الطيران المدني تصدر تقرير التزام المطارات والناقلات الوطنية بأوقات الرحلات لشهر يونيو 2025م    الدولار يتراجع أمام الين    القيادة تهنئ رئيس جمهورية مصر العربية بذكرى اليوم الوطني لبلاده    جامعة جازان تعلن مواعيد التسجيل الذاتي للفصل الدراسي الأول 1447ه    أكثر من مئة منظمة تحذّر من "مجاعة جماعية" في غزة    الصين تعلن تقديم "احتجاجات رسمية" للاتحاد الأوروبي    رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون يبحث مع السفير السريلانكي فرص التعاون الإعلامي المشترك    نجم يكشف أسرار منكب الجوزاء    سوري يشتري عملات ويسلمها للمتحف    مجسات ذكية لراحة مرضى السكري دون ألم    أسباب وعواقب إدمان الحلويات    لماذا غسل الدجاج غير مستحب    فريق التنسيق الآسيوي يبدأ زيارته الرسمية إلى الرياض لمتابعة التحضيرات القارية    أكد وجود انتهاكات جسيمة.. لجنة تقصي الحقائق تسلم تقريرها للرئيس السوري    رئيس الوزراء يدعو لتعزيز التواجد في عدن.. تحذير يمني من وجود المقرات الأممية بمناطق الحوثي    تصاعد الضغوط لإنجاز اتفاق وقف النار بغزة    جذور العدالة    إطلاق كود"البنية التحتية" بمنطقة الرياض بعد 15 يوماً    عزز صفوفه بالخيبري.. الأهلي يشارك في السوبر بديلاً للهلال    النصر يتراجع عن صفقة هانكو.. ويخسر الجابر    FIFA تؤكد التزامها بكرة القدم الإلكترونية وتتشارك مع الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية    «بدر الجنوب».. وجهة تنتظر الاستثمار    أوبك تحذر من خطورة تداعيات فقر الطاقة وتضع الحلول    أكد دعم سوريا لضمان أمنها واستقرارها.. مجلس الوزراء: السعودية تدعو لاتخاذ قرارات عملية أمام التعنت الإسرائيلي    استطلاع عدلي.. "تطوير خدمة المستفيدين" أولوية    "صواب" تحتفي بمتعافي الإدمان    إطلاق جمعية سقيا الماء بجازان    "البيئة": تمديد مهلة رخص مياه الآبار لمدة عام    تنفيذاً لتوجيهات سمو ولي العهد.. منتدى استثمار (سعودي – سوري) في دمشق    ربط التعليم التقني باحتياجات السوق.. أمير المدينة: معامل ابتكارات الحرف نموذج للاستثمار في رأس المال البشري    المنتخب السعودي يشارك في أولمبياد الأحياء الدولي    وزير الداخلية يلتقي منسوبي الوزارة المبتعثين في بريطانيا    اختتام تدريب الخطباء بتبوك    منسوبات واعي يطلعن على مركز التراث وبيت الحرفيين بجازان    منع الفنان راغب علامة من الغناء في مصر    سبعة آلاف طفلٍ في مركز ضيافة المسجد النبوي    حكمي.. قصة تحدٍ ملهمة في عالم التوحد وحفظ القرآن    دينية الحرمين توقع اتفاقية تعاون لبرامج نوعية    مفوض إفتاء جازان يستقبل منسوبي إدارة جمعية سقيا الماء    أمير حائل يكرم «طبيباً استشارياً»    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة عبدالرحمن بن فرحان    ترحيب سعودي ببيان الشركاء الدوليين المطالب بإنهاء الحرب على غزة    "هلال مكة" يفعل مساراته الطبية الإسعافية القلبية والدماغية    155 ألف مستفيد من خدمات مستشفى ينبع    السعودي محمد آل نصفان يحقّق إنجازاً تاريخياً في الاسكواش العالمي    تداول يفقد 137 نقطة    جولة أمير جازان ترسم ملامح المستقبل والتنمية في فيفاء والعيدابي    جمعية اللاعبين القدامى بالشرقية تكرّم المدرب الوطني حمد الخاتم    قوميز يستأنف تدريبات الفتح ويُطلق أولى ودياته المحلية لرفع الجاهزية    نبض العُلا    أمير جازان ونائبه يتفقدان عددًا من المشروعات التنموية والسياحية بمحافظة فيفاء    الجامعة العربية تدعو المجتمع الدولي لكسر حصار غزة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل رئيس ووكلاء جامعة جازان    البيئة تعلن تمديد مهلة الحصول على رخص استخدام مياه الآبار لمدة عام    السعودية ترحب بمطالبة دولية لإنهاء حرب غزة    تقنية تحسن عمى الألوان    المفتي يطلع على أعمال جمعية البر    رئيس باكستان يمنح رئيس أركان القوات البحرية وسام "نيشان الامتياز" العسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهاملي: مجتمعاتنا تخاف الجماهير فتخرج الفتاوى فيها معطوبة!
