قائد فذٌ و وطن عظيم    المربع الجديد: وجهة لمستقبل التنمية الحضرية بالسعودية    انجاز 40% من مشروع الربط الكهربائي بين السعودية ومصر    تن هاج : تركيزي منصب على آخر مباراتين لمانشستر يونايتد    ضبط 16023 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    إندونيسيا: الكوادر الوطنية السعودية المشاركة في "طريق مكة" تعمل باحترافية    مسؤولون إسرائيليون: مفاوضات الهدنة في طريق مسدود    المملكة رئيساً للمجلس التنفيذي ل "الألكسو" حتى 2026م    المشتبه به في الاعتداء على رئيس الوزراء السلوفاكي يمثل أمام المحكمة    متحدث «الداخلية»: مبادرة «طريق مكة» توظف الذكاء الاصطناعي والتقنية لخدمة الحجاج    القاهرة : لاتراجع عن دعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل    «الحج والعمرة»: لا تصاريح عمرة ابتداء من 16 ذو القعدة وحتى 20 ذو الحجة    «تعليم الطائف»: اعتماد حركة النقل الداخلي للمعلمين والمعلمات    سفارة المملكة في قرغيزستان تحذر المواطنين بأخذ الحيطة والحذر والابتعاد عن أماكن التجمعات    دراسة: الشركات الألمانية لا تسوق للسيارات الكهربائية بشكل جيد    توطين تقنية "الجينوم السعودي" ب 140 باحث سعودي    سان جيرمان يسعى لفوز شرفي لتوديع مبابي    «المركزي الروسي» يرفع الدولار ويخفض اليورو واليوان أمام الروبل    استمرار هطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة والمدينة    آلية الإبلاغ عن الاحتيال المالي عبر "أبشر"    "تيك توك" تزيد مدة الفيديو لساعة كاملة    جيرارد: فخور بلاعبي الاتفاق    نيفيز: الهلال لا يستسلم أبدًا    "الذكاء" ينقل مبادرة طريق مكة إلى عالم الرقمية    تيليس: ركلة جزاء الهلال مشكوك في صحتها    السمنة والسكر يزيدان اعتلال الصحة    مهارة اللغة الإنجليزية تزيد الرواتب 90 %    الهلال يتعادل مع النصر في الوقت القاتل في دوري روشن    رئيس جمهورية موريتانيا يغادر جدة    موعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والترجي اليوم في نهائي دوري أبطال إفريقيا    رقم جديد للهلال بعد التعادل مع النصر    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يحصد 27 جائزة في «آيسف 2024»    العلماء يعثرون على الكوكب "المحروق"    الصين تستعرض جيش "الكلاب الآلية" القاتلة    الأمير سلمان بن سلطان يرعى حفل تخرج طلاب وطالبات البرامج الصحية بتجمع المدينة المنورة الصحي    «الدفاع المدني» محذراً: ابتعدوا عن أماكن تجمُّع السيول والمستنقعات المائية والأودية    مستقبلا.. البشر قد يدخلون في علاقات "عميقة" مع الروبوتات    طريقة عمل مافن كب البسبوسة    طريقة عمل زبدة القريدس بالأعشاب    طريقة عمل وربات البقلاوة بحشو الكريمة    ضبط مقيم ووافد بتأشيرة زيارة لترويجهما حملات حج وهمية ومضللة بتوفير سكن ونقل للحجاج    تدشين أول مهرجان "للماعز الدهم" في المملكة بمنطقة عسير    ولي العهد في المنطقة الشرقية.. تلاحم بين القيادة والشعب    «تعليم جدة» يتوج الطلبة الفائزين والفائزات في مسابقة المهارات الثقافية    المملكة تتسلم رئاسة المؤتمر العام لمنظمة الألكسو حتى 2026    الإعلام الخارجي يشيد بمبادرة طريق مكة    أمر ملكي بترقية 26 قاضيًا بديوان المظالم    النفط يرتفع والذهب يلمع بنهاية الأسبوع    قرضان سعوديان ب150 مليون دولار للمالديف.. لتطوير مطار فيلانا.. والقطاع الصحي    رئيس الوزراء الإيطالي السابق: ولي العهد السعودي يعزز السلام العالمي    «الأحوال»: قرار وزاري بفقدان امرأة «لبنانية الأصل» للجنسية السعودية    الكليجا والتمر تجذب زوار "آيسف 2024"    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    حراك شامل    الشريك الأدبي وتعزيز الهوية        العام والخاص.. ذَنْبَك على جنبك    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما أكثر... ما أقل
نشر في الحياة يوم 27 - 01 - 2014

الشعراء لا يُحصون اليوم في العالم العربي، اما النقاد فهم لا يتخطون عدد اصابع اليد. أقول الشعراء والمقصود أولاً هؤلاء الشباب الذين يصنعون المشهد الشعري الراهن، ثم الشعراء الشباب الذين سبقوهم والآخرون الذين سبقوا هؤلاء، وصولاً الى شعراء السبعينات الذين ما برحنا نسمّيهم شباباً ومعظمهم أشرف على الستين أو تخطاها. وأقول النقاد قاصداً نقاد الشعر الجديد، شعر الاجيال الجديدة، وهؤلاء قلة قليلة حقاً، قلة شاءت أن تغامر نقدياً وتقارب حقل الشعراء الشباب، وفضاء القصيدة المابعد حداثية عربياً، متناولةً الأصوات التي تجاوزت الشعراء الرواد وشعراء الحداثة وكذلك شعراء مجلة «شعر».
