القبض على إثيوبي في جازان لتهريبه (108) كجم "قات"    الأخضر يكسب تجريبية ساحل العاج    المملكة توزّع (700) سلة غذائية في محافظة دير الزور بسوريا    صحفيو مكة يشيدون بمضامين مؤتمر ومعرض الحج    بلدية الدلم تضبط 13 مخالفة جسيمة وتغلق منشآة تجارية    قتلى وجرحى إثر هجوم روسي كبير على كييف    مبابي يعرب عن سعادته لتأهل فرنسا للمونديال ووصوله إلى 400 هدف    «الأرصاد» يراقب تطورات الحالة المطرية من خلال تقنيات أرصادية تغطي أكثر من 90% من مساحة المملكة    اختتام دورة "فن احتراف الديكور الداخلي" ضمن "انطلاقة نماء" بجازان    استبعاد جيهي من المنتخب الإنجليزي بسبب الإصابة    شاهين شرورة ب 351 ألف ريال    حرم ولي العهد تتبرع لصندوق دعم الأطفال المصابين بداء السكري من النوع الأول ب10 ملايين ريال    اختتام فعالية التطوع الاحترافي بمشاركة 24 خبيراً و250 مستفيد في جدة    ديوان المظالم يفوز بجائزتين دوليّتَين في تجربة العميل 2025    من النص إلى النشر".. نادي مداد وبيت الثقافة بجيزان يناقشان تجربة الكاتب وقارئه الأول    جمعية عين لطب العيون تنظم فعالية توعوية بمناسبة اليوم العالمي للسكري في جازان تحت شعار "فحصك اليوم    البعيجان: الإخلاص أصل القبول وميزان صلاح الأعمال    الدوسري: برّ الوالدين من أعظم القربات إلى الله    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تعزز الوعي بداء السكري في سكرك بأمان    النفط يرتفع 1% وسط مخاوف نقص الإمدادات الروسية    152 توأماً من 28 دولة.. والمملكة تحتفل بالإنجاز الجراحي رقم 67    جامعة محمد بن فهد تستذكر مؤسسها في احتفالية تخريج أبنائها وبناتها    موسم الدرعية 25/26 يستعد لإطلاق مهرجان الدرعية للرواية الأحد المقبل    تراجع أسعار الذهب من أعلى مستوى لها في أكثر من ثلاثة أسابيع    مصرع طيار تركي إثر تحطم طائرة إطفاء في كرواتيا بعد انقطاع الاتصال بها    الفن يُعالج... معارض تشكيلية في المستشفيات تعيد للمرضى الأمل    أفضل خمس خدمات بث فيديو    %48 من القوى العاملة في المنشآت العائلية    رحلة الحج عبر قرن    شبكة عنكبوتية عملاقة    غدٌ مُشرق    عدسة نانوية لاكتشاف الأورام    انطلاق "موسم شتاء درب زبيدة 2025" في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    الأمير خالد الفيصل يكتب التاريخ ويفوز بلقب الروّاد في البطولة العربية للجولف بالرياض    المدير الرياضي في الأهلي: غياب توني لأسباب فنية    وزير "البيئة" يلتقي قطاع الأعمال والمستثمرين بغرفة الشرقية    مفتي عام المملكة يستقبل وزير العدل    الدفاع المدني يهيب بأخذ الحيطة والالتزام بالتعليمات مع توقع هطول أمطار رعدية على معظم المناطق    غرفة القصيم توقع تفاهمًا مع الحياة الفطرية    منسوبو وطلاب مدارس تعليم جازان يؤدّون صلاة الاستسقاء    "محافظ محايل" يؤدي صلاة الاستسقاء مع جموع المصلين    محافظ صبيا يؤدي صلاة الاستسقاء تأسياً بسنة النبي واستجابة لتوجيه خادم الحرمين الشريفين    أول اجتماع لمكتب المتقاعدين بقوز الجعافرة    مصرية حامل ب9 أجنة    الثقوب الزرقاء ورأس حاطبة.. محميتان بحريّتان تجسّدان وعي المملكة البيئي وريادتها العالمية    محافظ محايل يزور مستشفى المداواة ويطّلع على مشاريع التطوير والتوسعة الجديدة    ذاكرة الحرمين    محافظ القطيف يرعى انطلاق فعالية «منتجون» للأسر المنتجة    استعرض مع ولي عهد الكويت التعاون.. وزير الداخلية: مواجهة الجريمة والإرهاب بمنظومة أمنية خليجية متكاملة    تصفيات مونديال 2026.. فرنسا وإسبانيا والبرتغال