الأخضر الأولمبي يتغلّب على كوريا الجنوبية برباعية استعداداً لكأس آسيا 2026    السعودية تحتضن تصفيات كأس آسيا للناشئات تحت 17 عاماً    زلزال بقوة 7,4 درجات يوقع سبعة قتلى في جنوب الفلبين    إحباط تهريب (14) كجم "حشيش" و (58,950) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي في جازان    أمانة جازان تواصل تنفيذ مبادرة "جازان الخضراء" لتعزيز الوعي البيئي    الهلال يكشف مستجدات لاعبيه المصابين    إيليت العلا يرسم خارطة طريق لتمكين الشراكات باستثمارات تتجاوز 15 مليار ريال    جمعية الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بمحافظة بيش تكرم الطلاب والدعاة وتحتفي بالمسلمين الجدد    الإبل في جازان.. إرث أصيل وثروة وطنية متجددة    توماس مولر سيعمل محللًا تلفزيونيًا خلال كأس العالم 2026    بيلينغهام يتحدث بصراحة عن معاناته النفسية    جمعية ضياء بعسير تحتفل باختتام دورة الحاسب الآلي للمكفوفين    الهيئة الملكية بينبع تنظّم مهرجان الفن الجرافيتي    بلدية صبيا تواصل أعمال صيانة وتأهيل الأرصفة لتحسين البنية التحتية ورفع مستوى السلامة    الشؤون الإسلامية في جازان تقيم معرضاً للصحة النفسية والأداء الوظيفي تزامنا مع يوم الصحة النفسية العالمي    انطلاق مواجهات ربع نهائي كأس الاتحاد السعودي لكرة الطائرة غداً في القطيف    محمد بن عبدات يكتب..بعيدًا عن الرياضة حفظ الله بلاد الحرمين من كل حاسد    الذهب يوقف مكاسبه القياسية ويتطلع لتحقيق مكاسب أسبوعية ثامنة    إمام المسجد النبوي يحذر من الإصرار على الذنوب ويدعو إلى دوام التوبة والاستغفار    الحرف اليدوية تجذب زوار معرض الرياض الدولي للكتاب    عقد شراكة بين الفتح وشركة مكارم    مفردات من قلب الجنوب 25    الدفاع المدني في غزة يفيد بانسحاب القوات الإسرائيلية من عدة مناطق    الأمير سعود بن نهار يستقبل مدير إدارة الدفاع المدني بالمحافظة    محافظ الطائف يقدم التعازي لأسرة الزهراني    مركز الملك عبد العزيز للتواصل الحضاري يحتفي بيوم المعلم بالشراكة مع إدارة التعليم بالحدود الشمالية    جمعية القلب السعودية تطلق تطبيق "مُنقذ" وتفتتح مؤتمرها السنوي ال36    كشافة تعليم جازان تشارك في منافسات "رسل السلام للتميز الكشفي" بالطائف    ارتفاع أسعار الذهب    مركز الملك سلمان للإغاثة يمنح "سلال الغذائية" شهادة الموافقة الأولية للعمل خارج المملكة،    إصدارات "الملوك" توثق مسيرة القيادة السعودية    معرض "الباسقات" في إثراء يحتفي بتاريخ النخلة بوصفها رمزًا عالميًا    نائب أمير المنطقة الشرقية يقدم التعازي لأسرة الرميح    نتائج مباريات تصفيات كأس العالم 2026    "شؤون الحرمين" تستعرض ابتكاراتها في خدمة ضيوف الرحمن    بدء موسم "الثروي" في منطقة الحدود الشمالية    الأسهم الأمريكية تغلق على انخفاض    مراسلة اندبندنت عربية الراحلة مريم أبو دقة تفوز بجائزة بطل حرية الصحافة    روسيا مشتتة بين ضبط أسلحتها النووية وتطوير سو - 57    معرض الجامعات الأمريكية يزور 3 مدن سعودية لتعزيز فرص الدراسة في الولايات المتحدة    إغلاق عدد من "اللاونجات" في عسير لمخالفتها الذوق العام    وزير الصحة يتفقد مجموعة من المشاريع الصحية في جازان    عروض أدائية تثري فعاليات معرض الرياض للكتاب    أمير منطقة جازان يستقبل وزير الصحة    بدء أعمال الصيانة بجسر طريق الملك فهد تقاطع الشارع العاشر السبت المقبل    الكلية التقنية التطبيقية بالرياض تقيم معرضًا توعويًا بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية    السعودية ترحب باتفاق غزة والبدء في تنفيذ مقترح ترمب    مع تصاعد حرب المسيرات بين روسيا وأوكرانيا.. أوروبا تحذر من «نزاع هجين»    أكد أهمية التكامل الخليجي.. وزير الاتصالات: توجيهات القيادة تمضي بالمملكة نحو تصدير التقنية و«الذكاء»    السعودية تدين اقتحام إسرائيليين باحات الأقصى.. ارتفاع قتلى غزة وتحذير من انهيار النظام الصحي    أكد دعم مصر للمفاوضات.. السيسي يدعو ترمب لحضور توقيع اتفاق غزة    اكتشاف ارتباط بين اضطراب التوحد وصحة الأمعاء    أمير المدينة المنورة يستقبل وزير الحج والعمرة    نوبل تحتفي بنا    الأهالي يعبّرون عن امتنانهم للأستاذ سعيد بن صالح القحطاني: كفيت ووفيت    مكارم الأخلاق.. جوهر الإنسانية المتألقة!    حدثوا أبناءكم وذكروهم    بهدف تطوير ورفع كفاءة منظومة العمل بالعاصمة.. إطلاق برنامج «تحول الرياض البلدي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حمّاد بن حامد السالمي
عَودة (الحَضارم)..؟!
