تجمّل «صحن المطاف» جزئياً منذ بداية العام الميلادي بعودة «رواقه العثماني» الذي يعتبر أحد أهم أعمدة الحرم التجميلية المرتبطة بتاريخ عريق من التوسعات والإضافات، امتداداً من الدولة العثمانية، بوصفها جزءاً من ذاكرة المكان الذي ظل صامداً طوال 1270 عاماً، وصولاً إلى العهد السعودي الذي توالت التوسعات على مرّ ملوكه إلى يومنا الحالي عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي ستنجز فيه التوسعة الأعظم على مر تاريخه. وقبل حلول رمضان هذا العام بدأت الشركة المنفذة لتوسعة الحرم بإعادة بناء «الرواق العثماني» مع إجراء بعض التعديلات على ألوان القباب، وحرصت الجهة المشرفة على توسعة الحرم على الاحتفاظ بالرواق كما هو، وإعادة بنائه بما يتوافق مع الشكل الجديد لصحن المطاف ضمن مشروع توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله. وجاءت التوسعة السعودية الأولى 1375ه لتؤسس لبناء جديد متعدد الأدوار للمسجد الحرام، والمحافظة بأقصى ما يمكن على «الرواق العثماني»، فيما زادت مساحة الحرم 10 أضعاف، وهذه الزيادة كانت تمثل حينها أكبر تهديد ل«الرواق العثماني» لولا حكمة الملك فيصل الذي أمر بالمحافظة عليه، ولولا هذا التدخل السامي لذهب الرواق ذو القيمة التاريخية مع ما ذهب من مآذن وأبواب ومعالم قيّمة، مع مشاريع التوسعات المتعددة. وأعلن في وقت سابق أنه سيتم افتتاح جزء من الرواق في أول أيام شهر رمضان المبارك، بينما سيتم الافتتاح الكلي للرواق في العاشر من ذي القعدة المقبل، وتم الانتهاء من كامل القباب وعمليات التشييد، وتمت إعادتها إلى صحن المطاف بعد ترميمها، وكان نخبة من المهندسين الذين يمتلكون خبرة في التعامل مع القطع الأثرية هم من أشرفوا على عملية إعادة ترميم الرواق. إضافة إلى أن أعمدة الرواق العديدة التي تنتشر حول المطاف تمت تغطيتها حرصاً عليها بعوازل، لحمايتها من التأثر بما يتم من أعمال إنشائية في التوسعة التي مازالت قائمة على قدم وساق في الحرم المكي. تم إسناد أعمال الترميم إلى شركة تركية متخصصة في هذا المجال على مستوى العالم، إذ قامت بترميم ومعالجة أكثر من 2750 قطعة تاريخية من الرواق، تشمل أعمدة وقباباً وتيجاناً ولوحات وغيرها. وقبل أعوام أثار قرار إزالة «الرواق العثماني» جدلاً واسعاً في أواخر 2012، إذ اعتبره عدد من المهتمين بالآثار المكية تفريطاً في الموروث الثقافي للحرم، قبل أن تؤكد رئاسة الحرمين حينها أن الرواق سيعود إلى ما كان عليه بعد توسعة المطاف. واستبشر الناس بعد إعلان الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وإصدارها بياناً وزعته على الصحف ووسائل الإعلام، تؤكد فيه أنه سيتم فك الرواق العثماني وإعادة تركيبه بعد انتهاء أعمال مشروع توسعة المطاف، الذي بات الانتهاء منه وشيكاً.
