مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    وزير الخارجية يوقع اتفاقيات تعاون مع منغوليا وقبرص والبوسنة    مزاد نادي الصقور السعودي.. مبيعات تتجاوز 41 مليون ريال في 5 أعوام    الأخضر السعودي تحت 20 يرفع استعداده لمواجهة كولومبيا ضمن كأس العالم    إطلاق "التحالف الطارئ للاستدامة المالية للسلطة الفلسطينية"    ارتفاع أسعار النفط إثر هجمات شنتها أوكرانيا على البنية التحتية للطاقة في روسيا    محافظ قلوة يرعى احتفال أهالي المحافظة باليوم الوطني ال 95    رونالدو يصل إلى الهدف رقم 946 ويقترب من الألفية    نجوم الفنون القتالية يتحدثون عن استعداداتهم في المؤتمر الصحافي ل«دوري المقاتلين المحترفين» في الرياض    النصر يحسم كلاسيكو الاتحاد ويتصدر دوري روشن للمحترفين    إيران لا تعتزم الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي    "الشؤون الإسلامية" تُقيم خطبة الجمعة في مسجد السلام في تشيلي    تحديد مدة غياب سالم الدوسري    الوكيل الرسي يشارك في جلسة المناقشة رفيعة المستوى في مجلس الأمن    الاتفاق يستفيق على حساب ضمك    عسير تقتدي… وفاءٌ يتجدد وعطاءٌ يتجسّد    ضبط شخص بجازان لترويجه أقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    دولتي عظيمة    عقود الطمأنينة في رياض سلمان    «الرسي» يشارك يشارك في الاجتماع الوزاري التنسيقي لوزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي    فينومينولوجيا الدولة السورية    أكثر من 53 مليون زائر للحرمين الشريفين خلال شهر ربيع الأول    ترامب: «أعتقد أن لدينا اتفاقا» بشأن غزة    الصحة وغرفة جازان تبحثان تطوير الخدمات وتعزيز السياحة العلاجية والاستثمار الصحي    حوار بين المبادئ والمصالح    المواطن أولا في مسيرة وطن العطاء    جمعية طلال الخيرية تنفذ مبادرة عون    إمام المسجد الحرام: حب الوطن نعمة وواجب شرعي يستوجب الشكر والدفاع    إمام المسجد النبوي: الغفلة تصدّ عن ذكر الله وتضيّع الأعمار    مفردات من قلب الجنوب 21    جمعية المانجو بجازان تنظم ورشة عمل حول مكافحة ذبابة الفاكهة بصبيا    الإفتاء بعسير يحتفي باليوم الوطني ال95    جمعية العون الخيرية تحتفي باليوم الوطني ال95 وتفتتح قاعاتها الجديدة    مسك ونيوم تتعاونا لتعزيز قدرات القيادات الوطنية.    جمعية الكشافة تختتم فعالياتها الاحتفالية باليوم الوطني ال95 في الرياض    نادي ذوي الإعاقة بعسير يحتفل باليوم الوطني ال95 بمشاركة واسعة من الجهات المجتمعية    الجمعية السعودية للتربية الخاصة ( جستر محايل ) تحتفي باليوم الوطني 95    البركة الخيرية وجمعية سقياهم توقعان إتفاقية لإنشاء محطة تحلية في مركز الحيراء    غرفة الشرقية تحتفي باليوم الوطني ال 95 بعروض وفقرات فلكلورية وأهازيج وطنية    فتح الرياض    مظاهر البهجة ترتسم على وجوه الأطفال    في وداع العزيز أبي عبدالعزيز    التحدي والاستجابة.. سرّ البقاء السعودي    دراسة حديثة : الأكل الليلي المتأخر قد يربك الهرمونات... ويهدد الصحة!    د. محمد الشهري: مشروبات الطاقة تقلل جودة النوم وتزيد نبضات القلب وتؤدي إلى القلق    السمنة تؤثر على 188 مليون طفل    19 فعالية في مدارس التعليم تعزز الولاء والانتماء وتحفز على الإبداع    شرطة الرياض تقبض على يمني لاستغلاله أطفال ونساء يمنيين في التسول بالميادين والطرقات العامة    وزير الخارجية: لا يكفي إصدار البيانات ما لم تتحول إلى عمل حقيقي يغير واقع الاحتلال وعدوانه    الرئيس الأمريكي وقادة دول عربية وإسلامية في بيان مشترك: إنهاء الحرب خطوة نحو السلام    بزشكيان: طهران لن تسعى أبداً لصنع قنبلة.. إيران تتعهد بإعادة بناء منشآتها النووية المدمرة    القبض على مروج حشيش في جدة    15 رئيس دولة و600 متحدث.. مؤتمر مستقبل الاستثمار.. مصالح مشتركة وأمن التجارة العالمية    في احتفاليتها باليوم الوطني..ديوانية الراجحي: المملكة بقيادتها الرشيدة تنعم بالأمن والرخاء والمكانة المرموقة    تصعيد متبادل بالمسيرات والهجمات.. والكرملين: لا بديل عن استمرار الحرب في أوكرانيا    كوب «ميلك شيك» يضعف تدفق الدم للدماغ    الرياض تستضيف مؤتمر العلاج ب«الجذعية»    رحيل المفتي العام السابق الشيخ عبدالعزيز آل الشي "إرث علمي وديني خالد "    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفن المنبوذ والمرغوب يجذب العقول والقلوب الى بيغال الباريسية
نشر في الحياة يوم 06 - 09 - 2009

افتتح مهرجان «إيل دوفرانس» للموسيقى أعماله هذه السنة بحفلتين متواليتين ل «شيخات» المغرب، ففي الرابع والخامس من الشهر الجاري عرف مسرح «لوتريانون» دفقاً غير مسبوق ملأ مقاعده الألف كل ليلة واجتذب الى الجالية المغربية عدداً لا يستهان به من الفرنسيين وزائري العاصمة الفرنسية.
