تشهد مصر حالياً أزمة انقطاع التيار الكهربائي في الكثير من المناطق بلغت ذروتها خلال الأيام الماضي، ما دفع المواطنين إلى تنظيم وقفات احتجاجية وقطع الطرق وخطوط السكك الحديد. ووجود أزمة كهرباء في مثل هذا الوقت من السنة، مع حلول رمضان المبارك، يعكس ضعف أداء الحكومة في ظل غياب الأمن وتزايد السرقات وعدم الاستعداد لمواجهة الأزمات، على رغم علمها باحتمال زيادة الأحمال خلال هذا الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة. وفي ظل غياب تمويل وزارة البترول، وعلى رغم إعلان وزير البترول وجود وقود يكفي لنهاية شهر رمضان، ناشد وزير الكهرباء والطاقة حسن يونس عبر حملة إعلامية للتوعية بترشيد استهلاك الكهرباء، كما اقترح استغلال الربط بين الدول العربية ومصر للتغلب على المشكلة، خصوصاً السعودية، مبيناً أن الموضوع يُدرس وسيُتخذ قرار قريباً. وتُعزى الأزمة الحقيقية في مصر إلى أسباب عدة منها نقص الوقود والغاز والمازوت والسولار، وتعطل محطات توليد كهرباء نتيجة غياب الصيانة الدورية عنها، وتعذر مد خطوط التيار الكهربائي إلى بعض المناطق نتيجة اعتراض بعض الأهالي على زرع الأعمدة الكهربائية في أراضيهم، إضافة إلى سوء الاستخدام من بعض المواطنين من خلال الإسراف في الاستهلاك وتشغيل المكيفات في شكل مكثف، إذ يوجد في مصر الآن ستة ملايين جهاز تكييف، كما ساهمت السرقات والتعديات ومد الكهرباء إلى الأبنية غير القانونية في تعميق الأزمة. وقال يونس ل «الحياة» إن هناك زيادة فائقة في الأحمال الكهربائية تقدر بثلاثة آلاف ميغاواط في أوقات الذروة ناتجة من قيام المباني المخالفة غير المرخصة بسرقة الكهرباء، وقيام أصحاب الأكشاك والتعديات في الطرق والميادين بسرقة التيار من أعمدة الإنارة الرئيسة، مشيراً إلى ضرورة استخدام سياسة ترشيد الطاقة، على أن تبدأ الجهات والمصالح الحكومية نفسها تطبيق تلك السياسة. الجنزوري وعقد رئيس حكومة تصريف الأعمال كمال الجنزوري اجتماعاً أمس لترشيد الطاقة ومتابعة خطة وزارة الكهرباء لترشيد وتحسين كفاءة الطاقة الكهربائية ومواجهة الهدر، خصوصاً في الجهات والهيئات والمصالح الحكومية والإنارة العامة والاستخدام المفرط في تشغيل أجهزة التكييف. ولفت محافظ الجيزة فتحي البرادعى إلى أن «المُتاح من الطاقة الكهربائية أقل بكثير من الاحتياجات الفعلية، وواجهت المحافظة تلك المشكلة عبر استبدال المصابيح القديمة في الجهات والمصالح الحكومية والشوارع بمصابيح موفرة للطاقة، ومنع إقامة زينة رمضان في الشوارع من محطات الكهرباء وأعمدة الإنارة، وإزالة كل التعديات ومخالفات البناء التي تسرق الكهرباء». وشدّد على أهمية أن يكون الترشيد سياسة ثابتة في قطاع الكهرباء، لما له من أثر في توفير الاستهلاك ينجم عنه توفير الاستثمارات لإنشاء محطات توليد للكهرباء، وما يتبعها من تدعيم لشبكات النقل والتوزيع، وكذلك تأمين الوقود اللازم لتشغيل تلك المحطات. وأوضح أن مجلس الوزراء استعرض في الاجتماع المخصّص للترشيد سُبل مساهمة قطاعات الدولة في دعم هذه السياسة الترشيد، مطالباً بإرسال مواصفات موحدة للمصابيح الموفرة للطاقة لإنارة الشوارع إلى وزارة التنمية المحلية والمحافظات لمساعدتها في مشروع لاستبدال المصابيح الحرارية بأخرى موفرة. مصابيح وأعلن يونس إعادة مشروع مصابيح التوفير وتوزيعها على المنازل بنصف سعرها، على أن تقوم الدولة بدفع فرق الكلفة، موضحاً أن وزارة الصناعة تعتزم خلال الفترة المقبلة دراسة تحديد فترة زمنية لوقف تصنيع المصابيح الحرارية واستيرادها أسوة بالاتحاد الأوروبي منذ كانون الأول (ديسمبر) 2010، والولايات المتحدة منذ كانون الأول 2011. وأكد مسؤول في وزارة الكهرباء غياب أي حالات تصدير للكهرباء خلال أوقات الذروة، وأن شركات الكهرباء تعمل على مدار الساعة لتوفير الطاقة الكهربائية اللازمة لكل الأغراض، وتُهيب بالمواطنين المساهمة في ترشيد استهلاك الكهرباء لتفادي انقطاع الكهرباء. وأضاف أن العمل جار للانتهاء من مشاريع كهرباء لإضافة قدرات توليد تبلغ 1800 ميغاواط.