محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية ترصد أول ظهور للنسر الأبيض الذيل في السعودية منذ 20 عاما    وزير البيئة يشهد توقيع 3 اتفاقيات لتعزيز استخدام المياه المجددة    أمانة جدة تضبط 5,250 كجم من الأغذية الفاسدة وتوقف أنشطة عشوائية بعمائر سكنية    أكثر من 100 عمل بمعرض الفن الإسلامي    مؤتمر MESTRO 2025 يوصي بتعزيز التعاون الإقليمي وتطوير تقنيات العلاج الإشعاعي    الإحصاء تنشر الرقم القياسي لتكاليف بناء أكتوبر 2025    افتتاح متحف البحر الأحمر بجدة التاريخية في 6 ديسمبر    أبرز 3 مسببات للحوادث المرورية في منطقة الجوف    رياح وغبار على غرب المملكة.. وضباب متوقع على الشرقية    بن حفيظ افتتح موسم شتاء مرات السادس.. ويستمر للجمعة القادمة    روبن نيفيز.. سيد الجزائيات وحاسم الهلال في اللحظات الحرجة    وزير الدفاع الهولندي: تعليق عمليات مطار أيندهوفن بعد رصد طائرات مسيرة    هزة أرضية بقوة 4.4 درجات تضرب شمالي العراق    مقتل 8 مسلحين في عملية للجيش الباكستاني شمال غربي البلاد    البرهان: شكراً محمد بن سلمان.. شكراً ترمب.. الرياض تفتح أبواب السلام بالسودان    «واتساب» تتيح إنهاء صلاحية الرسائل تلقائياً    روبوت صيني يمشي لمسافة 106 كيلومترات    القيادة تعزي ملك مملكة البحرين في وفاة سمو الشيخ إبراهيم بن حمد بن عبدالله آل خليفة    بدء طرح تذاكر كأس آسيا تحت 23 عامًا "2026 السعودية"    جوارديولا يتحسر على الخسارة أمام نيوكاسل    في الجولة ال 13 من الدوري الإسباني.. قطبا العاصمة خارج الديار أمام إلتشي وخيتافي    في الجولة ال 12 من الدوري الإنجليزي.. ديربي لندني مرتقب يجمع آرسنال وتوتنهام    في ختام الجولة التاسعة من دوري روشن.. النصر يسعى لعبور الخليج.. والتعاون يصطدم ب «نيوم»    دكتورة سعودية ضمن القادة العالميين المؤثرين    هنأت الرئيس اللبناني بذكرى استقلال بلاده.. القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة إبراهيم بن حمد    وادي بيض    الداخلية: إهمال الطفل يعرضك للمساءلة القانونية    إنقاذ مواطن تعطلت واسطته في عرض البحر    العقيل يحتفل بعقد قران عبدالله    عريس يشارك فرحته مع المحتاجين    الزهراني يزف عبدالله لعش الزوجية    استقرار أسعار الذهب في المعاملات الفورية    ضمن فعاليات موسم التشجير الوطني.. «الري» تستهدف زراعة 2 مليون شجرة    شارك نيابة عن ولي العهد في قمة «العشرين».. وزير الخارجية: السعودية تعزز الاستثمار المسؤول والتنمية المستدامة    أحمد أمين يصور«النص 2» مطلع ديسمبر    «وسم الثقافي» يكرم الشاعر أبو زيد    الإسكندراني يستعرض تاريخ الأغنية السعودية    الصمعاني والدوسري يستعرضان إنجازات المملكة وتطور المنظومة العدلية اليوم    ملصقات العقوبات في مرافق الصحة.. مخالفة    السجائر الإلكترونية تحتوي على جراثيم خطرة    23% نمو القروض الاستثمارية للثروة الحيوانية    الأحمدي يكتب..جماهير الوحدة تُعيد ماضيها!    