نشر في الحياة يوم 25 - 12 - 2012

الإبداع هو أجنحة التألق للمجتمعات، من خلاله نلمس التطور والتنمية في شتى الاتجاهات.
المجتمع الخليجي ما يزال حديث النشأة مقارنة بمجتمعات كثيرة، مَنّ الله عليه بالمال وحاول من خلاله إيجاد حيز له في المنظومة الكونية حواليه. ميثاء الهاملي مجموعة إبداع في شخص واحد، امرأة بدوية أصيلة نالت الدكتوراه في الوعي السياسي، وأصدرت ديواني شعر، وشاركت في تأسيس عدد من لبنات المجتمع الإماراتي.. تعدد محطاتها الوظيفية يخبر كم هي قادرة على ملء فراغ كل منصب، ونسج حكايا الإبداع من خلاله.
لا ترى الهاملي خوفاً على اللغة العربية من اللهجة المحلية، بل ترى فيها ينبوعاً عبئ منها وإليها، تحرص كثيراً على أن يرى الإنسان ما يملك، ويوظف قدراته كما يجب، لينال الأجمل دائماً.
ترى أن خطوات التحديث في مجتمعنا جيدة، لكنها في حاجة إلى تسارع أكثر، وتتمنى ألا ينجرف خطابنا الحياتي وفق أهواء وعادات وليس وفق نص مقدس يحكمها، تكره النظرة التطرفية تجاه قضايا المرأة والخوض في غمارها، وتتمنى لو حضر البياض والرفق الذي دعا إليه ديننا في كل أحكامنا وحياتنا.
ميثاء الهاملي.. كاتبة إماراتية تحكي للغيم قصة الإنجاز، فيهطل الإبداع على أرض يباس، فيرتوي القاصي والداني بها. وفي ما يلي نص الحوار
أنتِ من أبوظبي ما القواسم المشتركة بينكما، وما علاقتك بالمكان؟
- الشبه يكاد يكون غير واضح لي لشدة التطابق، هي الأصل وأنا من كنت وما زلت أحاول أن أشبهها، وعلاقتي بالمكان علاقة ولاء وانتماء، لأي مكان أعتاد عليه حتى وإن كان قطعة أثاث في زاوية قصية.
أحاول أن استثمر فرصة وجودي بهذا المكان لأصنع به حضارة أجمل، وأختصر الوصول إلى أهدافي بسرعة.
أنا ميثاء بنت سيف، الطفلة البدوية التي تقضي إجازتها في محاضر ليوا، بين جنبات بيت جدها وتستعذب رائحة الرطب وشموخ النخيل، وتعانق امتداد وفضاء الصحراء.
ما أذكره أيضاً، أني كنت استمع إلى قصائد جدي الشاعر العذب "زعل بن سيف بن زعل الفلاحي"، بشغف وأنا أختبئ تحت عباءة "بشته" من نسمات الشتاء الباردة، ومن هنا بدأ الشعر يعرف طريقه لي.
اللهجة الظبيانية هل من خوف عليها من الانقراض؟ ألا تفكرون بمشروع وطني لحفظ اللهجات أم أن اللهجة تهدد اللغة العربية؟
- اللهجة الظبيانية تحمل الصبغة الياسية بالتحديد، وهي غالية ووافية معنا ولنا، وكذلك بنا، ونحن نحاول جاهدين عدم خذلانها، لأنها تستحق الاحتفاء والاحتواء وعدم الإهمال والتهميش، ولا أعتقد أن هناك خطراً على لغة القرآن من اللهجات المحلية أبداً، فهي النور السماوي الخالد بحفظ الله له.
