تطلق الحكومة اللبنانية اليوم أول خطوة إجرائية تحضيراً للانتخابات النيابية بتوقيع رئيسها نجيب ميقاتي على المرسوم الذي أحاله عليه وزير الداخلية والبلديات مروان شربل ويدعو فيه الهيئات الناخبة الى الاشتراك في الانتخابات المقررة في التاسع من حزيران (يونيو) المقبل، تمهيداً لرفعه الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان للتوقيع عليه ونشره في الجريدة الرسمية ليصبح نافذاً قبل ثلاثة أشهر من موعد اجرائها. لكن هذه الخطوة الإجرائية لا تعني بالضرورة، كما تقول مصادر نيابية ووزارية ل «الحياة»، أن الانتخابات حاصلة في موعدها طالما انه تعذر حتى الآن التوافق على قانون الانتخاب الجديد. فيما أخذ عامل الوقت يضيق ولم يعد أمام البرلمان سوى أيام عدة للتوصل الى تفاهم في شأنه بات من سابع المستحيلات. وأكدت المصادر ان توقيع المرسوم يأتي في سياق إصرار الحكومة، ومعها رئيس الجمهورية، على ممارسة صلاحياتها بالكامل وعدم التردد في مواصلة التحضير لمزيد من الإجراءات اللوجستية والإدارية لئلا تتهم بأنها وراء تأخير اجراء الانتخابات، وبالتالي يصار الى تحميلها مسؤولية تعطيل العملية الانتخابية التي تقع الآن على عاتق البرلمان باعتبار أن اقرار قانون الانتخاب من صلاحياته التشريعية، مع ان مشروع الحكومة في هذا الخصوص والرامي الى اعتماد النظام النسبي في الانتخابات أضحى يتيماً بسبب تسابق أهل بيته على التخلي عنه لمصلحة مشاريع انتخابية أخرى يصعب ان ترى النور حتى الساعة. ومع أن المجتمع الدولي، من خلال سفراء دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في لبنان، بدأ يعد نفسه للتكيف مع التمديد للبرلمان شرط أن يتم التفاهم على آليته بعد تعذر التوافق على قانون الانتخاب، باعتبار انه يولي الأهمية الأولى للحفاظ على الاستقرار العام وأن لا مانع لديه من تأجيل الانتخابات لغياب أي تفاهم على القانون، لقطع الطريق على اقحام لبنان في اشتباك سياسي مفتوح على الاحتمالات كافة، فإن دعوة الهيئات الناخبة لن تكون معزولة عن خطوات اجرائية أخرى. وفي هذا السياق كشفت مصادر وزارية أن وزير الداخلية سيصدر قبل شهرين من موعد اجراء الانتخابات مرسوماً يفتح الباب أمام الترشح لها، وقالت ان تشكيل الهيئة الناخبة للإشراف عليها ينتظر المراجعة التي ستخلص اليها اللجنة القضائية – القانونية برئاسة وزير العدل شكيب قرطباوي للنظر في التباين القائم بين الأخير والوزير شربل حول موعد تشكيلها وبدء ممارستها مهماتها. ولفتت الى أن الوزير شربل يقترح تشكيل هذه الهيئة مع الدخول في مهلة الأشهر الثلاثة لإجراء الانتخابات مقرونة بانتهاء ولاية البرلمان الحالي. بينما يرى الوزير قرطباوي ان تشكيلها يجب أن يتزامن مع بدء التقدم بطلبات الترشح لخوض الانتخابات باعتبار أنها مكلفة النظر في هذه الطلبات اضافة الى مراقبة الإنفاق الانتخابي. لكن المصادر نفسها لاحظت أن الاختلاف الحقيقي حول تشكيل هيئة الإشراف يكمن في أن قوى رئيسة في «8 آذار» تصرّ على ربط تأليفها بالتوافق على قانون انتخاب جديد لقطع الطريق على اعادة الروح الى قانون عام 1960 مع ان هذه القوى تتصرف على ان الانتخابات مؤجلة. كما ان هذه المصادر، وإن كانت تستبعد دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الهيئة العامة في البرلمان الى جلسة لإقرار مشروع اللقاء الأرثوذكسي، فإنها لم تسقط من حسابها امكان دعوتها في النصف الثاني من الشهر الجاري على ان تخصص للتشاور في طبيعة الخطوات اللاحقة مع ارتفاع منسوب تأجيل الانتخابات. وأكدت أن موقف المجتمع الدولي من احتمال تأجيل الانتخابات سيتطور تدريجاً مع تراجع الآمال المعقودة على التفاهم على قانون انتخابات جديد ولو في اللحظة الأخيرة. وقالت ان المخرج للتمديد للبرلمان يناقش حالياً بصمت بعيداً عن الأضواء، وإن الدول التي تصر على إتمامها في موعدها ستضطر الى تجرع «الكأس المرّة» بعدم معارضتها للتأجيل إذا كان ثمنه الحفاظ على الاستقرار العام. بدورها، كشفت جهات دولية مراقبة للتحضيرات التي كانت جرت لبدء المحاكمات في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ورفاقه في 25 الجاري قبل أن يصار الى تأجيلها، ان لهذا التأجيل سبباً يمت بصلة مباشرة الى الابقاء على الاستقرار العام ولا يتعلق بتسريب أسماء بعض الشهود المدعوين للمثول أمام هيئة المحكمة الدولية للإدلاء بما لديهم من شهادات. وأكدت هذه الجهات ان كل التحضيرات كانت أُنجزت لبدء المحاكمات، لكن جهات خارجية ارتأت تأجيلها الى حزيران المقبل لتباشر عقد جلسات أولية قبل أن ترفع أعمالها الى أيلول (سبتمبر) المقبل بذريعة بدء سريان العطلة الصيفية في تموز وآب (أغسطس) المقبلين، وبالتالي فإن أي تبرير آخر لهذا التأجيل لا يتطابق مع استكمال التحضيرات للبدء في المحاكمات وهنا يكمن السؤال عن السبب وراء تأجيلها؟