وزير الداخلية يلتقي عدداً من أهالي جازان    المديرية العامة للسجون تحتفي بتخريج 283 مجنداً من دورة الفرد الأساسي ال 45 بالحدود الشمالية    الاستثمارات العامة العلامة التجارية الأعلى بين الصناديق السيادية بالعالم    تركي آل الشيخ يعلن عن نزال بطل العالم بلا منازع "أوزيك" والبطل "فيوري".. ديسمبر المقبل    إعفاءات من الضريبة والرسوم للمستثمرين في القطاع السياحي    ضبط مصري لترويجه حملة حج وهمية ومضللة بغرض النصب والاحتيال    60 مبادرة رئيسية ومصاحبة بالمسجد النبوي    أمير تبوك يستقبل رئيس واعضاء لجنة جائزة سموه للمزرعة النموذجية    أمير تبوك يستقبل مدير السجون بالمنطقة    «الشورى» ل«الطيران المدني»: أنشئوا مطارات منخفضة التكلفة حول الرياض.. وارفعوا الرحلات الداخلية    الأمير عبدالعزيز بن سعود يلتقي أمير منطقة جازان ويطلع على المبادرات التنموية والتطويرية التي تشرف على تنفيذها الإمارة    الإسعاف الجوي في خدمة ضيوف الرحمن في ⁧منفذ جديدة عرعر‬⁩    ب5000 مقاتل.. أوروبا تطلق قوة «الرد السريع»    وفد اللجنة الوزارية العربية الإسلامية يعقد جلسة مباحثات مع وزير الخارجية الإسباني    الرئاسة العامة تقدم مجموعة خدمات توعوية نوعية للحجاج والمعتمرين والزوار    جهود المملكة العربية السعودية في صيانة جناب التوحيد والتحذير من الشرك    الأمين العام للجامعة العربية يلتقي نائب الرئيس الصيني    النفط يصعد والذهب في انخفاض    إصدار صكوك دولية ب5 مليارات دولار    أمير الشرقية يتفقد عدداً من إدارات خدمات المستفيدين والمستفيدات بالإمارة    الجامعة العربية تدعو إلى إعادة صياغة التشريعات لمواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي    الدوسري يناقش عددا من البنود خلال اجتماع الدورة 19 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب    رفع الطاقة الاستيعابية لقطار الحرمين السريع لموسم حج 1445    رابطة العالم الإسلامي تُدين مجازر الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني    الصحة الفلسطينية تعلن انهيار المنظومة الصحية في غزة    البديوي يشارك في الدورة ال 16 لمهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون    أمير حائل يشهد حفل التخرّج الموحد للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني    أمير المدينة يكرم الطلاب الحاصلين على جوائز محلية وعالمية    هل باتت «الهدنة» من الماضي؟    رونالدو يعلق على انجازه في الدوري السعودي    رياح مثيرة للأتربة على الرياض    الهلال يمًدد تعاقده مع جورجي جيسوس    القادسية يتوج ب"دوري يلو"    "الشؤون الاقتصادية": اكتمال 87% من مبادرات الرؤية    وزير الداخلية يدشن مشروعات حدودية أمنية بنجران    إضافة خريطة محمية الإمام لخرائط قوقل    طائرات "درون" في ضبط مخالفات المباني    «الشورى» يطالب «حقوق الإنسان» بالإسراع في تنفيذ خطتها الإستراتيجية    أمير تبوك يطلع على استعدادات جائزة التفوق العلمي والتميز    وزير الحرس الوطني يرأس اجتماع مجلس أمراء الأفواج    5 أعراض يمكن أن تكون مؤشرات لمرض السرطان    تحذير لدون ال18: القهوة ومشروبات الطاقة تؤثر على أدمغتكم    هذه الألوان جاذبة للبعوض.. تجنبها في ملابسك    هيئة تنظيم الإعلام: جاهزون لخدمة الإعلاميين في موسم الحج    مكتب تواصل المتحدثين الرسميين!    