يأتي انعقاد الاجتماع الثاني للمجلس الاستشاري لمركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب في جدة وبحضور الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وتحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله ليعكس في حد ذاته تقديرا كبيرا للجهود المملكة الريادية في مكافحة الإرهاب بعد أخذت المملكة دورًا متقدمًا على جميع دول العالم في محاربة الإرهاب والتصدي له بعد أن حظيت التجربة السعودية في مجال مكافحة الإرهاب باهتمام عالمي ودولي أصبحت تجربتنا المثالية في مكافحة الإرهاب مثالاً يحتذى به ومطلب لجميع دول العالم للاستفادة منه، ولعل هذا الحضور ألأممي الدولي يسجل انتصارا لنا على كثير من الدوائر الصهيونية الغربية التي حاولت إلصاق تهمة الإرهاب بمؤسساتنا التعليمية والشرعية، فتعاون المملكة مع المجتمع والهيئات الدولية لمكافحة الإرهاب، جعلها تلعب دورًا محورياً فاعلاً ومؤثرًا في سبيل إرساء دعائم الأمن والاستقرار العالمي، لذا كانت الإشادات لجهود المملكة وإقامة هذا المؤتمر الهام في مدينة جده نتيجة حتمية لسياسة معتدلة ثابتة ترفض المزايدات والشعارات الوهمية، وتبحث مع جميع دول العالم المتحضر عن الحلول الممكنة والجذرية للمشاكل العالقة في المنطقة ومنها مكافحة الإرهاب، مما اكسبها احترام الجميع وجعلها ذات ثقل عالمي ونموذج يحتذى به. وهذه الجهود التي يقدرها العلم بأسره جعلت الفكر المتطرف في المملكة العربية السعودية يحتضر بعد أن تم ولله الحمد القضاء على الكثير من أفراده سواء زعماء هذا التنظيم الإرهابي أو منظريه أو أتباعه أما بقتلهم أو ألقاء القبض عليهم وتضيق الخناق مما جعلهم يفرون لمناطق الصراع الدولية أو دول الجوار مثل اليمن والعراق بعد أن شُلت أعمالهم الإرهابية وذلك بفضل الضربات الاستباقية حيث أفشلت أكثر من 95%من العمليات على يد رجال الأمن البواسل تنفيذاً للإستراتيجية الأمنية التي وضعتها السلطات الأمنية هذه الخطة والإستراتيجية المحكمة التي صاغها ووضعها رجل الأمن الأول صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد وزير الداخلية بخبرته العريضة وحنكته الكبيرة، ونفذها رجال الأمن بكل اقتدار بقيادة الأمير محمد بن نايف الذي تكفل بتصدي لهذا الملف الأمني الخطير، وبدأوا في تحقيق البعد الجديد في المواجهة والمتمثل في اختراق [الدائرة الثانية] وهم المتعاطفون والممولون للإرهاب والذين لا يقلون خورة عن المنفذين للعمليات الإجرامية، لقد نجح رجال الأمن بإتقان وإبداع في حسم المواجهة مع فئة البغي والضلال بعد أن تشربوا عدالة القضية وشرف المعركة فجاء الأداء مذهلاً بل إنه أصبح حديث العالم ومحل تقدير وإشادة من المجتمع المحلي والدولي فقدموا أرواحهم فداء للوطن في سبيل أمنه والحفاظ على مكتسباته ومدخراته، حتى أضحت تجربة المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب وكشف المخططات الإرهابية قبل تنفيذها تفوق من سبقونا في هذا المجال مثل عملية الطرود البريدية التي أنقذت المعلومات الاستخباراتية السعودية العالم من كارثة محتملة. بل إن بلدا مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا لديها من الخبرة في مجال مكافحة الإرهاب الشيء الكثير لم تستطع أن تحقق ماحققناه فقد ذهبت إلى كل من أفغانستان والعراق تحت ذريعة القضاء على الإرهاب ولم تنجح في ذلك بل إن العمليات الإرهابية والتفجيرات زادت بوجودهم لعدم وجود إستراتيجية واضحة لديهم في هذا الجانب بعكس الإستراتيجية السعودية ذات الرؤى العالمية والأفق الواسع التي سوف أذكرها لاحقاً، ولعل ما يؤكد ذلك إرسال دولة مثل بريطانيا وفداً للمملكة من أجل الاستفادة من هذه التجربة بعد أن أصبحت محل أعجاب الجميع... وقول الرئيس الأمريكي إن المملكة شريك رئيسي للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب... في معرض رده على وسائل الإعلام الصهيونية التي تحاول أن تلصق تهمة الإرهاب بهذه البلاد وأهلها، كما أكد الباحث الأمريكي د. فليب سيب تحسن النظرة الأمريكية إلى جهود المملكة في مكافحة الإرهاب وقال في دراسة أوردها في كتاب (السعوديون ومكافحة الإرهاب رؤى عالمية أن وسائل الإعلام الأمريكية غيرت نظرتها إلى المملكة بعد أحداث 11 سبتمبر) وأكد الكاتب أن المملكة وقفت بحزم ضد الإرهاب منوهاً بتقرير لجنة الحادي عشر من سبتمبر التي أكدت معاناة المملكة من الإرهاب وعدم دعمها له كم زعم البعض، وجزم الكاتب أن تحسين الوضع في المستقبل يستدعي أن تكون وسائل الإعلام نزيه ومحايدة وبعيدة