النقاد الشعريون العرب اليوم يتوزعون بين النقد الكلاسيكي والحديث. الكلاسيكيون ليسوا هم المقصودون هنا. هؤلاء يؤدون وظيفة تاريخية هي بمثابة ضرورة لا غنى عنها البتة. أما النقاد الحديثون فهم بمعظمهم ما زالوا قابعين على عتبات الحقبة الاولى للشعر الحديث، وفي ظنّهم ان الحداثة وقفٌ على الثورة التفعيلية التي انجزها شاعر كبير مثل بدر شاكر السياب وشاعرة هي نازك الملائكة، ثم ما دار في أفق قصيدة التفعيلة، متجاهلين ثورة مجلة «شعر» وقصيدة النثر. لكنّ نقاداً آخرين هم أحدث من اولئك، توقفوا عند ثورة مجلة «شعر» متكئين بوضوح على إنجاز أدونيس النظري الذي مهّد لهم الطريق لقراءة الشعر الحديث. ولعل معظمهم مال الى الشعر المنجز الذي يكاد يصبح من كلاسيكيات الحداثة، ولم تغره مغامرة الخوض في غمار قصيدة النثر والشعر الذي أعقبها، وهي مغامرة تتطلب الكثير من الجهد والثقافة والقلق والإبداع النقدي. وبدا واضحاً تراكم الأبحاث النقدية حول بدايات الشعر الحديث والتفعيلي خصوصاً، فهذه البدايات هي اسهل ما يمكن التطرق اليه نقدياً، ومعطياتها باتت شائعة ومكشوفة.
يكاد الشعر العربي الراهن يكون معزولاً عن النقد و «مهجوراً» مثل «بئر» يوسف الخال. ما أكثر هذا الشعر وما اقل النقد الذي يُفترض به ان يرافقه كما يحصل في «الساحات» الشعرية العالمية اليوم. بضعة اسماء قليلة اختارت ان تغامر في مرافقة هذا الشعر والإصغاء اليه ومقاربته، والناقدة خالدة سعيد هي في مقدم هؤلاء المغامرين. لا أقول هذا عقب صدور كتابها الجديد «فيض المعنى» الذي يحفر في صميم الشعرية العربية الراهنة من خلال نماذج اختارتها بحرية، فهي كانت أول من رافق حركة التحديث التي انطلقت بها مجلة «شعر» وساهمت في ثورتها مثلها مثل شعرائها، وعملت على ترسيخ معطيات هذه التجربة وعلى اضاءة أسرارها الابداعية. ولم تنثن صاحبة «البحث عن الجذور» مذّاك عن متابعة الحركة الشعرية، متكئة على خبرتها الاكاديمية وثقافتها الطليعية، وذائقتها اللامعة وحدسها، وما يسمّيه رولان بارت «الائتناس بالنص». وهي كتبت فعلاً اعمق - وأجمل وأحدث - ما يمكن ان يكتب عن شعراء مجلة «شعر» وما بعدها.
ولئن برز بضعة نقاد مهمين في حقل الشعر الراهن والمابعد حداثي، فهم لم يتمكنوا من ملء الفراغ الذي يعانيه نقد هذا الشعر عربياً. يتكاثر الشعراء ويتكاثر الشعر... والنقاد ينحسرون. اضحت ساحة الشعر الراهن تفيض قصائد ونصوصاً ولا نقاد «يغربلون». «حديقة» الشعر تجاوزت سياجها ولا نقاد يحرسونها ويسهرون عليها. ما أحوج المعترك الشعري العربي الراهن الى نقاد، عارفين وملهمين وذوي خبرات ومراس، يصنّفون ويدرسون ويستخلصون...
لم يقصّر الكثيرون من الشعراء في نقد الشعر بعدما تقاعس معظم النقاد وتخلوا عن مهمتهم. كثيرون من الشعراء أصغوا الى نصيحة بودلير، وأصبحوا كما قال، «نقاداً بالطبيعة والقدر» وتولوا ما عجز النقاد عن القيام به، وكتبوا مقالات ودراسات مهمة في حقل الشعر الحديث وما بعد الحديث. كتبوا عن هذا الشعر، نظرياً وتطبيقاً، كتبوا عن تجاربهم الشخصية مثلما كتبوا عن تجارب الآخرين. ترجموا مختارات من الشعر العالمي وقدّموها الى القراء وغايتهم إشاعة «تلقين الحماسة» وفق عبارة لويس اراغون. هذا يسمى نقد المبدعين، ومنه ما يندرج في خانة النقد الحدسي والانطباعي الشائع في الصحافة الادبية، ومنه أيضاً ما ينتمي الى النقد الاكاديمي والعلمي. وكم من شعراء كانوا في طليعة النقاد الاكاديميين، والأسماء كثيرة.
كتاب خالدة سعيد «فيض المعنى» أعاد الى الذاكرة قضية النقد الشعري وغيابه عن الساحة الراهنة، وقد يشعل السجال الذي لم ينته حول انحسار النقد وغياب النقاد عربياً. هذا كتاب يفضح فعلاً تقاعس النقد العربي الجديد وانغلاق أفقه وسقوطه في الرتابة والسطحية واستسلامه لما يشبه رقاد اهل الكهف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.