الديوان الملكي ينعى بدر بن عبدالمحسن    الذهب يتأرجح مع تزايد المخاوف بشأن أسعار الفائدة    70 % نسبة المدفوعات الإلكترونية بقطاع التجزئة    مجلس الشؤون الاقتصادية يشيد بالنمو المتسارع للاقتصاد الوطني    مفاوضات هدنة غزة.. ترقب لنتائج مختلفة    «الأوروبي» يدين هجمات موسكو السيبرانية    الأمم المتحدة تغلق ممر المساعدات إلى دارفور    الهلال يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة الأهلي    رونالدو: لا أركض وراء الأرقام القياسية    الطائي يتعادل مع الخليج سلبياً في دوري روشن    بتنظيم وزارة الرياضة .. "الأحد" إقامة المؤتمر الدوري للقطاع الرياضي    النصر يتخم شباك الوحدة بسداسية    أمر ملكي بتعيين 261 عضواً في النيابة العامة    ضبط 19662 مخالفاً للعمل وأمن الحدود    غياب "البدر" يكسّر قوافي الشعر    أوبرا «زرقاء اليمامة» تقدم تفسيراً لإحدى أقدم الأساطير    الإيكيجاي    انقطاع الأثر وضرورة القطيعة    انطلاق فعاليات «شهر التصلب المتعدد» بمسيرة أرفى    سفير خادم الحرمين في الفلبين يستقبل التوءم السيامي وأسرتهما    «ذبلت أنوار الشوارع.. وانطفى ضيّ الحروف»    النملة والهدهد    سباق نادر بين ترمب وبايدن    حماس تقدم تنازلات وإسرائيل تتمسك بالحرب    هيئة الأفلام تشارك في الدورة العاشرة لمهرجان أفلام السعودية    سلطان الحربي حكماً لمباراة النصر والوحدة    ضبط مواطن في حائل لترويجه مادة الإمفيتامين المخدر    تعيين 261 مُلازم تحقيق بالنيابة العامة    حصر المباني الآيلة للسقوط بالدمام    تحذيرات من 5 أيام ممطرة    لا توجد حسابات لأئمة الحرمين في مواقع التواصل... ولا صحة لما ينشر فيها    غداً.. إقامة المؤتمر الدوري للقطاع الرياضي في الرياض    25 يوما وتبدأ عقوبات عدم ترقيم الإبل    منصور بن متعب ينقل تعازي القيادة لرئيس دولة الإمارات في وفاة الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    "فلكية جدة": شمس منتصف الليل ظاهرة صيفية    أمير الجوف يعزي معرّف جماعة الشلهوب بوفاة شقيقه    الديوان الملكي ينعى الأمير بدر بن عبدالمحسن    الرياض تستضيف أكبر معرض دولي في صناعة الدواجن    رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمراً دوليّاً للقادة الدينيين.. الثلاثاء    السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة منظمة التعاون الإسلامي وتطويرها    وزير الخارجية: السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة «التعاون الإسلامي» وتطويرها    160 ألف سيارة واردات المملكة خلال عامين    وزير الخارجية يرأس وفد المملكة بالقمة الإسلامية    اللجنة الثلاثية «السعودية - التركية - الباكستانية» تناقش التعاون الدفاعي وتوطين التقنية    توافق سعودي – أذربيجاني على دعم استقرار "النفط"    مصر: الفنانة السورية نسرين طافش تستأنف على الحكم بحبسها 3 سنوات.. الأربعاء    الذكاء الاصطناعي يبتكر قهوة بنكهة مميزة    3 مخاطر لحقن "الفيلر" حول العينين    بيان «الصحة» عكس الشفافية الكبيرة التي تتمتع بها الأجهزة الحكومية في المملكة    محمية عروق بني معارض.. لوحات طبيعية بألوان الحياة الفطرية    بأمر الملك.. إلغاء لقب «معالي» عن «الخونة» و«الفاسدين»    سحب لقب "معالي" من "الخونة" و"الفاسدين"    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية    انطلاق ميدياثون الحج والعمرة بمكتبة الملك فهد الوطنية    كيفية «حلب» الحبيب !    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان رئيس الإمارات في الشيخ طحنون آل نهيان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وتستمر مسيرة الخير والعطاء والنماء في بلادنا الحبيبة
ناصر الموسي
نشر في الجزيرة يوم 27 - 06 - 2012

في أقل من عام، فجعت المملكة العربية السعودية والعالمان العربي والإسلامي، بل والعالم أجمع مرتين: الأولى بوفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، والثانية بوفاة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز يرحمهما الله.
