بيتكوين تسجل أعلى مستوى لها مقتربة من 112 ألف دولار    وزير الاتصالات يعقد اجتماعات مع قادة المنظمات الدولية ووزراء الاقتصاد الرقمي    إلغاء إلزامية خلع الحذاء عند نقاط التفتيش في جميع مطارات أميركا    مشاركة سعودية في تطوير التحكيم الآسيوي .. اختتام برنامج شهادة مقيمي الحكام 2025    منتخبات الأحساء وعسير والجوف والمدينة تكمل قائمة المتأهلين لبطولة المنتخبات الإقليمية تحت 13 عاماً    باريس سان جيرمان يقسو على ريال مدريد برباعية تاريخية    المملكة توزّع (2.617) سلة غذائية في عدة مناطق بباكستان    مستشفى الأقصى.. «أيامنا معدودة»    "الثقافة" تنظّم الأسبوع الثقافي السعودي في أوساكا    بأمر الملك.. الفياض مستشار بالديوان الملكي    القيادة تهنئ رئيس الأرجنتين بذكرى بلاده    الراجحي: برنامج كفالة الفئات الأكثر احتياجًا يجسد حرص القيادة لتعزيز الشمول المالي    «الشورى» يقر دراسة إنشاء سوق لتداول أدوات الدين والتوسع بالإدراج المزدوج    «الديوان الملكي»: وفاة بزه بنت سعود..ووالدة عبدالله بن سعود بن سعد    300 طالب في «موهبة الإثرائي» بالقصيم    "القصيم الصحي" يكرم المتميزين في مبادرة "إنسانيون الصحة"    ضبط 4 باكستانيين في المدينة المنورة لترويجهم (1.7) كجم (شبو)    أرنولد يغيب عن تشكيلة الريال في مواجهة سان جيرمان    وزير الدفاع يستقبل وزير دفاع المجر    بدعم من إحسان أجهزة تنقية المياه في منازل مستفيد روافد النسائية بالعيص    معالي أمين الشرقية يزور معرض سكني بالخبر    معالي الوزير الحقيل يبحث تحديات القطاع البلدي مع رجال الأعمال في الاحساء    نائب أمير منطقة مكة يستقبل معالي الأمين العام لهيئة كبار العلماء في ديوان الامارة    فرع هيئة الصحفيين السعوديين بالمدينة المنورة ينظم ورشة " الأخبار العاجلة بين السبق والمصداقية"    أمير تبوك يزور الشيخ أحمد الخريصي في منزله    د.الجوهرة آل سعود: أكدت أن التوازن بين العمل والأسرة يجود الحياة ويزيد الرضا الوظيفي والعائلي    نائب أمير جازان يستقبل مدير فرع بنك التنمية الاجتماعية بالمنطقة    أمير تبوك يطلع على التقرير الشامل لأداء إدارة التعليم بالمنطقة    أمير تبوك يستقبل رئيس المجلس التأسيسي للقطاع الشمالي الصحي والرئيس التنفيذي لتجمع تبوك الصحي    "الذوق العام" تدرب مندوبي التوصيل على مستوى المملكة        أمير منطقة جازان يرعى حفل افتتاح ملتقى "جسور التواصل 2025"    سمو نائب أمير منطقة عسير يدشّن حملة "صيّف بصحة"    زيادة بنسبة 121% في عدد العمليات الجراحية في تجمع الأحساء الصحي    روسيا تشن هجوما جديدا بالصواريخ والمسيرات على أوكرانيا    جدة تستعد لاحتضان بطولة العالم للبلياردو 2025    السعودية تحلق عالمياً    البيئة تشارك في دورة تقنيات حصاد مياه الأمطار بالصين.. السعودية نموذج في مكافحة التصحر وتعزيز الاستدامة    عباقرة سعوديون ينافسون 90 دولة في أولمبياد الكيمياء    القراءة والغرور    