نشر في الجزيرة يوم 31 - 01 - 2010

شاهدت على قناة العربية قبل عام تقريباً، حِذْفاً من حلقات فيلم (هجرة الحضارم). كان هذا العمل الفني؛ رصداً غاية في الإبداع، وكنت أود التعليق على هذه الظاهرة الإيجابية في التاريخ البشري .
وعن قصة نجاح فريدة، نسج خيوطها أبناء حضرموت في مشارق الأرض ومغاربها على مر التاريخ، فهم الذين ظلوا يبنون أمجادهم، ويصنعون أسطورتهم، بجدهم وكدهم وكفاحهم، فقد حل الحضارم في دول آسيوية وإفريقية، واندمجوا في شعوب كثيرة، وتعاطوا مع مجتمعات وثقافات أكثر، فعاشوا بنائيين لا هدامين، ودعاة سلم وحضارة وتقدم، وضربوا المثل الأعلى في تمثيل الرجل العربي المسلم، بأمانته وكرمه وخلقه وشهامته، وبهذه القدوة الحسنة التي كانوا عليها في مهاجرهم منذ مئات السنين، قادوا شعوباً وقبائل إلى الدخول في الإسلام، طوعاً لا كرهاً، وحباً لا بغضاً، فدينهم هو دين المعاملة، وهم من يتقن المعاملة مع الآخرين، بأدب جم، واحترام ونزاهة، فما أن يحل أبناء حضرموت في بلد من بلدان مهاجرهم، حتى يبزوا أبناء البلد الأصليين، في الاقتصاد، وفي ضروب التجارة، وفي العلم والأدب والسياسة، واستطاعت أجيال من المهاجرين الحضارمة، أن تكون صورة ذهنية إيجابية عن الإنسان الحضرمي.
* إن هجرة الحضارم، قديمة جداً على ما يبدو، فإقليم حضرموت مثل بقية أقاليم اليمن، تأثر كثيراً بانكسار سد مأرب في القرن الثامن قبل الميلاد، فهذا الحادث الشهير في تاريخ البشرية، أعقبه جفاف وقحط في اليمن، الذي كان سعيداً قبل تهدم السد، ولعل من أوائل المهاجرين الحضارمة، عرب البربر الذين هم في شمالي إفريقية، ثم تلا ذلك هجرات أخرى، أشهرها كانت إلى بلدان جنوب شرق آسيا، وجنوب وشرق إفريقية.
* إذن تحولت حضرموت بعد تهدم سد مأرب، إلى أرض طاردة لأهلها، الذين جبلوا على العمل والكفاح والتجارة، ويحلو لبعض المؤرخين والكُتّاب، الربط بين حالة الطرد هذه؛ واسم حضرموت نفسه: (حضر... موت)..! مع أن المرجح أن الاسم يعود إلى ملك من ملوكها اسمه: (حضرموت بن قحطان بن سام بن نوح).
