محافظ الطائف يكرّم الجهات المشاركة في برامج وفعاليات أسبوع المرور    المدينة في عيون الأدباء: أمسية أدبية تحتفي بجمال المدينة المنورة    تعليم الطائف يهنئ الفائزين في "تحدي التميز المدرسي" لعام 1446ه    "أشاد" و"IHG" تطلقان 3 فنادق عالمية بعلامات "إنتركونتيننتال و ڤوكو وفندق إنديغو "    "مبادرة طريق مكة".. تأصيل للمفهوم الحقيقي لخدمة ضيوف الرحمن    "هيئة الاتصالات": 180 مليار ريال حجم سوق الاتصالات والتقنية في المملكة لعام 2024    مجموعة فقيه للرعاية الصحية تحقق صافي ربح قدره 67.4 مليون ريال في الربع الأول من 2025 بنمو 11%    ولي العهد يستقبل وزير الرياضة ورئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم ورئيس وأعضاء مجلس إدارة النادي ⁧‫الأهلي‬⁩ والجهازين الفني والإداري ولاعبي فريق كرة القدم بمناسبة تحقيقهم بطولة دوري أبطال آسيا للنخبة 2025    القصيم: انتاج طائر الكرك الاكحل المهاجر    الصندوق الكشفي العالمي يثمّن تمديد دعم المملكة لمبادرة "رسل السلام"    أمانة الشرقية تكثف الاجتماعات مع البلديات لتحقيق الاستدامة المالية وتحسين جودة الحياة    المعرض السعودي للدهانات Saudi Arabia Coatings Show يفتتح أبوابه غداً في الدمام    تخصصي تبوك يحتفل باليوم العالمي للتمريض    ولي العهد يعلن إطلاق شركة "هيوماين" كرائد عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي    أمانة تبوك تستضيف ورشة تعريفية باللوائح الفنية الخاصة بالمنشآت الغذائية    ورشة "قرح الفراش" ترفع الوعي وتعزّز جودة الرعاية في منازل مستفيدي القصيم الصحي    جدة تشهد بطولتي العالم للبلياردو والماسترز للسنوكر يوليو وأغسطس 2025    وحدة الثقافة والفنون بكلية الآداب في جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تختتم أنشطتها الثقافية    وداعًا يا أمير التنمية والإزدهار    "الأرصاد": أمطار غزيرة ورياح شديدة على منطقة الباحة    انخفاض الذهب بعد محادثات إيجابية بين الصين وأمريكا    إنقاذ مريضة تسعينية من بتر الطرف السفلي    اليوم..القمر يظهر بحجم أصغر في سماء السعودية لتزامنه مع نقطة الأوج    الجيش الهندي يعلن عن "أول ليلة هادئة" في كشمير    الناصر: أرامكو أثبتت قوة أدائها وأرباحها ر    عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى    رياح نشطة على عدة مناطق بالمملكة وأمطار على الجنوب    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة ينهي تحضيراته ل "آيسف 2025"    استشهاد 16 فلسطينيًا    حاجة ماليزية تعبر عن سعادتها بالقدوم لأداء فريضة الحج    91 % نسبة رضا المستفيدين عن أداء الموظفين بديوان المظالم    40 مليون عملية إلكترونية لمنصة "أبشر" في أبريل 2025    عبدالعزيز بن سعود يرعى حفل تخريج 1935 طالبًا من كلية الملك فهد الأمنية    القادسية ل" الثالث".. والرائد إلى" الأولى".. الاتحاد يقترب من " روشن".. والشباب يعبر الأهلي    في الجولة 33 بدوري يلو.. 9 مواجهات في توقيت واحد.. النجمة للصعود رسمياً ل"روشن".. والعين لتجنب الهبوط    سورلوث مهاجم أتلتيكو يتفوق على ميسي ورونالدو    ديوانية الأطباء تكرم البحرينية بثينة عجلان    عودة «عصابة حمادة وتوتو» بعد 43 عامًا    أمريكية وابنها يحصلان على الماجستير في اليوم نفسه    الهروب إلى الخيال..    