الرياض وواشنطن مرحلة جديدة بعنوان الشراكة الإستراتيجية    للفترة الثانية .. "الرياضة" تعلن نطاق شهادة الكفاءة لأندية "روشن"و"يلو" لموسم 2025-2026    السعودية تسهم في إدراج 16 عنصراً تراثياً لليونسكو    نائب أمير الرياض يُشرّف حفل سفارة عمان بمناسبة اليوم الوطني    الرياض واشنطن عنوان العالم    افتتاح جامع المجدوعي بالعاصمة المقدسة    طبيب أردني: "الذكاء الاصطناعي" قد يحل أزمة نقص الكوادر في العلاج الإشعاعي    كتاب التوحد في الوطن العربي.. قراءة علمية للواقع ورؤية للمستقبل    افتتاح جامع المجدوعي بالعاصمة المقدسة    انطلاق النسخة الأكبر لاحتفال الفنون الضوئية في العالم    نائب أمير الرياض يرعى احتفال السفارة العمانية بيومها الوطني    الشيخ صلاح البدير: الموت محتوم والتوبة باب مفتوح لا يغلق    الشيخ فيصل غزاوي: الدنيا دار اختبار والصبر طريق النصر والفرج    العبيكان رجل يصنع أثره بيده    عبدالعزيز بن سعود يدشّن منظومة الرادارات في نظام أمن الحدود الشمالية ومركز الجراني بقطاع طريف الحدودي    استقبل وزير الحج ونائبه.. المفتي: القيادة حريصة على تيسير النسك لقاصدي الحرمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«كلهن» ضحايا التحرش و «الاتهام»... في شوارع مصر
نشر في الحياة يوم 18 - 04 - 2013

يكذب كل من يدعي في مصر أن ملف التحرش الجنسي بالنساء والفتيات لم تتحرك مياهه الراكدة أو تتقدم محاوره الجدلية منذ وصل أول رئيس مدني منتخب في مصر بعد الثورة إلى سدة الحكم.
فقد ترسخ مبدأ التحرش السياسي بالمرأة والفتاة المصرية، وهو السلوك الذي ابتكره النظام القديم لمعاقبة الناشطات والمتظاهرات. وشدّت المرحلة الانتقالية من أزر مبدأ التحرّش السياسي، ووضعت دعائمه السلطة الجديدة، إن لم يكن بالمباركة فبالسكوت وغض الطرف عن الجناة، وإن لم يكن بتجاهلهم، فبإطلاق العنان لقنوات وأشخاص يصيحون مهللين أن «كل من تنزل الميدان فهي حتماً تطلب التحرش والاغتصاب، وكل من تغفل الملبس الشرعي فهي ترحب بمن يتحرش بها ويغتصبها». ووصل الأمر إلى توجيه دعوات إلى ذلك.
إنجاز آخر ينبغي على المرأة المصرية أن تعترف به، هو نبرة التقليل من شأن التحرش، وذلك إما باتهام أصحاب مبادرات منع التحرش وعقاب المتحرش بالمبالغة في تقدير الظاهرة، أو بالتشديد على أن الظاهرة ليست جديدة وأنها كانت موجودة قبل الثورة، مدللين على ذلك بالتحرش الجماعي الذي شهدته منطقة وسط القاهرة عام 2009 أمام إحدى دور العرض السينمائي. والمثير أن مثل هذه النبرات تأتي غالباً من رموز في أحزاب وتيارات إسلامية، ما أعطى التحرّش بالنساء والفتيات في مصر بعداً استقطابياً جديداً، إذ أصبح التحرش قضية الليبراليين المهمومين بها، وليس الإسلاميين الذين إما يقللون من شأنها أو يبررون اقترافها بمقولات وأفكار تدور في فلك «البنت المحترمة لا يتحرّش بها أحد»!
وفيما تشتد نبرات الكتابات الصحافية، والتغطيات التلفزيونية، والتدوينات العنكبوتية والمبادرات الشبابية لمناهضة هذا الوباء المستشري، تخرج أقلام وأصوات محسوبة على السلطة الحاكمة لتدلي بدلوها في هذا الشأن. فهي تبرّئ الجماعة من اتهامات وجهت إليها بالتحريض على التحرش بالمتظاهرات والناشطات. لكنها، في الوقت ذاته، لا تعطي معضلة التحرش اهتماماً يناسب حجم الظاهرة.