أمير المدينة يستقبل السديس ويتفقد الميقات    هؤلاء ممثلون حقيقيون    تتويج الهلال ببطولة الدوري الممتاز للشباب تحت 19 عاماً .. بمقر النادي في الرياض    كلية القيادة والأركان للقوات المسلحة.. ريادة في التأهيل والتطوير    ولاء وتلاحم    مثمنًا مواقفها ومبادراتها لتعزيز التضامن.. «البرلماني العربي» يشيد بدعم المملكة لقضايا الأمة    أمريكي يعثر على جسم فضائي في منزله    تواجد كبير ل" روشن" في يورو2024    الحسيني وحصاد السنين في الصحافة والتربية    اختتام معرض جائزة أهالي جدة للمعلم المتميز    العروبة.. فخر الجوف لدوري روشن    شاشات عرض تعزز التوعية الصحية للحجاج    دعاهم للتوقف عن استخدام "العدسات".. استشاري للحجاج: احفظوا «قطرات العيون» بعيداً عن حرارة الطقس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يخشى الأميركيون صحوة الألمان؟
نشر في الحياة يوم 30 - 07 - 2014

لعل ما يجري من أعمال جاسوسية أميركية في برلين يدعو إلى علامة استفهام: هل يخشى الأميركيون صحوة الألمان من جديد؟ وهل المخاوف تتوقف عند الألمان أم أن الأمر يمكن أن يكون جاسوسية أميركية هدفها قطع الطريق على تحالف «أوروآسيوي» جديد عماده ألمانيا وروسيا والصين، ما يقضم من الهيمنة الأميركية في العالم؟
المتابع لما يجري بين برلين وواشنطن سيتيقن من أن الأخيرة جعلت المؤسسات الألمانية بعامة والعسكرية بخاصة ساحة لأعمال تجسسها، لاسيما بعد أن اكتشف جهاز الاستخبارات العسكرية الألماني جاسوساً يعمل في وزارة الدفاع الألمانية.
وأخيراً، ألقت السلطات الألمانية القبض على موظف لدى وكالة الاستخبارات الألمانية «بي ان دي» للاشتباه في عمله لمصلحة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA وبيعه 218 وثيقة لأجهزة استخبارية أميركية خلال عامين مقابل 25 ألف يورو.
ولعل المثير في الأمر أن العميل لدى جهاز الاستخبارات الألماني، لم تكن الشكوك تحوم حوله لجهة تجسسه لمصلحة الأميركيين، بل لمصلحة الاستخبارات الروسية، إلا أنه خلال التحقيقات اعترف بتقديم المعلومات إلى واشنطن.
ومن بين مئات الوثائق التي سلمها إلى الولايات المتحدة معلومات حول عمل لجنة تحقيق برلمانية في نيسان (أبريل) الماضي والمكلفة التحقيق في نشاطات وكالة الأمن القومي الأميركي.
ما الذي لدى الألمان ويجعل الأميركيين على هذه الدرجة العالية من التصميم للتجسس عليهم وكشف أسرارهم؟
يبدو أن الصعود الواثق لألمانيا في العالم وتحول الدولة التي عانت مرارة الهزيمة غداة الحرب العالمية الثانية إلى قوة دولية كبرى مؤثرة في مسارات العالم مستقبلاً، هو ما بات يزعج الأميركيين المصممين على جعل القرن ال 21 أميركياً بامتياز، وإن كان المنافس أوروبياً، وليس آسيوياً مثل الصين أو روسيا.
ولعل أول وأخطر ما تدركه واشنطن أنها تعاني من تدهور اقتصادي، في حين تنتقل ألمانيا في المقابل إلى مرحلة متميزة من الازدهار الاقتصادي. وتتركز نظرية ألمانيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية على بناء القوة الاقتصادية واعتبارها الوسيلة لتحقيق الأهداف السياسية مستقبلاً.