كيف ترين انصهار الإمارات في دولة واحدة؟
لم نعد نشعر بأنها إمارات بل قلباً واحداً لا يتجزأ، خصوصاً بالنسبة إلينا نحن جيل الاتحاد ومَنْ بعدنا، رأينا النور في إشراقة اتحادنا، وكبرنا ونحن لا نراها إلا دولة واحدة ونحفظ الحب لها، ونفرح بأصالتها ومواكبتها للمتغيرات حولها، وفق ما يحقق السمو والرفعة لنا ولإماراتنا.
المنافسة بين أبوظبي ودبي هل هي تكاملية أم تفاضلية؟
أبوظبي ودبي توأم جمال وتميز، والعلاقة بينهما تكاملية وتنافسية لرفع اسم الإمارات، وإثبات أننا المركز الأول دوماً بإذن الله.
الحديث عن التوازن السكاني في بعض دول الخليج..هل هو مقلق؟
أحياناً وفي بعض الظروف العالمية نعم مقلق، ولكن أثبتت تجربة الإمارات في التعايش السلمي مع كل الثقافات المتعددة والمختلفة أنه لا خوف من التلاشي، ما دامت هناك هوية واضحة وانتماء يحرض على البقاء في المقدمة، وبوضوح يعلن
(نحن هنا)، المهم أن تكون خطط التنمية والرؤى مواكبة للتطلعات، وقادرة على تحديد الأولويات، ومنح الفرص والاستفادة من العنصر الأجنبي في تنمية الناتج المحلي.
حقوق الإنسان
التقارير الأوروبية عن حقوق الإنسان في الخليج.. لماذا هي مبالغ فيها؟
- لن أقول سوى أنها هجمة مخطط لها ضد أمن واستقرار الخليج،
وأعتقد أن رياح الربيع العربي- إن صح تسميته بهذا المسمى- التي لم يعان منها خليجنا، أقلقت البعض فأصبح يعمل على أجندة مختلفة لزعزعة الخليج الآمن، ولكن (بيبطون معقّلين) بالظبيانية القح.
ويجب على مجلس التعاون الخليجي التصدي لهذه الاتهامات والذهاب إلى الجهات ذات العلاقة، وإيضاح كل شيء وقتل الإشاعات في مهدها، وعدم السماح بتمرير أجندات ذات أهداف ملونة من خلال هذه التقارير.
للأسف مثل هذه التقارير تلقى رواجاً في وسائل الإعلام وشبكات التقنية، أكثر من أية مشاريع تنموية أخرى يحفل بها خليجنا، وكل صاحب نعمة محسود!
التعليم العام الخليجي كيف تقوّمينه؟ وما مدى الحداثة في توجهاته؟
التعليم للأسف ما زال في إطار التقليدية في معظم دولنا، وأعتقد أنه آن الأوان إلى إعادة النظر في العديد من مناهجنا وطرق التعلم والتدريس، وحتى وسائل الإيضاح والأنشطة المصاحبة، فالأجيال الجديدة في حاجة إلى ما يوازي خط التكنولوجيا السريعة التي تحت أيديهم، في البيت والمراكز التجارية والترفيهية، وكذلك رفع مستوى دخل المعلم وتحسين وضعه، فهو اللبنة الأولى في سلم الأبناء العلمي.
وأفرح كثيراً بمشاريع التطوير التي تحدث في بعض دول الخليج، ولكن أتمنى ألا تغرق في فلسفات ونظريات، وتنطلق للتجربة والواقع بسرعة، وتسمح بمشاركة أكبر للطالب في العملية التعليمية، ولا يكون فيها مجرد متلق فقط.
لا بد من التوسع في استخدام التقنية والاستغناء عن الورق ما أمكن، لكي يشعر الطالب بعدم وجود فجوة بينه وبين العالم التقني حوله.
من هنا أدعو إلى إعادة صياغة مناهجنا التعليمية، وضخ الحياة في أوصالها، وإعادة تأهيل المعلمين، وفق ما تتطلبه المرحلة من تطوير، نحن بلدان أنعم الله عليها بالمال والرجال، فلابد من استثماره في الأجيال القادمة كما يجب.
