الأمير محمد بن عبدالعزيز يطّلع على جهود لجنة مراقبة عقارات الدولة وإزالة التعديات بالمنطقة    أمير جازان يطّلع على التقرير السنوي لفرع صندوق التنمية الزراعية بالمنطقة لعام 2024    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأميرة بزه بنت سعود    نمو فائض التجارة السعودية غير النفطية مع الخليج بنسبة 203%    الهلال يعلن التعاقد مع النجم الفرنسي ثيو هيرنانديز رسمياً    أمين الشرقية يكرم 29 مراقبًا وقائدًا ميدانيًا تميزوا في برنامج "عدسة بلدي"    جمعية الذوق العام تدرب مندوبي التوصيل على مستوى المملكة    إدراج منهج للذكاء الاصطناعي في جميع مراحل التعليم العام    ملتقى الصحة العالمي.. رافعة استثمارية لرؤية 2030 في قطاع الرعاية الصحية    تجمع القصيم الصحي يطلق حملة "صيّف بصحة" التوعوية    تصنيف الفيفا: السعودية في المركز 59    العلاج الوظيفي: أمل جديد لتحسين حياة المرضى    مفردات من قلب الجنوب ٢    ‫محافظ عفيف يُطلق المرحلة الثانية من مبادرة الصحة السكانية بالمحافظة    نيابة عن خادم الحرمين .. نائب أمير مكة يتشرف بغسل الكعبة المشرفة    القيادة تهنئ الحاكم العام لكومنولث جزر البهاما بذكرى استقلال بلادها    الشيخ أمين الحيدر يشكر القيادة الرشيدة بمناسبة ترقيته للمرتبة الرابعة عشرة    باريس سان جيرمان يتخطى ريال مدريد برباعية ويضرب موعداً مع تشيلسي في نهائي مونديال الاندية    رحلة شفاء استثنائية.. إنهاء معاناة مريضة باضطراب نادر بزراعة كبد فريدة    السعودية الأولى عالميًا في مؤشر ترابط الطرق    إلغاء إلزامية خلع الحذاء عند نقاط التفتيش في جميع مطارات أميركا    ارتفاع عدد ضحايا فيضانات تكساس إلى 120 قتيلا    رياح مثيرة للأتربة والغبار على معظم مناطق المملكة    قتيلان في كييف في هجوم روسي    أستراليا تطالب روسيا بدفع تعويضات    اختتام أعمال توزيع هدية خادم الحرمين الشريفين    إدارة الأهلي تتجاهل الإعلام في حفل تدشين شعار النادي    أنديتنا.. التقييم أولاً    خالد بن سلمان يبحث المستجدات مع وزير الدفاع المجري    4 برامج لتأهيل الكوادر الوطنية في التخصصات الصحية    بين الدولة السورية و«قسد» برعاية أمريكية.. اجتماع دمشق الثلاثي يرسم ملامح تفاهم جديد    إحباط تهريب 310 كجم مخدرات    شدد على تسريع مشروعات الطاقة والتوسع في التدريب التقني.. "الشورى" يطالب بتحديث مخططات المدن    آل باخذلق وآل باعبدالله يحتفلون بزواج عبدالعزيز    محرك طائرة يبتلع رجلاً أثناء الإقلاع    استهدف مواقع تابعة ل"حزب الله".. الجيش الإسرائيلي ينفذ عمليات برية جنوب لبنان    "لويس الإسباني".. أول رواية عربية مستوحاة من "الفورمولا"    جسرنا الحضاري    "درويش" في الخليج نهاية أغسطس    "ورث" يجدد الفنون بلغة الألعاب الإلكترونية    موجز    أكبر مصنع لأغشية التناضح العكسي    أمر ملكي: تعيين ماجد الفياض مستشارًا بالديوان الملكي بالمرتبة الممتازة    أمر ملكي: تعيين الفياض مستشاراً بالديوان الملكي    ليش مستغربين!    دراسة: بكتيريا شائعة تسبب سرطان المعدة    مشاركة سعودية في تطوير التحكيم الآسيوي .. اختتام برنامج شهادة مقيمي الحكام 2025    المملكة توزّع (2.617) سلة غذائية في عدة مناطق بباكستان    300 طالب في «موهبة الإثرائي» بالقصيم    أمير تبوك يزور الشيخ أحمد الخريصي في منزله    نائب أمير منطقة مكة يستقبل معالي الأمين العام لهيئة كبار العلماء في ديوان الامارة    أمير تبوك يطلع على التقرير الشامل لأداء إدارة التعليم بالمنطقة    "الذوق العام" تدرب مندوبي التوصيل على مستوى المملكة        أمير تبوك يستقبل رئيس المجلس التأسيسي للقطاع الشمالي الصحي والرئيس التنفيذي لتجمع تبوك الصحي    دراسات حديثة: الكركديه ليس آمناً للجميع    إطلاق مبادرة "إثراء قاصدينا عِزُّ لمنسوبينا"    التطبير" سياسة إعادة إنتاج الهوية الطائفية وإهدار كرامة الانسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة الأثرية في مرمى النيران
نشر في الحياة يوم 13 - 04 - 2012

تقف الثقافة على الخط الأمامي في النزاعات التي يشهدها العالم. استولت قوات الطوارق المتمردة على المدينة التاريخية القديمة «تمبوكتو»، وأُطلقت القذائف النارية في محيط المسجد الكبير في هذه المدينة، وهو المسجد المندرج في قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو. وحدث ذلك عقب قذْف المدينة السورية الأثرية «أفاميا» بالقنابل. أما قلعة «المضيق» وسائر القرى العتيقة الواقعة شمال سورية، وهي جميعها مندرجة ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو، فإنها معرضة للأضرار الجانبية. ومن ثم فعلينا أن نقوم بحمايتها.