فن الحديث في النقاط الملتهبة داخل الأقسام العلمية    خسائر بشرية وبيئية وتحذيرات دولية.. هجوم حوثي يضرب الملاحة الدولية قبالة الحديدة    إسرائيل تواصل غاراتها رغم وقف النار.. اغتيال قيادي في «قوة الرضوان» جنوب لبنان    وسط صمت دولي وتمسك الدبيبة بالسلطة.. تحركات لتشكيل حكومة ليبية جديدة    الهلال يبهر العالم    11 مليون"تبليغ" إلكتروني لأطراف القضايا في 2025    تغطية إعلامية غير مسبوقة من قلب الرياض| كأس العالم للرياضات الإلكترونية يبث إلى 140 دولة حول العالم    دراسات حديثة: الكركديه ليس آمناً للجميع    «الريزن».. حرفة تحاكي حائل ومعالمها    إطلاق مبادرة "إثراء قاصدينا عِزُّ لمنسوبينا"    مستشفى الملك فهد الجامعي يدشّن "صوت المستفيد"    أمير منطقة جازان يلتقي مشايخ وأهالي محافظة الريث    التطبير" سياسة إعادة إنتاج الهوية الطائفية وإهدار كرامة الانسان    مركز الملك سلمان يوزع مساعدات غذائية في 3 دول.. تنفيذ مشروع زراعة القوقعة في الريحانية بتركيا    الحب طريق مختصر للإفلاس.. وتجريم العاطفة ليس ظلماً    ترحيل السوريين ذوي السوابق الجنائية من المانيا    الرياض تستضيف مجلس "التخطيط العمراني" في ديسمبر    ألف اتصال في يوم واحد.. ل"مركز911"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجربة محسن الهزاني ومسافة التطور الشعري والثقافي(2-2)
نشر في الجزيرة يوم 20 - 10 - 2010

إن المتتبع لتجربة محسن الهزاني يجد أنه صاحب تجربة ناضجة ومميَزة، تعكس خلفيته الثقافية الجيدة قياساً على الظروف الزمنية التي عاشها؛ لذا لا يستغرب أن نلمس بوضوح ذلك التطور الذي شهدتها هذه التجربة الشعرية للهزاني. فإذا كان محسن الهزاني قد التفت إلى غرض الغزل في مرحلة شبابه، ليفتح بذلك آفاقاً جديدة أمام هذا الغرض، ويمنحه أهمية كبرى في الحقبة الزمنية التي عاشها، وما تلا هذه الحقبة بعد ذلك، إلا أنه ليس من الإنصاف، أن تختزل تجربة شاعر كبير بحجم محسن الهزاني بغرض الغزل وإن اشتهر فيه، فمحسن الهزاني ترك إرثاً شعرياً متكاملاً اتسع لمعظم أغراض الشعر، فنجده كتب في الوصف، والمدح كقصيدته في مدح الشيخ وطبان الدويش، أو كالرثاء في مرثية بمسلط الرعوجي أو محبوبته قوت، كما أنه كتب في الحكم والوعظ والنصح وقدم لنا نصوصاً شعرية رائعة لخص من خلالها العديد من خبراته التي اكتسبها في الحياة. يقول الهزاني في إحدى قصائده:
غنا النفس معروفِ بترك المطامع
وليس لمن لا يجمع الله جامع
ولا مانع لما يعطي الله حاسد
ولا صاحب يعطيك والله مانع
ولا للفتى أرجا من الدين والتقى
وحلم عن الجرم وحسن التواضع
ويسترسل محسن الهزاني في نصحه، إلى أن يختم هذه القصيدة بالدعاء لله سبحانه وتعالى وطلب السقيا لبلدته الحريق. وما دام الحديث عن الاستسقاء، فلمحسن الهزاني قصيدة مشهورة يستهلها بالثناء على الله سبحانه وتعالى ويختمها بطلب السقيا لبلدته الحريق، وهي التي يقول في مطلعها:
دع لذيذ الكرى وانتبه ثمَ صل
