أثارت دعوة أطلقتها الحركة المصرية من أجل التغيير والمعروفة باسم «كفاية» إلى مقاطعة أحزاب المعارضة الانتخابات التشريعية التي تجري في مصر العام المقبل، جدلاً شديداً في أوساط الحركة التي دخلت عامها السادس، فيما لم تظهر بوادر تأييد من قبل أحزاب المعارضة المصرية لهذه الدعوة المتجددة مع كل استحقاق يجري في البلاد. ويؤكد قادة جماعة «الإخوان المسلمين» التي استطاعت انتزاع ثلث مقاعد البرلمان (فازت ب 88 مقعداً) في انتخابات عام 2005، أنها مصرّة على الدفع باعضائها للمشاركة في الاستحقاقات التي تشهدها مصر، على رغم القيود الأمنية التي تلاحقهم. وتُرجع حركة «كفاية» دعوتها المتكررة إلى المقاطعة إلى الخوف من التزوير، خصوصاً في ظل عدم الإشراف القضائي على عمليات الاقتراع بعد التعديلات التي أجريت على الدستور. وأطلقت «كفاية» أخيراً حملتها للمقاطعة تحت شعار «حركة كفاية ... مقاطعة الانتخابات» وحضت فيها على عدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة. كذلك دعت الحركة القوى الوطنية وأحزاب المعارضة كافة إلى عدم خوض الانتخابات المقبله بزعم أن «تزوير الانتخابات من قبل الحزب الوطني (الحاكم) مؤكد في ظل عدم وجود إشراف قضائي (على الاقتراع) بموجب تعديل المادة 88 من الدستور». وعلى رغم أن تلك الدعوة، بحسب زعيم «كفاية» جورج اسحاق، «كانت تحتاج ربما قبل إطلاقها إلى مزيد من التريث ومحاولة التوافق مع قوى المعارضة عليها»، إلا أن المنسّق الإعلامي للحركة عبدالعزيز الحسيني أوضح ل «الحياة» ان الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات «هي مجرد نداء إلى قوى المعارضة - وليست قراراً - يحض الناس على المقاطعة». وعن السبب في إطلاق الدعوة مبكراً، إذ ان الانتخابات لا يزال على موعدها ما يناهز العام، قال: «إطلاق الدعوة جاء مبكراً بالفعل وذلك بهدف طرحها في شكل كافٍ على قوى المعارضة للتوافق عليها. كذلك، فالحديث عن الانتخابات البرلمانية بدأ أيضاً في شكل مبكر في مصر». وأشار الحسيني إلى أن «كفاية تدعو إلى انتخابات نزيهة، لكن تقديرنا أن ذلك لن يتحقق». وأكد أن حركته «تعقد حوارات متتالية مع أحزاب وقوى المعارضة المصرية للتباحث والنقاش في هذة الدعوة ومحاولة الخروج بموقف موحد للتحرك في المرحله المقبلة». ورأى أن «هناك اطرافاً في المعارضة لن توافق على الدعوة». واعتبر أن هذه الاطراف التي لم يُسمّها «وعدت من قبل الحكومة بأن يكون لها مقاعد في البرلمان المقبل». وأعلن أن مسألة دعوة المواطنين في الشارع إلى عدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع «محل بحث داخل كفاية»، وأوضح «أننا تناقشنا في هذا الموضوع في آخر اجتماع للحركة وندرس الوصول إلى صيغة إذ انه من الصعب أن تصل دعوتنا إلى أرجاء الجمهورية كافة، لذا من الممكن أن تقتصر الدعوة على دوائر انتخابية بعينها». ويؤكد مؤسس «كفاية» ومنسقها السابق جورج اسحاق «أن الدعوة التي اطلقتها الحركة ربما كانت تحتاج إلى مزيد من الدرس والبحث من قبل أعضاء «كفاية» وكذلك طرحها على أحزاب المعارضة ومحاولة التوافق عليها قبل طرحها إعلامياً». وقال ل «الحياة»: «اطلاقها جاء متسرعاً»، مشيراً إلى «وجود خلافات داخل الحركة بسبب تلك الدعوة». وتعاني حركة «كفاية» التي تأسست منتصف عام 2004 تحت شعار «لا للتوريث لا للتمديد»، انشقاقات حادة منذ عامين ما أدى إلى تراجعها على رغم أنها كانت تتصدر مشهد المعارضة المصرية في أوقات سابقة. غير أن المنسّق الإعلامي للحركة عبدالعزيز الحسيني أرجع ذلك إلى إحباط عام في الأوساط المصرية أدى إلى احجام الشارع عن المشاركة في النشاطات. أما جورج اسحاق فرأى أن «كفاية» هي «حركة شعبية وليس لها إطار تنظيمي، لذا فهي تعمل عندما يزدهر النشاط السياسي في مصر وتتراجع عندما يتراجع النشاط السياسي». وأكد أن العامين المقبلين سيشهدان مزيداً من التحركات من «كفاية» بهدف استعادة قوتها في الشارع. وواصلت أجهزة الأمن المصرية أمس ملاحقاتها أعضاء جماعة «الإخوان المسلمين، إذ شنت حملة دهم اعتقلت خلالها ستة من كوادر الجماعة في محافظة المنوفية (دلتا النيل)، فيما لم تجد ثلاثة آخرين في منازلهم. وأوضح ل «الحياة» محامي «الإخوان» عبدالمنعم عبدالمقصود أن «قوات الأمن شنّت حملة دهم واسعة على محافظة المنوفية (شمال القاهرة) حيث دهمت عدداً من المساجد واعتقلت ستة من كواد وقيادات «الإخوان» كانوا معتكفين داخل المساجد». وأشار إلى أن «الشرطة دهمت منازل ثلاثة آخرين، لكنها لم تعثر عليهم داخل منازلهم». واعتبر أن «لا مبرر على الإطلاق» لمثل هذه المداهمات، قائلاً «إننا لا نعلم خلفيات القرار (بتنفيذ حملة الدهم)». غير أن مصادر في الجماعة قالت ل «الحياة» إن حملة الاعتقالات جاءت على خلفية تنظيم عزاء ضخم في المحافظة لأحد القادة السابقين ل «الإخوان». وقالت المصادر التي فضلت عدم ذكر اسمها «يبدو أن طريقة تنظيم جنازة فرج النجار أزعجت الأمن». وقالت ل «الحياة» مصادر أمنية إن المعتقلين سيتم عرضهم اليوم على النيابة بتهم تتعلق ب «الانضمام إلى جماعة محظورة ومحاولة احياء نشاطها بما يخالف القانون والدستور وحيازة مطبوعات مناوئة للنظام العام من شأنها تكدير السلم والأمن العامين».