أوضح الدكتور محجوب الزويري، أن التيارات الإسلامية عموماً (الإخوان المسلمين وحزب التحرير والجماعات الدعوية) واجهت قبضات أمنية حازمة دفعت إلى إحداث انقسامات فيها، كما دفعت بقوة إلى نوع من المراجعات، منها ما هو معلن، ومنها ما ليس معلناً، مشيراً إلى أن هذه المراجعات، تناولت، طريقة التعامل مع أنظمة الحكم، لكنها لم تناقش ماذا لو أصبح الإسلاميون في ما يبدو، خصوصاً الإخوان المسلمين، في السلطة. ولفت إلى أن هذا السؤال جاء كالريح العاصفة مع أحداث الربيع العربي، «فالانتخابات في مصر وتونس مكّنت الإخوان المسلمين من الحصول على حصة كبيرة من الهيئات المنتخبة، وجعلتهم في مواقع السلطة والحكم. لكن ما حدث بعد ذلك هو الأبرز، ولربما الأخطر كما يصفه آخرون». وأضاف: «الإسلاميون ظهروا في سلوكهم السياسي أوصياء على النظام السياسي بمجمله»، وأشار إلى أن الشأن العام حين انتقل إلى إداراتهم، جاءت مصطلحات من مثل «الأخونة» أو «الأسلمة»، وهي بالضرورة قد لا تعكس حقيقة ما يجري، وإنما تعكس في جزء منها «فوبيا» تم التأسيس لها خلال أعوام طويلة. ورأى أن الأهم في فهم طريقة تفكير خصوم الإسلاميين يكمن في السياق التاريخي الذي تطورت فيه مسألة إدارة الشأن العام (الحكم) عند العرب وغيرهم من شعوب المنطقة، «فما كان سائداً في القرن الماضي هو أن الدولة الحديثة منقطعة عن الدين، لذلك مارس من كان يحكم إقصاء للدين ودوره في الشأن العام ما استطاع إلى ذلك سبيلاً؛ فكان ذلك عين التطرف في إقصاء مكون من مكونات الثقافة والهوية للمجتمعات». واعتبر الزويري «أداء من كانوا يوصفون بالليبراليين أو العلمانيين لم يكن ليتوقف، بل ازداد تطرفه مع إحكام تلك القوى قبضتها على السلطة ومعه النظام؛ فاستعانت بالقبضة الأمنية لتأكيد ذلك العزل للإسلاميين الراغبين في أن يكون لهم دور في الشأن العام، والأمثلة معروفة للجميع». ولفت إلى أن «تلك الطريقة في التفكير وفي إدارة المجتمع والشأن العام لا يمكن إلا أن تكون قد انتقلت إلى الإسلاميين. وما أصبح معروفاً اليوم هو أنه حتى تصبح مؤثراً في الشأن العام لا يكفي أن تكون في السلطة، بل عليك أن تسيطر على النظام»، مؤكداً أن هذا يقود بلا أدنى شك إلى إنتاج نوع من الاستبداد المبرر دينياً. وشدد على أن التطورات التي عاشتها المنطقة في القرن الماضي، وتعيشها الآن، تطرح سؤالاً كبيراً على الإسلاميين أنفسهم، عليهم أن يتصدوا للإجابة عنه قبل الآخرين، وهو: هل الإسلاميون راغبون في السلطة؟ وهذا يعني الانتقال بين الحكومة والمعارضة، أم يريدون النظام السياسي برمته؟ ونبه على أن القوى السياسية التي تعتبر نفسها ليبرالية، الإقرار بأن الإسلام ثقافة وسياسة ليس غريباً عن المنطقة وأهلها، وظهور أصوات متنافسة على السلطة في تلك البلدان لا يعني بالضرورة الأسلمة. ولخص رؤيته أن «المهم في هذا السياق هو بناء التوافقات؛ ليس بالمعنى الذي يروج له البعض عبر الأغلبية والأقلية، بل التوافقات التي يراد لها أن تبني دولاً تتعلق بالقانون وبقية المرجعيات الاقتصادية والاجتماعية التي تضبط إيقاعات المجتمع، وتمنع التفرد بالسلطة. وبغير ذلك، سيدخل الجميع إلى دائرة من الاستبداد وإعادة إنتاجه».