى جانب كونها دليلاً ناصعاً وبرهاناً ساطعاً على ما يوليه قادة هذه البلاد المباركة منذ تأسيسها على يد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - طيب الله ثراه - حتى عهدنا الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - من عناية واهتمام بمدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم وتقديم الدعم الكامل بما يليق بمكانتها وقدسيتها في قلوب المسلمين وقد تجلت صورة الاهتمام بها في التوسعة العملاقة التي تعد الأكبر في التاريخ للمسجد النبوي الشريف والتي وضع حجر الأساس لها قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - مؤخراً والتي أسعدت قلوب المسلمين قاطبة في مشارق الأرض ومغاربها كما نبأ عن صدق وإخلاص مليكنا المفدى في أقواله وأعماله المشهودة لكل متابع وهذا من نعم الله على أرض حباها الله ببيته الشريف ومسجد رسوله الكريم فخدمة الحرمين الشريفين تاج المؤمنين الآمنين.
ونتطلع من جميع القائمين على هذه المناسبة إظهارها بما يليق بهذه البقعة المباركة التي تحتضن أحد المساجد التي تشد إليها الرحال مسجد المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وتتوافر بها أسس الحضارة الإنسانية ونحن على يقين تام بما يوليه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة من جهود مباركة وعناية بالغة وإشراف مستمر لإظهار هذه الاحتفالية بما يتواكب مع مكانة وحضارة وأهمية المدينة المنورة.
اختيار صائب وموفق
أعرب معالي رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية الدكتور محمد بن إبراهيم السويل عن سعادته بمناسبة اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية, حيث وصف هذا الاختيار بالصائب والموفق، لما شرفها الله بها منذ أن هاجر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت عاصمة الإسلام الأولى ومنها انطلقت الرسالة المحمدية إلى جميع انحاء المعمورة.
وبين الدكتور السويل ما تتمتع به المدينة المنورة من مكانة عليا في أفئدة المسلمين, فقد كانت قبة الإسلام وأضحت منذ ذلك الوقت إلى وقتنا الحاضر مهوى للأفئدة من شتى أقطار العالم لينهلوا من علومها ومعارفها، والوقوف عن قرب على أبرز الأماكن التاريخية التي تحكي وقائع خالدة من إرث النبوة ومجد الحضارة الإسلامية التي لا زال نورها يسطع في مشارق الأرض ومغاربها فاستحقت بجدارة أن تتبوأ هذه المكانة العظيمة وأن تكون عاصمة للثقافة الإسلامية .
وقال :عندما نذكر المدينة المنورة نتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (خير ما ركبت إليه الرواحل مسجدي هذا والبيت العتيق ), وهذا يدل على المكانة التي خصها بها الرسول صلى الله عليه وسلم فهي دار النبوة والرسالة والروحانية والمحبة والتعبد، لذلك جاء اختيار المدينة من الذاكرة الإسلامية وكان الاختيار من المكان ومن الشخصيات الاعتبارية للتاريخ ومن أولهم سيّدنا ونبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم وعلى صحبه الكرام.
وأضاف: كان الاختيار موفقًاً ومستلزمات الاختيار مستوفاة فإن بحثنا عن الأصالة والثقافة الإسلامية التأسيسية فهي موجودة في المدينة المنورة، وإن بحثنا عن الشخصيات الإسلامية الاعتبارية فهي في المدينة المنورة، وإن بحثنا عن تأسيس العلم الثقافي الإسلامي فهي متوافرة في المدينة المنورة، لذلك كان الاختيار موفقًا والحمد لله.
وأوضح معاليه أن المدينة المنورة شهدت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أزهى عصورها من حيث أعمال التوسعة والعمران، حيث يشهد المسجد النبوي الشريف أكبر توسعة في تاريخه يتوقع أن يستوعب من خلالها 1.8 مليون مصل , وأن يتزامن هذا الاهتمام مع هذا الحدث ليؤكد مكانة المدينة معرباً عن أمله في أن يكون لهذه الفترة التي تم اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية فيها أكبر الأثر لما فيه فائدة الإسلام والمسلمين .
المدينة المنورة عبر العصور
وقال أ.د/ عبد الله بن عبد الرحيم عسيلان رئيس نادي المدينة المنورة الأدبي:
تاريخ المدينة المنورة ودار الهجرة تاريخ شاخص يتجسد في وعي الأمة الإسلامية بكل معاني النور والهداية المتمثلة في رسالة الإسلام ومنهجه القويم الذي حمل لواءه رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأدى الأمانة , ونصح الأمة , وأنقذها من مهاوي الزيغ والضلال والكفر والغواية , فانحسر بذلك الظلام , وأشرقت الأرض بنور ربها , وحينها استقر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في المدينة أخذ في بناء كيان الدولة الإسلامية, وأصبحت المدينة هي العاصمة الأولى لهذه الدولة التي انطلقت منها الدعوة إلى الإسلام بعد الهجرة, وصارت المنطلق لأعمال الرسول في الدعوة والجهاد , ومهوى أفئدة المتطلعين إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لمعرفة سننه وتوجيهاته والاقتداء به , كما أصبحت المركز العلمي والإداري والاقتصادي والسياسي للدولة الإسلامية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم , وخلفائه الراشدين رضي الله عنهم أجمعين , وقد حظيت المدينة المنورة بعدد وافر من الأحاديث التي تدل فضائلها والحديث عن فضائل المدينة باب واسع , إذ جاء في هذا الباب أحاديث وآثار كثيرة مبثوثة في كتب السنة , وفي جهود بعض العلماء الذين أفردوا هذا الجانب بالتأليف وقد قام بعض الباحثين المعاصرين بجمع الأحاديث التي وردت في فضائل المدينة , وتوثيقها , والحكم عليها في ضوء الأصول المقررة عند علماء الحديث , ومن ذلك نجد الجهد العلمي الذي قام به الدكتور صالح بن حامد الرفاعي في كتابه (الأحاديث الواردة في فضائل المدينة جمعاً ودراسة) وما قام به الدكتور خليل إبراهيم ملا خاطر في كتابه (فضائل المدينة) ومن المفيد أن أشير هنا إلى بعض ما ورد في فضلها من الأحاديث مما جاء في صحيح البخاري ومنها :
1- أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : "المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ..." .
2- وهي مأرز الإيمان كما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى حجرها " (2/222) .
3- دعا لها الرسول صلى الله عليه وسلم بمضاعفة البركة , روى أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "اللهم اجعل بالمدينة ضِعْفَيْ ما جعلت بمكة من البركة" (2/224) .
4- فيها روضة من رياض الجنة . روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة , ومنبري على حوضي" (2/224) .
5- مضاعفة الصلاة في المسجد النبوي . روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" (3/63, رقم: 1190) .
وغير ذلك من الأحاديث والآثار التي يمكن الرجوع إليها فيما أشرت إليه من مصادر .
ولا غرو إذاً أن تكون المدينة عاصمة للثقافة الإسلامية ومناط اهتمام العلماء والمؤرخين عبر العصور , حيث حرصوا على تدوين تاريخها والتعرف على كل معلم من معالمها , ولذا كثرت المؤلفات التي تعنى بها قديماً وحديثاً , ونشرت حولها مقالات وبحوث عديدة في الصحف والمجلات والدوريات , وقد قامت في عصرنا حركة دائبة في تحقيق بعض المؤلفات المخطوطة عن المدينة ولا يزال البعض الآخر مخطوطات وقابعا في المكتبات الخاصة والعامة ينتظر من يبعثه من مرقده . والله ولي التوفيق,


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.