حتى وقت قريب، كان بعض السعوديين يُحرجون من ذكر أسماء أمهاتهم وشقيقاتهم وزوجاتهم. لكنهم تجاوزوا الأمر في السنوات الأخيرة، بل إنهم يتفاخرون بها من خلال وضعها على لوحات مركباتهم، وقد يضطرهم ذلك إلى شرائها بآلاف الريالات. وتزيّن الأسماء النسائية لوحات المركبات في السعودية، خصوصاً الأسماء التي تتكون من ثلاثة أحرف، كسحر وندى ومها وريم وأمل وهند، وقد يصعب على عدد من مالكي المركبات الحصول عليها بسهولة، ما يضطرهم إلى شرائها من آخرين، ويصل سعر بعضها إلى نحو 20 ألف ريال، بسبب تمسك البائع بلوحته المميزة التي يزينها اسم أنثى عزيزة عليه. ولا يتوقف اقتناء لوحات المركبات ذات الأسماء النسائية على الشبان، بل إن سيدات سعوديات تتكوّن أسماؤهن من ثلاثة أحرف مهووسات بامتلاك لوحات تحمل أسماءهن. ويتفاجأ الشاب معاذ البدر الذي يمتلك مركبة تحمل لوحتها اسم أمل، بعدد من النساء اللواتي يستوقفنه أثناء مروره في شوارع الرياض، ويفاوضنه لشراء لوحة سيارته. ويقول: «استوقفتني أكثر من سيدة تطلب مني التنازل عن لوحة مركبتي التي وصلت قيمتها إلى 5000 ريال، إلا أنني رفضت، لأنها تحمل اسم زوجتي، ولا يمكن التفريط باللوحة»، مشيراً إلى أنه حصل على المركبة عن طريق إعلان في أحد المواقع الإلكترونية «ودفعت لشرائها 3500 ريال». وأضاف أن لوحات السيارات التي تحمل أسماء نسائية منتشرة في شوارع السعودية، خصوصاً أن أنظمة المرور تسمح بإتاحة حروف يقرأها المارة باسم امرأة. وفتح هوس السعوديين بلوحات المركبات المميزة تجارة لآخرين، من خلال اقتناء الأحرف والأرقام المميزة لفترة بسيطة، ومن ثم الإعلان عن بيعها عبر الصحف أو مواقع مخصصة لذلك. يقول الشاب أبو خالد: «عرضت لوحة مركبتي التي تحمل اسم نسائي «ن د ا» في موقع إلكتروني، وأتلقى اتصالات كثيرة يومياً من رجال ونساء يرغبون في الحصول عليها، إلا أن معظمهم حين يعرف السعر الذي أريده يتراجعون عن ذلك»، مشيراً إلى أن هناك عدداً كبيراً من اللوحات المميزة تحمل أسماء نسائية ورجالية وأرقاماً موحدة تباع يومياً عبر الإنترنت، «لا يتوقف التميز على الأحرف فقط، إنما يبحث عدد كبير عن الأرقام الأحادية أو الثنائية». وذكر مصدر في الإدارة العامة للمرور، فضل عدم ذكر اسمه، أن إدارته خصصت مزاداً للوحات المميزة ذات الأرقام الموحدة أو الفردية، بينما اللوحات التي تحمل أسماء نسائية لا تندرج ضمن المميزة، إلا إذا كانت تتضمن أرقاماً موحدة أو أحادية، مؤكداً أن النظام يسمح للفرد بتبديل لوحة سيارته، من خلال إجراءات وضعتها إدارة المرور. واعتبر المتخصص في علم النفس طلال الثقفي أن الأشخاص الذين يبحثون عن التميز في لوحات المركبات يعانون اضطراباً في شخصياتهم، كونهم يحاولون لفت الانتباه إليهم. وقال الثقفي: «بعض الأشخاص يبحثون عن الأرقام المميزة للوحات المركبات، وهؤلاء يصنفون من ضمن الشخصيات الهستيرية التي من صفاتها محاولة لفت الانتباه، وهم مكبوتون بسبب تجارب تراكمية نتيجة مواقف تعرضوا لها أثناء حياتهم»، مشيراً إلى أن هؤلاء الأشخاص لا يدركون القيمة المادية، «فتجدهم يدفعون مبالغ طائلة من أجل الحصول على لوحة مميزة». يذكر أن إحدى اللوحات المميزة في السعودية بيعت ب 6 ملايين ريال، فيما ساهمت قيمة اللوحات في رفع إيرادات المرور المالية خلال السنوات الماضية، إذ تخصص إدارة المرور السعودية أماكن لإقامة مزادات لبيع اللوحات المميزة يحضرها عدد كبير من المهتمين باقتناء تلك الأرقام.
