برزت ملامح الروح القيادية والاهتمام بالشؤون السياسية والوطنية عموماً لدى ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، منذ وقت باكر، إذ أكد عدد من معلميه في مراحل التعليم العام، وأكاديميين من جامعة الملك سعود، أن شخصيته كانت ملفتة في مقاعد الدراسة، والتزامه باحترام الآخرين. كشف مساعد مدير المرحلة الثانوية في مدارس الرياض سابقاً حسين التميمي، وهي المدرسة التي درس فيها محمد بن سلمان من الابتدائي حتى المرحلة الثانوية، عن أنه كان يلمس روح القيادة في شخصية محمد في وقت باكر، وكان يتوقع أن يتبوأ مواقع مهمة، لما يملكه من تواضع مقرون بالأدب وحب العمل مع الفريق من دون أي غرور، وابتسامة ترافق إطلالته في الظروف كافة. وأوضح ل«الحياة» أمس، أن محمد كان يُعامل مثل أي طالب بناء على توجيهات والده الملك سلمان، التي كانت واضحة، وذلك بالميزان نفسه من دون تمييز أو محاباة، وهو ما درج عليه الخلفاء والحكام في التاريخ الإسلامي في تربية أبنائهم بجدية وحكمة بعيداً عن التسيب والفوضى، وعلى رغم أن محمد كان في مرحلة المراهقة والنمو في المرحلة الثانوية، إلا أنه كان قادراً على مساندة من يلجأ إليه بعقلية متزنة وواعية، إذ لم يسبق أن رفع صوته على أي معلم أو إداري، وكانت حركته المميزة مؤشراً على نبوغه وأدبه. وقال: «إنه درس في مدارس الرياض وأشقاؤه سعود وتركي وخالد ونايف وبندر وراكان». وأضاف: «كان محمد يقدّر من هو أكبر منه سناً، فلا يسمح لنفسه بالدخول قبل من هو أكبر منه، مهما كان ذلك الشخص، وهو مشهود له باحتوائه من حوله على اختلاف أساليبهم، إضافة إلى اهتمامه بجوانب النظافة التي تعكس شخصية الإنسان ورقيّه». وبيّن أنه يتبع مدرسة والده سلمان بن عبدالعزيز القارئ للأدب والأنساب، ما انعكس على ولده، وأكسبه أفقاً رحباً. وقال مدرس التربية الإسلامية الذي درس عليه محمد بن سلمان الدكتور منصور العصيمي: «درست محمد أربعة أعوام، ولمست مواقفه الرجولية وشهامته في التعامل مع المواقف كافة، تبشر بمستقبل مميز»، مشيراً إلى أن أساليب مخاطبته للآخرين تعكس مدى الاحترام الذي يتصف به. وبيّن أن الطالب محمد كان مشاركاً ومتفاعلاً مع أية قضية اجتماعية، بطريقة واقعية بعيداً عن المجاملة والتعاطف، وكان له حضوره المميز مع زملائه، وبصراحة كان لي معه مواقف تؤكد أن من يتصرف بهذا الوعي لا بد أن يكون ذا شأن حساس في مجتمعه. بدوره، أفاد مدير الخدمات الطلابية والإدارية في مدارس الرياض عبدالله المهنا، أن شخصية محمد كانت تميل إلى الهدوء المقرون بروح الإدارة والقيادة، لافتاً إلى أنه كان يسأل ويحاور. وقال: «عرفت محمد في مراحله الدراسية كافة، وأذكر أنه اشترك حينما كان في الابتدائية بالحفلة المدرسية بالقيام بدور شخصية الملك عبدالعزيز، وكان في طفولته غير متعجل أو متسرع». وأشار إلى أنه في المرحلة المتوسطة برزت مواهبه وهواياته، إذ كان يشترك باستمرار في العرضة السعودية في الحفلة السنوية، واتضحت معالم الرجولة والقيادة عليه فاستعانت به المدرسة في تعديل وتغيير بعض السلوكيات، إذ كان له تأثير ووقع خاص على زملائه، إضافة إلى ميله لتخصصات القانون والسياسة، وهو بالفعل ما تحقق بعد تخرجه من المدرسة والتحاقه بتخصص القانون في جامعة الملك سعود. وأوضح أستاذ القانون وعميد كلية الحقوق والعلوم السياسية الدكتور مفلح القحطاني، أن الأمير محمد بن سلمان كان مُلفتاً للأنظار أثناء دراسته الجامعية، مؤكداً حرصه على الاطلاع والإلمام بما يتعلق بتخصصه، من دون الاكتفاء بالتلقي الأكاديمي أثناء المحاضرات. وقال: «إن الأمير محمد بن سلمان كان حريصاً على جوانب البحث والتدريب خلال دراسته الجامعية، والجمع بين المعلومات النظرية والتطبيق العملي». من جهته، أشار أستاذ القانون في جامعة الملك سعود الدكتور خالد العمير إلى أن الأمير محمد بن سلمان بعد تخرجه من الجامعة كان له دور بارز في مناقشات نظام مكافحة الإرهاب، وتقديم عدد من الرؤى والأفكار المميزة.