ولأن القضية في نظر تيارات إسلامية كثيرة ليست ظاهرة بالمعنى المعروف، ولأنه جرى العرف بتحميل الفتيات والنساء مسؤولية التحرش لأن ملابسهن غير محتشمة، أو لأن مشيتهن غير محترمة، أو لأنهن موجودات في الشارع أصلاً، خرجت أخيراً دراسة صادمة لتنضم إلى ما سبقها من صدمات في هذا الشأن.
«المركز الديموغرافي» التابع ل «معهد التخطيط القومي»، بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة و «المجلس القومي للمرأة»، أجرى استطلاعاً أظهر أن الغالبية المطلقة من المصريات يتعرّضن للتحرش. ف99،3 في المئة من النساء والفتيات اللواتي شملهن الاستطلاع (وتتراوح أعمارهن بين 10 و35 سنة) أكدن أنه يُتحرَّش بهن. وقالت 88 في المئة منهن أنهن يتعرضن للتحرش اللفظي وإطلاق الصفارات، و75 في المئة يتعرضن للنظرات الفاحصة الماحصة للأجساد، و70 في المئة يتلقين مكالمات هاتفية بهدف المعاكسة، و63 في المئة يسمعن كلمات وتعليقات مليئة بالإيحاءات الجنسية، و62 في المئة يعانين تتبع غرباء لهن، و60 في المئة يؤكدن أنهن يتعرضن للتحرش عبر لمس أجسادهن!
أما أكثر الفئات تعرضاً للتحرش، فهن الطالبات، تليهن العاملات وربات البيوت، وبعدهن السائحات، ما يشير إلى عكس ما يشاع عن أن الأكثر تعرضاً للتحرش هن غير المحتشمات، خصوصاً أن الغالبية المطلقة من المصريات يغطين شعرهن. وقالت غالبية من شملهن الاستطلاع أن المتحرّش لا يفرق بين المحتشمة وغير المحتشمة، ولا يتحرّش بناء على شكل المكياج أو نوعية الملابس أو طريقة المشي. أي أن التحرش للجميع. لذا كان طبيعياً أن تؤكد الغالبية أنها باتت لا تشعر بالأمان في المواصلات العامة والشوارع، ويطالبن بقوانين رادعة لمواجهة التحرش.
وعلى رغم أن إصدار القوانين ليس معضلة، وتطبيقها ليس مستحيلاً، لكن ينبغي توافر الإرادة السياسية والتنفيذية التي يبدو أنها لم تتوافر بعد!
المتوافر حالياً هو الإرادة الشعبية المنقسمة بين رغبة عارمة في التحرش، ورغبة عارمة أخرى في وقف التحرش: الأولى، تعيش أزهى عصورها في ظل غياب الأمن والشرطة، والصمت الرسمي، وكذلك التبرير الكلاسيكي الذي يبرّئ الرجل «لأنه مسكين يفقد عقله لدى رؤية الكائنات الأنثوية»، فضلاً عن الموروث الثقافي الذي يتباهي بالولد تحت شعار «أنا كبرت... إذاً أنا أتحرّش»، أو «الرجل لا يعيبه التحرّش بالأنثى. لكن المحترمة تصون نفسها».
أما الثانية، فتجاهد بين محاولات متفرقة للتوعية، أو لرسم خرائط لأماكن التحرّش في مصر، أو تكوين مجموعات لحماية النساء والفتيات في أوقات التظاهرات.
وسيبقى وضع التحرش على ما هو عليه، إلى أن تستيقظ السلطة من غفلتها، وتفيق الحكومة من غيبوبتها، ويصحو الشعب من موروثه الخاطئ، ويعلم المتحرّش أنه (...)، وتقتنع المتحرّش بها بأنها تخطئ فقط حين تسكت عن التحرّش!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.