* إن لحضرموت أرضاً وبشراً، ثقلها التاريخي عبر قرون عدة، ولها سمعتها الطيبة عند العرب والمسلمين كافة، وخاصة عند دول الجوار في المملكة العربية السعودية والخليج، وما يضر بهذه السمعة، ويهدد ذلك الثقل التاريخي، هو سلوك قلة من أبناء حضرموت، الذين بطبيعة الحال، لا يمثلون إلا أنفسهم، لكن شذوذ هذه القلة عن منهج الحضارم الحضاري، وتطرفها الذي أصبح عابراً للقارات، لن يعود على حضرموت وأهلها إلا بالوبال، انطلاقاً من (أسامة بن لادن)، الذي اختار طريق الشر، وخرج بأموال طائلة، ورثها عن أبيه -رحمه الله-، في البلد الذي ولد فيه وعاش فيه وحمل جنسيته، ثم راح يصرف مئات الملايين، على تمويل القتل والتفجير والدمار في أقطار كثيرة، وفي مختلف قارات العالم.. ثم نرى ونشهد في الآونة الأخيرة، كيف تحولت حضرموت، أرض الحضارم النبلاء الأشراف، إلى مأرز ومنطلق لخلايا القاعدة الإرهابية، وهذا التحول الجديد في تاريخ حضرموت، لم يكن ليحدث أبداً، لو أن أهل حضرموت الذين هم فيها اليوم، أبوا على أنفسهم هذا العار، وطردوا عناصر القاعدة الذين جاؤوا إلى حضرموت من أقطار مجاورة وأخرى بعيدة، وهم الذين اختاروا حضرموت على ما يبدو، لرمزية الربط بينها وبين زعيم القاعدة الإرهابية (ابن لادن).
* عندما شاهدت احتفالية عناصر القاعدة الإرهابية في حضرموت، وهم بالآلاف المؤلفة، حزنت والله على حضرموت وأهلها، وشعرت أن تاريخ الحضارم المجيد، الذي بنوه عبر مئات السنين، يُشوَّه على أيدي زمرة أو فئة لا تعرف قيمة حضرموت، ولا تقدر تضحيات الأوائل والأواخر من أبناء حضرموت، الذين حفروا في الصخر، وكدوا وجهدوا وصبروا، حتى وصلوا في مهاجرهم البعيدة والقريبة، إلى رؤساء دول، وزعماء حكومات، وملاك شركات كبيرة، وبنوك كثيرة، وهم لم يصلوا إلى هذا النجاح العظيم، بخنجر أو رشاش وبندقية، ولا بمتفجرة في مؤخرة، ولكن بحسن الخلق، وب(يا غريب كون أديب)، و(قع نملة تأكل سكر)، دلالة على التواضع والتأدب وحسن التعامل مع البشر.
* هل نحن أمام مرحلة جديدة من مراحل تاريخ الحضارم على وجه الأرض. أعني هذه العودة الحضرمية المشؤومة لبعض أبناء حضرموت إلى حضرموت. عودة لم تأت إلى الأرض الطيبة المنجبة للنجباء بالتنمية والتعمير والتعليم، واستثمار الأموال الحضرمية العائدة من المهاجر، في دعم استقرار الإقليم والوطن اليمني الواحد، ولكن عودة العولقي وغيره ممن يعلنون أنهم قاعدة للجهاد في الجزيرة العربية انطلاقاً من حضرموت، تنذر بشر قادم، يتهدد الحضارم في حضرموت، ويجعل من حضرموت، (تورا بورا) يمنية، و(قندهار) عربية، وهذا ما لا نريده من هذا البلد وهذا الإقليم الذي نحبه، ونحب ونقدر كل من ينتسب إليه، إلا من أبى فعصى، واختار طريق الهدم والدم والتوحش.
* إننا نهيب بوجهاء وأعيان وأبناء حضرموت كافة، في حضرموت نفسها، أو في أي بقعة كانت، أن يدرؤوا عن حضرموت أولاً، خطر الإرهاب الذي يتهددها، على أيدي بعض أبنائها ومن لف لفهم من الإرهابيين وشرار الأرض، فهؤلاء لم يحترموا تاريخ آبائهم وأجدادهم، ولم يراعوا مآل الحال، حين تنطلق عمليات تفجير وقتل وإرهاب من حضرموت نفسها، لهذا سعوا إلى أن تصبح حضرموت؛ حاضنة للإرهاب، ومصدرة للإرهابيين، ومهددة لأمن اليمن واستقرار الدول المجاورة، ومؤلبة على الكل ؛ دول الغرب والشرق جميعاً.
* لأني على ثقة تامة، أن لا أحد من أبناء حضرموت الشرفاء يرضى بهذا الذي يجري، ولا يقبل به، فإني أقول من هنا: أدركوا أيها الحضارم الشرفاء، منجبة النجباء -حضرموت- فقد أصبحت في عين العاصفة، وأنتم قادرون بأموالكم، وبتاريخكم وثقلكم وبذرة الخير في صدوركم، على جعل التنمية والاستثمار في حضرموت، بديلاً عما سواها، وشغل الناس الشاغل، عن الارتماء في أحضان المتوحشين والمتشددين والمتطرفين والإرهابيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.