الموروث الشعبي
عملت مستشارة للتراث المعنوي.. ما هذا التراث؟
- التراث المعنوي هو التراث اللامادي، أي غير الملموس، مثل الحكايا والأمثال والشعر والفوازير، الأهازيج وفنون الأداء وما شابهها.
ومثل هذا التراث كفيل بربط الجيل الحاضر بماضيه في قالب إبداعي جميل، ونحاول من خلاله إبراز مورثونا الشعبي بطريقة ذات جاذبية، وتصل إلى المراد منها بسرعة.
الحكاية موروثنا الشعبي الذي تربينا عليه من خلال أمهاتنا وجداتنا...أي الحكايات نسجتها ميثاء الطفلة وأقسمت أن تعيشها؟
- قصة سمر بند وحبيبته التي حرم منها وظلمت وأُخفيت عنه، فتجسدت روحها في وجه القمر، الذي كان يناديه كل ليلة عندما يأخذه الحنين والهيام في سكرات البحث عنها في الطرقات: (يا سمر بند هنيه وليفك اللي يباك)، فالتحدي لسوداوية بعض القلوب، وسكن نور القمر للبقاء والخلود، إشارة لا يمكن أن تكون إلا منارة لأصحاب الهمم والطموح.
النص في حياتك.. هل كان على هواك أم أجبرك على الخروج عن نسقه؟
- لم يكن يوماً مطواعاً، فهو يأتي بغتة ليأخذني بعيداً ولا يعود بي، إلا واكتمل كما يريد. لي شخصيتي المستقلة التي أطوع النص لأجلها ولا أدع للنص مطلق العنان في العبث بي.
هل يختلف لسان المرأة عن لسان الرجل؟
- لسان الصادقين فقط، فللمرأة مفردات وعاطفة واضحة لا تشابه قاموس الرجل، إن هي كانت تكتب شعورها بصدق من دون التقليد أو .... وكذلك الرجل.
لابد لكل مبدع من سجنٍ لنفسه مرحلة معينة وعزلة ليخرج لنا مؤصلاً...أي فترات حياتك كانت كذلك...غرفةً مظلمةً أخرجت لنا ميثاء المضيئة؟
- فترة الاسم المستعار والقلق من مناسبة ما يدور في ذهن هذه البدوية لما هو يطرح في الساحة الأدبية، لسنوات بقيت في عزلة اختيارية حتى أفرجت عن شيمة وميثاء الهاملي.
الأقرب لي ميثاء الشاعرة من أي آخر ينسب لي وظيفياً وخلافه، لأنها مَنْ يترجم ما أود قوله، ويمنعني من ذلك حياء ميثاء الدكتورة والمستشارة من البوح به، والجمع بين كل هذه الطرق ليس بالسهل، ولكن حبي لها يجعل منها عالمي الخاص بي، لا أجدني إلا من خلاله.
لم اخترت التربية تخصصاً لك...علماً وعملاً؟
- بكل صراحة، كان هو التخصص المتاح في فرع الجامعة بالمنطقة الغربية حينها، ولكن إن سألتني عن رغبتي الأولى سأقول لك العلوم السياسية أو الأدب، وأظنني استطعت المزج بين رغباتي وبين المتاح، ومنحت كل علم حقه ومنحتني الذي أريد وأكثر.
أي نصوصك التربوية واللغوية تضطرين إلى قراءتها بصوت عال... فتقطعين حال الشفافية المحيطة؟
- لم أختبر هذه الحالة حقيقة. فأنا ميثاء في كل حالاتي وبكل عاطفتي وصدقي وعشقي لحرفي، ولذلك أرى أن الخيال أساس الإبداع، خصوصاً إن تلون به واقعنا بشكل متكامل وتناغم معه، من دون الخيال ليس هناك واقع جميل، ولا صبر على الواقع المر، وشخصياً أجدني في حروفي في عالم من الصور الخيالية، فأنا أعيش الخيال في معظم ما أكتب، فتجدني مرات عاشقة وبعدها راحلة وثم عاتبة، ومن المستحيل أن أمر بكل هذه الحالات معاً في الواقع، وإلا كنت شخصية أعاني من انفصام!
أي عالم تنظرين إليه من خلال نافذتك أنت...وهل أوسع النوافذ للعالم هي النافذة اللغوية؟
- عالم شعاره الحب للحب مع ولكل ما يحيط بنا، من حب الله إلى أصغر نعمه علينا، أما النافذة اللغوية فهي النافذة التي أرسل منها رسائل الحب لكل العالم صباحاً ومساء.