عن التأثر بأي جماعة ضغط خارجية). بل إن آدمز سردار المتخصص في شئون الإرهاب في جامعة دبلن لامس الحقيقة عندما قال (إن الغرب أخذ محاربة الإرهاب الدولي إلى مسالك بعيدة عن مجراه وإن الرياض تخوض الآن معركة ضاربة ضد الإرهاب بالنيابة عن العالم وإن الكثير من ساست العالم ونخبه بدأت تعي الحقيقة) وقول السفير الفرنسي بالرياض (إن تصدي السعوديين للإرهب أكبر رد على افتراءات الربط بين الإسلام والإرهاب) هذه الإشادات بخطوات المملكة الكبيرة والنجاحات غير المسبوقة بنجاح إستراتيجية المملكة الأمنية التي اتخذتها وسارت عليها في سبيل القضاء على الإرهاب و الفكر الذي يغذيه، جاء ذلك بفضل الخطوات المدروسة والنهج الذي يختلف عن نهج أي دولة في العالم في مكافحة الإرهاب فقابلت الفكر بالفكر والحجة بالحجة والبرهان بالبرهان إلى جانب المكافحة الأمنية بحزم وقوة بمعنى أنها عملت على خطين متوازيين (وقائي وميداني) وهي فكره لم يسبقها أحد إلى العمل به من قبل حيث لم تقتصر على المعالجة الأمنية ولم تقتصر على المعالجة الفكرية بل وازنت بينهم، وقد حققت هذه الخطة المحكمة والإستراتيجية الواسعة نجاحاً كبيراً ففي الجانب (الميداني) نجح رجال الأمن كما ذكر من قبل في القضاء على الكثير من الإرهابيين وإفشال مخططاتهم قبل وقوعها وبقى تجفيف المنابع واختراق دائرة المتعاطفين والممولين له أما الجانب الآخر (الوقائي) وهي مواجهة الفكر بالفكر فقد شكلت وزارة الداخلية (لجنة المناصحة) وهي لجنة شرعية تتكون من العلماء والدعاة والمفكرين، الهدف منها تصحيح المفاهيم الخاطئة والمغلوطة لدى الموقوفين وقد حققت الأهداف المرجوة في عودة الكثير من المغرر بهم إلى جادة الصواب عن طريق المناقشة والتحاقهم بدورات شرعية حتى عاد أكثر من 90% إلى جادة الطريق نادمين على ما اقترفوه من أعمال متراجعين عما تبنوه ورسموه من أفكار، إلى جانب إقامة الملتقيات التربوية في المؤسسات التعليمية التي تبين خطورة هذا الفكر المنحرف من قبل رجال الأمن والعلماء والمفكرين وبفضل العمل على هذين الخطين المتوازيين نجحت جهود المملكة في سبيل مكافحة الإرهاب، بل أنها لم تكتفي بذلك فاتخذت عدة خطوات منها منح فرص للتوبة والعودة لجادة الصواب مع العفو مما أفقد الكثير من المتطرفين الكثير من الحجج والدعاوي الباطلة. ورفضها الحوار مع من حمل السلاح علينا أو قبول المساومة كعملية اختطاف نائب السفير الخالدي الأخيرة في اليمن، وكذا دعوتها إلى إقامة المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في الرياض والذي بينت المملكة من خلاله والدول المشاركة فيه رفضها التام للإرهاب، وتوقيعها الكثير من الاتفاقات الأمنية الدولية في مجال مكافحة الإرهاب وتبادل تسليم المجرمين كل ذلك أدى إلى دحر الإرهاب و إشادة الجميع بهذه الجهود على المستوى الدولي. والنجاحات التي حققتها امملكة في مواجهة الإرهاب إلى جانب ما سبق ترجع إلى عدة أسباب منها الأداء العالي لرجال الأمن وثقة الدولة والمواطن بقدراتهم على دحر الإرهابيين والتطور النوعي الملموس في جمع المعلومات عن الإرهابيين حيث ظهر ذلك في طريقة القبض عليهم والضربات الاستباقية وتحرك المملكة دولياً لإبراز خطر الإرهاب وكذا التوجه إلى دراسة الأسباب المجتمعية والتعليمية التي وراء تشجيع التطرف وكذا حكمة القيادة في كسب أسر المطلوبين إلى جانبها في معركتها المصيرية ضد الإرهاب ونجاحها في سياستها معهم { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، كل هذه العوامل أدت إلى النجاح غير المسبوق على مستوى العالم في القضاء على الإرهاب حتى أصبحنا حديث المجتمع الدولي ومحل احترمه واستطعنا بفضل الجهود والسياسة الحكيمة التي يتبعها ولاة الأمر حفظهم الله وجهود العلماء والأجهزة الإعلامية والمؤسسات التعليمية التي بدأت تركز على تعزيز الأمن الفكري داخل مدارسها والجهود الدعوية وجهود المواطن الذي يعتبر الشريك الرئيسي لرجال الأمن أدت إلى حصر الإرهاب في خانة ضيقة حتى أصبح الآن في مرحلة الاحتضار. وبقي شيء واحد القضاء على جذوره وتجفيف منابعه يقول خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله (فلا مكان للإرهاب بل الردع الحاسم له ولكل فكر يغذيه ولكل رأي يتعاطف معه وإننا نحذر بصفة خاصة كل من يحاول أن يجد لهذه الجرائم الشنعاء تبريراً من الدين الحنيف ونقول إن كل من يفعل هذا يصبح شريكاً حقيقياً للقتلة ويجب أن يواجه المصير الذي يواجهونه). - باحث في الشؤون الأمنية والقضايا الفكرية ومكافحة الإرهاب [email protected]