وبهذا الخطب الجلل، والحدث العظيم، والمصاب الأليم الذي تعرضت له بلادنا مرتين في غضون شهور، ودعت المملكة العربية السعودية ابنين بارين من أبنائها، ورجلين فذين من رجالاتها، وبانيين مسددين من بُناة مجدها، نذرا نفسيهما ووقتيهما وجهديهما وماليهما في سبيل خدمة الدين ثم المليك والوطن والمواطن، وفقد العالمان العربي والإسلامي رمزين من رموز الخير والعطاء والنماء، وعلمين من أعلام المحبة والمودة والوفاء، ونموذجين من نماذج التعاون والتآخي والإباء، كرسا كل إمكاناتهما المادية والمعنوية لخدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وخسر العالم كله زعيمين سياسيين محنكين، وقائدين إنسانيين ملهمين، وأميرين عبقريين نبيلين، ضربا بسهم وافر في إرساء قواعد الأمن والعدل والنبل والتسامح والسلام في ربوع العالم.
وفي لحظات الوداع الأخيرة، نشعر أن الخلق كلهم جميعاً قد وقفوا يودعونكما يا أبا خالد وأبا سعود، وأفئدتهم تمتلئ حرقة ولوعة، وأعينهم تفيض من الدمع أسى وحسرة، وألسنتهم تلهج بالدعاء إلى الله العلي القدير أن يسكنكما الفردوس الأعلى من الجنة، وأن يكتب كل ما قدمتما في ميزان حسناتكما.
وفي كل مرة ينبري قائد المسيرة، خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - أدام الله عزه - الملك الصالح، الإمام العادل، القائد الملهم، الزعيم المحنك، رجل المهمات الكبيرة بإصدار أوامره الملكية الكريمة باختيار وتعيين الأمراء النبلاء في المناصب الشاغرة في القيادة، وتأتي هذه الأوامر بمثابة البلسم والعزاء والمواساة لنفوس أبناء الشعب السعودي الحزينة، وقلبوهم المكلومة برحيل فقيدي الوطن الغاليين، وتثبت الأيام أن هؤلاء الأمراء هم خير خلف لخير سلف، وهذا يؤكد بالدليل الواضح، والبرهان القاطع أن الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود - طيب الله ثراه - قد أرسى قواعد الحكم في بلادنا، ووطد أركان القيادة فيها، وبنى دعائم اللحمة بين الشعب وقيادته على أساس سليم، ونهج قويم، ومبادئ عظيمة تسمح بإجراء التعديلات والتغييرات في القيادة التي تقتضيها متطلبات الحياة بيسر وسهولة وسرعة وسلاسة لا يملك العالم كله أمامها إلا أن يقف إعجاباً واحتراماً وتقديراً لبلادنا.
ويجمع الذين يعرفون الأميرين الراحلين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز، والأميرين اللذين تشرفا بالقيام بمهامهما صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، وصاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز، وزير الداخلية، على أن هؤلاء الأمراء رجال استثنائيون آتاهم الله الحكمة، والذكاء، والعمق في التفكير، وبُعد النظر، والفطنة، وسرعة البديهة، والقدرة على العزم والحزم في المواقف المهمة، وغير ذلك من الصفات القيادية، كما أن الله - سبحانه وتعالى - قد منَّ عليهم الأمراء بالعلم الغزير، والحلم الوفير، والأدب الكثير، والتواضع الجم، والكرم الأصيل، والجود المتناه، والخلق الرفيع، والتعامل الراق، وغير ذلك من السجايا الحميدة.
وماذا أقول فيهم وهم الأمراء النبلاء، والرجال العظماء، والآباء الفضلاء، وماذا أقول فيهم وأعمالهم تغني عن أي قول أو بيان؟ والوفاء بقدرهم وحقهم يعجز عنه اللسان، وماذا أقول فيهم تعبيراً عما نكنه لهم جميعاً من مشاعر الحب وفائق الامتنان؟ لعلي لا أكون مبالغاً إذا قلت يكفيهم أنهم متربعون في قلب كل إنسان، وكيف لا، وقد ملكوا القلوب بحبهم وعدلهم، وكيف لا، وقد زرعوا الأرض حُباً للخير، وعطاءً للغير، وفجروا فيها عيوناً جارية بالإنسانية والبر، فأنبتت الأرض نباتاً حسناً بإذن ربها، نباتاً باسقاً سامقاً لا تخطئه عين، فأشاعوا العمل الإنساني على أرقى المستويات، ليس فقط في ربوع مملكتنا الحبيبة، وإنما امتدت آفاقه إلى مختلف أنحاء المعمورة، كما أنهم قد بنوا العمل الخيري على أعظم قواعد التأسيس كي يتم له الدوام والاستمرار بإذن الله تعالى.