كان الماجستير في أصول التربية... والدكتوراه طرقت باب الوعي السياسي للمرأة...أي الخطوط المائلة تستهويك...وهل ترين الخروج عن القاعدة هو القاعدة الأجمل؟
- تستهويني الخطوط التي تحتمل إمكان التقاطع مع كل ما هو غير اعتيادي، أكان منطقياً أو جنونياً، فالتحدي مطلبي ولا يستهويني السهل المتاح، لذلك كان الخروج عن القاعدة هدفي للتميز، بشرط أن لا ضرر ولا ضرار في كل ما يتعلق بقيمي وقبلها ديني.
عندما يسرقك المنصب الإداري من قاعة الدرس.. مَنْ خسر ومَنْ كسب حينها؟
- لا أعتقد أن هناك خاسراً، فأنا نبض لبلادي في كل موقع، أخدمها وأمد يد العون لأصغر طفل فيها من دون شرط أو مقابل.
أنت شاعرة وإدارية وكاتبة واستشارية...كيف لك أن تجمعي كل هذه الحقول في رؤية إبداعية واحدة؟
- أولاً أتمنى أن أكون فعلاً ممن يبدعون في مجالاتهم، ولا يكتفون بمجرد إنجاز ما يسند إليهم، أما الجمع بين كل هذه المنظومة فلا يعيق شيئاً بداخلي، إلا بعض الإرهاق أحياناً، فكلها أنا في النهاية.
أعتقد أن تفرغ المبدع حاجة ضرورية لاستمرار الإبداع، فهناك دول تعتني بمبدعيها، وتكفل لهم رواتب مجزية وحياة كريمة، تساعدهم على العمل والكتابة بشكل يحرض على الإبداع، وهذا ما نفتقده في عالمنا العربي للأسف.
تتهم الرسائل الجامعية ببعدها عن الواقع وبكونها من العلم للعلم من دون مساس بالمجتمع.. ما رأيك؟
التعميم مجحف في حق كل هذه الجهود لأمة الدراسات العليا والبحث العلمي، وإن وجدت بعض هذه الحالات من التغريد خارج السرب فلا تعمم على الجميع، وثقتي كبيرة في وعي مَنْ وصل إلى هذه الدرجة العلمية، وهو يحمل ثقافة عالية، أما المتسلقون فتاريخهم يشي بهم. ويجب على أقسام الدراسات العليا عدم السماح برسائل ورقية لا فائدة منها.
المجتمع والسلطة
كيف لك أن تقدمي لنا وأنت المثقفة قوةً ثالثةً تربط بين المجتمع والسلطة والعرف؟
- سلطة (عقلاء القوم) هي الوحيدة لو فُعّلت لأتت بثمارها. نحن مجتمعات تحكمها العادات، نحتاج كثيراً إلى الكبير عقلاً وروحاً، لكي يستطيع ملك الزمام، وإيقاف مَنْ يحيد عن الطريق بروية وثبات.
كيف هي نظرتك للغة الجديدة المتزامنة مع هواتف التقنية الذكية أو ما تسمى "بالعربيزي"...هل هي أيديولوجيا تريد فرض لغة ليست لغتنا بحجة التعريب...أم أن لكل واحد الحق في التعبير بلغته الخاصة؟
- بكل اختصار (كارثة مقززة للذوق والثقافة)، وللأسف وجدت طريقها بسهولة لصغارنا، وبدلاً من صدها بدأنا في تعلمها لأجل معرفة كيف يتحدث الجيل الجديد.
هل ترين إبداع الكاتب في لغته أم في أفكاره التي يطرحها؟ كيف يكون للأفكار العظيمة لغة مغايرة؟
- لكل كاتب لغته وقاموسه الخاص، والمميز مَنْ أحسن استخدام أدواته ليضع بصمته الخاصة، لذلك تأتينا الأفكار العظيمة موشاة بلغة متفردة لا شبيه لها.
هل تؤمنين بجهود مَنْ يحاول الوصول إلى لغة وسطى بين الدارجة والفصحى، وتكون قادرة على استيعاب النشء الصغير؟
- أنا مع اللغة البيضاء، خصوصاً في المراحل العمرية الأولى، أما خلق خط ثالث بلغة عرجاء لا أرى فيه إلا التشويه.
