عندما وقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على المنصة في اختتام قمة «العشرين» أخيراً، وخاطب الصحافيين مفاخراً بأن الشعوب الأوروبية تدعم موقف موسكو الرافض لتنفيذ ضربة عسكرية غربية ضد النظام السوري، لم يفكر الحاضرون في أن يسألوه: وماذا عن موقف الشعب الروسي؟ قد يشكل الجواب عن السؤال الافتراضي مفاجأة، إذ أن الروس هم أقل الشعوب الأوروبية اكتراثاً بالوضع في سورية. هذا ما أظهره استطلاع للرأي أعدّه أخيراً مركز «ليفادا» الروسي للإحصاءات في 130 مدينة وبلدة روسية، وبيّن أن 40 في المئة من المستفتين يرفضون الضربة، فيما لم يملك 38 في المئة جواباً محدداً، وأيد 22 في المئة «معاقبة دمشق». ودفع ذلك خبراء إلى القول إن «الروس يشعرون بأن اندلاع هذه الحرب سيكون في عالم آخر لا علاقة لنا به»، علماً أن الصحافة الروسية ركّزت في الأسبوعين الأخيرين على استطلاعات للرأي أعِدّت في الولاياتالمتحدة وبلدان أوروبية، وأفردت مساحات للحديث عن معارضة 60 في المئة من الأميركيين، نيات رئيسهم باراك أوباما ضرب سورية، ومثلهم في بريطانيا، ونحو نصف الفرنسيين، ونسبة 64 في المئة من الدنماركيين الذين لم يُسمع صوت بلدهم كثيراً في الحديث عن عمل عسكري. لكن بعض المحللين أشار إلى بعد آخر لا يقل إثارة، فالنسب المعلنة في الاستطلاع عكست الأرقام ذاتها التي حملتها استطلاعات حول موقف الرأي العام من السلطة في روسيا. وكشفت أحدثها تشكيل 16 في المئة من الروس كتلة معارضة لسياسات بوتين، و40 في المئة منهم كتلة موالية تماماً، في مقابل عدم مبالاة نحو 40 في المئة بالسياسات الداخلية أو الخارجية لموسكو. ولم ينحصر الاستطلاع في رأي الروس حول حرب محتملة حول سورية، بل سعى إلى قراءة موقفهم من الأزمة هناك ومستوى تعاملهم معها. وتبين أن 8 في المئة فقط من المستفتين يتابعون الوضع في سورية ويعرفون تفاصيل ما يجري فيها، بينما يسمع 52 في المئة «بعض الأخبار» من دون أن يهتم كثيراً بمتابعة الوضع، في حين لا يعرف 39 في المئة منهم شيئاً عن هذه الأزمة. ولدى طرح السؤال بطريقة ثانية أتت النتائج أكثر وضوحاً، إذ أعلن 21 في المئة أنهم يؤيدون «نظام دمشق»، في مقابل تعاطف 16 في المئة مع المعارضة، أما نسبة «غير المهتمين بالموضوع» فبلغت 63 في المئة. وانقسم المستفتون ثلاث مجموعات بنسب متقاربة، حين طلب منهم وصف الحدث السوري، فقال ثلثهم إنه «حرب أهلية»، وأقل من ذلك إنها «حرب إرهابية ممّولة من الخارج»، بينما لم يعطِ الثلث الأخير أي جواب. وفي أحد الأسئلة الأكثر تعبيراً عن توزع المزاج العام في روسيا، والذي تناول الموقف الذي يجب أن تتبناه روسيا من أزمة سورية، اعتبر 34 في المئة من الروس أن بلادهم «يجب ألا تدعم أياً من أطراف النزاع، وتحاول تحقيق أكبر فائدة ممكنة لمصلحتها»، بينما أيد 21 في المئة «ضرورة دعم النظام السوري باعتباره حليفاً لروسيا». وقال 11 في المئة أن «على موسكو أن تنضم إلى الجهود الغربية»، في حين أعلن 34 في المئة عدم اكتراثهم.