واستقم في الدجى وابتهل ثم قل
يا مجيب الدعا يا عظيم الجلال
يا لطيف بنا دايمٍ لم يزل
واحدٍ ماجدٍ قابضٍ باسطٍ
حاكمٍ عادلٍ كلَ ما شا فعل
ظاهرٍ باطنٍ حافظٍ رافعٍ
سامعٍ عالمٍ ما بحكمه مِيل
ومن القصائد المشهورة لمحسن الهزاني، قصيدته التي وسمت ب (قصيدة التوبة)، وقد ذكر الحاتم أن الهزاني قالها في شيخوخته، وفيها يحث الشاعر جيل الشباب باستغلال صحتهم في طاعة الله سبحانه وتعالى والقيام بالعبادات على أكمل وجه قبل أن تنتهي هذه الصحة بالسقم ويزول الشباب أمام تقدم الشيخوخة، وفي مطلعها يقول:
سرَح القلب في عشب روض الندم
وامزج الدمع من جفن عينك بدم
واغتنم صحَتك يا فتى والفراغ
فانَ لابدَ ذو صحَةٍ من سقم
واحبس النفس عن تبع الهوى
قبل أن يا فتى بك تزلَ القدم
وهذه القصيدة رغم شهرتها، إلا أنه ليست الوحيدة في هذا الغرض، فلمحسن الهزاني عدة قصائد يحذر فيها من التعلق بالدنيا وحياتها الفانية، ومن ذلك قوله:
أبا الله ما يبقى من الخلق واحد
وكلَّ نعيمٍ ما سوى الخلد نافد
لكلِّ أمرىءٍ فيها مقامٍ وينقضي
وكل عمل ما هو ب لله فاسد
فلا تبتغي من غير مولاك مطلب
فلا عنك يومٍ يمنع الرزق حاسد
وأخيراً، أرى أنه ليس من المهم إن كان محسن الهزاني هو أول من أدخل نظام القافيتين على الشعر النبطي أم لا، ولكن من المؤكد أن انتشار ذلك كان في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، وهي الفترة التي كان محسن الهزاني أحد أبرز رموزها، واستطاع بكل جدارة أن يؤسس لنهج شعري كان له تأثيره البالغ في الشعراء الآخرين، كما أنه تفنن كثيراً في طرق الشعر باستخدام عدة ألحان، وحقق أسبقية في النظم على بعض الألحان التي ابتكرها. كما أنه صاحب تجربة متطورة، شهدت الكثير من التغيرات والنضج، سواء من حيث ثقافة الشعر ومواضيع القصائد، أو من حيث النضج في الحبكة الشعرية، والأدوات الفنية التي أحسن الشاعر توظيفها في نصوصه. وأعتقد أن الدارس المتمعن لتجربة محسن الهزاني، سيخرج بفوائد عدة إضافة إلى سبر أغوار تجربته الشعرية، فمن خلال قصائد الهزاني أو حتى معاصرية من شعراء تلك الحقبة الزمنية، يستطيع الباحث أن يخرج بانطباع عن الظروف الحياتية والاجتماعية في تلك الفترة، كما يمكن توثيق العديد من مفردات اللهجة العامية المحكية لتلك الفترة لاسيما للمنطقة التي عاش فيها كل شاعر. فنجد في شعر محسن الهزاني العديد من المفردات الدارسة من اللهجة المحكية لمنطقته في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، ومن منها على سبيل المثال: مفردة (الهجاهيج) وهي الأبل التي تعدو مسرعة، وذلك في قوله:
يا راكبٍ من فوق حرَ هجينا
ممشاه يوم للهجاهيج تسعين
وغير ذلك من المفردات التي لا يتسع المجال لذكرها في هذه العجالة.
وختاماً يحتاج القارئ لتجربة الشاعر الكبير محسن الهزاني أن يتلقاها كتجربة متكاملة بمختلف مراحل نموها وتطورها، حتى يصدر عليها حكماً فكرياً وفنياً ينصف فيه الشعر والشاعر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.