مناهج العربية في تعليمنا العام هل تخرج ألسناً تنطق عذوبة وفصاحة؟
- حين يقوم عليها مَنْ يحمل صفة مربي قبل معلم، وحين يمتلك هو ذاته لساناً يتصف بهذا الوصف. وحين نقدمها بلغة بسيطة بعيدة عن التكلف والتقعر، وتكون ممزوجة بمشاهد حية تمكن الطالب من فهمها بسهولة.
اللغة العربية مظلومة
أنت شاعرة وأديبة...فبرأيك مَنْ المسؤول عن صوت العربية المقيت الذي يطالعنا في المسلسلات الدينية.. تلك اللغة المقيتة المنزوعة الروح؟
- القائمون عليها، الذين يؤمنون بنداء مكانك سر، ويعتقدون أن المشاهد تلميذ في الصفوف الابتدائية، الإعلام عموماً في حاجة إلى غربلة قوية بكل صراحة، ولا أدري متى ونحن نستنسخ البرامج الغربية ذات الطابع الترفيهي فقط، ولا نحرص على استنساخ برامج البعد الثقافي والإبداعي التي يتميز بها الغرب.
المذيعة عندما تتغنج باللغة ترتفع نسبة المشاهدة لها...هل اللغة تهلكة؟
- بل المذيعات الحاليات إلا من رحم ربك، هن التهلكة للغة وللهجة للأسف، والبعض يعدها من المستلزمات الوظيفية لها لتنالها.
هل صحيح أن المرأة ذات الرأي والفكر والاستقلالية موصدة في أبوابها المناصب والفرص؟
- لا نستطيع رفع إصبع الاتهام، ولكن تبقى مجتمعاتنا ذكورية بالنسبة إلى المناصب العليا وتقليدية في فكرها تجاه المرأة، على رغم أننا نشهد محاولات تحديث مستمرة في ذلك، الأيام كفيلة ببلورتها وصياغتها كما يجب.
لمَ المرأة الخليجية تتحمل العذابات أكثر؟
- لأنها كبلت بالتقاليد والأعراف التي وضعها بشريون لزمان معين وتم اعتمادها لكل الزمان، المؤلم أن المرأة لا تحاول أن تتحرر من ذلك أحياناً، بل ترى فيه جزءاً من مسؤولياتها المناطة بها في المجتمع!
ما الأسباب التي منحت مجتمعنا تطرفاً نحو المرأة.. يميناً أم يساراً؟
- كما ذكرت، الإرث السقيم من الأعراف، التي يتبرأ منها الدين ومن أخذ به، إضافة إلى فتح المنابر لمَنْ هب ودب، وعدم تحكيم العقل ومواكبة المتغير، ونحن في مجتمعاتنا مبتلون بأناس يقولون ما لا يفعلون، ويخافون الجماهير، فيجعلونها تتحكم في آرائهم أكثر فتخرج الفتاوى المعطوبة!
خصوصية مجتمعنا وبخاصة في ما يخص المرأة..إلى متى وهي خصوصية ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب؟
- حتى يمنّ الله علينا بوعي أكثر نضجاً ونقاء وشفافية، وحتى نتخلص من أغلال فلان قال وفلانة رأت!
لابد أن تتحرر عقولنا من تفكير الغير عنها، والتشبث بأفكار متوارثة بلا ضابط ولا قيمة ذات أثر ومغزى.
المرأة متطرفة
ما السبب في كون المرأة متطرفة في تعاملها مع أطراف الحياة...فهي خانعة للرجل...متسلطة على المرأة نفسها؟
- أيضاً لا نعمم، ولكن إن وجدت مثل هذه الحالات، فهي خريجة ذات المدرسة القمعية للمرأة، حتى أصبحت تمارسها ضد قريناتها ظناً منها أن هذه الطريقة هي المنهج الصحيح للتعامل مع المرأة، البعض يقرأ ويسمع ويبدأ في تبني أفكار دخيلة، وتقديمها في قالب يستغل فطرة الناس البسيطة، ويزيد من التضييق والمحرمات بلا مستند شرعي موثق.