ويغطي هذا المهرجان ثماني دوائر باريسية مع ضواحيها فيقيم أمسياته في أماكن تاريخية على أساس انسجام المكان مع طبيعة العمل المقدّم. من هنا كان اختيار «لوتريانون» لاستقبال «الشيخات» كونه أحد المعالم القديمة ذات السجل الحافل بأسماء مثل تولوز لوتريك وميستينغيث وجاك بريل، ناهيك عن تعرضه لعدد من النكسات أدت الى إغلاقه ثم افتتاحه من جديد، كان آخرها بتجديده سنة 1992 واعتماده للحفلات الموسيقية والمسرحية. إلا أن استقباله «شيخات» المغرب يعود بالدرجة الى وجوده في منطقة بيغال المعروفة بأكثريتها المغاربية عموماً.
افتتحت الشيخة شريفة الفقرة الأولى من البرنامج يرافقها ثلاثة موسيقيين، اثنان على البندير وواحد على الوتر (الدف والعود). صرختها الأولى تشي بايمائين متلازمين الوحدة والبوح وترسم في فضاء المكان صورة الراعية السارحة خلف قطيع في سهوب جبال الأطلس وحبّها، قسوة الحياة، شقة التواصل، حريتها، شغلها اليومي، زينتها، جمال الطبيعة... كل هذا وأكثر مدارات تتردد في معظم أغاني «الشيخات» لكنها تختلف من جيل الى جيل، فالشيخة شريفة تنتمي الى الجيل الثاني نسبة الى الشيخة حادة مثلاً، وقد شحنت وصلتها بطاقة إيقاعية، تصعيدية، مليئة بالفكاهة في الأداء الإيمائي. كأن غناءها جاز تعبيري يفيض بنهر من التقاليد والموروثات الريفية ويتوخى التماشي مع سرعة العصر من دون التخلي قيد شعرة عن لصوقه بجذوره وإخلاصه لمنابع إيقاعه.
يتميز صوت الشيخة شريفة بحدة صافية تعلو، تهبط، وتغوص الى حد التمتمة، ثم تصدح عالياً مثل شهقة الريح في الوديان. ولعل نضارتها وميلها الى اللهو وإغراء الجمهور جعلاها تقيم الصالة تصفيقاً ورقصاً على الجهتين حتى بدا ان الحضور الألف أسرة واحدة في سهرة عائلية على حافة غدير.
استمرت وصلتها ساعة بلا انقطاع امتزج فيها الرقص الإيحائي (أو لعلّه الإيحاء بالرقص) بدروشة موسيقية جعلها الترديد الحارّ نوعاً من «الفودو» يحيل السمع الى تخدير ساكن بينما الحواس الأخرى غافلة عدا النظر المسمّر على الشيخة ورفاقها وهم يمعنون لهواً بتنويعات متلاحقة على إيقاع مركزي.
حين دخلت، في الفصل الثاني، الشيخة حادة أو عاكي مع ستة موسيقيين على رأسهم رفيق دربها بناصر أوخويا وثلاث راقصات يرتدين زياً برتقالياً ضجت الصالة بالتصفيق، الجمهور هو هنا أمام «معلّمة» كلاسيكية متمرسة كان لها فضل ملحوظ في نقل فن الشيخات من حيز المغرب الى رحاب العالم وسوف تبني مشهدها على أسس أكثر تنوعاً ومفاجأة. على العكس من شريفة، نصوص حادة مليئة بالحكايا وبدل البوح والترداد، تروي ويروي معها العازفون فيما تتحرك الراقصات مكوكياً بين مقدمة المسرح واصطفاف الموسيقيين.
تعود أصول هذا الفن الى منطقة الأطلس الأوسط بقراها الصغيرة المعششة في أعطاف التلال والوهاد، وهي أكثر مناطق المغرب ثراء بالفنون الموسيقية على أنواعها. من هناك جاءت موسيقى «الشيخات» كطقس بدائي، سرّي، يحاكي غابات الأرز والصخور المائلة الى لون المغيب في أعياد المواسم والأعراس. ويقول آلان ويبر الذي صوّر شريطاً تلفزيونياً ممتازاً عن «الشيخات» وموسيقى جبال الأطلس: «فلاحة أو بدوية من الصحراء، راقصة أو مغنية، تبقى المرأة المغربية مرتبطة بأرضها وأسرتها وتراثها الشفهي المنقول جيلاً عن جيل. لكن المؤسف في هذه الحكاية الجميلة ان مجرد خروج المرأة من محيطها التقليدي يؤدي الى نبذها وإغراقها بصفات غير عادلة».
في معظم الحضارات تحتل المرأة المركز الأساس في الأسرة وفي عملية استمرار التقاليد وتوليد الثقافة المعيشة. ولكن النظرة الى الفن عموماً كمهنة «خفيفة» في عالمنا جعلت من غناء «الشيخات» ورقصهن «فناً منبوذاً ومرغوباً» في الوقت نفسه. واليوم، إذ تحتفي باريس بهذا الفن يتأكد لنا من جديد ان كل فن جريء وحقيقي منبوذ ومرغوب بطبيعة الحال، ولا شيء أقرب الى قلب الجمهور من «شيخة» تبوح بعواطفها من دون تردّد وبكل ما أوتيت من موهبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.