أكد رئيس قسم العلوم الإنسانية في جامعة قطر الدكتور محجوب الزويري، أن منطق المشاركة السياسية شبه غائب لدى الإسلاميين، ولو أشركوا الآخرين معهم لخففوا من الأعباء عليهم، وقال: «يجب أن يستعد الإسلاميون للاستنزاف الذي سيواجهونه، فموقعهم كحاكمين يختلف عن كونهم معارضة»، ورأى أن الإسلام في فضائه المفتوح أكثر مدعاة للإسلام، وطالب أن يكون هناك قاعدة أو مرجعية قانونية، يعود إليها الإسلاميون وخصومهم، تضمن تساوي الجميع في الفرص، لافتاً إلى أن الفضاء الإقليمي لا يقبل الإسلاميين بسهولة. وأوضح الزويري في محاضرته التي نظّمها منتدى العلاقات العربية والدولية بعنوان: «الإسلاميون المعاصرون بين السلطة والدولة، ملاحظات من وحي الثورات» أن الإسلاميين الذين يعنيهم في حديثه، هم من يريدون أن يكون للإسلام حضور وشأن في الرأي العام في منطقة الشرق الأوسط، (يدخل في ذلك إيران وتركيا)، مشيراً إلى وجود خلط في المفاهيم وضياع للمصطلحات، خصوصاً في العامين الماضيين. وتطرق إلى أن القرن الماضي عرّف الناس بتيارات إسلامية عدة، أبرزها تيار الإخوان المسلمين كجماعة دعوية في أول الأمر، ثم انتقلت إلى الشأن العام، وكذلك حزب التحرير الذي يرى أن التغيير يكون من الأعلى إلى الأسفل، (أي من السلطة إلى المجتمع)، والتيار الثالث هو التيار الدعوي الموصوف ب«أحباب الله»، وأكد أنها أبرز التيارات التي لها أنشطة في الشأن العام، إلا أن هذه التيارات عانت من الدول الحاكمة خلال العقود الماضية، إذ لم تر للإسلاميين أي دور فيه تقدم. ورأى أن الإسلاميين شركاء في الوطن، ولكن غير مرحب بهم في الحقبة الماضية، إلا أن كل تلك المضايقات لم تفلح في تغييبهم كاملاً، ونوّه إلى أن الإسلاميين حالياً انتقلوا من المعارضة إلى الشأن العام وإدارة الدولة في دول ثورات الربيع العربي، لافتاً إلى أن وجود الإسلاميين في موقف المعارضة خير للإسلام من وصولهم إلى السلطة. وتساءل هل الإسلاميون يريدون السلطة أم الدولة؟ فأجاب: «إذا أرادوا السلطة يجب أن يقبلوا باللعبة السياسية الدولية، وعليهم الاستفادة من التجربة التركية»، وأشار إلى أن هناك تشابهاً بين إيران في القرن ال20 والثورات العربية الحالية، باعتبار أن كلاً منهما انتهج الخط السلمي في مطالبته بالتغيير السياسي، مفيداً أن ثورة 1906م في إيران كانت دستورية، وأقصت رجال الدين، في حين كانت ثورة الخميني عام 1979م بمشاركة الليبراليين، ولكن تم إقصاء كل الليبراليين من السلطة والحال السياسية عموماً. وعرّج على تيار الإخوان المسلمين، ونشأته عام 1929م، ومدى ارتباطه بثورات مصر، معتبراً أن الإخوان لم يكونوا المحركين للثورات، بل انخرطوا فيها أخيراً، ولم يتصورا أن الثورات ستنجح، ولم يكن لديهم أية خطة مستقبلية بعد نجاحها، ومع ذلك، كان الحضور السياسي للإخوان فاعلاً، إلا أن التيار الليبرالي لا يريد أي دور للدين في الشأن العام. ولفت إلى أن «فوبيا الإسلاميين» لا تزال مستمرة، على رغم نجاح الثورات في مصر وتونس، إذ برأيه أنها زُرعت في الإعلام والرأي العام خلال قرن كامل من الزمن، بل إن هناك محاولات لبعث الفوبيا من جديد بعد فوز الإسلاميين، واصفاً الأنظمة الحاكمة في القرن الماضي بأنها «متطرفة في الحكم»، مشيراً إلى آواخر القرن ال19، وما شهد من حركات تجبر على كشف الحجاب، إذ تسعى إلى إعادة تشكيل المجتمع حتى يقصى الدين، ويحصر في الصلوات فقط، وإعطاء تصور أن الدين سر التخلف. وأكد أن الإسلاميين إذا لم يقدموا شيئاً على أرض الواقع (اقتصادياً) ستطول المرحلة المعقدة.