السعودية تقود المشهد من حافة الحرب إلى طاولة التهدئة    "اعتدال" و"تليجرام" يزيلان 16 مليون مادة متطرفة في 3 أشهر    بتنظيم من وزارة الشؤون الإسلامية.. اختتام تصفيات أكبر مسابقة قرآنية دولية في البلقان    بعد 50 عامًا في المدار… سقوط مركبة سوفيتية فاشلة    انطلق بمشاركة 100 كادر عربي وأوربي.. أمين الرياض: «منتدى المدن» يعزز جودة الحياة ويقدم حلولاً مشتركة للتحديات    أسرة الجهني تحتفي بزواج عمّار    المملكة تواصل ريادتها الطبية والإنسانية    لوران بلان: الاتحاد لا يخشى أحدًا!    نادي القادسية يتوّج بكأس وزارة الرياضة لكرة الماء    القادسية يحسم لقب الدوري الممتاز لكرة القدم تحت 17 عامًا    الحصار الإسرائيلي يحرم مستشفيات غزة من توفير الغذاء للمرضى    الأمير سعود بن نهار يطلع على الخدمات المقدمة للحجاج في مطار الطائف    أمير منطقة تبوك يرعى بعد غد حفل تخريج متدربي ومتدربات المنشات التدريبية    السعودية تقود جهود السلام كأول دولة ترسل مبعوثا إلى الهند وباكستان    الأمير ناصر بن محمد يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينه نائبًا لأمير منطقة جازان بالمرتبة الممتازة    تخريج الدفعة ال 19 من طلاب جامعة تبوك الأربعاء المقبل    "الشؤون الدينية" تكلف 2000 كادر سعودي لخدمة ضيوف الرحمن.. 120 مبادرة ومسارات ذكية لتعزيز التجربة الرقمية للحجاج    انقطاع النفس أثناء النوم يهدد بالزهايمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما أكثر... ما أقل
نشر في الحياة يوم 27 - 01 - 2014

الشعراء لا يُحصون اليوم في العالم العربي، اما النقاد فهم لا يتخطون عدد اصابع اليد. أقول الشعراء والمقصود أولاً هؤلاء الشباب الذين يصنعون المشهد الشعري الراهن، ثم الشعراء الشباب الذين سبقوهم والآخرون الذين سبقوا هؤلاء، وصولاً الى شعراء السبعينات الذين ما برحنا نسمّيهم شباباً ومعظمهم أشرف على الستين أو تخطاها. وأقول النقاد قاصداً نقاد الشعر الجديد، شعر الاجيال الجديدة، وهؤلاء قلة قليلة حقاً، قلة شاءت أن تغامر نقدياً وتقارب حقل الشعراء الشباب، وفضاء القصيدة المابعد حداثية عربياً، متناولةً الأصوات التي تجاوزت الشعراء الرواد وشعراء الحداثة وكذلك شعراء مجلة «شعر».
النقاد الشعريون العرب اليوم يتوزعون بين النقد الكلاسيكي والحديث. الكلاسيكيون ليسوا هم المقصودون هنا. هؤلاء يؤدون وظيفة تاريخية هي بمثابة ضرورة لا غنى عنها البتة. أما النقاد الحديثون فهم بمعظمهم ما زالوا قابعين على عتبات الحقبة الاولى للشعر الحديث، وفي ظنّهم ان الحداثة وقفٌ على الثورة التفعيلية التي انجزها شاعر كبير مثل بدر شاكر السياب وشاعرة هي نازك الملائكة، ثم ما دار في أفق قصيدة التفعيلة، متجاهلين ثورة مجلة «شعر» وقصيدة النثر. لكنّ نقاداً آخرين هم أحدث من اولئك، توقفوا عند ثورة مجلة «شعر» متكئين بوضوح على إنجاز أدونيس النظري الذي مهّد لهم الطريق لقراءة الشعر الحديث. ولعل معظمهم مال الى الشعر المنجز الذي يكاد يصبح من كلاسيكيات الحداثة، ولم تغره مغامرة الخوض في غمار قصيدة النثر والشعر الذي أعقبها، وهي مغامرة تتطلب الكثير من الجهد والثقافة والقلق والإبداع النقدي. وبدا واضحاً تراكم الأبحاث النقدية حول بدايات الشعر الحديث والتفعيلي خصوصاً، فهذه البدايات هي اسهل ما يمكن التطرق اليه نقدياً، ومعطياتها باتت شائعة ومكشوفة.