قد يبدو من غير المناسب أن نشجب الجرائم التي تُرتكب ضد الثقافة وأن ندعو إلى حمايتها في وقت تسود أوضاع سياسية غير مستقرة وأزمات إنسانية حادة، لكنّ الأمر على خلاف ذلك.
إن حماية الثقافة إنما تمثل قضية أمنٍ. فلا يمكن تحقيق سلام دائم من دون احترام للتراث الثقافي. والممارسات العدوانية التي تستهدف التراث الثقافي إنما تعتبر انتهاكاً لهوية المجتمعات ذاتها. ومثل هذه الممارسات إنما هي في واقع الأمر خطوة رمزية وحقيقية من شأنها تصعيد النزاعات، مما يفضي إلى إحداث دمار يتعذر إصلاحه، إذ أن تداعياته تظل قائمة لفترة طويلة بعد أن تهدأ الأمور.
إن الممارسات العدوانية التي تُرتكب ضد الماضي تجعل من الصعب قيام المصالحة في المستقبل. وذلك لأن هذه الممارسات تعترض سبيل المجتمعات التي ترمي إلى تحقيق السلام في ما بينها.
ومن ثم فإن حماية التراث الثقافي لا يُعتبر البتة ضرباً من الترف. فليس من الممكن أن نؤجل القيام بذلك إلى وقت أفضل، أي عندما تهدأ التوترات. ومن أجل تمهيد السبيل لتحقيق السلام، يجب علينا منذ اللحظة أن نعمل على حماية الثقافة، في هذا الوقت الذي تزداد حدة التوترات.
ولقد رأينا ما يمكن أن يحققه التراث العالمي في مجال الجمع بين المجتمعات المنقسمة في ما بينها وتعزيز التعاون الدولي في السياقات الصعبة.
وعلى سبيل المثل، شاهدت ذلك بنفسي في جنوب شرقي أوروبا عندما قدمت اليونسكو مساعدتها في إعادة تشييد جسر موستار القديم، الواقع في البوسنة والهرسك، والذي دُمّر أثناء الحرب التي اندلعت هناك في تسعينات القرن الماضي.
وقد بدت قوة الثقافة أيضاً أثناء أعمال ترميم مجموعة قبور «كوغوريو» في كوريا الشمالية، وهي التي تمت بدعم مالي قدمته كوريا الجنوبية.
أما في تونس ومصر وليبيا فإن المجتمعات هناك تعتمد اليوم على تراثها الألفي كي تأتلف في ما بينها وتوجه أنظارها نحو المستقبل. وفي هذه الفترة التي تتزايد فيها عوامل عدم اليقين وتقل الموارد، فإن ذلك إنما يمثل أمراً من الأمور الثمينة التي لا يمكننا التغاضي عنها.
بيد أن ذلك ليس بالأمر اليسير. إن تحقيق النجاح في هذا المضمار يقتضي أن تتحد الأمم في ما بينها. وذلك لأن مفهوم التراث العالمي في ذاته يعتمد على فكرة المسؤولية الجماعية من أجل تحقيق الصالح العام. وقد نشأت هذه الفكرة في مصر في مطلع ستينات القرن الماضي عندما انطلقت الحملة الدولية الرامية إلى إنقاذ آثار النوبة ونقل معابد «أبو سمبل» وحمايتها من أخطار الغرق. وبعد مضي أقل من جيل بعد الدمار الذي أحدثته الحرب العالمية الثانية، قامت حملة للتضامن العالمي من أجل حماية الأحجار والتماثيل، وكذلك من أجل الحفاظ، من خلالها، على مفهوم الإنسانية المشتركة التي ننتمي إليها.
إننا نحتاج اليوم إلى قيادة تتسم بالطموح.
إن حماية التراث الثقافي للعالم إنما تخصنا جميعاً. فهذه الحماية تمثل دعامة قوية للتفاهم المتبادل ومصدراً للتنمية المحلية. وتُعتبر اليونسكو الحارس الأمين لهذه الفكرة الذي يحرص على تحقيقها. ونحن نحتفل هذا العام بذكرى مرور أربعين عاماً على توقيع معاهدة التراث العالمي التي تجسد هذه الرؤية.
غير أن ذلك إنما يمثل عملية هشة لا يمكن البتة ضمان نتائجها. أن بضعة قذائف فقط تكفي لتدمير موقع تراثي ألفي تدميراً نهائياً. ونحن نتذكر جميعاً تماثيل بوذا العملاقة في باميان بأفغانستان التي دُمرت تدميراً كاملاً. كما أن ساعات قليلة من النهب والسلب تكفي لاختفاء قطع أثرية لا تُقدّر بثمن والاتجار غير المشروع بها.
ولهذا السبب تُذكّر اليونسكو جميع الدول بالمسؤولية التي تقع على عاتقها في ما يخص حماية الممتلكات الثقافية في حالة نشوب نزاعات وحظر الاتجار غير المشروع بالقطع الثقافية والتصدي له. ولهذا السبب أيضاً فإننا نعمل مع السلطات الوطنية والمنظمة العالمية للجمارك والإنتربول والمجلس الدولي للمتاحف، بالإضافة إلى دور المزادات العلنية، وذلك لحماية التراث الثقافي للإنسانية وحظر نهبه.
إننا نقوم بكل ذلك لأننا نعتقد أن الثقافة إنما تمثل أهمية بالنسبة إلى السلام. ومسؤولية حمايتها تقع على عاتقنا.
* إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، وهذا النص خصت به «الحياة»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.