لحسم التأهل.. ومهمة صعبة لإيطاليا    في أولى ودياته استعداداً لكأس العرب.. الأخضر السعودي يلتقي ساحل العاج في جدة    ترمب يواجه ردة فعل مشابهة لبايدن    القيادة تعزي رئيس تركيا في ضحايا تحطم طائرة عسكرية    وفد رفيع المستوى يزور نيودلهي.. السعودية والهند تعززان الشراكة الاستثمارية    آل الشيخ ورئيسا «النواب» و«الشورى» يبحثون التعاون.. ولي عهد البحرين يستقبل رئيس مجلس الشورى    وسط مجاعة وألغام على الطرق.. مأساة إنسانية على طريق الفارين من الفاشر    طهران تؤكد جديتها في المفاوضات النووية.. إيران بين أزمتي الجفاف والعقوبات    تعزز مكانة السعودية في الإبداع والابتكار.. إطلاق أكاديمية آفاق للفنون والثقافة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصيام قبل الإسلام
نشر في الحياة يوم 17 - 07 - 2013

يقول الله سبحانه وتعالى في آخر كتبه المنزلة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
ساد الاعتقاد في الحضارات القديمة بأن الامتناع عن الطعام والشراب يساعد الإنسان في الوصول إلى حال من الشفافية الروحية، تسمح له بالاتصال بالمعبودات، وعالم الأرواح. ومنذ ظهور الديانات الأولى أصبح الصيام وسيلة يلجأ إليها الإنسان للابتعاد عن المحرمات، وعاملاً أساسياً لتطهير النفس من الشرور، ويعدّ من أقدم العبادات الإنسانية، ومن أكثرها توافقاً بين الأديان.
اختلفت صفة الصيام باختلاف الأمم والشرائع، وتعددت أنواعه بتعدد الظروف المحيطة به، والأسباب الداعية إليه، فمنه ما يكون بالامتناع عن الأكل والشرب، والاتصال الجنسي، والعمل، والكلام؛ ومنه ما يكون بالامتناع عن واحد من هذه الأمور، أو عن بعضها، فالامتناع عن الكلام، مثلاً، هو نوع من أنواع الصيام، كان منتشراً لدى كثير من الشعوب البدائية وغيرها، فعند السكان الأصليين لاستراليا يجب على المرأة التي توفي زوجها أن تظل عاماً كاملاً صائمة عن الكلام، كما كان متبعاً في الديانة اليهودية، بدليل قوله تعالى لمريم: (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا).
الصيام، هو حرمان الجسم والنفس من بعض حاجاتهما الضرورية المحببة، والإمساك عن الطعام والشراب في الصيام يقع على وجوه كثيرة، فمنه المطلق الذي يشمل جميع المأكولات والمشروبات كصيام المسلمين، ومنه المقيد الذي يتحقق بالامتناع عن تناول بعض أنواع المأكولات والمشروبات، مثل بعض أنواع الصيام عند الصابئة، والمانوية، والمسيحية.
ومن أنواع الصيام ما يقتضي الإمساك عن هذه الأمور اليوم كله، نهاره وليله، ومنه ما لا يقتضي الإمساك إلا نهاراً، أو شطراً من النهار، ومنه ما يبدأ بغروب الشمس ويستغرق الليل كله أو شطراً منه.
ومن أنواع الصيام ما يكون متتابعاً يجري في أيام متتالية، ومنه ما يجري في مدة معينة، ولكن في أيام غير متتالية، كأن يصام يوم ويفطر يوم في شهر من شهور السنة، أو فصل من فصولها، ومنه ما يكون مقصوراً على يوم واحد، أو ليلة واحدة، أو جزء من يوم أو ليلة، ومن أشهر الديانات السابقة للإسلام التي وجهت عناية كبيرة إلى هذا النوع من الصيام، وهو الصيام المرتبط بمواقيت دورية، وكثرت فيها مناسباته، ديانات الصابئة، والمانوية، والبوذيين، والبرهميين، واليهود. ذكر ابن النديم في «الفهرست» أن ديانة الصابئة، فُرض على أتباعها من الصيام 30 يوماً متقطعة. وصفة صومهم الإمساك المطلق عن جميع أنواع الطعام والشراب من طلوع الشمس إلى غروبها، وفي بعض الأيام كان مقيداً، فكانوا لا يأكلون في هذه الأيام شيئاً من لحم الحيوان، ولا يشربون الخمر، أما المانوية فلهم صوم أسبوعي، وشهري، وسنوي.