يكاد الشعر العربي الراهن يكون معزولاً عن النقد و «مهجوراً» مثل «بئر» يوسف الخال. ما أكثر هذا الشعر وما اقل النقد الذي يُفترض به ان يرافقه كما يحصل في «الساحات» الشعرية العالمية اليوم. بضعة اسماء قليلة اختارت ان تغامر في مرافقة هذا الشعر والإصغاء اليه ومقاربته، والناقدة خالدة سعيد هي في مقدم هؤلاء المغامرين. لا أقول هذا عقب صدور كتابها الجديد «فيض المعنى» الذي يحفر في صميم الشعرية العربية الراهنة من خلال نماذج اختارتها بحرية، فهي كانت أول من رافق حركة التحديث التي انطلقت بها مجلة «شعر» وساهمت في ثورتها مثلها مثل شعرائها، وعملت على ترسيخ معطيات هذه التجربة وعلى اضاءة أسرارها الابداعية. ولم تنثن صاحبة «البحث عن الجذور» مذّاك عن متابعة الحركة الشعرية، متكئة على خبرتها الاكاديمية وثقافتها الطليعية، وذائقتها اللامعة وحدسها، وما يسمّيه رولان بارت «الائتناس بالنص». وهي كتبت فعلاً اعمق - وأجمل وأحدث - ما يمكن ان يكتب عن شعراء مجلة «شعر» وما بعدها.
ولئن برز بضعة نقاد مهمين في حقل الشعر الراهن والمابعد حداثي، فهم لم يتمكنوا من ملء الفراغ الذي يعانيه نقد هذا الشعر عربياً. يتكاثر الشعراء ويتكاثر الشعر... والنقاد ينحسرون. اضحت ساحة الشعر الراهن تفيض قصائد ونصوصاً ولا نقاد «يغربلون». «حديقة» الشعر تجاوزت سياجها ولا نقاد يحرسونها ويسهرون عليها. ما أحوج المعترك الشعري العربي الراهن الى نقاد، عارفين وملهمين وذوي خبرات ومراس، يصنّفون ويدرسون ويستخلصون...
لم يقصّر الكثيرون من الشعراء في نقد الشعر بعدما تقاعس معظم النقاد وتخلوا عن مهمتهم. كثيرون من الشعراء أصغوا الى نصيحة بودلير، وأصبحوا كما قال، «نقاداً بالطبيعة والقدر» وتولوا ما عجز النقاد عن القيام به، وكتبوا مقالات ودراسات مهمة في حقل الشعر الحديث وما بعد الحديث. كتبوا عن هذا الشعر، نظرياً وتطبيقاً، كتبوا عن تجاربهم الشخصية مثلما كتبوا عن تجارب الآخرين. ترجموا مختارات من الشعر العالمي وقدّموها الى القراء وغايتهم إشاعة «تلقين الحماسة» وفق عبارة لويس اراغون. هذا يسمى نقد المبدعين، ومنه ما يندرج في خانة النقد الحدسي والانطباعي الشائع في الصحافة الادبية، ومنه أيضاً ما ينتمي الى النقد الاكاديمي والعلمي. وكم من شعراء كانوا في طليعة النقاد الاكاديميين، والأسماء كثيرة.
كتاب خالدة سعيد «فيض المعنى» أعاد الى الذاكرة قضية النقد الشعري وغيابه عن الساحة الراهنة، وقد يشعل السجال الذي لم ينته حول انحسار النقد وغياب النقاد عربياً. هذا كتاب يفضح فعلاً تقاعس النقد العربي الجديد وانغلاق أفقه وسقوطه في الرتابة والسطحية واستسلامه لما يشبه رقاد اهل الكهف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.