أي القوة تليق بالمرأة؟ ومتى تكون قوة المرأة طوقها للنجاة من التهميش؟
- القوة الأنيقة، التي تفرض فيها شخصيتها من دون ابتذال ولا تنازلات، ولا خروج عن كونها أنثى كرمها الله والدين.
صوت المرأة الخليجية هل هو نشاز، لذا لا تستطيع الصدح بقضيتها فتستبدله بصوت رجل يتحدث بالنيابة عنها؟
- هي لم تقل إنه نشاز، بل أجبرت على السكوت، ومن قال إنها هي من طلبت أن يكون الرجل المتحدث الرسمي لها!
نستطيع في مجتمعنا محاورة العقل في كل شيء إلا (المرأة والدين).. لماذا ترتعد فرائصنا عندما يحوم فكرنا بالتصويب أو المغالطة لكل ما يخص هذين المحظورين؟
- لأن كل ما يخص المرأة تقريباً رُبط بالشيطان والفتنة والتحريض على المعصية، فأصبح الدين هو الأداة المخيفة لتهديد المرأة أو التهديد بها، وتناسوا وصية سيد الخلق (استوصوا بالنساء خيراً)،
وكأنهم لم يقرأوا أية آية نزلت في علو منزلة المرأة وواجب رعايتها بالحسنى.
كيف السبيل إلى إزاحة دخان الشرعية على العنف والقمع اللذين يمارسان بصورة قانونية وبمباركة اجتماعية تجاه خيارات المرأة وقراراتها؟
- حين تتوقف قلوب البعض عن بث الدخان الأسود حول المرأة، وتشويه كل ما يتعلق بها، حين يثق الجميع أنها كل المجتمع وليست نصفه.
لماذا لعن المرأة أكثر من لعن الرجل في خطاباتنا المختلفة؟
- كما ذكرت لأنها أصبحت قرينة للشيطان في كل أمورها.
كيف نربي شبابنا على أن ينظر إلى المرأة كإنسان وكمصدر للجمال بدلاً من أنها فتنة تمشي على الأرض؟
- حين يدرك فضل والدته واحترام أخته وحب زوجته، سيدرك أنه لا حياة من دون المرأة ولا صبر على صعوبة الحياة من دونها.
المساواة العرجاء
المساواة العرجاء بين الرجل والمرأة في المجتمع.. هل هي ذاتها المساواة الهزيلة بين المبدع والمبدعة؟
- شقيقتها، ولا مساواة تذكر إلا في خطابنا الجماهيري والإعلامي إلا ما ندر.
لو طلب منك الإشراف على إطلاق برنامج جديد لتطوير المجتمع الخليجي... ماذا ستفعلين؟
- سأقوم بتأسيس أكاديمية للعلوم الحياتية، تستضيف الفتاة أو الشاب بشكل كامل، وإقامة متواصلة حتى يتخرج منها، وهو قادر على التعامل مع وطنه ومجتمعه، بشكل صحي وإيجابي.
آلية الزواج عندنا تودي بالمجتمع إلى بئر سوداء يطوينا جوفها...ماذا تقترحين من بنود لبناء رخصة زواج؟
- لا لتهميش رأي الطرفين فيه، ولابد من فترة كافية لمعرفة أحدهما الآخر، من خلال إطار محترم وراق، فلأننا أغفلنا هذه الجوانب المهمة تحولت مؤسسة الزواج إلى اتحاد فيديرالي عند الكثير من أسرنا الخليجية للأسف، وفقدت روح الحب المفترض فيها.
متى تصيبك الورقة البيضاء بالخوف؟ متى يكون إطلاق يديك في كل الصلاحيات خوفاً أكبر؟
- حين يتعلق القرار بشيء لوطني أو أهلي.
كيف يخرج الجيل من الارتباكات التي تسببها له تناقضات الطرح من المؤسسات ذات الصوت الأعلى في المجتمع؟
- بالتوجيه الصحيح والمدروس والممنهج بمَنْ هو الأحق بالسماع،
ومَنْ هو الأجدر بالقدوة، والأصدق في الطرح، حين يتعلم الجيل الجديد كيف ينتقي قدوته، والمسار الصحيح الذي يوصله للأصوات التي تستحق الاستماع، حينها سنأخذ بيدهم لبر الأمان من دون خوف من المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.