وعرف الصيام عند الطوطميين، والمجوس، والوثنيين، كما فُرض في الديانات اليهودية والنصرانية والإسلام. وقد كتب المؤرخ بلوتارخ في القرن الأول الميلادي عن عادة الصيام في احتفالات «أوزريس» في مصر. وكان الفيثاغورثيون في اليونان يصومون بقصد الزهد والتقشف.
وتقدم لنا الديانتان البرهمية والبوذية، أمثلة كثيرة للصيام ذي المواقيت الدورية المتصل بظواهر الفلك، خصوصاً ظواهر الشمس. فالبرهميون يمتنعون عن الطعام والشراب والنوم والسفر من غروب الشمس الأحمر كل يوم. والبوذيون، أتباع كونفوشيوس، يصومون قبل تقديم الأضحية، ويتناولون وجبة واحدة قبل مواعيد الصلاة، من شروق الشمس إلى غروبها في أربعة أيام من أيام الشهر القمري، يسمونها «أيام اليوبوذانا». كما أوجبت فيها الراحة التامة، وحرمت مزاولة أي عمل، إلى وقت إعداد طعام الإفطار.
في الديانة اليهودية أمثلة كثيرة لهذا النوع من الصيام، وهو المرتبط بظواهر فلكية، وبمواقيت دورية تتكرر كل أسبوع، أو كل شهر، أو كل عام. فمن ذلك صيام اليوم العاشر من الشهر السابع العبري، يوم الكفارة (يوم كيپبور). وقد فُرض هذا الصوم على اليهود للاستغفار وطلب العفو عن الخطايا في نصوص صريحة في (سفر الللاويين 16/29) «ويكون لكم فريضة دهرية أنّكم في الشهر السابع، في عاشر الشهر، تذللون نفوسكم، وكل عمل لا تعملون، الوطني والغريب النازل في وسطكم؛ لأنه في هذا اليوم يكفَّر عنكم لتطهيركم من جميع خطاياكم، أمام الرب تطهرون، سبت عطلة هو لكم». وفي «سفر أشعياء» ورد: «أليس هذا صوماً اختارهُ حَلَّ قيود الشر. فَكَّ عُقَد النير وإطلاق المسحوقين أحراراً وقطع كلّ نيرٍ؟ أليس أن تكسر للجائع خبزك وأن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك. إذا رأيت عرياناً أن تكسوهُ وألا تتغاضى عن لحمك؟».
ويوم الغفران هو اليوم الذي نزل فيه موسى من سيناء، للمرة الثانية، ومعه لوح الشريعة، إذ أعلن أن الرب غفر لهم خطيئتهم في عبادة العجل الذهبي، وعيد يوم الغفران هو العيد الذي يطلب فيه الشعب، ككل، الغفران من الإله. وقد ذُكر في الحديث الشريف يوم عاشوراء عند المسلمين الذي هو يوم كيبور لدى اليهود.
في الديانة المسيحية «الصوم الكبير» هو أحد أيام الصيام، وتبلغ مدته 55 يوماً، وسمي بالكبير لأنه يحتوي على ثلاثة أنواع من الصوم، هي: أسبوع الاستعداد، أو بدل السبوت، والأربعون يوماً المقدسة التي صامها السيد المسيح صوماً انقطاعياً، وأسبوع الآلام. في هذا الصوم لا يأكل المسيحيون السمك الذي يؤكل في الصوم الصغير (صوم الميلاد). ورد في (لوقا 5/35) «ولكن ستأتي أيام حين يرفع العريس «المسيح» عنهم، فحينئذ يصومون في تلك الأيام».
ويختلف موعد هذا الصوم من عام إلى آخر بحسب تاريخ يوم عيد القيامة، الذي يحدد في أي سنة من السنين، بحسب قاعدة حسابية مضبوطة، بحيث لا يأتي قبل يوم ذبح خروف الفصح أو معه، وإنما في يوم الأحد التالي له بحسب تعاليم الكنيسة. ولا بد في الصوم من الانقطاع عن الطعام لمدة من الوقت، ومدة الانقطاع هذه تختلف من شخص إلى آخر بحسب درجته الروحية، وتفاوت الصائمين في سنهم.
* باحث في الشؤون الإسلامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.