يبدو أن وزارة الصحة المصرية أدركت أخيراً أن مشاكل المواطن المصري الصحية شكّلت أهم أسباب اندلاع «ثورة 25 يناير»، إذ بادرت إلى التعاون مع جمعيات علمية ومؤسسات المجتمع المدني وشركات للدواء في إطلاق عدد من الحملات الصحية التي تهدف إلى زيادة الخدمات الصحية للمصريين. وتمثّل آخر هذه الحملات في «مشروع دعامة الحياة» الذي تتعاون فيه الوزارة مع «الجمعية المصرية لأمراض القلب»، و «مجموعة العمل المصرية لدراسة أدوية القلب وعلاجاته»، والأخيرة تحظى برعاية شركة «سانوفي». جاءت هذه الخطوة بعد اختيار مصر ضمن عشر دول لاستضافة هذا المشروع الذي يهدف للحدّ من نسبة الوفيات بين مرضى القلب والشرايين التاجية، وهي الأوعية التي تُغذّي القلب نفسه. وفي تصريحات إعلامية، علق وزير الصحة المصري محمد مصطفى على هذه الانطلاقة بالإشارة إلى أن هذا المشروع ثمرة للتعاون بين وزارة الصحة والجمعيات الأهلية والعلمية بهدف تطوير المنظومة الصحية مصرياً. وأوضح أن وزارة الصحة تتكفل بعلاج المرضى المصابين بالذبحة القلبية ممن يعالجون عبر القسطرة، مع وضع في شرايين القلب التاجية، وهي ممارسة تُقدّم في 6 مراكز تجريبية، مع ملاحظة أنها تتكلّف 10 آلاف جنيه (أقل من 2000 دولار) لكل مريض. وتشمل التكلفة الإجراءات والأدوية والرسوم والأجهزة المستخدمة. وأشار الوزير إلى اعتزامه زيادة عدد هذه المراكز والمستشفيات إلى 20 مستشفى خلال 2013. وأوضح مصطفى أن المشروع يفترض نقل مرضى ذبحات القلب بسيارات الإسعاف إلى 6 مستشفيات في القاهرة والإسكندرية، مؤكداً أن المشروع سيمتد لاحقاً إلى بقية المحافظات. و «ستُجهّز المحافظات لاستقبال تلك الحالات بفرق طبية مدرّبة جيداً، مع تأمين مستلزماتها كافة كالدعامات والأدوية وأجهزة القسطرة وغيرها. من الناحية العلمية، يجب إجراء هذا التدخّل العلاجي خلال 90 دقيقة من وصول المريض إلى المستشفى، وخلال 6 ساعات من وقت إحساسه بأعراض الذبحة القلبية التي تنجم غالباً عن جلطات تسدّ الشرايين». 90 دقيقة في السياق عينه، بيّن الدكتور محمد صبحي، رئيس المشروع أن نسبة مرضى جلطات القلب في مصر الذين كانت تجرى لهم القسطرة القلبية في الساعات الأولى من الإصابة تراوحت بين 6 في المئة و8 في المئة، عند بداية المشروع في 2011. وتوقّع ارتفاع النسبة في مصر إلى 22 في المئة في نهاية 2012، بينما تصل هذه النسبة إلى 70 في المئة في أوروبا وأميركا. وشدّد على أن نصف مرضى جلطات القلب يموتون في الساعة الأولى من الإصابة في مصر، كما يجهل 60 في المئة من المرضى طريقة التعامل السريع مع الإصابة بجلطات القلب. وأوضح صبحي أن المشروع يهدف إلى إيجاد شبكة مصرية تربط سيارات الإسعاف ومراكز استقبال مرضى الجلطات بهدف نقل المريض إلى المركز وإجراء قسطرة خلال 90 دقيقة. كما يعمل المشروع على تدشين حملة إعلامية كبرى لزيادة الوعي بأعراض الجلطة القلبية وكيفية التعامل السريع معها. وأضاف صبحي أن نسبة من يتعاملون بسرعة مع جلطة القلب تنخفض بين مواطني محافظات الصعيد إلى 5 في المئة بسبب بُعد المسافات بين المحافظات وعدم وجود مراكز طبية مجهّزة. وعقّبت الدكتورة نيفين الخوري، وهي مديرة عامة في «سانوفي» على المشروع بالإشارة إلى أن التقنية العالمية لإنقاذ حياة المرضى متاحة في مصر. وأضافت: «نسعى إلى زيادة الوعي بالمرض وطُرُق التصرّف لإنقاذ المرضى في الوقت المناسب». وفي السياق عينه، قال الدكتور شريف الطوبجي، رئيس «الجمعية المصرية لأمراض القلب»، إن الوقت مفتاح الحياة بالنسبة إلى مريض جلطة القلب، وبعد مرور 90 دقيقة من الإصابة تبدأ عملية ضمور عضلة القلب ما يجعل التعامل معها صعباً.