شعر - علي الهديب

رحلة المغامرة

طويت بها البيد القفار نهاريا
قطعت وقد أصبحت بين مفازة
من الأرض لا خل ولا متحاميا
فما أبصرت عيناي مثل ذئابها
ولا سمعت أذناي مثل ندائيا
ولقد دنت مني الذئاب عشية
جوعى وظمأى تستحل دمائياً
تحينت أن الذئب باد عواؤه
وراحلتي فزعى تعد فراقيا
فأودت بذئب يرصد العظم نابه
عزيز عليها أن تدك عظاميا
كأن نداء الروع باد أنينه
على حين دب الليل تنظر ما بيا
ويا ساق أطلاح تفيأت ظلها
لها أفرع نضر مددت حباليا
فلا النوم يغشاني لأول نعسة
ولا النوم يغشاها تبيت حياليا
مهفهفة الأرياح هب نسيمها
أضحى وأمسى تاركا ما ورائيا
ونار أبادلها الهموم بزفرة
والليل داجٍ نوره بل خافيا
ويا أرض واد اضمحل جمالها
تركت بك الأثر الحزين مناديا
فلا أنتِ مأوى الشعر يرسل عذبه
ولا أنتِ مهوى الصب نادم حاديا
ولا أنتِ عقد الدر ينظم حبه
ولا أنتِ نبع الماء قرب صاديا
ولا أنتِ سلوة عابر متهيم
ولا أنتِ صهوة فارس متباريا
وعند خروجي للصباح مطارداً
أبغي بعدوي ذا الطريدة زاديا
على ذات أخفاف تقرح خفها
أرنو الظليم والضباء الأقاصيا
وقد عيل صدري للظليم وفره
فجردت سيفي ممسكا برماحيا
فما كان من قرب أصاب مهندي
وما كان من بعد تنال قناتيا
فيا لك من نضو تردى سنامها
ولا أحجمت نفسي بفضلي ركابيا
تبينت أن الأفق باد ظلامه
ربطت ذلولي واحتملت سلاحيا
ألم ترني يوم الفجيعة راجلاً
فعني وعن رحلي أذود الأفاعيا
تصارع صلا مسرعاً نحو ساقها
عذراً مسامرتي فقدت حراكيا
إذا هو ملتف بطول قوامه
عظيم فحيح الصوت أقبل ساعيا
فبادره مني الحسام بضربة
فصلت بها الرأس المهيل أماميا
يا ناق دب السم في أحشائها
تكابد أهوالا تصيح فدائيا
ولقد نزلت من الديار بكثرة
فلا وربي لم أر كقفاريا
دع المهالك إن القرب محمدة
ولا تلقين النفس دونك نائيا
وعود النفس ما الديار وما بها
تجد لذة إن كنت أنت مشاجيا
فيا عجبا كيف اتفاق تباعد
أنس وخوف لا اخالك داريا
تبغي الحياة مسروراً ذوي دعة
دون ابتغاء الظعن بل متحاشيا
سبحان ربي جل في ملكوته
خيراً وشراً محصياً أقداريا
له وإليه يرجع الأمر حكمة
عزيزا ذليلاً قد رجوت فلاحيا