وحيث إن ما سأقوله في السطور التالية لا يعد سرداً تاريخياً أو توثيقاً علمياً لمسيرة هؤلاء الأمراء النبلاء، وإنما هو تعبير عن بعض المشاعر والخواطر التي نكنها لهم نحن ذوي الإعاقة في المملكة، فإنني سوف أكتفي بذكر عمل واحد، أو موقف واحد يدلل على مدى اهتمامهم جميعاً بذوي الاحتياجات الخاصة عامة وذوي الإعاقة على وجه الخصوص.
فسلطان الخير... أعماله وأفعاله في العمل الخيري أكثر من أن تعد أو تحصى، ويكفي أن أشير هنا إلى ذلك الصرح الإنساني الشامخ الذي يعانق عنان السماء في بلادنا الحبيبة، ألا وهو (مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية)، التي تعد أكبر داعم للبرامج والأنشطة والفعاليات التي تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة في القطاعين الأهلي والخيري، وقد خرج من رحم هذه المؤسسة عدد من المشروعات العملاقة، يأتي في مقدمتها (مدينة سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية)، والتي تعد بحق من أكبر مراكز التأهيل في العالم.
أما نايف الأمن ... فقد كرس حياته كلها في سبيل إيجاد بيئة آمنة مطمئنة تدعم ظهور وانتشار وازدهار مؤسسات وهيئات وجمعيات المجتمع المدني التي تعاضد الدولة بتوفير الخدمات والبرامج لذوي الاحتياجات الخاصة.
وآخر موقف جمعنا به - يرحمه الله - كان الزيارة التي قمنا بها له في مكتب سموه ممثلين لجمعية المكفوفين الخيرية بمنطقة الرياض، وقدمنا له تقريراً موجزاً عن الجمعية ونشاطاتها، فأخذ - يرحمه الله - يسألنا عن الصغيرة والكبيرة في جمعيتنا حتى شعرنا بأنه لا يعنى إلا بجمعيتنا وحدها.
أما سلمان الوفاء... فأعماله وأفعاله - هو الآخر - يصعب حصرها، فهو يرأس العديد من المؤسسات والجمعيات فعلياً أو فخرياً، وأكبر هدية قدمها سموه لذوي الإعاقة هي مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة الذي أسسه سموه، وهو رئيسه الأعلى، ويشرف عليه ويسِّير أعماله صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء المركز، ويعاونه في ذلك نخبة من الأمراء والوزراء ورجال الأعمال، وقد أصبح المركز أحد المراكز العالمية التي يشار إليها بالبنان، وقام بأعمال جليلة من بينها نظام رعاية المعوقين في المملكة، والعديد من الأبحاث والدراسات التطبيقية في مجالات الإعاقة المختلفة، وقد توج المركز أعماله البحثية باستحداث جائزة عالمية تحمل اسم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، هي (جائزة الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة) التي تمنح في فروع ثلاثة: فرع العلوم الطبية والصحية، وفرع العلوم التعليمية والتربوية، وفرع العلوم التأهيلية والاجتماعية، وهي تهدف إلى تشجيع الباحثين والعلماء في مجال البحث العلمي المعني بالإعاقة محلياً وإقليمياً وعالمياً. أما أحمد الحكمة ... فهو من الداعمين الأساسيين للبرامج والخدمات والأنشطة التي تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة، وأتذكر من مواقفه المهمة رعايته الكريمة للمؤتمر الدولي لصعوبات التعلم الذي نظمته وزارة التربية والتعليم في سنة 1427 ه، حيث ألقى سموه الكريم في حفل افتتاح هذا المؤتمر كلمة ضافية عبر فيها عن مدى حرصه واهتمامه بذوي الاحتياجات التربوية الخاصة عامة وذوي صعوبات التعلم على وجه الخصوص.
وبهذه المناسبة، أدعو دارة الملك عبد العزيز، وكافة المراكز التاريخية في المملكة إلى الاهتمام بتوثيق مسيرة قادة هذه البلاد في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة، وسوف يجدون إرثاً عظيماً، ومجداً تليداً، ومستقبلاً زاهراً تعيشه هذه الفئات.
وفي الختام .. أدعو الله - سبحانه وتعالى - أن يحفظ بلادنا، وأن يحفظ عليها أمنها واستقرارها، وأن يحفظ لها قيادتها الحكيمة، كي تواصل مسيرة الخير والعطاء والنماء.
رئيس مجلس إدارة جمعية المكفوفين الخيرية بمنطقة الرياض - المشرف العام على مطابع خادم الحرمين الشريفين لطباعة القرآن الكريم بطريقة برايل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.