أمر آخر، هو أن فكرة الاتحاد الأوروبي في حد ذاتها يسَّرت من مقدرات الزعامة الألمانية الاقتصادية لأوروبا، وكلما ازداد توحيد أوروبا اقتصادياً وسياسياً، ازدادت أركان هذه الزعامة رسوخاً، ومن هنا يفهم لماذا بادرت ألمانيا إلى إنقاذ اليونان وإسبانيا وإيطاليا، حتى بعد شبح الانهيار الاقتصادي الذي كاد يهدد الوحدة الأوروبية.
وتعزز حضور برلين السياسي في أوروبا والعالم منذ عهد المستشار السابق غيرهارد شرودر الذي أوصل ألمانيا إلى مرحلة استكمال سيادتها على صعيد القرار السياسي والأمني دولياً، ولاحقاً ظهرت في الأفق علاقات ألمانية - روسية خاصة تزعج ساكن البيت الأبيض، عطفاً على تنامٍ غير مسبوق في التعاون الاقتصادي مع الصين، واتساع رقعة العلاقات مع دول آسيا شرقاً، الأمر الذي يعد إرهاصاً بتحالفات دولية جديدة يمكن أن تغيّر مستقبلاً من طبيعة القوى الدولية وأحجامها.
يدرك رجالات التجسس الصناعي في واشنطن اليوم أن ألمانيا غير منشغلة بسباق الأسلحة وتطويرها، بل يتركز جل اهتمامها على الاقتصاد والتجارة والاستثمار، لذلك ليس من الغريب أن يطلق على ألمانيا اليوم لقب «مغناطيس الاستثمار» أو أن تبين الإحصائيات التي قامت بها غرفة التجارة الأميركية في ألمانيا أخيراً أن الشركات الأميركية باتت تعتبر ألمانيا أكثر مواقع الأعمال جاذبية في أوروبا.
في هذا الإطار الاقتصادي تحديداً تبدو هناك المعركة القادمة بين الأميركيين والألمان، تلك التي تتعلق بالمخزون الألماني من سبائك الذهب، والموجودة لدى البنك المركزي الاحتياطي الأميركي، وتبلغ قيمتها نحو 635 بليون دولار، ذلك أن البنك المركزي الألماني يعجز عن استرجاعه ويفاوض لأجل تفقده مرة واحدة في السنة، ما دعا نوبار بارثلي، الناطق باسم البرلمان الألماني للتصريح بالقول: «أنا لا أفهم عدم السماح لنا بتفقد ذهبنا، وأنا لا أتبنى نظرية المؤامرة، ولكن ينبغي أن يكون البنك المركزي الألماني قادراً على التدقيق في الذهب مرة واحدة في السنة كما يفعل مع احتياطاته في فرانكفورت».
هل أن ذهب الألمان باق حقاً أم استخدمه الأميركيون بالفعل؟
مجرد طرح التساؤل يخيف بقية دول العالم التي تحتفظ في واشنطن بأرصدتها العينية من الذهب أو النقدية من البنكنوت وأذونات الخزانة الأميركية، وحال إصرار الألمان على استرداد ذهبهم ستحذو بقية دول العالم حذوهم، وربما تكون هذه بداية النهاية للدولار والاقتصاد الأميركي برمته، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار مطالبات آسيوية، لاسيما صينية، بإيجاد سلة عملات بديلة للدولار، على رغم أن بكين تحتفظ في البنك الاحتياطي الأميركي بنحو تريليوني دولار أو يزيد كسندات مالية.
التجسس الأميركي على الألمان يعني أن واشنطن باتت تدرك ملامح التحول الجيوبوليتيكي العالمي، ولا شك في أنها لم تعد سيدة الكون تأمر فتطاع، وأن العملاق الألماني قادم، وجواسيسها لن يقدّر لهم قطع الطريق على عالم متعدّد الأقطاب.
* كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.